برعاية

حكايات في رمضان – دريس ميرتينز.. "درس أرغب من الناس أن تتعلمه"

حكايات في رمضان – دريس ميرتينز.. "درس أرغب من الناس أن تتعلمه"

"لم يكن طولي هو المشكلة، لكنني لم أكن مستعدا للعب كرة القدم".

أن تنشأ في عائلة محبة لكرة القدم فمن الغريب ألا تمتلك مثلا أعلى من لاعبي الكرة وأنت طفل، بل ولا تشاهد التلفاز مطلقا، حينما كان يلعب الكرة لم يختره أحد بسبب قصر قامته الشديد، الأمر الذي كاد أن ينهي مسيرته. ذلك هو دريس ميرتينز.

"لم يكن لدي أي مثل أعلى حينما كنت طفلا، لأنني دائما كنت في الخارج ألعب، وفي منزلنا التلفاز كان يعمل فقط من أجل كأس العالم وبضع حالات خاصة، كان لدي شقيقان أكبر لذا كنا دائما في الشارع، والدي قام بعمل ملعب خاص لنا في منزلنا لذا كنا نتواجد فيه طيلة الوقت".

في منتصف التسعينيات شهدت بلجيكا موجة جديدة من الاهتمام الشديد بكرة القدم، وتغير الكثير بعد توديع المنتخب البلجيكي من دور المجموعات لبطولة كأس العالم 1998.

"افتقارنا للرؤية الخاصة بتطوير الشباب تسبب في ذلك الفشل". بوب بروايس مدرب لمنتخبات شباب بلجيكا.

اجتمع 30 مدربا في الاتحاد البلجيكي لكرة القدم لمناقشة لتغيير الذي تحتاجه الدولة فيما يخص كرة القدم، وأحد تلك الأشياء التي قرروها، كان أن هناك تركيز كبير على الفوز وليس التطوير، قاد ذلك لثورة كبيرة في بلجيكا لقبول عدد كبير من الأطفال في مدارس كرة القدم المختلفة بالأمر. أحد هؤلاء المنتفعين كان الفتى دريس ميرتينز.

انضم الفتى الصغير إلى ستاد لوفان فريق مدينته التي ولد بها، وتألق كثيرا لكن قصر قامته وضعف بنيته الجسمانية كان محل قلق. ذلك عام 1996 قبل عامين من الشرارة التي أشعلت ثورة التغيير في عالم كرة القدم البلجيكي وتطوير مواهبها.

تم ضخ الكثير من الأموال في قطاعات تطوير الناشئين، ما دفع الأندية الكبيرة مثل أندرلخت وستاندر ليج بتوجيه كشافيها إلى الأندية الصغيرة لضم المواهب الشابة الصغيرة.

كشافو أندرلخت لاحظوا مهارة ميرتينز، حماسه الكبير ورغبته المتواصلة في التسجيل مهما كلفه الأمر، كلما طٌرح أرضا ينهض ويحاول مرة أخرى.

لم تدم فترة تواجده مع أندرلخت كثيرا، قرر النادي بعد ما يقرب من 5 أعوام أن يستغني عن عدد من اللاعبين كان من ضمنها ميرتينز، وقالت التقارير إن السبب الرئيسي وراء استبعاده هو قصر قامته الشديد والذي يبلغ 1.69 متر وضعف بنيانه.

"الأمر ليس لأنني قصير للغاية، لكنني لم أكن مستعدا، حتى حينما أصبح عمري 18 عاما، كان جسدي مثل فتى في الـ15 أو أقل عمرا، الناس كانوا يكتبون أشياء عني مثل، نعم إنه غاضب لأن أندرلخت تركه يرحل، لكنني لست كذلك، لم أكن جيدا كفاية لكي ألعب له".

سرعان ما تحولت وجهته من أندرلخت إلى جينت، وتطلب منه الأمر عامين حتى ينضم إلى الفريق الأول للنادي، وعوضا عن المشاركة معه خرج في فترتي إعارة، الأولى لفريق إندراخت ألاست، ثم أجوف أبيلدورن.

مع أبيلدورن في دوري الدرجة الثانية الهولندي، وبكل هدوء وصبر طور نفسه كثيرا، ليصبح لاعبا أفضل مما كان عليه واستمر مع أجوف حتى 2009. قرر نادي أوترخت الهولندي ضمه.

في كل خطوة وكل مباراة كان عازما على إثبات ذاته وأنه موهبة تستحق الاهتمام بل وتمثيل المنتخب البلجيكي.

"إنه شيء أرغب في أن أعلمه للناس، في عمر الـ18 كنت ألعب مع زملاء أفضل مني بكثير، ولديهم موهبة أكثر مني، لكنني أعتقد أنهم كانوا فخورين بذلك للغاية لدرجة أنهم عادوا خطوة للخلف".

"في بعض الأحيان تفضل الاستمرار مع أندرلخت لعامين أو 3 وتفكر أن بإمكانك تمثيله واللعب معه، وأنك لن تلعب في الدرجة الثانية".

"لكن في بعض الأحيان أنت بحاجة لخطوة للخلف، أن تلعب مباريات أكثر وأن تكون مهما لفريق آخر، ذلك سيعني أنك ستأخذ خطوة للأمام لتشعر أنك أقوى، هذا ما يجب أن يفعله الجميع".

"وقد تأخذ خطوة للخلف وتفشل، لكن على الأقل أنت حاولت، أن تستمر كما أنت ليس سهلا كما أعتقد".

تلك اللحظات الحاسمة في مسيرة ميرتينز وشجاعته في الابتعاد عن اللعب في الدرجات الأولى، جعله يطور شخصيته أكثر فضل أن يشارك كثيرا ويطور موهبته عوضا عن التواجد مع فريق كبير ويشارك لوقت قليل للغاية.

مع أوترتخت وفي موسمه الول سجل 6 أهداف وحصل على المركز الثاني في قائمة لاعب العام في هولندا بعد لويس سواريز لاعب أياكس في ذلك الوقت، كما فاز بجائزة دي توماسو كأفضل لاعب في الموسم مع أوترخت.

في الموسم التالي تألق ميرتينز أفضل مما كان عليه، وسجل 10 أهداف في 31 مباراة بالدوري، منها هاتريك في آخر مباراة بالموسم أمام ألكمار، بجانب 3 أهداف أخرى في الدوري الأوروبي، بمجموع 14 هدفا في كل المسابقات وصنع 24 هدفا.

كبار الدوري الهولندي لم يكونوا لينتظروا موسما آخر فهذه الموهبة قد وصلت لأفضل حالاتها خلال عامين فقط مع أوترخت، ليقرر بي إس في إيندهوفن ضمه في يونيو 2011 لتعويض رحيل بالاج دجودجاك بجانب ضم لاعب آخر من أوترخت هو كيفن ستروتمان بمبلغ 13 مليون يورو للصفقتين.

ولم يتطلب الأمر كثيرا من الوقت بالنسبة لميرتينز، سجل فور مشاركته في خسارة فريقه بنتيجة 3-1 أمام ألكمار، في نفس الشهر سجل هاتريك في انتصار فريقه بنتيجة 6-1 أمام إكسلسيور.

انطلاقة ميرتينز القوية برزت في تسجيله 11 هدفا في 7 مباريات. ولم يعكر صفو تألقه بنهاية الموسم سوى خسارته لواحدة من أسنانه في التحام مع ريمكو باسفير حارس هيراكليس لكن رغم تلك الإصابة سجل هدفا، والحارس أخرج السنة من رأسه.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا