برعاية

حكايات في رمضان – يايا توريه.. "أردت أن أظهر للعالم مدى جودة اللاعبين الأفارقة"

حكايات في رمضان – يايا توريه.. "أردت أن أظهر للعالم مدى جودة اللاعبين الأفارقة"

"يايا كان لديه سلوكه الخاص، كان يعلم أنه سيصبح الأفضل، كان فتى عطوفا لكنه كان يعلم في قرارة نفسه". أنور بو سفيا زميل يايا توريه السابق في بيفيرين.

فتى طويل القامة انطوائي اكتسب عدة ألقاب أبرزها الانطوائي، كان يعيش بعض الوقت في كنف أخيه حتى تخلى عنه كولو من أجل حلم لعب كرة القدم ولم يدرك الفتى أنه بصدد كتابة التاريخ بدوره.

إنها قصة أخرى من تلك القصص التي ينتقل خلالها فتى من رحلة الفقر الشديد وعدم امتلاكه لطفولة من أي نوع حتى وصل إلى القمة وافتخاره بما حققه طوال مسيرته وصولا إلى لحظة النهاية.

ما يختلف في هذه القصة تحديدا أن الفتى آمن منذ أيام فقره أنه سيغدو ثريا يوما ما، وأنه سيطرق باب العظمة ويدخل إلى قاعة كبار الزوار رافعا رأسه بما حققه طيلة مسيرته حتى وإن مر ببعض العثرات.

يايا توريه، ابن مدينة بواكي في كوت ديفوار والده كان موني توريه ضابط جيش متقاعد ومزارع ووالدته مزارعة بدورها، لم تمتلك الأسرة الكثير من الأموال.

يايا كان ثاني سبعة أشقاء، والحياة في كوت ديفوار لم تكن سهلة على الإطلاق، كان يتناول وجبة واحدة في اليوم طوال فترة طفولته.

تحت كنف شقيقه الأكبر كولو عاش يايا، كلاهما قرر العمل لمساعدة والدهما، ليقوم كولو بتلميع الأحذية، لكن سرعان ما أتته فرصة للعب كرة القدم لينضم إلى أسيك أبيدجان في أواخر التسعينيات.

قرر يايا استكمال المهمة وتلميع الأحذية لمساعدة والده، حتى جاءت أحد الأيام التي وجد فيها أن تلك المهنة لن تساعده في مساندة والده في حالة الفقر تلك، وقرر تركها. وفي تلك المرحلة بدأ كل شيء.

"طفولتي كانت إفريقية خالصة، لعبت كرة القدم كثيرا، كنت ألعب في الشوارع ومن دون حذاء، الأحذية كانت غالية الثمن وكنا 7 أشقاء، إن قلت إنك ترغب في شراء حذاء فوالدك سيرغب في قتلك".

مع استمرار لعبه في الشوارع حافي القدمين في أبيدجان، وفي إحدى المرات ذهب للعب في أسيك أبيدجان حافي القدمين. حتى شاهده جيان مارك جيلو مدرب الفريق وواحد من أفضل أصدقاء أرسين فينجر مدرب أرسنال.

"لاحظت ما يمتلكه فور رؤيته، كان في الـ12 من عمره، عرفت أنه سيصبح ذو شأن في اللعبة".

"كان مادة خام للاعب سينافس أفضل اللاعبين في العالم، وبالنسبة لي كان أمرا رائعا أن يكون لي دورا في هذا".

جيلو قرر أن يصقل الجوهرة الصغيرة بين يديه، أن يكون بجانب الفتى الصغير حتى يصل إلى أوروبا.

"لم يحدثنا أحد مطلقا عن وجود يايا، شقيقه كولو كان يلعب لنا ولم يخبرنا قط عنه، وفوق كل شيء كان يمتلك تقنية رائعة في لعب الكرة وأداء جعلني أضمه بنفسي دون أي استشارة مباشرة".

لذا يمكننا تخيل التالي، الفتى الصغير حافي القدمين كان انطوائيا للغاية، لا يتحدث إلى أحد ولا يعبر عن نفسه سوى في الملعب.

"كانت هناك بعض التدريبات التي نجريها وحينما تتم نحصل على حذاء هدية، كنت أحب اللعب حافي القدمين لأنني أحب الشعور بالكرة بين قدمي".

3 أعوام من العمل على تطوير المهارات حتى انضم بشكل رسمي في عمر الـ13 إلى أكاديمية أسيك، تطور كثيرا مع نادي أخرج إلى العالم عددا من المواهب مثل ديديه زوكورا وإيمانويل إيبويه وجرفينيو وسالمون كالو، وانضم إلى الفريق الأول وهو في الـ17 من عمره.

في هذه المرحلة كان يايا قد عقد العزم على تحقيق النجاح، كان يرى أن الفقر في أسرته سينتهي إن أصبح لاعبا ناجحا مع شقيقه، ولم يكن يخش أي شيء بل كان يتدرب طيلة الوقت، لكنه كان نحيلا للغاية.

قاد يايا فريقه للفوز بلقب الدوري الإيفواري في موسمه الأول مع الفريق، وبمستواه المتميز دفع العديد من الكشافين في الدولة لحضور المباريات خصيصا من أجله.

قال جيلو :"ترك نادينا وانضم إلى ناد شريك لنا لكن عاد بعد أسبوعين وتدرب معنا، وحينما تحدثت معه قال لي إنه كان يضيع وقته وليس هذا ما يرغب في فعله".

"بعد 6 أشهر أخذته بنفسي إلى بلجيكا وأظهر موهبته وشخصيته وعلم أنه مطلوب".

كان يايا واحدا من 24 لاعبا إيفواريا ينضم إلى فريق بيفيرين في عام 2001، في تجربة بدأها جيلو اشترى بعدها النادي، واستخدم قوانين بلجيكا لكي يضم لاعبيه من الأكاديمية ثم يلعب بهم في أكبر دوريات الدولة.

داني ستيور مدرب اللياقة البدنية حينما رآه أول مرة قال :"إنه طويل القامة لكنه نحيل جدا". وبالطبع كان يايا يحيا في تلك الفترة على الأطعمة الجاهزة غير الصحية، لكنه رغب بشدة في تحسين حالته البدنية.

"الآن أنظر إلى يايا وأرى رياضي كبير، قديما كان بحاجة للمزيد من العضلات، علم أن عليه العمل كثيرا لكي يحصل على نتائج جيدة، كان يتواجد في صالة الجيم طيلة الوقت، وعملت معه على وجه الخصوص يوما بعد يوم وتغيرت بنيته كثيرا".

كانت تلك هي أولى خطوات يايا لكي يصبح قوة كبيرة في خط الوسط التي عرفت عنه بعد ذلك. حينما انضم إلى بيفيرين كان وزنه 76 كيلو جرام وطوله 1.86 متر، الآن 88.9 كيلو وطوله 1.9 مترا.

اللاعبون الآخرون في تلك الفترة كانوا يحصلون على المال فيذهبون للسهر، أما يايا فكان يذهب لشقته ليتدرب ويركز على ما سيتدرب عليه في اليوم التالي أو يفكر فيما ستصبح عليه المباراة التالية، كان دائما لديه رؤية ويحب مشاركتها.

قال ستيور :"لطالما قال مرارا وتكرارا إنه يرغب في اللعب لفريق كبير".

كان من الممكن أن يصبح ذلك الفريق هو أرسنال، أرسين فينجر كان يتابع عن كثب بتوصية من صديقه جيلو يايا توريه، ومنحه فترة معايشة مع المدفعجية خلال عام 2003 وأشركه في مباراة ودية أمام بارنت، لكن لسوء حظه أهدر أسهل فرصة لأرسنال في المباراة، بعد عرضية من كوينسي أوسو أبيا ليضربها برأسية مرت بعيدا وانتهت المباراة بالتعادل السلبي.

اكتمل سوء الحظ مع يايا، بسبب مشاكل في جواز السفر منعته من التواجد في إنجلترا مع شقيقه يايا، وفشلت أيضا خطوته في الانضمام إلى أندرلخت وكلوب براج بسبب رفضهما لدفع مبلغ 2 مليون جنيه إسترليني هو ما طلبه بيفيرين للتخلي عن خدماته.

في تلك الفترة كان ديمتري سيلوك وكيل اللاعبين قد ظهر في حياة يايا وتولى إدارة أعماله، ليقرر أن يرسله إلى فريق ميتالورج دونيتسك الأوكراني في خطوة غريبة للغاية شهدت بعض الانتقادات إلى سيلوك.

"حرصت على أن يذهب إلى أوكرانيا ليتطور، ليس فقط في كرة القدم لكن في الحياة، لم يكن لديه أسرة هناك وبالطبع ساعدته، بعد هذا الوقت في أوكرانيا أصبحت عقليته أقوى بكثير".

محطته التالية كانت أولمبياكوس، ومدربه تروند سوليد النرويجي، كان ثاني صفقات الفريق بعد ضم ميخاليس كونستانتينو وقتها عرف الإعلام يايا بـ"شقيق لاعب أرسنال".

قال سوليد عنه :"رأيته في بلجيكا أول مرة، بعد ذلك انضم إلى ميتالورج وهناك تعلم أن ينجو في عالم كرة القدم، كنت أعرف وكيله وظللنا متصلين".

"بيفيرين كان لديه عدد من المواهب الرائعة ويايا كان أكثرهم موهبة، لقد كان ماسة".

"تواصل معي وكيله قبل أن أبدأ مهمتي مع أولمبياكوس وقال لي إن هناك فرصة لضمه، فجعلته ثاني صفقاتي".

"يايا أحب أجواء اليونان، الطقس والطريقة التي لعبنا بها كانت مناسبة له، الجماهير أحبته كثيرا وبعد وقته في أوكرانيا بدا وكأنه يحصل على حياة جديدة، منذ أول يوم له معنا كان رائعا".

"إنه شخص من السهل العمل معه، هادئ للغاية ودائما لديه السلوك الصحيح تجاه أي شيء، نشأ وتعلم أن يصبح قائدا وتطوره بدا كقصة لا تنتهي أبدا".

كولو توريه وصفه وقتها بـ"باتريك فييرا الجديد" ومع أولمبياكوس فاز بالثنائية ويايا كان واحدا من أفضل لاعبي الفريق ومستواه في اليونان دفع عدد من كبار أندية أوروبا للاهتمام بضمه.

عام 2006 كان بداية كل شيء بالنسبة له، المشاركة في كأس الأمم الإفريقية في مصر وتسجيل هدفا أمام ليبيا ثم الوصول للنهائي والخسارة بركلات الترجيح أمام الفراعنة، ثم المشاركة في كأس العالم، ليقرر موناكو ضمه. وكان ذلك العام الذي شهد كتابة اسمه في العناوين وحده كنجم صاعد في سماء الكرة.

ديمتري سيلوك لعب دورا في إنهاء هذه الصفقة واختار له موناكو، ووثق به يايا كثيرا حتى أنه كان يستمع إلى نصائحه أكثر نوعا ما من كولو شقيقه.

في موناكو وجد يايا مشكلة نوعا ما في علاقته بلازلو بولوني مدرب الفريق، حتى أنه حينما رحل عن منصبه تحدث توريه وقال إنه كان لا يشركه في مركزه المفضل في وسط الملعب.

"التدريب وظيفة صعبة لكن علاقتي كانت أصعب مع بولوني".

"كان هناك خلافا بين اللاعبين بسببه، لا يمكنني أن أقبل ذلك، مع لوران بانيد أتمنى أن تصبح الأمور أفضل".

"طلبت من بولوني أن ألعب في مركزي وهذا الأمر جعله ينفجر ضحكا، حتى أنه أخبر اللاعبين الآخرين أنني لم أكن جزء من خططه ولم يرغب في ضمي".

بعد رحيل بولوني تولى بانيد المهمة وأصبح يايا توريه لاعبا مؤثرا للغاية في النصف الثاني من الموسم بعدما تركهم بولوني على بعد مركز من الهبوط، وسجل 5 أهداف وقاد الفريق لتخطي مصاعب مراكز الهبوط وأصبح لاعبا حيويا للفريق قبل أن ينضم إلى برشلونة في صيف 2007.

برشلونة دفع 10 ملايين يورو، وشارك لأول مرة مع فريقه أمام راسينج كلوب، وسجل أول أهدافه لبرشلونة في كأس خوان جامبر ضد إنتر ميلان في انتصار الفريق الكتالوني بنتيجة 5-0.

وأول هدف رسمي سجله يايا لبرشلونة كان ضد أتليتك بلباو في شهر سبتمبر من نفس العام.

في بدايات موسم 2008-2009 تولى بيب جوارديولا مهمة تدريب برشلونة، والمدرب الإسباني كان يفضل سيرجيو بوسكيتس من أجل مركز محور الارتكاز في ثلاثي وسط برشلونة. وأشركه في نهائي دوري أبطال أوروبا في ذلك الموسم في مركز قلب الدفاع بسبب الإصابات والإيقاف، وبدا واضحا أن وقته في النادي لن يكون طويلا خاصة مع تهميش دوره في حين أنه يحب اللعب كثيرا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا