برعاية

ما الذي يتعين على غوارديولا فعله في المرحلة المقبلة؟

ما الذي يتعين على غوارديولا فعله في المرحلة المقبلة؟

قاد المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا نادي مانشستر سيتي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بأداء استثنائي، محطماً كثيراً من الأرقام القياسية، ليكون هذا هو لقب الدوري السابع الذي يحصل عليه غوارديولا مع الأندية التي تولى تدريبها خلال مسيرته التدريبية حتى الآن. ومع ذلك، من الصعب تجاهل حقيقة أن هناك تناقضاً واضحاً خلال مشوار غوارديولا في عالم التدريب.

أولاً، يجب الإشادة بكل ما قدمه غوارديولا ولاعبو مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، خصوصاً أن الفريق كان صاحب أكبر عدد من النقاط، وأكثر الفرق تسديداً على المرمى، وتسجيلاً للأهداف، وتمريراً للكرات. وعلاوة على ذلك، ظل مانشستر سيتي يغرد منفرداً في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز منذ الأسبوع الخامس، وسحق المنافسين واحداً تلو الآخر بنتائج كبيرة، مثل الفوز 6 / 0 و5 / 0 و4 / 0 و7 / 2.

ولكي نكون منصفين، لم يكن من الممكن الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بصورة أكثر إقناعاً من ذلك، لأنه حتى بعيداً عن الأرقام، فقد قدم مانشستر سيتي أداءً رائعاً ممتعاً، وقدم لاعبوه لوحة فنية متكاملة طوال الموسم، وبذلوا أقصى ما في وسعهم، وأظهروا موهبتهم الكبيرة، وأمتعوا عشاق الساحرة المستديرة بمهارات وإمكانيات وفنيات استثنائية طوال الموسم.

ومنذ بداية الموسم حتى نهايته، ظل مانشستر سيتي محافظاً على الأداء الممتع نفسه، ملتزماً بفلسفة غوارديولا التي تعتمد في المقام الأول على التمريرات القصيرة الجميلة، والاحتفاظ بالكرة، والضغط على الخصم، واستغلال جميع مساحات الملعب، والرغبة الدائمة في تسجيل الأهداف مهما كانت النتيجة، ومهما كان الوقت المتبقي من عمر اللقاء. ويجب أن نشير إلى أنه لو لم يقدم مانشستر سيتي هذا الأداء الاستثنائي طوال الموسم، فربما صار من الممكن أن نرى نادي مانشستر يونايتد هو من يحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم!

ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن مانشستر سيتي، مثله مثل مانشستر يونايتد، قد كون هذا الفريق عن طريق إنفاق أموال طائلة للتعاقد مع مجموعة كبيرة من اللاعبين، ويكفي أن نعرف أن غوارديولا قد أنفق 448 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد خلال العامين الماضيين. وقد تأتي المفارقة من هذه النقطة، لأنه رغم أن غوارديولا قد كوّن فريقاً استثنائياً، وقدم أداءً رائعاً، فإنه أنفق أموالاً طائلة على مشروع لا يمكن السماح بفشله بكل سهولة! ولا يمكن فك طلاسم هذا التناقض بسهولة، لكن ما يمكن قوله هو: إن غوارديولا يحقق نجاحاً منقطع النظير مع الأندية القوية للغاية، التي لا يمكنها أن تفشل بعد كل التدعيمات والإضافات التي تقدم لها. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تفاني غوارديولا في العمل، واهتمامه بكل التفاصيل، للدرجة التي جعلته يقضي عطلة عيد الميلاد وهو يشاهد مباريات لنادي نيوكاسل يونايتد، للاستعداد جيداً لمواجهته.

وفي الوقت نفسه، يمكن القول بكل ثقة إن غوارديولا مدير فني عبقري، قدم لكرة القدم الإنجليزية إضافة كبيرة للغاية، لأنه مختلف عن باقي المديرين الفنيين الذين يعملون في الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي. ويجب الإشارة أيضاً إلى أن المدير الفني الإسباني يقضي ساعات طويلة في ترتيب خط دفاعه بصورة مدروسة للغاية، وقد جعل الفريق يلعب كوحدة واحدة، في الناحية الهجومية والناحية الدفاعية على حد سواء.

ورغم كل ذلك، هناك بعض النقاط الواضحة للغاية التي يجب الإشارة إليها في المسيرة التدريبية لغوارديولا حتى الآن، حيث لم يتولى المدير الفني الإسباني قيادة أي فريق متوسط مثلاً، وقاده إلى تحقيق نتائج استثنائية أو غير متوقعة، لكنه كان في كل مرة يقود فريقاً عملاقاً، وتلبى له جميع مطالبه. صحيح أنه قاد نادي برشلونة للحصول على 12 لقباً، لكن يجب الإشارة في الوقت نفسه إلى أن النادي الكاتالوني قد فاز بالعدد ذاته من البطولات تقريباً بعد رحيل غوارديولا، كما فاز بالعدد ذاته من بطولات دوري أبطال أوروبا من دونه، منذ ظهور النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.

وينطبق الشيء نفسه على ما قام به غوارديولا مع مانشستر سيتي، لأن البطولات التي حققها المدير الفني الإسباني مع سيتي هذا الموسم هي البطولات نفسها التي حصل عليها النادي مع مانويل بيليغريني في أول موسم له مع الفريق. ولا يمكن مقارنة ما قام به غوارديولا مع تجارب أخرى، مثل حصول نادي بورتو البرتغالي على لقب دوري أبطال أوروبا مثلاً، أو التطور الكبير الذي طرأ على أندية أخرى مثل إنتر ميلان الإيطالي، أو أتليتكو مدريد الإسباني، في فترة من الفترات. ولم يفز غوارديولا ببطولة الدوري مع فريق متواضع بعد صراع كبير مع أندية القمة، ولم يسبح ضد التيار ويحقق نتائج غير متوقعة. قد تكون هذه هي نقاط الضعف الواضحة بالنسبة لمدير فني يعد في حقيقة الأمر هو الأفضل بين أقرانه من المديرين الفنيين في الوقت الحالي.

ومع وضع كل ذلك في الاعتبار، فإن الموسم المقبل يعد فرصة أخرى لغوارديولا للرد على تلك الانتقادات. ومن الصعب أن نقول إنه يتعين على غوارديولا الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مع مانشستر سيتي، لكي تكون تجربته مع الفريق الإنجليزي ناجحة، لكن قد تكون هذه هي الحقيقة بالفعل من وجهة نظر كثيرين. ومن المؤكد أن الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا سيكون هو الهدف الأكبر لغوارديولا خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع الجيل الحالي لمانشستر سيتي، الذي لا يعد فريقاً مكوناً من نجوم عالميين، لكنه فريق يضم مجموعة من المواهب الهجومية التي تتراوح أعمار لاعبيها بين 21 و23 لاعباً، مع العلم بأنه لا يوجد لاعب في الفريق الحالي لمانشستر سيتي قد سبق له الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا