برعاية

رحلة مثيرة لرودري جعلته اللاعب المثالي لغوارديولا

رحلة مثيرة لرودري جعلته اللاعب المثالي لغوارديولا

ما إن يتألق لاعب جديد في عالم كرة القدم حتى يتم مقارنته بلاعب آخر برز في نفس مركزه، وهناك بعض اللاعبين الذين يرسمون الطريق لغيرهم ويكونون مصدر إلهام وقدوة لهم، وبالتالي تصبح المقارنات حتمية بين اللاعبين الجدد واللاعبين القدامى. لكن في حالة رودريغو هيرنانديز، الشهير برودري، الذي تعاقد معه مانشستر سيتي بقيادة جوسيب غوارديولا قادما من أتلتيكو مدريد خلال الصيف الجاري، فتم تشبيهه بالنجم الإسباني سيرغيو بوسكيتس، الذي كان غوارديولا أيضا هو أول من أشركه مع الفريق الأول لبرشلونة أمام نادي بانيولاس عندما كان عمره 19 عاما. وربما كان تعاقد مانشستر سيتي مع رودري أمرا حتميا، لأن بعض اللاعبين تناسبهم أندية بعينها، ويبدو أن المكان المناسب لرودري هو مانشستر سيتي تحت قيادة غوارديولا.

وفي بعض الأحيان، يبدو من المستحيل أن نذكر اسم رودري من دون أن نذكر بوسكيتس، ذلك اللاعب الذي يُتوقع أن يكون رودري خليفته في منتخب إسبانيا وتحت قيادة غوارديولا، بل ويشير البعض إلى أن رودري ربما يتفوق على بوسكيتس في أمور أخرى. ويعرف رودري جيدا أنه سيخلف بوسكيتس في هذا الدور، وحتى أنه لم يفعل ذلك الموسم الماضي، فقد حدث ذلك لأن اللاعب كان يعمل على تطوير بعض الأشياء الأخرى وتعلم بعض الدروس الجديدة. وربما كان هذا هو السبب الرئيسي وراء رحيل رودري عن أتلتيكو مدريد، خاصة أنه يريد أن يلعب بطريقته الخاصة.

وهناك أيضا ألبرت سيلاديس، وهو مدير فني سابق أيضا لمنتخب إسبانيا تحت 21 عاما، وكان يلعب كمحور ارتكاز أيضا في نفس تلك الفترة، ونشأ في أكاديمية الناشئين ببرشلونة وتم تصعيده للفريق الأول للنادي الكتالوني عام 1995، وكان سيلاديس هو أول من منح رودري الفرصة للعب مع المنتخب تحت 21 عاما، ويقول عن ذلك: «بالنسبة لشخص بهذه البنية الجسدية، فهو سريع للغاية بقدميه، مما يجعله قادراً على تمرير الكرة عندما يكون تحت الضغط. إنه يفعل أشياء صعبة بكل بساطة. وكما هو الحال مع بوسكيتس، فإنه يمتلك الموهبة التي تجعله يتمركز داخل الملعب بشكل جيد للغاية، ويتنبأ جيدا بالمكان الذي ستنتقل إليه الكرة وبالتالي يتمركز في المكان المناسب للحصول على الكرة».

لكن رودري لم يلعب مطلقا في برشلونة، فقد بدأ مسيرته الكروية مع نادي أتلتيكو مدريد، لكن النادي استغنى عنه وهو في السابعة عشرة من عمره، بسبب ضعف بنيته الجسدية من جهة، وبسبب حدوث تغيير في الطاقم الفني لفريق الناشئين بالنادي. وفي ذلك الوقت، كان رودري قصير القامة، لكن بعد ذلك حدثت طفرة في نموه وازداد طولا بسرعة، ويصل طوله الآن إلى 1.91 مترا انتقل رودري إلى فياريال، حيث كان النادي يعتمد بصورة واضحة على الاستحواذ على الكرة والتمركز الصحيح داخل الملعب. وكان رودري يعيش في سكن للطلاب ويدرس التجارة والأعمال. وفي ذلك الوقت، كان النادي يضم اللاعب برونو سوريانو الذي كان يلعب كمحور ارتكاز وكان يتحكم في الكرة بشكل رائع ويتميز بالتمريرات الدقيقة والهدوء. ولُقب رودري في النادي بـ«برونو الصغير»، نسبة لهذا اللاعب الرائع.

ولد رودري في نفس اليوم الذي خسر فيه المنتخب الإسباني أمام إنجلترا في كأس الأمم الأوروبية عام 1996، وكان في طفولته معجبا للغاية بالفريق «المبدع» لبرشلونة تحت قيادة غوارديولا وبالمنتخب الإسباني، لكن مثله الأعلى كان النجم الفرنسي زين الدين زيدان. وقال رودري عن ذلك: «في عام 2008 كنت أشاهد ماركوس سينا وتشابي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسانتي كازورلا: لقد كان هؤلاء اللاعبون هم من زرعوا عقلية الفوز في هذا الفريق، وهو الأسلوب الذي ساعد أيضا على فوز المنتخب الإسباني بكأس العالم وكأس الأمم الأوروبية مرة أخرى. لقد كنت أتابع بوسكيتس عن كثب. لقد كان بوسكيتس وغيره من اللاعبين بمثابة القدوة بالنسبة لي والنموذج الذي كنت أعرف أنه يتعين على أن أتبعه في اللعب».

وبالفعل، سار رودري على نفس الطريق، وكان لا يتوقف عن طرح الأسئلة من أجل التعلم وتطوير قدراته. يتذكر مدربه تحت 12 عاما، فران ألكوي، المناقشات الخططية والتكتيكية معه، قائلا: «هذا ليس طبيعياً بالنسبة للاعب في نفس سنه. لقد كان يركز بشكل شديد في النواحي الخططية؛ وكان من اللافت للنظر أنه يمكنك أن تخبره بالشيء مرة واحدة فقط ولا تكون بحاجة إلى توضيح الأمر مرة أخرى، لأنه يستوعب الأمور من أول مرة. وكان من السهل أن ترى أنه سيكون له مستقبل كبير. في الحقيقة، أنا لم أشاهد لاعبا مثله طوال مسيرتي التدريبية».

وقال رودري في تصريحات لصحيفة «إلباييس» الإسبانية: «عندما كنت طفلاً، كنت مهتماً بفهم كرة القدم أكثر من الاستمتاع بها. لقد كنت مهتما بمعرفة الطريقة التي تُلعب بها، وشاهدت الكثير من المباريات، وقد سئمت عائلتي من هذا الأمر. لقد حاولت أن أفهم الجوانب التكتيكية والخططية جيدا، لأنني أدرك أنه عندما تفهم كيف تسير المباراة فإن ذلك يمنحك ميزة إضافية، خاصة في سن مبكرة عندما لم يكن الكثير من اللاعبين يفهمون هذه الأمور جيدا».

ووصف رودري الدور الذي يقوم به لاعب محور الارتكاز بأنه يتعلق في المقام الأول بالتمركز داخل الملعب والمرونة الخططية والتمرير السليم لضرب خطوط الفريق المنافس. وفي موسم 2017 - 2018، كان إيفان راكيتيتش هو اللاعب الوحيد في الدوري الإسباني الممتاز الذي تفوق على رودري فيما يتعلق بعدد التمريرات الصحيحة، بفارق 25 تمريرة فقط. وجاء بوسكيتس في المركز الرابع، متخلفا عن رودري بـ198 تمريرة. وفي نهاية ذلك الموسم، عاد رودري إلى أتلتيكو مدريد. ووصلت قيمة انتقاله في ذلك الوقت إلى 25 مليون يورو فقط، وكان من الغريب ألا يتحرك برشلونة للتعاقد معه، لأنه كان اللاعب المثالي لقيادة خط وسط الفريق الكاتالوني في تلك المرحلة الانتقالية. وفي ربيع هذا العام، استفسر برشلونة عن إمكانية ضم اللاعب، لكن بعد فوات الأوان، فقد كان عقد اللاعب مع أتلتيكو مدريد يتضمن بندا يمنح اللاعب حق الرحيل إذا دفع 70 مليون يورو، وكان يعرف في ذلك الوقت أن مانشستر سيتي مهتما بالتعاقد معه.

ربما لم يكن أتلتيكو مدريد هو الوجهة الطبيعية لهذا اللاعب الذي لا تناسب قدراته اللعب مع هذا الفريق، لكن رودري كان لا يزال في الثانية والعشرين من عمره وكان يدرك أنه بحاجة للتطور، كما كان يدرك أنه يمتلك القوة البدنية التي تعوضه عن نقص الخبرة في ذلك الوقت. وعلاوة على ذلك، فإن اللعب تحت قيادة المدير الفني الأرجنتيني دييغو سيميوني قد أفاده كثيرا، خاصة أن سيميوني يتميز بالقدرة على مساعدة لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم والتطور بمرور الوقت.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا