برعاية

برينس بواتينغ: تجربتي في إنجلترا فاشلة... ومانديلا عرض علي الزواج من ابنته

برينس بواتينغ: تجربتي في إنجلترا فاشلة... ومانديلا عرض علي الزواج من ابنته

في مقابلة استمرت أكثر من ساعة، تحدث النجم الغاني كيفن برينس بواتينغ عن الأندية الثمانية التي لعب لها في أربعة بلدان مختلفة، ومواجهة شقيقه في نهائيات كأس العالم، ولقائه بالزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، الذي عرض عليه الزواج من ابنته.

كما تطرق الحديث لأشياء لا يراها الناس مثل شعور بواتينغ بالوحدة، وأشياء أخرى ظاهرة للعيان مثل موهبته الكبيرة وشخصيته ومواجهاته من الآخرين وقناعاته وسعيه الدائم للتشبث بالموقف الذي يرى أنه صائب.

في شهر مارس (آذار) 2013، لبي النجم الغاني دعوة من الأمم المتحدة للحديث عن مكافحة العنصرية، ووقف في جنيف في ذلك اليوم تبدو عليه علامات الذكاء والقدرة على الحديث بأكثر من لغة، للدرجة التي جعلت شقيقه يصفه بأنه مثل «الحرباء» لقدرته الكبيرة على التكيف مع أي بيئة.

يقول بواتينغ إنه استعد لهذا الحدث على مدى «ما يقرب من 24 ساعة يوميا لمدة خمسة أيام متواصلة»، لكنه كان لا يزال يشعر بالرهبة من إلقاء كلمة إلى جانب نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

يقول النجم الغاني المولود في ألمانيا: «ركلتني بيلاي في ساقي من تحت الطاولة وقالت: لا تقلق، ستكون على ما يرام. لكني لم أكن كذلك، بعدما رأيت 60 كاميرا وأضواء حمراء وتسجيلات، يا إلهي. تعثرت قليلا في البداية، ثم بدأت الحديث بكل طلاقة. وعندما انتهيت، وقف الجميع يصفقون بحرارة، وقالوا إنهم لم يروا شخصا يتحدث بهذه الطريقة من قبل».

وأضاف نجم ميلان الإيطالي السابق: «لقد كانت لحظة عاطفية للغاية، لكني لا أستطيع أن أصف كم كانت جميلة. من الناحية الشخصية، كان شيئا لا يصدق أن تتاح لي الفرصة للحديث عما أشعر به وما رأيته وما واجهته في حياتي. لكني كنت هناك للحديث عن شيء سلبي للغاية (الحديث عن العنصرية)، لذا كنت أشعر بأنني ممزق من الداخل، فقد كان من الصعب أن أذهب هناك وأتحدث عن ذلك».

لم تكن هناك أية إرشادات أو تعليمات بشأن الحديث في هذا الحدث الهام، لكن بواتينغ، المولود لأب غاني وأم ألمانية، كان قد حصل على دعوة من الأمم المتحدة للحديث عن العنصرية بعدما انسحب من مباراة ودية لفريقه ميلان الإيطالي أمام وبرو باتريا في يناير (كانون الثاني) 2013 عندما تعرض هو وأوروبي إيمانويلسون ومباي نيانغ وسولي مونتاري لهتافات عنصرية. وكانت الرسالة التي وجهها بواتينغ بانسحابه من المباراة قوية للغاية. ربما لا تكون مقصودة، لكنه بدأ خطوة هامة في مكافحة العنصرية.

يقول بواتينغ: «كان رد فعل تلقائياً. ولو فكرت في الأمر، ربما لن أفعله مرة ثانية. ربما كان يتعين علي أن أتحدث مع حكم اللقاء أو أن أذهب للمعلق الداخلي للمباراة لكي يقول شيئا للجمهور. الانسحاب من المباريات لا يكون رد الفعل الأفضل دائما، لأننا يجب أن نتحمل المسؤولية، لكنني لم أكن قادرا على التحمل أكثر من ذلك ولم أكن قادرا على السيطرة على مشاعري، وقلت لنفسي: لماذا لا يزال يتعين علينا أن نتحمل ذلك؟».

وللأسف، وبعد مرور أربع سنوات على هذه الواقعة، لا تزال ملاعب كرة القدم تعاني من العنصرية، فخلال هذا الموسم تعرض اللاعب الإيطالي ماريو بالوتيللي لهتافات عنصرية في فرنسا. يقول بواتينغ: «الحديث في الأمم المتحدة يعني أن كلماتك ستصل إلى جميع أنحاء العالم، لكن هذا يحدث ليوم واحد فقط، وينسى الجميع الأمر في اليوم التالي».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن حل فريق العمل التابع له والذي كان يعمل على مكافحة العنصرية، مشيرا إلى أن المهمة قد أنجزت. وقال بواتينغ، الذي كان أول سفير لفريق عمل الفيفا لمكافحة العنصرية: «بالنسبة لهم، قد تكون المهمة قد أنجزت، لكن مثل هذه المهمة لم تنجز بعد في حقيقة الأمر، فقد رأينا تعرض بالوتيللي لهتافات عنصرية في باستيا. إنه صديق عزيز ووصف ما حدث له بأنه أمر لا يصدق، ولا يعرف ما يتعين عليه القيام به، وقال: ما الذي يمكنني أن أفعله؟ هل أضع شيئا على إنستغرام أو «تويتر»؟ في الحقيقة، لا يمكنه أن يكافح العنصرية بمفرده».

وأضاف: «يتعين علينا أن نكافح العنصرية بشكل أقوى ولا نقول إن المهمة قد انتهت. كان جوزيف بلاتر والاتحاد الدولي لكرة القدم يسعيان لإحداث تغيير في هذا الصدد، كما شارك في ذلك شخصيات مثل جوسيب غوارديولا وريو فيرديناند ورونالدو، ووقفوا جميعا إلى جانبي».

وقال اللاعب الغاني: «لقد أنجزنا ما كنا نريد أن ننجزه، لكننا بالطبع لم نكافح العنصرية بالشكل الذي كنت أتصوره. كان لدينا الكثير من الأفكار لكنها لم تغير شيئا. الاكتفاء بمجرد الظهور في إعلان والقول بأننا نكافح العنصرية لا يقضي عليها. هذا شيء جيد، لكن حتى هذه الإعلانات لا نراها إلا في دوري أبطال أوروبا».

وأضاف مبتسما: «والآن، استبعدوني من هذا الإعلان، ربما لأنني ألعب الآن في لاس بالماس ولا أشارك في دوري أبطال أوروبا، لكن هذه رسالة ضد العنصرية، وليس لها علاقة بدوري أبطال أوروبا. بالطبع هناك لاعبون كبار مثل إبراهيموفيتش ونيمار وميسي ورونالدو يتم الاعتماد عليهم بسبب المتابعة الجماهيرية الأكبر لمثل هؤلاء النجوم، لكن ما علاقتهم بالعنصرية؟ إنه أمر مثير للضحك أن يتم استبعاد اللاعب الوحيد الذي وقف في الأمم المتحدة لكي يتحدث عن كيفية مناهضة العنصرية!».

«إذا لم تمت.. سأموت أنا»

نشأ بواتينغ في حي «ويدينغ» الذي تسيطر عليه أعمال العنف ويعاني من ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الهجرة. يقول بواتينغ: «كان الناس يتعرضون لإطلاق النار والشرطة لا تأتي لترى ما حدث». ويتذكر شارع كولونيستراس المجاور للشارع الذي كان يعيش به قائلا إنه كان من بين «أكثر عشرة شوارع خطورة»، وكانت القاعدة السائدة به هي «إذا لم تمت، سأموت أنا». لقد ساهم هذا المكان بالتأكيد في تكوين شخصية بواتينغ، الذي يقول: «لم يكن لدينا الكثير من المال، لكن هذه كانت حياتي. لم أر آنذاك حياة أفضل، لذا كانت جيدة - والأشياء التي تتعلمها وتراها في الشارع هي التي تكون شخصيتك». وأشار بواتينغ إلى أن «عقله» وموهبته الكروية وقدرته على السيطرة على مشاعر الغضب هي التي ساعدته على الخروج من هذا المكان. انضم بواتينغ إلى نادي هيرتا برلين وهو في السابعة من عمره، قبل أن ينتقل إلى توتنهام هوتسبر الإنجليزي عام 2007 مقابل 5.4 مليون جنيه إسترليني في خطوة يرى أنها «الأكبر» لكنها كانت خاطئة.

لم يكن بواتينغ مستعدا للعيش في لندن وكان من الممكن أن تنتهي مسيرته الكروية خلال تلك الفترة. وفي صباح أحد الأيام، استيقظ من النوم ووقف أمام المرآة وقال: «أنا أبدو كبيرا في السن»، رغم أنه كان في العشرين من عمره. وأضاف: «كل ليلة أكون بالخارج حتى السادسة صباحا، ووصل وزني لنحو 95 كيلوغراما بسبب تناول الكحوليات والمأكولات غير الصحية. لا يمكن أن أكون أنا هذا الرجل، ولا أريد أن أكون كذلك، فأنا لدي شيء بداخلي أسعه لتحقيقه وأنا لاعب كرة قدم.»

وأضاف: «اتصلت باثنين من أصدقائي المقربين وقمنا سويا بتنظيف الثلاجة والمنزل، وقلت لنفسي في ذلك اليوم: توقف عن ذلك. وبالفعل توقفت عن تناول الكحوليات والخروج من المنزل وبدأت أعد الطعام في المنزل وبشكل صحي».

وتابع: «أخبرني المدير الفني لتوتنهام مارتن يول بأنه لا يريدني بعد شهر، وقلت: حسنا أنت لا تريدني، إذن سوف أستمتع بحياتي. إنني أدرك الآن كم كنت مخطئا وكم كانت تجربة سيئة، فقد كنت أذهب للحانات ستة أيام في الأسبوع وأتناول الكحوليات معظم فترات العام. لكنني كنت في العشرين من عمري ولم أكن أعرف أن الأمور ستصل إلى هذا السوء. كنت أحصل على الأموال وأقول: حسنا، سوف أستمتع في مكان آخر، لكنهم لم يكونوا أصدقاء حقيقيين».

وقال بواتينغ: «لقد تركت منزلي وعائلتي وجميع أصدقائي، حتى زوجتي السابقة تركتني وأصبحت أعيش وحيدا. كان لدي أصدقاء، لكنهم لم يكونوا أصدقاء حقيقيين يقولون لي: ما الذي تفعله؟ اذهب إلى النادي وتدرب جيدا! وهذا هو ما كنت أحتاجه بشدة آنذاك، كنت أحتاج إلى شخص أتحدث إليه».

وقد اعترف المدير الرياضي السابق بنادي توتنهام هوتسبر، داميان كومولي، بأن بواتينغ هو اللاعب الذي ندم على التعاقد معه، معترفاً بأنه لم يستطع تقويم اللاعب الذي لم يكن مستعدا للتغيير، وقال: «ربما كان فشلنا في ذلك أكبر من فشله هو شخصيا».

يقول بواتينغ: «كنت أنفق أموالا طائلة على الحانات والملابس والسيارات. كان لدي ثلاث سيارات مختلفة، وكنت أحاول أن أشتري السعادة. كنت أقول لنفسي: أنا لا أستطيع لعب كرة القدم، إذن سأشتري سيارة لامبورغيني. كنت أشعر بالسعادة لمدة أسبوع، لكن بعد ذلك لا أستخدم هذه السيارة. ما زال لدي حتى الآن صورة وأنا أقف إلى جانب ثلاث سيارات في منزل كبير مثل نجم الراب الشهير 50 سنت. أنظر إلى هذه الصورة في بعض الأوقات وأقول لنفسي: كم كنت غبيا! لكن ذلك هو ما ساعدني في الوصول إلى ما أنا عليه الآن، فقد تعلمت كثيرا مما حدث ونضجت».

في يناير 2009، انتقل بواتينغ إلى بروسيا دورتموند الألماني على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر. وكان المدير الفني لبروسيا دورتموند آنذاك هو يورغن كلوب. يقول بواتينغ: «وافقت على الانتقال على الفور، فهو أفضل مدير فني في العالم ويعرف جيدا متى يدفع باللاعب في المباريات ومتى يريحه. إنه يملك كل شيء، ولو سألت اللاعبين عنه سيقولون إنه الأفضل. إنني أعشقه».

وأضاف: «إنه يعرف تماما ما يريده كل لاعب ويمنحه الوقت المناسب. كان هناك لاعبون في دورتموند شاركوا لمدة خمس دقائق خلال ستة أشهر كاملة لكنهم كانوا سعداء: سعداء في التدريب وسعداء بالعمل الذي يقومون به، لأنه يجعلك تشعر بأنك ذو قيمة، ليس بالضرورة لاعبا مهما - لأنه ربما لا يكون في حاجة إليك - لكنه يجعلك شخصا ذي قيمة. وهذا هو السبب الذي يجعله ينجح في أي مكان يعمل به».

وتابع: «لو بقيت في بروسيا دورتموند مع كلوب، كنت سألعب في نهائي دوري أبطال أوروبا وأحصل على لقبي الدوري والكأس في ألمانيا. ومع ذلك، لدي مسيرة كروية يحلم بها كثير من اللاعبين. أنا سعيد، لكني أعرف أنه كان بإمكاني أن أصبح أفضل كثيرا لو كنت ركزت بصورة أكبر وعملت بجد أكبر. أنا سعيد لأنني التقيت بكلوب وعملت معه، حتى لو لمدة ستة أشهر فقط».

كان دورتموند يرغب في الإبقاء على بواتينغ، لكنه لم يقدم العرض المالي الذي يريده توتنهام وهو 4.5 مليون جنيه إسترليني. ثم انتقل بواتينغ إلى نادي بورتسموث في خطوة يرى أنها كانت ضرورية رغم أنها كانت لناد أقل، ويقول: «لم أكن ألعب كثيرا على مدى ثلاث سنوات تقريبا، وكان كل ما أريده هو ممارسة كرة القدم. قالوا إن استاد بورتسموث صغيرا وإن أرضية الملعب سيئة وإن النادي لا يملك أموالا وإن شروط العقد لا تبدو جيدة، لكني لم أكن أهتم بكل ذلك. قلت: حسنا، سوف أوقع على العقد، فاعطوني الكرة فقط ودعوني ألعب. كان نادي بورتسموث صغيرا لكنني خضت هناك تجربة حقيقية ومثيرة وجميلة، وكنت أعشق اللعب هناك».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا