برعاية

الكرات الرأسية تعرّض لاعبي كرة القدم لتلف في الدماغ

الكرات الرأسية تعرّض لاعبي كرة القدم لتلف في الدماغ

في الأوقات السعيدة، كانت هناك قصة اعتاد المدير الفني الإنجليزي إريك هاريسون - الذي ساعد في إصدار كتاب «ذا كلاس أوف 92»، عام 2013، والذي كان يركز على مسيرة ستة لاعبين بارزين في مانشستر يونايتد، وهم ديفيد بيكام، ونيكي بات، وريان غيغز، وغاري نيفيل، وفيل نيفيل وبول سكولز، ويروي تفاصيل عن حياتهم الكروية في مانشستر يونايتد والتي بدأت عام 1992 - أن يرويها للاعبيه في نادي مانشستر يونايتد، عن مجموعة من النصائح التي تلقاها ذات يوم من مدافع يعتبره أكثر لاعب صلب رآه في عالم كرة القدم.

وسوف يتذكر الجميع دائما جورج كورتيس على أنه الشريك في التدريب لجون سيليت في اليوم الذي حصل فيه نادي كوفنتري سيتي على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1987، لكن بالنسبة لجيل هاريسون في خمسينات وستينات القرن الماضي، ينظر إليه على أنه المدافع الصلب القادر على أن يسبب المتاعب لأمهر وأقوى اللاعبين في الفرق المنافسة. وقد لعب معه هاريسون أثناء الخدمة الوطنية وكان منبهرا للغاية، وهو يرى رجلا لا يتجاوز طوله خمسة أقدام و11 بوصة وهو يفوز بصراع الألعاب الهوائية ضد لاعبين يتجاوز طولهم ستة أقدام.

يقول كورتيس: «لا توجد مشكلة. في بداية المباراة، عندما تأتي أول كرة بيني وبين لاعب الفريق المنافس، لا أضرب الكرة، لكن أضرب الجزء الخلفي من رأس مهاجم الفريق المنافس؛ ولذا فإنه لا يعود مرة أخرى إلى منافستي في الألعاب الهوائية للحصول على الكرة».أعجب هاريسون كثيرا بما سمعه من كورتيس وقرر أن يسير على الضرب نفسه، لدرجة أنه كان يلقب بـ«الساطور» خلال عشر سنوات لعب خلالها جناحا في نادي هاليفاكس تاون. وكان هاريسون، حسب اعترافه هو شخصيا، يرى كل ضربة رأس على أنها تحد شخصي، بغض النظر عن أي شيء أخر.

ومع ذلك، كان لذلك عواقب وخيمة على اللاعب بكل تأكيد، فقد أخبرتني زوجته، شيرلي، عن قصة حدثت في الآونة الأخيرة تتعلق بحملها الأول ووضع ابنتهما، كيم، حيث كان هاريسون في المستشفى نفسه في ذلك اليوم، ويعاني من ارتجاج في المخ، ولم يحضر لحظة ولادة ابنته. وفي هذه المرة، فقد هاريسون توازنه بالكامل لمدة ثلاثة أيام. وقد وصل هاريسون الآن إلى عامه التاسع والسبعين، لكن لم يكن من السهل على أي لاعب من اللاعبين الذين تدربوا تحت قيادته في مانشستر يونايتد أن يروه الآن. تقول زوجته شيرلي: «لا يزال إريك يتحدث عن هؤلاء اللاعبين – غيغز وبيكام وسكولز والأخوين نيفيل – لكن لا يمكنه التعرف عليهم. لا يمكنه التعرف إلا علي أنا وعلى بناته، ولا يمكنه التعرف حتى على أحفاده. جميع اللاعبين يأتون لزيارته، لكنهم لا يرون إريك الذي عرفوه من قبل. كان الأمر صعبا للغاية عليهم، ولا سيما على سكولز، وكانوا جميعا يشعرون بالحزن الشديد عندما يرونه. لقد جاء بيكام لزيارته ومعه كعكة جزر صنعها بنفسه مع أولاده وزجاجة من النبيذ، لكن عندما رآه عاد ليجلس في سيارته ويبكي».

ومن المحتمل أن تقرأ الآن عن صحة هاريسون المتدهورة والمخاوف الحتمية من أن يعاني مما وصفه الطبيب الشرعي في التحقيق في وفاة أسطورة نادي ويست بروميتش ألبيون جيف أستل بأنه «مرض صناعي»، أي الخرف الناتج من ركل الكرة بالرأس. في الحقيقة، لا يمكن لأحد أن يؤكد وجود علاقة بين ما حدث لهاريسون وبين الكرات الهوائية التي كان يلعبها، لكن، كما تقول شيرلي، يجب أن تأخذ وهي والعائلة هذا الشيء في الاعتبار بالنظر إلى الكثير من القصص التي تروى عما حدث للكثير من اللاعبين المحترفين في فترات سابقة - وعلى وجه الخصوص اللاعبون الذين كانوا مشهورين بتفوقهم في ألعاب الهواء والكرات الرأسية، والذين عانوا من أمراض مماثلة.

وقد قادت عائلة أستل حملة قوية لإجراء المزيد من الأبحاث في هذا الصدد، وبدأت هذه الحملة للمرة الأولى في هذا العمود في «الغارديان» في مارس (آذار) 2014، وربما وصلنا أخيرا إلى النقطة التي أعلن فيها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة لاعبي كرة القدم المحترفين عزمهما إجراء دراسة لفحص المخاطر الناجمة عن ركل الكرة بالرأس، ونرى ما يمكن أن يحدث بعد ذلك. ومع ذلك، كانت هذه العملية تسير ببطء شديد، حيث أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورابطة لاعبي كرة القدم المحترفين في عام 2002 أنهما سيجريان برنامجا بحثيا مشتركا لمدة عشر سنوات؛ ولذا فأنا أتساءل كيف يشعر كيفن دويل الآن بعدما اضطر إلى اعتزال كرة القدم بناءً على نصائح طبية لأن ركل الكرة بالرأس يسبب له صداعا مستمرا!

وجاء إعلان دويل عن اعتزاله بعد ما وصفه بمعاناته من ارتجاجات «كثيرة»، بما في ذلك معاناته من الارتجاج مرتين هذا الموسم، بعدما كان لاعبا معروفا بتفوقه في الألعاب الهوائية وتسجيله للنسبة الأكبر من الأهداف برأسه عندما كان يلعب مع ريدنغ وولفرهامبتون واندررز وكولورادو رابيدز. يقول دويل، البالغ من العمر 34 عاما والذي خاض 64 مباراة دولية مع منتخب جمهورية آيرلندا، إن الأطباء نصحوه باعتزال كرة القدم «لتفادي احتمال أن تصبح هذه الأعراض دائمة وأكثر خطورة». وببساطة، ستكون المخاطر كبيرة للغاية.

ولكن على الأقل قرر دويل أن يتوقف عن كرة القدم الآن بدلا من أن يعرض نفسه لمزيد من «العقاب»، إن جاز التعبير، على أمل ألا يعاني من مشاكل أخرى في المستقبل، بينما كان في الماضي يتم تشجيع اللاعبين في مثل هذه الحالات على الاستمرار في اللعب بغض النظر عن العواقب. ومع ذلك، فإنه دائما ما يكون من الصعب للغاية أن تنصح رياضيا محترفا بالتوقف عن ممارسة الرياضة لأسباب طبية، وبخاصة في حالة دويل عندما يعتقد كثيرون منا أنه لا يوجد ما يدعو للقلق من تسديد الكرة بالرأس في كرة القدم الآن.

قد يكون من السهل أن نفترض ذلك، وأود أن أعترف بأنني كنت من أولئك الذين ظنوا أن مخاطر ركل الكرة بالرأس قد زالت إلى حد كبير بمجرد عدم الاعتماد على الكرات الجلدية الثقيلة، التي غالبا ما تكون مشبعة بالماء، والتي كان ينظر إليها على أنها السبب في المشاكل الطبية المتعلقة بركل الكرة بالرأس في الأجيال السابقة. ومع ذلك، قد يكون هذا خطأ شائعا لأنك لو استمعت إلى بعض الخبراء الذين كانوا يدرسون هذه الحالات فستعرف أن هذا الأمر غير صحيح تماما.

ربما أصبحت الكرات أخف وزنا في هذه الأيام، لكن هذا يعني أنها تسير أسرع بكثير. وقد أصبحت اللعبة نفسها أسرع من ذي قبل، وهو ما يعني وجود عدد أكبر من الكرات العرضية وعدد أكبر من ضربات الرأس. قد لا يكون هناك القوة البدنية نفسها مقارنة بالأيام السابقة، على حد تعبير هاريسون، عندما قال: إن «محاولة كسر لاعبي الفريق المنافس إلى نصفين» كانت جزءا من مهام اللاعب في المباريات في السابق. لكن السرعة الكبيرة تعني أيضا أن هناك خطرا أكبر لتلقي اللاعبين لضربات قوية أو عنيفة في الرأس.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا