برعاية

في ذكرى ميلاده... الكرة المصرية تستعيد ذكريات أبو تريكة

في ذكرى ميلاده... الكرة المصرية تستعيد ذكريات أبو تريكة

سجل هدف الصفاقسي القاتل، حسم نهائيين متتاليين في أمم أفريقيا، تعاطف مع غزة، هداف مونديال الأندية، مذبحة بورسعيد، ضياع حلم كأس العالم، وداعية أورلاندو. هي بعض المحطات البارزة في سيرة ذاتية عامرة بالانتصارات والانكسارات لأسطورة الكرة المصرية والعربية والأفريقية محمد أبو تريكة، الذي يحتفل محبوه اليوم بذكرى ميلاده الـ38 ويتحسرون على أيامه بالملاعب بعد ثلاثة أعوام من اعتزاله.

نصّب "القديس" أو "الماجيكو" أو "زيدان العرب" أو "أمير القلوب"، كما يحب عشاقه تسميته، نفسه تاجرا للسعادة لشعب مصر الكروي ولجماهير فريق الأهلي خلال عقد من الزمن، كان خلالها أيقونة الإنجازات ومرعبا للخصوم، حتى صار الرقم 22 علامة مميزة ومسجلة باسمه، وتراجعت قوة الأهلي والمنتخب بعد فراقه.

نشأته كانت فقيرة بقرية ناهيا الصغيرة بمحافظة الجيزة منذ تاريخ ميلاده الخالد في الذاكرة 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1978، لكنه لم يتخل عن البساطة والتواضع بعدما ذاع صيته عالميا؛ فقد سبق أن عمل في مصنع للطوب، بالتزامن مع دراسة التاريخ بكلية الآداب في جامعة القاهرة.

انتقل إلى نادي الترسانة في مرحلة سنية مبكرة بعد سطوع موهبته بشوارع القرية، وتم تصعيده للفريق الأول في سن الـ17، حيث لا اهتمام إعلاميا سوى بالقطبين الأهلي والزمالك، فلم يعرف بتألقه بالقميص الأزرق سوى فئة محدودة، إذ كان هدافا لدوري الدرجة الثانية، ثم أنقذ الفريق من الهبوط خلال موسمين.

نقطة التحول التي غيّرت تاريخ الكرة المصرية والأفريقية كانت لحظة انتقال أبو تريكة إلى الأهلي في شتاء 2004، في صفقة لم تحظ آنذاك باهتمام إعلامي بسبب انعدام شهرته رغم عظمة موهبته، رغم الرواية التي كشفها حسن فريد، رئيس الترسانة، حينها باتفاق أبو تريكة مع الغريم الأزلي الزمالك، وحصوله على حقيبة مال كعربون للاتفاق. اضطر للنوم بها خوفا داخل مسجد، قبل أن يصلي (الاستخارة) ويختار الأهلي، ويعيد الأموال لمسؤولي القلعة البيضاء.

سرعان ما انتشر اسم أبو تريكة على ألسنة خصوم الأهلي قبل أنصاره. مشاركته الأولى بالقميص الأحمر، أسفرت عن هدفين في مرمى طنطا بكأس مصر، ومشاركته الدولية الأولى مع المنتخب بعد الانضمام للأهلي أمام ترينيداد وتوباغو وضعت بصمته فيها بهدف أيضاً، ثم بدأ كل شيء.

عدم حصول الأهلي على ألقاب في موسم 2003-2004 رغم اجتهاد أبو تريكة، دفع الأخير لقيادة زملائه لانتفاضة تاريخية منحت "الشياطين الحمر" أكبر إنجازات عرفتها الكرة المصرية والأفريقية بدءا من موسم 2004-2005، تحت قيادة المدرب البرتغالي مانويل جوزيه الذي لم يجد أفضل من تريكة ربانا للسفينة.

الحقبة الذهبية للأهلي هي التي تواجد بها "الماجيكو" بين 2004 و2013، حيث تُوج الفريق بالدوري 7 مرات متتالية، و5 ألقاب في دوري أبطال أفريقيا، ونال برونزية مونديال الأندية 2006 باليابان، بجانب كأس مصر مرتين، والسوبر الأفريقي 4 مرات، والسوبر المصري 5 مرات، وفي جعبته نحو 100 هدف، كما أنه يعد الهداف التاريخي للكلاسيكو المصري مع الزمالك بـ13 هدفا.

في لحظة ذرف فيها جمهور الأهلي الدمع حسرة على ضياع لقب دوري أبطال أفريقيا 2006 في إياب النهائي أمام الصفاقسي التونسي على ملعب رادس، ظهر أبو تريكة من عالم آخر ليسجل هدفا أسطوريا في الثواني الأخيرة على طريقة زين الدين زيدان من تصويبة مباشرة حفر بها اسمه في قلب كل أهلاوي للأبد، لتظل تلك اللقطة من أبرز العلامات في ذاكرة مصر الرياضية.

إسهام تريكة مع الأهلي لم يختلف عما قدمه للمنتخب، حيث عاش "الفراعنة" أزهى عصورهم بحضرة القميص 22، بدءًا من نسخة أمم أفريقيا 2006 بمصر، حيث قدم مباريات رائعة، قضى بها على اتهامه بأنه "لاعب محلي"، قبل أن يكلل تألقه بتسجيل ركلة الترجيح الحاسمة في مرمى كوت ديفوار ليهدي اللقب لبلاده، تماما كما فعل في نسخة غانا بعد عامين، حيث وقع على هدف التتويج الوحيد في مرمى الكاميرون، وحرمته الإصابة من الكأس الثالثة تواليا على أرض أنغولا، ويملك مئوية من المباريات الدولية ونحو 40 هدفاً.

تألق أبو تريكة أيضا في كأس القارات بجنوب أفريقيا 2009، خصوصاً في المباراتين التاريخيتين أمام البرازيل، حين خسر "منتخب الساجدين" بصعوبة (4 – 3)، وفاز على إيطاليا، بطلة العالم، بهدف نظيف قبل أن يغادر الدور الأول بهزيمة قاسية من الولايات المتحدة.

باتت حياة أبو تريكة مفعمة بالدراما المأسوية بعد كارثة ملعب بورسعيد خلال مباراة المصري في أول فبراير/شباط 2012، والتي راح ضحيتها 72 مشجعا أهلاويا، فمشاهد الجثث ظلت عالقة في ذهن اللاعب الخلوق وأثرت كثيرا على حالته النفسية، لكنه كان الأكثر وفاءً منذ الفاجعة وحتى الآن للشهداء وعائلاتهم من خلال أفعاله الإنسانية التي يسعى للقيام بها في الخفاء.

تميمة حظ حتى في الإمارات

فضّل أبو تريكة خوض تجربة الإعارة لنادي بني ياس الإماراتي في ظل توقف النشاط الكروي في مصر، وارتدى هناك القميص 72 تخليدا لشهداء بورسعيد، وكان كعادته تميمة للحظ أينما وجد، فلعب دورا محوريا في التتويج بكأس الخليج للأندية، وتأهيل فريقه لدوري أبطال آسيا في غضون 6 أشهر قبل العودة للأهلي، الذي رفض الاستغناء عن ساحره.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا