برعاية

«الأسد يغادر العرين».. بوفون يودع «السيدة العجوز» بعد 17 عامًا من المجد - ساسة بوست

«الأسد يغادر العرين».. بوفون يودع «السيدة العجوز» بعد 17 عامًا من المجد - ساسة بوست

كان يبلغ حينها الثانية عشر، يتابع حدثًا مُختلفًا في طابعه، حيث ايطاليا بأكملها مشتعلة لا حديث لها إلَّا عن كرة القدم ومنتخبها، في وسط كُلَّ هذا كان الصغير يبحث عن شيء مختلف، شيء يبعد عنه الحيرة، قدوة داخل دائرة اهتمامه، فوجد ضالته في حارس الكاميرون «نكونو» الذي غير وجهة نظر بوفون عن الكرة وعن مركز لعبه، لم الوسط، فهناك حراسة المرمى؟ عارضتان وشبكة بيضاء والكل يحاول أن يسجل فيها، لما لا تحرس هذا العرين، وتبدد أية محاولة لتسجيل هدف فيه؟

بعدها تحول بوفون من مركز الوسط لحراسة المرمى، ارتدى قفازاته، ورجع لأول الملعب حيث يركض الكل لتسجيل هدف فيه، لكنه جاهز لصد تلك المحاولات.

بعد أن تيقن بوفون من اختياره، وأنه لا بد أن يحرس هذا المرمى ويحاول جاهدًا منع أي لاعب التسجيل فيه ورده خائبًا عمّا سعى إليه، انتقل إلى نادي «بارما» كحارس مرمى ثالث، وفي عام 1992 يهديه القدر فرصة لا تأتي كثيرًا في عالم الكرة، أصيب الحارس الأول والثاني ولعب جيجي أول مباراة رسمية له في مواجهة ميلان ونجومه باجيو ووياه، ليتألق وتذهب الأنظار ناحيته وناحية مرماه.

في رابع مواسمه الاحترافية مع بارما فاز بوفون بلقبي كأس إيطاليا وكأس الاتحاد الأوروبي، كان يلعب مع نجوم اللُعبّة حينها (كانافارو، تورام، كريسبو، فيرون)، لكن رحلة الشهرة والمجد لم تبدأ مع بوفون، إلَّا في 2001 حين خرج نادي «يوفنتوس» علينا لينبئنا أنه تعاقد مع حارس مرمى جديد قادمًا من نادى بارما بصفقة قياسية بلغت 52 مليون يورو ليصبح بوفون أغلى حارس مرمى في التاريخ.

قبل عرض السيدة العجوز على بوفون كانت هناك متابعة ورغبة من روما وبرشلونة لضم جيجي، لكنه كان يعرف أن اليوفنتوس يبحث عن حارس مرمى بعد مغادرة «فان دير سار» وحين وصله العرض من اليوفي قبله دون تردد.  

«الوعي بكونك في أحد أهم الأندية في العالم يمكن أن يجعلك تتغلب على أي شيء»، إدراك جيجي لهذا الأمر جعله الأفضل، أن يكون رقم واحد، يفعل المستحيل مع ناديه، فأول موسمين له مع اليوفي فاز بالدورى، ولكن رغم اجتهاد بوفون وفوز فريقه بعدد كبير من المباريات وتمكنهم من الوصول لنهائي دوري الأبطال، ذاك الحلم الكبير الذي يراوده كل ليلة، ممنيًا النفس أن يمسك هذه الكأس الغالية بين يديه، لكن القدر له ترتيباته والحظ يعانده ويخسر النهائي أمام «إيه سى ميلان» بركلات الجزاء الترجحية، أصيب بوفون بعدها باكتئاب لم يفصح عنه، إلَّا بعد 10 أعوام.

«الكالتشيوبولى».. كأس العالم لا يشفع

نحن الآن في التاسع من يونيو (حزيران) عام 2006، الأنظار تتجه ناحية ألمانيا، حيث البطولة الثامنة عشر لكأس العالم أكثر الأحداث مشاهدة في تاريخ التليفزيون، إيطاليا وفرنسا في المباراة النهائية على ملعب برلين، يتبقى على انتهاء المباراة أربع دقائق، ويتفاجأ الجميع بنجم المنتخب الفرنسي زين الدين زيدان يدفع برأسه في صدر المدافع الإيطالي ماركو ماتيراتسى ويحصل على البطاقة الحمراء، وتفوز إيطاليا بالبطولة بركلات الترجيح.

بوفون فاز في هذه الليلة ليس فقط بالبطولة، بل بأفضل حارس مرمى في كأس العالم، وحل وصيفًا بقائمة الكرة الذهبية خلف كانافارو، كل هذا لم يشفع، إيطاليا مشتعلة؛ لا حديث لها إلَّا عن «الكالتشيوبولى»، فضيحة بطلها اليوفنتوس، التلاعب في نتائج الدورى لم يكن بالأمر السهل، ويصدر قرار قضائي بحق اليوفي، ويهبط لدوري الدرجة الثانية – بعد أن خفف الحكم الذي كان ابتداء يقضي بالهبوط إلى الدرجة الثالثة – وخصم تسع نقاط، بدلًا عن 30.

لاعبو الفريق يرحلون، لم يبق إلَّا (أليساندرو ديل بيرو، بول نيدفيد، ديفيد تريزجيه) اهتمام شديد من ليفربول بضم بوفون، والأرسنال يمنى النفس، الأقاويل والشائعات تكثر، وفي 19 من يوليو (تموز) 2006 خرج بوفون للصحافة وقد حبست «تورينو» أنفاسها ليقول كلمة واحدة:  سأبقى.

شعور غريب أن تكون أفضل حارس في المونديال، وحاملًا لكأس العالم، وفجأة تستيقظ من النوم لتلعب في دوري الدرجة الثانية: «ظننت فالبداية أنني سأشعر بالغرابة في الدرجة الثانية، والأمر مختلف قليلًا بالطبع، لكن في النهاية إنها مبارة من 90 دقيقة، ويجب علينا الفوز، الجمهور يشعرنا بأن شيئًا لم يتغير».

بطولة مثل كأس العالم هي بطولة محببة للإيطاليين ولبوفون بصفة خاصة، فهي بطلة العالم لأربع مرات، وبطولة عام 2006 بطولة عزيزة جدًا لدى بوفون إذ فاز فيها بأفضل حارس مرمى، ورفع الكأس الغالية وحل وصيفًا لقائمة الكرة الذهبية بعد كانافارو، الآن تغيب إيطاليا عن كأس العالم لأول مرَّة منذ 60 عامًا حين فشلت في حجز بطاقتها إلى النهائيات التي أقيمت في السويد.

كيف لدولة مثل إيطاليا وحارس مثل بوفون أن لا يلعبوا في كأس العالم؟ هذا من شأنه أن يحبط الجميع. صحيح أن بوفون قد اعتزل اللعب الدولي، لكن رؤية منتخب بلاده لا يشارك في البطولة الغالية سبب له الكثير من الإحباط.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا