برعاية

رفْض تاباريز وضع تمثال له إضافة رائعة جديدة إلى سيرته الذاتية

رفْض تاباريز وضع تمثال له إضافة رائعة جديدة إلى سيرته الذاتية

مال الرأس إلى أحد الجانبين قليلاً وتوقف المدرب عن الحديث برهة أثناء تفكيره في الإجابة: في بعض الجوانب، يبدو هذا نفس أوسكار تاباريز الذي ألفناه دائماً. ولا تزال إجاباته خلال المؤتمرات الصحافية تحمل أصداء قدر واضح من الذكاء والوضوح. ويبدو تاباريز في مظهره أشبه بقائد شرطة يحرص على أناقة هندامه وانضباط مظهره، رجل تتضمن سيرته الذاتية مزيجاً عجيباً ما بين عمله مدرساً بمدرسة ابتدائية وتصديه لغابرييل باتيستوتا الغاضب لكبح جماحه خلال أعمال شغب في سانتياغو بينما كان ينزف من خده.

وكان آخر ما أضيف إلى سيرته الذاتية رفضه فكرة وضع تمثال له في العاصمة الأوروغوايانية مونتفيديو. وكانت السلطات في مونتفيديو قد أعلنت في بيان الاثنين رفض تاباريز وضع تمثال له بالحجم الطبيعي أمام أهم منشآت المدينة، لتقرر على إثر ذلك غلق الملف الخاص بالمشروع. وقال مجلس مدينة مونتفيديو في بيان له «لم يوافق على التكريم الذي يرى أنه سيكسر روح الوحدة والألفة التي يحافظ عليها المنتخب الوطني».

واعتبرت سلطات المدينة الأسباب التي ساقها المدرب المخضرم لرفض هذا التكريم «مفهومة ويجب احترامها»؛ لذلك قررت وقف دراسة هذا المشروع. وكانت فكرة المشروع تتمحور حول وضع تمثال بالحجم الطبيعي لتاباريز في قلب العاصمة الأوروغوايانية تكريماً له، وبدأت السلطات الحكومية في مونتفيديو دراسة هذا المشروع انصياعاً لحملة قامت بها بعض الجماهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل هذا الغرض.

ومن المستجدات التي طرأت على مظهر تاباريز اليوم ما وصف بأنه «اختلال عصبي مزمن»؛ ما يعني أنه أصبح في حاجة دائمة إلى الاستناد إلى عصا على الأقل أثناء سيره، وأحياناً يحتاج إلى عكازات أو حتى جهاز كهربائي للسير، مثلما اعتاد منذ عامين أثناء مشاركته في بطولة «كوبا أميركا المئوية». وقد رفض تاباريز دوماً الكشف عن أي تفاصيل بخصوص مشكلاته الصحية، مكتفياً بالتأكيد مراراً وتكراراً بأن مشكلاته الصحية لا تؤثر على عمله مع اللاعبين.

وبمرور الوقت، بدا هذا المجهود الذي يبذله مع اللاعبين استثنائياً على نحو لافت. يذكر أنه عندما جرى تعيين تاباريز مدرباً لمنتخب أوروغواي للمرة الأولى عام 1988، أوكلت إليه مهمة محددة حينها تمثل في العمل على تحسين صورة المنتخب الوطني في أعقاب الفضيحة التي ألمت به عام 1986 مع وصول الأسلوب الوحشي الذي كان يلعب به الفريق إلى ذروته في تعرض جوزيه باتيستا لبطاقة حمراء أمام اسكوتلندا بعد 56 ثانية فقط من انطلاق المباراة. وبالفعل، نجح وصول أوروغواي لدور الـ16 في بطولة كأس العالم عام 1990 في تحقيق هذا الهدف. ومع صعود سمعة تاباريز إلى مستوى جديد من التألق، انتقل لتدريب «بوكا جونيورز» وخاض مع الفريق مباراة ملحمية في دور نصف النهائي ببطولة «كأس ليبرتادوريس» أمام «كولو كولو» بطل تشيلي عام 1991.

شهدت المباراة اشتعال معركة بالأيدي والأرجل لمدة 17 دقيقة تورط بها لاعبون ومدربون وصحافيون ومشجعون وأفراد من الشرطة. وتعرض تاباريز لجرحين بسبب إصابته بعدسة كاميرا أطيح بها في وجهه. ولم تتوقف أعمال العنف إلا عندما أقدم أحد كلاب الشرطة ويدعى رون على عض حارس مرمى «بوكا جونيوزر»، نافارو مونتويا، الشهير بلقب «إل مونو» وتعني القرد، وتركه ينزف دماءً من فخذه. وسرعان ما تحول «الكلب الذي عض القرد» إلى بطل وطني بينما عاد «بوكا جونيورز» بعد تلقيه هزيمة بنتيجة إجمالية 3 - 2 إلى الوطن مكللاً بالعار وتعرض لغرامة قدرها 98 مليون بيزو.

في هذه الحادثة، بدا دور تاباريز مميزاً، ذلك أنه رغم غضبه العارم ظل متمسكاً بالدفاع عن لاعبيه لأقصى درجة ـ تناقض طفا على السطح من جديد بعدما تعرض لويس سواريز للحرمان من اللعب لاعتدائه بالعض على جورجيو كيلليني خلال بطولة كأس العالم وشن هجوماً غاضباً ضد المؤامرة التي دبرتها وسائل الإعلام الإنجليزية. ورغم تحلي تاباريز بقدر واضح من النزاهة، فإن ثمة مواقف يشتعل خلالها صراع بين هذه النزاهة وشعوره بالولاء.

مع «بوكا جونيورز»، فاز تاباريز ببطولة دوري ليضيف ذلك إلى بطولة «كأس ليبرتادوريس» التي فاز بها مع «بنيارول» عام 1987، إلا أن تسعينات القرن الماضي شكلت في معظمها فترة انحسار، وعمل خلالها تاباريز مرتين مع «كالياري»، وفترة قصيرة مع «ميلان»، وموسم مع «أوفيدو» قبل أن يعود إلى الأرجنتين مع «فيليز سارسفيلد» و«بوكا جونيورز». وعلى مدار أربع سنوات لاحقة، لم يلتحق تاباريز بأي عمل.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا