برعاية

فريق سكينديربيو الألباني تلاعب بنتائج المباريات كما لم يحدث من قبل

فريق سكينديربيو الألباني تلاعب بنتائج المباريات كما لم يحدث من قبل

يعشق سكان بلدية كورتشي نادي كرة القدم الخاص بالمنطقة بدرجة لافتة. ولهذا، احتشد الآلاف من سكان المدينة الألبانية الشهر الماضي في الشوارع لينشدوا أغاني في حب فريق سكينديربيو الألباني، وامتدت المسيرة على امتداد الشارع الرئيس بالمدينة، وحمل المحتشدون لافتات وأعلاماً تعبر عن حبهم لناديهم، وكان مجمل الرسالة التي تحملها هذه الاحتفالية برمتها واضحاً: «لا تقتلوا حلمنا».

اليوم، يقف كل ما حققه فريق سكينديربيو في مسيرته من قبل على شفا الانهيار بسبب تحقيق استثنائي من نوعه حول التلاعب في نتائج المباريات. وقد أوصى تقرير مسرب عن اتحاد الكرة الأوروبي (يويفا) بحرمان النادي الذي توج بطلاً لألبانيا 6 مرات، والذي أنجز دور المجموعات ببطولة الدوري الأوروبي هذا الموسم، لمدة 10 سنوات... فترة غير مسبوقة على مستوى العقوبات. وإذا ما وافق الكيان المسؤول عن الأخلاقيات والتأديب على هذه العقوبة، فإن هذا سيكتب نهاية مؤسفة لما يقارب عقداً من التقدم.

من جانبه، لم يعلن «يويفا» بعد عن التقرير الذي وضعه اثنان من المفتشين العاملين لديه، المعنيين بشؤون أخلاقيات كرة القدم والتأديب. ومع هذا، فقد جرى تداول التقرير على نطاق واسع داخل ألبانيا، واطلعت «الغارديان» على نسخة منه. ودفع ظهور التقرير سكان كورتشي إلى الخروج إلى الشوارع، خصوصاً أن محتوياته تضمنت إدانات خطيرة للنادي. وخلص التقرير إلى أن فريق سكينديربيو «عمد إلى التلاعب بنتائج المباريات على نحو غير مسبوق في تاريخ كرة القدم»، متهماً النادي بأنه عمل بصورة أساسية بمثابة أداة لتسهيل الجريمة المنظمة. كما سلط التقرير الضوء على التفاصيل الكامنة وراء تحقيقات أجراها «يويفا» حول التلاعب في نتائج مباريات. ومن جهته، لم يقر «يويفا» أو ينفي صحة الوثيقة.

جدير بالذكر في هذا الصدد أن سكينديربيو سبق أن تعرض للعقاب لتلاعبه في نتائج المباريات بالحرمان من المشاركة في أية بطولات أوروبية لمدة عام، وذلك خلال موسم 2016 - 2017. وقد أقرت هذه العقوبة محكمة التحكيم الرياضية (كاس)، وذلك باعتبار هذه العقوبة «إجراءً إدارياً»، في خضم عملية تتبع «يويفا»، يتألف من خطوتين. ويشكل التحقيق الجاري حالياً المرحلة الثانية من العملية، وجزءاً من «إجراء عقابي» أكثر صرامة.

وجاء قرار الإيقاف في أعقاب ضبط نظام رصد أعمال الاحتيال في المراهنات، المعروف اختصاراً باسم «بي إف دي إس»، 53 مباراة شارك بها سكينديربيو - تضم مجموعة من المباريات الودية، وأخرى محلية، ومباريات في بطولات أوروبية - من المفترض أن سكينديربيو تلاعب في نتائجها لأغراض تتعلق بالمراهنات، وذلك خلال الفترة بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 وأبريل (نيسان) 2016 - وركزت القضية على 4 مباريات على وجه التحديد: اثنتين في دور التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا 2015 – 2016، واثنتين في دور المجموعات من بطولة الدوري الأوروبي من الموسم ذاته. وبناءً على نتائج «بي إف دي إس»، جرى فرض حظر على سكينديربيو.

ويضيف التقرير الجديد أدلة جديدة جرى الحصول عليها من لجنة من المدربين، في الوقت الذي جرت فيه الاستعانة بشركة خارجية لإعادة التأكيد على النتائج، في إطار جهود ترمي لتعزيز الحجة الداعية لتشديد العقوبة على النادي.

من ناحية أخرى، يواجه سكينديربيو اتهامات ببذله «محاولات تلاعب للحصول على أرباح من وراء عمليات المراهنة على مستوى عالمي يثير الصدمة»، وقد نجح النادي بالفعل في جني ملايين الدولارات من وراء ذلك. ويدعي التقرير أن النادي «لم يبد احتراماً لنزاهة رياضة كرة القدم»، وأنه تحول إلى ما يشبه كياناً شديد التنظيم يسعى وراء جني أموال طائلة عبر عمليات المراهنة.

ومن جانبه، نفى النادي هذه المزاعم، وأصدر بياناً عبر صفحته على «فيسبوك»، قال فيه: «يتابع قسم الشؤون القانونية في سكينديربيو الإجراءات الضرورية المتعلقة بالقضية محل الاهتمام، ويعرب عن ثقته في أنه سيجري إنجازها بنجاح». وقد جاء البيان في أعقاب تسريب تقرير «يويفا» على نطاق واسع.

ويشير التقرير إلى أن مباراتين في دور المجموعات: الأولى على استاد سبورتينغ لشبونة، والثانية على أرضه في مواجهة لوكوموتيف موسكو، تشكلان حالتين مثيرتين للاهتمام على نحو خاص. وقد خسر سكينديربيو في المباراتين بنتيجة 5 - 1 و3 - صفر على الترتيب، وتتبع نتائج المباراتين أنماطاً متصاعدة بسرعة في عمليات المراهنة على نحو شبه حرفي. وقد شهدت المباراة الأولى حمى من المراهنات «الغزيرة وغير المنطقية» على نتيجة 6 أهداف أو أكثر، مع ظهور نتيجة 4 - 0 لصالح سبورتينغ لشبونة في وقت متأخر. أما المباراة الثانية، فقد أصبحت محط شكوك عميقة، تبعاً لما أوضحه التقرير، عندما كان سكينديربيو مهزوماً بفارق هدف، مع وجود 5 دقائق فقط متبقية من عمر المباراة. إلا أن التقرير لم يتضمن تلميحاً إلى ارتكاب الفريق الخصم لسكينديربيو أي خطأ.

أما المباراة الأشهر التي أشار إليها التقرير، فجاءت في الدور الثاني للتأهل ببطولة دوري أبطال أوروبا، وكانت مباراة الإياب أمام فريق كروسيدرز المنتمي لآيرلندا الشمالية، وذلك في 21 يوليو (تموز) 2015. وكان سكينديربيو قد فاز بالمباراة التي جرت على أرضه بنتيجة 4 – 1، وتقدم بنتيجة 2 - 1 في مباراة الإياب. وأعقب ذلك ما وصفه التقرير بـ«بعض المراهنات الحية المثيرة للريبة على نحو صارخ»، التي بلغت في مجموعها «عدة مئات الآلاف من الدولارات على أدنى تقدير». وبعد تقدم كروسيدرز بهدفين مقابل هدف، بدا سكينديربيو وكأنه يود خسارة المباراة. وخلال الدقائق العشر الأخيرة من المباراة، اخترق هدفان شباك سكينديربيو، في الوقت الذي ألغى فيه الحكم هدفين آخرين سجلهما كروسيدرز. وكتب حارس مرمى كروسيدرز، سيان أونيل، تغريدة عبر موقع «تويتر» في أعقاب المباراة، قال فيها: «إذا لم يجر (يويفا) تحقيقاً بشأن المباراة التي خضناها الليلة، فإن هذا يعني أن ثمة أمراً مريباً»؛ وقد جرى تقديم هذه التغريدة بين الأدلة المتعلقة بالقضية.

جدير بالذكر أن نظام «بي إف دي إس» يستخدم نظاماً لوغاريتمياً ونماذج رياضية لتقييم حركات المراهنة بمختلف المباريات، التي تخضع لمزيد من التفحص إذا ما ظهرت بعض الأنماط المنحرفة. والملاحظ أن النظام أبدى حدوث انحرافات في نتائج سكينديربيو في عدد من المباريات، تبلغ ضعف أي ناد آخر منذ بدء العمل بهذا النظام عام 2009. وقد استعان «يويفا» بشركة بريطانية لإجراء تحليل للبيانات المتعلقة بـ10 من تلك المباريات. وحملت النتائج تشابهاً يكاد يبلغ حد التطابق مع تلك التي خلص إليها نظام «بي إف دي إس»، وتعتبر هذه النتائج جزءًا محورياً من النتيجة النهائية التي خلص إليها التقرير.

ويتمثل حجر زاوية آخر في النتائج التي ستخلص إليها «لجنة خبراء»، يتضمن أعضاؤها مساعد مدرب نادي ليستر سيتي، مايكل أبلتون. وقد جرى تكليف اللجنة بمراجعة أحداث من المباراة التي وصفت بـ«الصادمة» و«المثيرة للحرج» أمام كروسيدرز، وكذلك «بعض من اللحظات المريبة الأخرى» في مباراة أخرى ورد ذكرها بالتقرير، أمام دينامو زاغرب.

ويزعم التقرير أن مثل هذه المواقف المريبة بدأت في الظهور في أعقاب تعيين أغيم زيكو رئيساً لسكينديربيو في يناير (كانون الثاني) 2010. وفي تلك المرحلة، كان النادي يواجه خطر الهبوط، إلا أنه نجح في البقاء داخل الدوري الممتاز، وتمكن من الفوز ببطولة الدوري 5 مرات متتالية بعد ذلك.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا