برعاية

بين حصانة بعض اللاعبين وتدخّلات المستشارين.. ... هكذا تحوّل حلم الـ «كان» إلى كابوس

بين حصانة بعض اللاعبين وتدخّلات المستشارين.. ... هكذا تحوّل حلم الـ «كان» إلى كابوس

جميل أن نحلم. والأجمل أن نملك القدرة على تحقيق الأماني على أرض الواقع حتّى لا تتحوّل إلى أوهام، وكوابيس مزعجة، أوتكون «منامة عتارس» على رأي الأجداد.

لقد شيّد جمهور الـ»نّسور» قصورا عاليا من الأحلام، وانتظر أن يفكّ منتخب «كاسبرجاك» «عقدة» الدّور ربع النهائي التي تلازمنا منذ 2006، ويطيح بـ»خيول» بوركينا فاسو التي سرقت فرحتنا ليلة أمس الأوّل وسط ذهول الجميع خاصّة أنّنا دخلنا الحوار بمعنويات في السّماء بعد التفوّق السّاحق على زمبابوي الضّعيف، والإطاحة بالفريق الجزائري الشقيق.

الصّدمة كانت كبيرة بعد الهزيمة أمام بوركينا فاسو التي لدغنا من جحرها مرتين في النهائيات، الأولى مع جيل القابسي في 98، والثانية ليلة أمس الأوّل. وقد كانت خيبة الأمل شديدة لعدّة إعتبارات مفهومة تتمثل بالأساس في ارتفاع سقف الأحلام التونسيّة بعد العبور إلى الدّور الثّاني، وظهور الـ»نّسور» بوجه مشرّف أمام الجزائر، وزمبابوي هذا فضلا عن الأداء الهجومي الباهر للفريق الذي برع في صناعة اللعب، وأتقن عملية الإستحواذ على الكرة، وجازف بالذّهاب نحو مناطق الخصوم، واقتلع إعجاب كلّ المشجعين، والمتابعين للكرة في تونس، وخارجها. وكان الشعور بالمرارة منتظرا ليس بفعل الهزيمة في حدّ ذاتها، وإنما في الطريقة الغريبة، والمخجلة التي غادرنا بها السباق في محطة الدّور ربع النهائي. ذلك أنّ هجومنا كان خارج الخدمة في لقاء بوركينا، وغابت اللّمسة الفنية المعتادة ليوسف المساكني الذي تصدّر قائمة اللاّعبين الأكثر تأثيرا في منتخب «كاسبرجاك» غير أن «النمس» كان شبحا لذلك النجم الساطع أمام الجزائر، وزمبابوي. وينسحب الأمر نفسه على الخزري، وبدرجة أقل الخنيسي، والسليتي الذي بذل للأمانة مجهودات كبيرة هجوما ودفاعا دون أن يوفّق في إنقاذنا من هذا السيناريو الحزين.

نحن شعب لا يعرف «الوسطية»، فإمّا أن نقع في المدح المبالغ فيه، أونقيّم الأشياء بنظرة سوداويّة لا أثر فيها للإيجابيات. والحقيقة أن شقّا كبيرا المحللين والمحبين وحتى الإعلاميين في تونس وقعوا في فخّ التضحيم. ونفخنا (في غمرة الفرحة بنصرنا الكبير على الجزائر) في صورة هذا الجيل الذي يعاني جزء كبير من البطالة «الكرويّة»، و»التهميش» مع الجمعيات الحاضنة التي جعلت أبرز نجوم هذا المنتخب عجلة خامسة (أمثال عبد النور، ومعلول، وبن يوسف، والخزري...). والحقيقة أن فريقنا قدّم عروضا كروية راقية أمام الجزائر، وزمبابوي، وحتى أمام السينغال (رغم الهزيمة) ولكن ذلك لا يعني مطلقا أن منتخب «كاسبرجاك» كامل الأوصاف بل أنّ الفريق كان يعاني من الدّاخل. وكان الشّعب من أقصى الشّمال إلى أقصى الجنوب على وعي بـ»آلام» فريقه خاصة على مستوى منظومته الدفاعيّة، حيث كانت الشوارع مفتوحة أمام المارة في كل اللقاءات (7 أهداف في أربع مواجهات). وكان الجمهور على يقين بأنّه لا نجاح في الدّفاع طالما أنّ المدرّب ألحّ إلحاحا (وربّما ينفّذ في ذلك أوامر من جهات عليا) على تشريك عبد النّور الذي كان نقطة الضّعف سواء عندما ظهر في المحور، أوكظهير أيسر.

نبّهنا في وقت سابق إلى خطر تمكين بعض عناصرنا الدولية من امتياز «الحصانة» في التشكيلة الأساسية، وما يمكن أن يترتّب عن ذلك من تأثيرات سلبية. وقد استوعب «كاسبرجاك» المسألة في بداية الأمر، وبادر (بالتنسيق طبعا مع الجامعة) بـ»التضحية» بالمدافع بلال المحسني بعد أن طالت بطالته الكروية أكثر من اللازم. وفي المقابل، تمتّعت عناصر أخرى بالدعم، و»الحصانة» وذلك على حساب المصلحة العامة للـ»نسور». ولا شكّ في أن الإصرار الكبير على تشريك عبد النور مهما كانت جاهزيته البدنية، والذهنية والتمسّك بورقة المساكني طيلة لقاء بوركينا فاسو رغم أدائه الهزيل عيّنة حيّة على ما نقول.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا