برعاية

إيدرسون... حارس مرمى بقدم متألقة وأعصاب باردة

إيدرسون... حارس مرمى بقدم متألقة وأعصاب باردة

كانت قد مرت بضعة أشهر على خوض المدرب الإسباني جوسيب غورديولا مغامرته الجديدة مع مانشستر سيتي عندما خسر فريقه بنتيجة 4 - 0 أمام برشلونة على أرض استاد كامب نو.

قدم مانشستر سيتي حينها أداء لا بأس به حتى الدقيقة الـ52 من المباراة عندما حاول حارس المرمى كلاوديو برافو لعب الكرة بعيداً بهدف حماية مرماه، إلا أن المحاولة أتت بنتائج عكسية تماماً مع سقوط الكرة مباشرة أمام لويس سواريز، وزاد برافو الوضع سوءاً عندما سعى للتعامل مع محاولة إيقاف نجم برشلونة بعنف خارج منطقة مرماه ليتعرض للطرد جراء ذلك.

ولم يكن هذا الخطأ الأول الذي يقع فيه برافو أثناء مشاركته في صفوف مانشستر سيتي ولا الأخير. إلا أن غوارديولا أوضح تلك الليلة أنه لن يتخلى عن استراتيجيته القائمة على بناء الهجمات من الخلف، وقال: «عذراً، لكن حتى اليوم الأخير في مسيرتي كمدرب سأحاول اللعب بدءاً من حارس المرمى».

ربما لم يفلح هذا الأسلوب موسم 2016 - 2017 عندما استعان المدرب الكاتالوني ببرافو، ثم ويلي كاباليرو في حراسة المرمى، لينهي الموسم دون أن يفوز بأي بطولة. إلا أنه في الصيف، أنفق 34.9 مليون دولار على شراء إيدرسون من بنفيكا ولم ينظر مانشستر سيتي من بعد ذلك إلى الخلف مرة أخرى. وبالفعل، فاز مانشستر سيتي بأول بطولة له خلال الموسم، كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وتفصله عن ضمان الفوز ببطولة الدوري الممتاز مباراة واحدة، ومن المقرر أن يتجه إلى ليفربول، اليوم، لخوض أول مباراة ذهاب له في دور ربع النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا وهو مطمئن أن الفريق يملك حارس مرمى يتميز بمستوى من البراعة يضاهي تطلعات النادي نحو ترسيخ أقدامه بين صفوة أندية العالم.

وربما لم يكن من المثير للدهشة أن ينتهي الحال بإيدرسون، الذي اخترقت شباكه 26 هدفاً خلال 38 مشاركة له مع مانشستر سيتي، باللعب تحت قيادة غوارديولا. كان اللاعب البرازيلي قد ترعرع على عشق روجيريو سيني، الحارس البرازيلي الدولي السابق الذي تميز بكونه هدافا أيضا حيث أحرز 131 هدفاً خلال مسيرته التي امتدت 25 عاماً داخل ساو باولو. وفي هذا الصدد، وقال إيدرسون «إنه معشوقي الأول وسيظل دوماً مصدر الإلهام الأكبر بالنسبة لي. ولا أزال أحرص حتى اليوم على مشاهدة الكثير من الفيديوهات له وهو يصد ببراعة كرات خطيرة ويظهر مهارته الرفيعة في بدء اللعب لفريقه من الخلف. في الواقع، لقد امتلك مهارات استثنائية من نوعها».

في فترة الصبا، كان إيدرسون يقضي ساعات بأكملها في مشاهدة سيني عبر شاشات التلفزيون داخل منزل أسرته في أوساسكو، منطقة في ساو باولو الكبرى، لكنه بدأ مسيرته الكروية في مركز الظهير الأيسر داخل مدرسة لتعليم كرة القدم تدعى «تشامبيونز إيبينيزير».

من جانبه، قال غيلبرتو لوبيز، المشهور باسم غيبا وأحد مؤسسي المدرسة: «انضم إلينا لأن شقيقه الأكبر كان يلعب معنا». وأنشأ غيبا فريقاً تولى مهمة تدريبه مجاناً في إطار دعمه للنشاطات الخيرية وذلك لمعاونة الصبية داخل واحدة من مناطق ساو باولو التي تتسم بأعلى معدلات العنف. وعن ذلك، قال: «نظراً لأن أوساسكو مدينة شديدة الخطورة، فإننا نولي اهتماماً كبيراً للأطفال. وأنظر من جانبي إلى كرة القدم كسلاح لا أزال أستخدمه حتى اليوم لاجتذاب الصبية بعيداً عن الشوارع».

وأضاف متحدثاً عن إيدرسون: «نظراً لأنه كان يلعب بقدمه اليسرى، بدأت بالدفع به في مركز الظهير الأيسر. وكان بالفعل يملك القدرة على تصويب الكرة بقوة، لكنه لم يمكن ماهرا في التحكم بالكرة. وعليه، سحبته إلى الخلف إلى مركز حارس المرمى.

وفي أول كرة تصوب باتجاهه، نجح في الإمساك بها دون أن تسقط من يده وكانت تلك البداية».

وقد بدا غيبا مبهوراً بالتقدم الذي أحرزه هذا اللاعب النحيف، لكنه كان طالباً نجيباً حمل اسم تدليل متناقض مع حقيقته، غوردو، الذي يعني «الفتى البدين». وبالفعل، أوصى غيبا صديقا له في أكاديمية ساو باولو بضم الفتى إليه. وعن هذا، قال أنطونيو رودريغيز، أول مدرب لإيدرسون في فريق تحت 13 عاماً، والذي عمل في النادي طيلة 18 عاماً: «أخبروني أن إيدرسون متميز في مركز حارس المرمى. وقد انبهرت بمستوى دقة تعامله مع الكرة بقدمه وسرعته وخفة حركته داخل المرمى».

الملاحظ أن موهبة إيدرسون في التعامل مع الكرة بقدمه تشكلت أثناء ممارسته لعبة كرة القدم الخماسية. عن ذلك، قال فيكتور سيفيرو، صديق إيدرسون منذ الطفولة وكانا يلعبان معاً داخل أكاديمية ساو باولو ويعيش مع أسرة إيدرسون في شيشاير: «لقد عاونه ذلك كثيراً. واعتاد أن يلعب في مركز ما يطلق عليه (الرجل الخامس) أو حارس المرمى من أجل الاستفادة بقدرته على تصويب الكرة بقوة. وعليه، تمثل التكتيك الذي اتبعناه في إخلاء مساحة له بحيث يتمكن من الخروج من مرماه لتصويب الكرة. وقد بلغ مستوى من البراعة في استخدام قدمه جعله ينافس على لقب هداف البطولة».

داخل ساو باولو، حظي إيدرسون بتقدير بالغ. عن ذلك، أوضح لويس باتيستا دا سيلف جونيور، مدرب حراس المرمى على مستوى الناشئين آنذاك، أنه: «كان لدى ساو باولو خطة لصناعة خليفة لروجيرو سيني. وعليه، تركزت جلساتنا التدريبية مع الفتيان على التدريب بمركز حراسة المرمى. ورغم أنه كان شديد الخجل، أبدى إيدرسون تركيزاً شديداً خلال جميع التدريبات، وكان منتبهاً للغاية وتعلم كل شيء بسرعة».

ومع هذا، تحول حلم إيدرسون لاحقاً إلى كابوس، ففي يوم من الأيام، رن هاتف المنزل وردت والدة إيدرسون وأخبرها أحد مسؤول ساو باولو أن النادي لم يعد بحاجة إلى حارس المرمى الصغير.

وفي هذا الصدد، قال سيفيرو: «حزنت للغاية. لقد كان نبأً مريعاً، خاصة عندما يتلقاه المرء وجهاً لوجه. ولك أن تتخيل كيف بدا الأمر له، خاصة في ظل عدم وجود مبرر مقنع. من المؤكد أنه لن ينسى أبدا اللحظات التي قضاها داخل النادي، بجانب أن الأسلوب الذي طرد به كان مؤلماً. لقد بكى كثيراً».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا