برعاية

بهدوء.. كرتنـــــــــــا وكرتهــــــــــم... بهدوء.. كرتنـــــــــــا وكرتهــــــــــم...

بهدوء.. كرتنـــــــــــا وكرتهــــــــــم...  بهدوء.. كرتنـــــــــــا وكرتهــــــــــم...

تزامنت مقابلات «البلاي .أوف» أمس الأوّل مع «كلاسيكو» الأرض ما تسبّب للجماهير التونسيّة في صدمة حضاريّة قويّة لا تقلّ «عنفا» عن تلك التي عاشتها مصر أثناء الحملة الفرنسيّة، أوعن ذلك الزّلزال الذي هزّ البرازيل بعد سباعيّة «الماكينات» الألمانيّة في المونديال. وما بين لقاءات رادس، وبن قردان، وصفاقس وحوار مدريد بين الرّيال، و»البرسا» وقفنا على حقيقتين صادمتين: الأولى معروفة، وتقول إنّ البطولة التونسيّة لا تملك من الاحتراف غير الاسم بالنّظر إلى استشراء العنف، وتفاقم الانحراف، واستفحال ظاهرة «التسوّل» في صفوف الجمعيات المشاركة في «البلاي .آوت»، و»البلاي .أوف» على حدّ السّواء. والحقيقة الثانية تؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ الجماهير الرياضيّة في بلادنا تعيش صراعا نفسيّا مريرا بين ما هو موجود وما هو منشود.

وهذا الغضب الكبير على الوضع القائم، والمشهد القاتم هو الذي يدفع الآلاف من التونسيين للقيام برحلة افتراضيّة إلى عالم آخر يخلّصهم ولو لدقائق معدودة من الرّداءة، والبذاءة، والرّتابة. عالم لا «ينقر» فيه المسؤولون الحكّام، ولا تبدأ فيه المقابلات بالصّور التّذكارية، وتبادل الهدايا والزّهور، وتنتهي برمي المقذوفات، وقوارير البلاستيك، وبالإيقافات، والاعتداءات في صفوف مجموعات الأحبّاء. عالم يعيش فيه المشاهدون أرقى العروض الكرويّة، وأقوى المواجهات التقليديّة بكلّ جوارحهم. عالم متقدّم رزنامة المباريات فيه مضبوطة، والفرجة فيه مضمونة على عكس بطولة «الغورة»، و»حرب الشّوارع»، والتّعيينات المشبوهة، والمنافسات المقسومة، والألقاب المحسومة، والرّوح الرياضية المذبوحة، والصّور التلفزيّة المقطوعة. بطولة حقوق الـ»صّغار» فيها مهضومة، وأحلامهم في نيل التاج معدومة، وكلمة الـ»كبار» فيها مسموعة. بطولة تهدى فيها ضربات الجزاء. ويتفنّن فيها اللاّعبون في «التحايل» على قضاة الملاعب ربحا لبعض الثواني، وبحثا عن توريط الخصم في مشاكل جانبيّة لعرقلة سير المقابلة. والبطولة نفسها يحتلّ فيها محيط الملعب من قبل رؤساء الجمعيات، والدخلاء، وأخيرا من قبل «العمد». ويتشاجر فيها «كبار» المسؤولين على أولويّة الجلوس في «القريطة» الأقرب إلى مساعد الحكم للتأثير في قراراته (يحصل هذا في «دربيات» العاصمة). وبطولة يصف فيها حكم مخضرم مثل الكردي رئيس «السي .آس .آس» المنصف خماخم بقائد «الكريطة» دون أن يعاقب على هذا التّصريح الخطير. وهذا لا يمكن أن يحصل في رحلة الامتاع التي يقوم بها الجمهور التونسي نحو المسابقات الأجنبيّة حيث لا أحد فوق القانون حتّى وإن كان بحجم «نيمار» المعاقب نتيجة «السّخرية» من الحكم، أوبوزن السّاحر «ميسي» الذي سبق له أن مثل أمام القضاء بسبب تهمة التهرّب الضّريبي في وقت لم تجد فيه هياكلنا الرياضيّة الجرأة لمعاقبة بعض نجوم الأندية الـ»كبيرة» مثل بن يوسف الترجي، وبلخيثر الافريقي، وبلبولي النّجم. ولم تستطع فيه سلطاتنا تتبّع الجمعيات المتهرّبة من أداء الواجب الضّريبي. وهذا العالم (الآخر) الذي يسحر القلوب، ويسلب الألباب لا يشبّه فيه الحكم بـ»الارهابي» (أبو عياض). ولا تذرف فيه جدران «الكامب نو»، و»البرنابيو» الدّموع كتلك التي يسكبها في كلّ جولة مسؤولو أنديتنا تظلّما من الحكّام، وطلبا للمال. وهذا العالم يعاقب فيه المشاغبون، والعنصريون، و»المتلاعبون» بالنتائج حتّى وإن كانت بينهم «السيّدة العجوز» وما أدراك ما «جوفنتس». وفي هذا العالم الجميل أيضا عشب أخضر - وهو لون مريح علميا للعين - ولا أثر لأرضيات يغلب عليها «الاصفرار»، وتؤذي البصر كما هو حال ملاعبنا التي راحت ضحيّة اخلالات المقاولين، وجهل المشرفين. وفي هذا الفضاء الرائع أيضا لا تتوقّف النّجوم الحقيقيّة (مثل رونالدو) عن العطاء حتّى وإن حطّم كلّ الأرقام القياسيّة، وتجاوز عتبة الثلاثين. وليس كما يحصل مع نجومنا «الورقيّة» التي تنظر إلى مدى انتفاخ أرصدتها البنكيّة بدل تكديس الألقاب، ومعانقة الأمجاد.

تقول كوكب الشّرق: «ما بينك وبين الحبّ دنيا ما تطولها ولا حتّى في خيالك». وما بين كرتنا وكرتهم آلاف السّنوات الضوئيّة. ولا بدّ أوّلا وقبل كلّ شيء من احداث «ثورة» في العقليات للّحاق بركب العالم المتقدّم.

تزامنت مقابلات «البلاي .أوف» أمس الأوّل مع «كلاسيكو» الأرض ما تسبّب للجماهير التونسيّة في صدمة حضاريّة قويّة لا تقلّ «عنفا» عن تلك التي عاشتها مصر أثناء الحملة الفرنسيّة، أوعن ذلك الزّلزال الذي هزّ البرازيل بعد سباعيّة «الماكينات» الألمانيّة في المونديال. وما بين لقاءات رادس، وبن قردان، وصفاقس وحوار مدريد بين الرّيال، و»البرسا» وقفنا على حقيقتين صادمتين: الأولى معروفة، وتقول إنّ البطولة التونسيّة لا تملك من الاحتراف غير الاسم بالنّظر إلى استشراء العنف، وتفاقم الانحراف، واستفحال ظاهرة «التسوّل» في صفوف الجمعيات المشاركة في «البلاي .آوت»، و»البلاي .أوف» على حدّ السّواء. والحقيقة الثانية تؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ الجماهير الرياضيّة في بلادنا تعيش صراعا نفسيّا مريرا بين ما هو موجود وما هو منشود.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا