برعاية

تحقيق في الجول – انتهاكات إسرائيلية بحق الكرة الفلسطينية.. مقاومة على العشب الأخضر

تحقيق في الجول – انتهاكات إسرائيلية بحق الكرة الفلسطينية.. مقاومة على العشب الأخضر

على ذلك العشب الأخضر وقفوا بانتظار صافرة البداية.. في ذلك الملعب لم يعرفوا حدودا لأحلامهم رغم مشهد الجدار العازل الذي يظهر عاليا في الخلفية ليضع حدا إجباريا لطموحاتهم.

تتناقل الكرة من قدم إلى أخرى في حزن وخجل، ومعها تتناقل الآمال والآلام في ذات الوقت.

ما بين أمل يقف في صف طويل بانتظار بادرة نور لا تأتي عند حاجز أمني، وألم يتمادى الإحساس به تحت وطأة القهر والإذلال في انتظار عدل لن يأتي أبدا من احتلال.

FilGoal.com يصحبكم معه في رحلة من المعاناة. نتوقف كثيرا عند حواجز أمنية أملا في بطاقة عبور، ونمضي بعض الوقت بين جدران أربعة لا يحيطنا فيها إلا الظلام.

رحلة تكشف انتهاكات يتعرض لها اللاعبين الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.. رحلة كان سبيل المقاومة فيها على العشب الأخضر فقط لا غيره.

هكذا وصفت صحيفة الحدث الفلسطينية ما حدث مع فريق بلدة بيت آمر التي تقع جنوب الضفة الغربية.. كان ذلك في عام 2015.

البلدة شهدت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال وجرى على إثرها اعتقال العديد من أبناء القرية، ولم يسلم لاعبو الفريق من ذلك.

وصل عدد المعتقلين إلى 7 لاعبين (عيسى عوض - محمود مصلح - وهيب علقم - مؤيد طومار - مصعب إخليل - رشيد عوض - محمد إخليل) ما أدى إلى تأثر مستوى الفريق وهبوطه إلى الدرجة الثانية.

مؤيد طومار كان أحد هؤلاء اللاعبين. تواصلنا مع صاحب الـ26 عاما ولكنه بدا متوجسا في البداية وتساءل كيف توصلنا له، ولكن بعدما تأكد من هويتنا الصحفية حكى لـFilGoal.com تفاصيل ما حدث.

في أبريل 2014 تلقى المهاجم الشاب استدعاءً من المنتخب للمشاركة في معسكر مقام بدولة قطر استعداد لكأس التحدي، ولكن عند العودة أوقفته سلطات الاحتلال عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن.

والتهمة كانت: التعاون مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

لكن الاحتلال زعم أن اللاعب صاحب الـ22 عاما وقتها عقد جلسة مع طلال شريم - ناشط عسكري في حماس كان محكومًا عليه بالسجن مدى الحياة، وقد أفرج عنه ونقل إلى خارج البلاد في إطار "صفقة شاليط" - بقطر.

تبيّن من التحقيق مع مراعبة - بحسب ما ذكرت سلطات الاحتلال - أنّه قبل رحيله إلى قطر مع المنتخب، توجّه إليه مؤيد شريم، ناشط في حركة حماس بمدينة قلقيلية ورئيس ناديه في ذات الوقت، وطلب منه مقابلة طلال في قطر.

أعلن (الشاباك) أنّه سيتم التحقيق مع مراعبة في محكمة عسكرية بالضفة الغربية.

وفي العاشر من يونيو 2014 أرسلت وزيرة الرياضة الإسرائيلية ليمور ليفنات رسالة لرئيس الفيفا آنذاك جوزيف بلاتر، تعرب فيها عن استيائها لأن لاعب كرة القدم الفلسطيني "تلقّى أموالا من حماس"، وطلبت ليفنات من بلاتر أن "يطلب من السلطة الفلسطينية إدانة الحادث، والعمل لمنع تكرار حوادث مماثلة في المستقبل".

في السابع من ديسمبر 2014 قررت سلطات الاحتلال الإفراج عن مراعبة من محكمة سالم العسكرية بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، بعد أن تم تجديد الاعتقال الإداري بحقه عدة مرات.

تم استقبال لاعب شباب الخليل الحالي في مسقط رأسه بمدينة قلقيلية استقبال الأبطال، وجهزت عائلته استقبالا حافلا في المدينة سعادةً بعودة ابنهم المحرر، ثم تلقى استدعاء من المنتخب بعدها بعدة أيام.

إياد أبو غرقود لاعب نادي أبناء القدس حاليا ولاعب منتخب فلسطين سابقا من مواليد غزة وتدرج بعدة أندية هناك من بينها ناديي الزيتون وخدمات الشاطئ.

ومعاناته بدأت حينما قرر الانتقال إلى نادي مركز شباب الأمعري الرياضي بمحافظة رام الله.

استرجع إياد مع FilGoal.com بدايات تلك المعاناة التي تحول فيها إلى مغترب داخل أرضه.

"بعدها انتقلت لنادي شباب الخليل مدة موسمين بالموسم الأول استطعت تحقيق وصيف الدوري ووصيف هداف الدوري، وبالسنة الثانية استطعنا تحقيق لقب كأس الشهيد ياسر عرفات ونلت لقب هداف المسابقة".

"بعد ذلك انتقلت للاحتراف مع البقعة الأردني تحت قيادة المدرب المصري شريف الخشاب. استمريت موسم واحد ثم عدت لفلسطين مع هلال القدس، امتدت تلك الفترة موسم ونصف توجت فيها بـ3 ألقاب: كأس فلسطين ولقب كأس الشهيد ياسر عرفات وبطولة السوبر، بعدها انتقلت لشباب بلاطة ثم لشباب السموع وحاليا بنادي أبناء القدس".

إياد كانت له أمنية أخيرة، وقبل إنهاء الحوار معه قال: "أتمنى أن تتاح لي الفرصة بزيارة نادي الزمالك لأني أعشق هذا النادي".

هشام معلق فلسطيني شاب تمتع بشعبية كبيرة داخل القطاع قبل أن تتاح له فرصة العمل برفقة قنوات الكأس. حلم كاد أن يتحول إلى كابوس.

رفضت سلطات الاحتلال السماح له بمغادرة القطاع ضمن الحصار المفروض على المدينة، قبل أن ينجح في النهاية.

إن كنت متابعا لمسابقة الدوري المصري الممتاز فأنت بالتأكيد تعلم محمود وادي مهاجم فريق المصري.

يحكي الصحفي الفلسطيني مؤيد طنينة أن انتهاكات الاحتلال كانت سببا في احتراف محمود وادي مهاجم فريق المصري الحالي بالدوري الأردني.

وادي كان يسكن بالقرب من طنينة في قطاع غزة. فقط كان يفصلهم مائتي متر بحسب ما يقول الأخير.

المهاجم الشاب كان يلعب لفريق المدينة اتحاد خانيونس، قبل أن ينتقل إلى أهلي الخليل بالضفة الغربية، وفي موسم 2016 كان فريق مدينة الخليل على موعد مع مواجهة شباب خان يونس بذهاب كأس فلسطين.

بعد المباراة كان وادي في طريق العودة إلى الخليل مجددا مع فريقه ولكن لم تسمح له سلطات الاحتلال بمغادرة غزة (مسقط رأسه) ليفقد فرصة العودة إلى فريقه وينضم إلى اتحاد خان يونس مجددا.

بعدها أتت له فرصة الاحتراف في الأردن مع فريق الأهلي العماني ومن ثم انتقل إلى الدوري المصري.

كان ذلك مشهدا واحد من مشاهدة عدة أثرت على مستقبل اللاعبين الفلسطينيين بسبب التصاريح التي ترفض سلطات الاحتلال منحهم إياها في أحداث عدة.

كان الفتى الشاب الذي نشأ في مخيم رفح سعيدا للغاية. لم يهمه حقيقةً شمس تموز الحارقة أو الصف الطويل الذي ينتظر بها في معبر بيت حانون انتظارا لإذن بالعبور.

محمود كان متشوقا لخوض تجربته الجديدة رفقة شباب بلاطة بمدينة نابلس بالضفة الغربية، حصل على التصريح الأمني، ومقابلة زملاءه الجدد كانت مسألة وقت ليس أكثر.

ولكن عندما جاء عليه الدور تفاجئ بقوات الاحتلال تعتقله. لم يفهم في البداية وظن أن هناك سوء تفاهم ولكن الإصرار كان باديا وجوههم وحينها أيقن أنه قد يواجه عقبة حقيقية.

لم يدر بخلده أن ذلك الخطأ الإداري ربما سُيلقي به في غيابت الجُب لمدة 3 سنوات. سلطات الاحتلال استجوبته لمدة 30 يوما قبل أن تنقله إلى سجن الرملة دون أي تهمة موجهة إليه.

6 أشهر يليها قرار تمديد 6 أشهر يليها 6 أشهر. والغضب الذي اعترى السرسك يبدو أنه كان أكبر من يتجاهله أو يكبته.

الأمر ربما يستدعي تذكر شخصية سلفيو أيالا في فيلم "تخيل الأرجنتين" حينما ألقوا القبض عليه بدون سبب حقيقي وعرضوه للتعذيب ليقرر أن يقول لهم كل ما يرغبوا في سماعه حتى يوقف الألم.

ولكن ذلك لم يحدث وعند نقطة معينة من الغضب والألم قرر ألا ينطق بأي كلمة يريدوا سماعها حتى يئسوا تماما منه وألقوه في نهر لا بلاتا.

أما السرسك فقد وصل به غضب إلى إعلانه إضرابا مفتوحا عن الطعام دون أي رجعة. قرار تعامل معه الاحتلال باستخفاف في البداية قبل أن يصل عدد الأيام إلى 96 يوما خسر خلالهم محمود 30 كيلو جراما من وزنه وكان مهددا بفقدان حياته.

تتدخلت القوى الدولية مع ازدياد الصخب بشأن قضيته تزامنا مع إضرابه لتُفرج عنه سلطات الاحتلال بعد مضي 3 سنوات.

وبالقرب من منزله كان يبدو مشهد استقباله مهيبا.

بالطبع حاولنا التواصل مع السرسك بشتى الطرق ولكننا لم نتلق ردا من جانبه عبر حساباته المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

علمنا بعد ذلك من أحد المعايشين للأحداث أنه ابتعد عن وسائل الإعلام منذ انتقاله إلى لندن حيث يعمل هناك كبائع فلافل بأحد الأسواق في جنوب العاصمة الإنجليزية.

في الرابع من شهر نوفمبر الجاري اقتحمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية مقر نادي سلوان المقدسي وألقت القبض على عدد من أعضاء الهيئة الإدارية وحطمت العديد من مقتنيات النادي وأجهزة التصوير بحسب بيان صادر عن الاتحاد الفلسطيني.

ومروان الغول رئيس النادي المقدسي قص على FilGoal.com كل ما دار من انتهاكات.

ولكن في مثل هذه الحالات هل يكون للاتحاد الفلسطيني دورا مع استثناء بيانات الشجب والإدانة؟

على الملعب الذي تقام فيه مباريات المنتخب الفلسطيني وقعت عدة انتهاكات، والغاز المسيل للدموع كان حاضرا هذه المرة.

في يناير 2013 اقتحمت قوة مسلحة من الجيش الإسرائيلي ملعب فيصل الحسيني ودمرت الأثاث والمعدات قبل أن تعتدي على عامل صيانة وتقتاده خارجا.

سبقت هذه القوة قوة عسكرية مماثلة كانت ترتدي الزي المدني وقامت بالتقاط صور للمكان قبل وصول قوة عسكرية أخرى للمكان نفسه بحسب بيان صادر عن الاتحاد الفلسطيني.

وفي فبراير 2014 يكتب خالد القواسمي الصحفي الفلسطيني بوكالة معا للأخبارعن واقعة أخرى.

ويقول: "كل شيء في فلسطين مختلف حتى كرة القدم تستنشق الغاز المسيل للدموع.

مسكين هذا السجان وواهم إذا أعتقد بأنه يأسر شعبا حرا يملك إرادة قوية يمارس حياته ويلعب كرة القدم على وقع قنابل الغاز المسيل للدموع.

نعم هكذا هي كرة القدم الفلسطينية: إرهابية تنغص حياة المحتل من خلف الجدار وتقلق مضاجعه فلابد من إيقافها ومعاقبتها.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا