برعاية

عاطلون و مغمورون توجه لهم الدعوة : السماسرة يعربدون في المنتخب

عاطلون و مغمورون توجه لهم الدعوة  :   السماسرة يعربدون في المنتخب

يدرك المتابعون لكرة القدم أنّ مسألة الاجماع على الخيارات الفنيّة، والتوجّهات التكتيكيّة، لمدربي المنتخبات الوطنيّة من المستحيلات السّبعة. ونستشهد في هذا السّياق بحادثة واحدة لنقيم الدّليل على ما نقول. ويتذكّر جميعنا حالة الغضب العارم التي اجتاحت الملاعب البرازيلية عشيّة مونديال 2002. وكاد «الشّعب» يخرج في تحرّكات احتجاجيّة نصرة للظّاهرة الكرويّة «روماريو» بعد أن قرّر مدرّب الـ»صّامبا» «سكولاري» التّخلي عن خدماته. وقد تمكّن «سكولاري» آنذاك من تعطيل «الماكينات» الألمانية، والفوز بالكأس العالمية في اليابان. ولم يكن بوسع أتباع «روماريو» سوى التّصفيق لمهندس هذا الانجاز، والإعتراف له بحسن «النوايا» لحظة الاختيار، وهو عنصر غائب للأسف الشديد في منتخبنا الوطني سواء مع «كاسبرزاك»، أوفي عهد من سبقه إلى هذا المنصب الرّفيع.

يجمع الفنيون على أنّ خيارات مدربي المنتخبات الوطنية تكون مبنيّة على جملة من الشّروط الموضوعيّة على رأسها الجاهزية الفنية، والبدنية، وأن يكون اللاعب التي وجّهت له الدّعوة لتمثيل المنتخب الأحسن في مركزه، والأهمّ من ذلك أن تكون له الرغبة الشديدة للقتال في الميدان دفاعا عن النّجمة، والهلال. والحقيقة أنّ المتأمل في جميع قائمات اللاعبين المراهن عليهم للذّود عن «نسور قرطاج» يلاحظ الخلل الكبير في توجّهات المشرفين على المنتخب، وبتفطّن للوهلة الأولى لوجود فيلق من العناصر الذين لا يتوفّر فيهم الحدّ الأدنى من الخصال المطلوبة. وأصبح الفريق الوطني يعتمد على ثلّة من «العاطلين»، والمغمورين، والمجهولين، والمنسيين. وتفتح لهم أبواب المنتخب لتأهيلهم من الناحية البدنية، والنّفخ في صورهم، والترفيع في أسهمهم في سوق اللاّعبين. ومن المعلوم أن قرار منحهم شرف تقمص الأزياء الوطنية ولو لمباراة واحدة، يجعل ذكرهم على كلّ لسان. وتعبّد لهم صفة اللاعب الدولي الطريق للإنضمام إلى أندية أفضل من تلك التي ينشطون في صفوفها، أوعلى الأقل تحسين وضعهم المادي، وكسب إشعاع أكبر بعد تداول نبأ تواجدهم في المنتخب في كلّ وسائل الإعلام المحلية، والدولية، وذلك مراد العديد من اللاعبين المتوافدين على منتخباتنا الوطنية التي أصبحت للأسف سوقا مفتوحا تسند فيها الجنسيات، وتبرم فيها الصّفقات، وتوزّع فيها الدعوات على أشباه اللاعبين بتأثير واضح وجلي من «السماسرة» الذين قد يكفيهم مجرّد الحصول على دعوة شكلية لعناصرهم ليتمّ إدراجها في سجل هذا اللاعب بطريقة تساهم في تسويقه، وبيعه بأثمان خيالية.

ترسّخ الاقتناع في صفوف أغلب المتابعين، والعارفين بكواليس المنتخبات الوطنيّة أنّ الوكلاء، والدخلاء أصبحت لهم اليد العليا في الـ»نسور». ولم يعد خافيا على أحد الحضور الكبير لـ»السماسرة» في محيط فرقنا الوطنية بمختلف أصنافها، وتأثيرهم الكبير في اختيارات المدربين، فهم يرابطون في تربّصات الـ»نسور»، ويفعلون المستحيل لفرض لاعبيهم في صفوف المنتخب اعتمادا على الحملات الإعلامية، و»الفايسبوكية»، والعلاقات الشّخصيّة مع المسؤولين.

قد يقول البعض إن مدرب المنتخب سيّد نفسه. ولا سلطان للمسؤولين، والوكلاء على خياراته الفنية. والحقيقة أنّه لا اختلاف حول كفاءة، ونزاهة مدرب، كبير، وقدير مثل «كاسبرزاك»، لكن الاشكال يكمن في محيطه الفاسد، وهو أصل الداء الذي نخر الكرة التونسيّة، وجعل منتخباتها الوطنية في قبضة «السماسرة» سواء تعلّق الأمر بالفريق الوطني أوالتحكيم. ويعرف القاصي، والداني أن «كاسبرزاك» مغلوب على أمره. ولا يسعه إلاّ أن يساير الوضع حتّى لا يجرفه التيّار، ويجد نفسه خارج سرب الـ»نسور».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا