برعاية

على مسؤوليتي.. الكــرة الحقيقيّــــــة.. و«كـــرة الجـــــريء»

على مسؤوليتي.. الكــرة الحقيقيّــــــة.. و«كـــرة الجـــــريء»

تتنوّع الهجرات التونسيّة، وتلتقي كلّها تحت عنوان واحد وهو: «الهروب من الجحيم إلى النّعيم». وقد يختار المسافر أن تكون رحلته نحو المجهول على متن مراكب الموت التي قد تغرق أحلام «الحرّاقة» في عرض البحر، وقد تعبر بهم إلى برّ الأمان، وتمنحهم التأشيرة لتحقيق حياة أفضل في أرض الطّليان بعد أن انسدّت كلّ الآفاق في الوطن الذي ضاق بـ»العاطلين» (وهم بالآلاف في كلّ المجالات بما في ذلك الرياضة).

وقد تتّخذه هذه الهجرات أشكالا أخرى كهجرة «الأدمغة» التي لم تجد الظروف المناسبة لتفجير طاقاتها في تونس، أوأيضا هجرة الأقدام التي مازالت مطلوبة في الدّول الخليجيّة، والأوروبيّة رغم تراجع مواهبنا الكرويّة التي اختار البعض منها المشاركة في هجرة عكسيّة من الخارج إلى تونس، وهو مؤشر خطير، ومؤذن بالخراب (بعبارة ابن خلدون) ما لم نصلح الوضع في ساحتنا الرياضيّة التي تعيش على وقع هجرة أخرى «طريفة»، وكثيفة. ونظنّها أصبحت خارج نطاق السّيطرة بعد أن ألغى أصحابها كلّ الحدود الزمنيّة، وحطّموا جميع القيود الجغرافيّة. والحديث عن الملايين من التونسيين الذين يسافرون اليوم (وفي كلّ يوم) بأرواحهم، وقلوبهم، وأبصارهم نحو «الكامب نو» مسرح الـ»كلاسيكو» الأشهر، والأعظم في التّاريخ بين «البرصا»، والريال، وهما من الفرق العالميّة التي لها قاعدة شعبيّة عريضة في بلادنا التي يدمن شقّ كبير من أبنائها الدوريات الأوروبية لعدّة أسباب منطقيّة. قد نختزلها في المنافع الاستثنائية لهذه المواجهات التي توفّر لعشّاق الجلد المدوّر في كامل أنحاء العالم عروضا جماهيريّة، وكرويّة راقية في الميدان، وفوق المدارج، وتؤمن له الفرجة، والمتعة، وصورة تلفزيّة عالية الجودة مع معلقين من أعلى طراز. وكلّ هذه الامتيازات المفقودة في بطولتنا الضّعيفة، والعنيفة، والتي تدفع الجماهير الرياضيّة عنوة للحضور في هذه الرحلة الافتراضية من العالم المتخلّف إلى العالم المتقدّم، ومن دنيا الانحراف، والعنف إلى ملاعب الاحتراف الحقيقي، ومن كرة الاستهتار، والعار إلى كرة الابهار، والابداع، ومن صداع «الستريمينغ»، ونشاز المعلقين، والمحلّلين الفاشلين إلى روائع «البي .آن .سبور»، ومن عقليّة «الغورة» إلى عقليّة احترام الخصوم، والحكّام، والإعلام، والتّشجيع الراقي...

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا