برعاية

بادين التّلمساني لـ «الشّروق» لا غنى عن المدب... نجاح الكبيّر مضمون والكرة فــي ملعب السويــح

بادين التّلمساني لـ «الشّروق»   لا غنى عن المدب... نجاح الكبيّر مضمون والكرة فــي ملعب السويــح

كسب ثقة "المكشخين" لعدّة سنوات تقلّد أثناءها أرفع المناصب. وكان من المقربين لـ"كبار" المسؤولين الترجيين كما هو الشأن بالنّسبة إلى الخبير سليم شيبوب والعزيز على قلوب الجماهير الصفراء والحمراء زهير والربّان الحالي للفريق العريق حمدي المدب الذي يضعه اللاّعب الخالد عبد المجيد بن مراد في رتبة الدكتور الرّاحل الشّاذلي زويتن المحفور للأبد في ذاكرة المحبين.

وقدّم بادين الكثير للترجيين. وعاش مثل كل المسؤولين المتعاقبين على القلعة الصّفراء والحمراء على وقع الأفراح والأتراح. وعرف النّجاحات والخيبات التي قد تتسبّب أحيانا في جراح لا تندمل وهو حال ضيفنا الذي أكد أنّه لم ولن ينسى المظلمة التحكيمية الصّارخة لشيخ الأندية التونسية في نهائي رابطة الأبطال الافريقية ضدّ "الغربان" الكونغولية في 2010 بقيادة ابن المنستير وسيّد الأرقام القياسية آنذاك فوزي البنزرتي.

ومازالت صور تلك المهزلة الكروية التي كتبها سيء الذّكر "كوكو جاوبي" عالقة في ذهن بادين. وتأبى النسيان بمرور الزّمن. ولم ينكر ضيفنا أن شعوره بالإحباط المفرط بعد تلك الفضيحة كان من بين العوامل التي دفعته للرحيل وترك منصبه الكبير في "باب سويقة".

واعتزل بادين التسيير لفترة طويلة وسط قراءات عديدة وتأويلات كثيرة للأسباب الحقيقية التي دفعته للخروج وذلك رغم أن إجاباته في هذا الموضوع كانت واضحة. وقال مرارا إن الظرف كان يستوجب التمتّع بـ"إستراحة المحارب" ليقوم بوقفة تأمل. ويتفرّغ لشوؤنه الشخصية. ويتجاوز مخلّفات المسرحية الهزلية التي عاشها الترجي في "لوبومباشي".

وابتعد بادين عن دائرة القرار في الحديقة " ب" لكنّه ظل محبّا وفيّا للجمعية، مساندا قويّا لهيئتها المديرة برئاسة حمدي المدب، مترفّعا عن الانتقادات الهدّامة، حاضرا في مقابلات "المكشخة"" وجلساتها العامّة، رافضا الإدعاء بعد خروجه أنّه "ضحيّة" أو"علاّمة" قد خسرها النادي الذي يؤمن بادين أنه مؤسسة رياضية عريقة. ولا تتوقف على أيّ شخص وهي التي تستعدّ لإطفاء شمعتها الـ100.

الآن وقد عرضنا جانبا مهمّا وضروريا في حوارنا من مسيرة النائب السابق في الترجي بادين التلمساني فإنه لابدّ من الذّهاب نحو بيت القصيد أوبإتجاه الهدف - وهو شعار مرسيليا - ونؤكد بالمختصر المفيد أن الاختيار على التلمساني كان - مثل الانتدابات - انتقائيا وموجّها بحكم أن الرجل في طريقه إلى العودة من أوسع الأبواب إلى "باب سويقة" ليكون على رأس فرع الشبان مراهنا في ذلك على تجربته الكبيرة في الميدان و"متأبطا" مشروعا ضخما سينفّذه بمعيّة المسؤولين والفنيين الترجيين بعد أن يصادق عليه طبعا ربّان السّفينة الترجية حمدي المدب.

إخترنا أن نبدأ حوارنا مع بادين التلمساني (الذي وجدناه كما عهدناه منذ سنوات خلت مثالا يحتذى في التّواضع) بالخوض في ملف السّاعة وهو ترشيحه للإشراف على شبّان الترجي. وسألناه عن نبأ رجوعه المرتقب إلى أحضان الترجيين بعد غياب طويل. وكان ردّه على النّحو التالي:"بعد راحة اختيارية لفترة ليست بالقصيرة ابتعدت خلالها عن السّاحة الرياضية، قرّرت أن أجدّد العهد مع التسيير صلب جمعيتي التي أدين لها بالكثير وذلك بإقتراح من رئيس الفريق والرّجل الأوّل في الحديقة "ب" حمدي المدب الذي نلت سابقا شرف العمل في إدارته والذي أكّدت وأنا في ثوب المسؤول وأيضا في جبّة المحب أنّه لا استغناء عنه. وتتّجه النية نحو تكليفي برئاسة فرع الشبان الذين يحظون كما هو معلوم بعناية مشدّدة من قبل المسؤولين الذين يوفّرون للأشبال جميع سبل النجاح. ولاشك أن الأصداء الايجابية القادمة من الحديقة بخصوص تألّق عدة شبان صاعدين من أبناء الدار أمثال الطّالبي والماجري تقيم الدليل على القيمة الفنية الممتازة لأشبالنا. ومن المنتظر أن أباشر مهامي بعد لقاء الكأس أمام النجم الرياضي الساحلي وهي مواجهة تشغل بال الجميع في الوقت الراهن. وتتّصدر اهتمامات الترجيين. وأتمنى أن أكون في مستوى تطلعات العائلة الترجية التي أعدها بالعمل كالعادة بتفان وإخلاص وبتوظيف خبراتي وبتسخير جميع طاقاتي للمساهمة في دفع عجلة فريق "الدّم والذّهب" نحو الأمام من هذا الموقع".

يؤكد بادين التلمساني أن عودته إلى الحديقة "ب" لن تكون شكلية بل أنّه سيدخل مركب المرحوم حسّان بلخوجة بمشروع كبير ومدروس. ويقول في هذا السّياق:" وقع الإجماع في الأوساط الرياضية على الدور الريادي للترجي في تكوين المواهب الكروية بدليل الحضور اللاّفت لأبنائه في جميع المنتخبات الوطنية وفي مختلف الحقبات الزّمنية. كما ساد الإعتقاد بأن الجمعية لا تعوزها الامكانات المادية. وتتوفّر فيها بنية تحتية متطورة. ونجحت في استقطاب كفاءات تدريبية عالية كما هو الحال بالنسبة إلى "المنادجار جنرال" الجديد للفريق المنذر كبير. وأعتقد أن هذا الفرع وهو قطاع حسّاس ومهمّ جدا في مسيرة الفريق لا تنقصه سوى بعض التحسينات ليكون في مستوى الانتظارات. ولابدّ من وجهة نظري من إعادة الروح للشبان وذلك من خلال تقوية ثقافة الانتماء للجمعية والعمل ليلا نهارا على تكوين فيلق من الشبان وصقل موهبتهم على أسس علمية سليمة لتكون الحصيلة على مستوى العناصر المؤهلين للعب مع الأكابر وفرض أنفسهم في دائرة الأضواء ايجابية".

ويشير بادين إلى أنّ التركيز في المشروع الجديد سينصبّ في المقام الأوّل على لاعبي "النّخبة" الذين يحتاجون إلى عمل خاصّ على كلّ المستويات للنّجاح في القفز من صنف الآمال إلى فرع الأكابر متزوّدين بمؤهلات ذهنية وبدنية وفنية عالية تضمن لهم حضورا قويّا وفاعلا.

لماذا ابتعد بادين التلمساني عن الحديقة؟ هذا السؤال الملح لم يسقط بـ"التقادم". وظلّ معلّقا رغم مرور ستّ سنوات أو يزيد عن الرّحيل من مركب بلخوجة.

وأعدنا طرحه مجدّدا على المعني بالأمر فقال:" يعرف القاصي والداني أن العمل في ميدان كرة القدم يحتاج إلى تضحيات جسيمة خاصّة عندما يتعلّق الأمر بفريق كبير. ويخوض معركة سنوية وأزلية على كلّ الواجهات. ويطارد جميع الألقاب المحلية والقارية. ولا يخفى على أحد أنني اشتغلت بجوار الرئيس السابق للجمعية عزيز زهير لأكثر من سنتين. وقضيّت المدّة ذاتها تقريبا صلب هيئة حمدي المدب. وكان من الطّبيعي أن ينال منّي التّعب. كما كنت في حاجة ماسّة للتّضحية بمنصبي من أجل الإلتفات إلى شؤوني الشّخصية وإلتزاماتي العائلية وذلك دون التّنازل عن صفة المحب. ومن المعلوم أنني خرجت من الحديقة ولكنني أواكب نشاط الجمعية عن كثب. وأتابع مقابلاته. وأحرص على حضور الجلسات العامّة.

"سامح الله الحكم الظّالم لنهائي رابطة الأبطال بين الترجي ومازمبي الكونغولي وهو الطّوغولي "كوكو جاوبي". هكذا تحدّث بادين عن إحدى أسوإ ذكرياته في مشوراه الرياضي الطّويل. وأكد ضيفنا أن الترجي تعرّض في لقاء الذهاب على أرض الكونغو الديمقراطية وبحضور "امبراطور" "الغربان" "مويز" إلى ظلم كبير من قبل الحكم الذي قضى على أحلام "المكشخين" منذ حوار الذّهاب معتمدا في ذلك على صافرته المنحازة وقراراته الجائرة التي كانت تعمل في اتّجاه واحد. ولم يخف بادين المرارة الكبيرة التي شعر بها إثر تلك الخسارة التي أجّلت الفرح في "باب سويقة" إلى الموسم الموالي. وأكد التلمساني أنه لم يتحمّل تلك المهزلة. وكان شديد التأثّر بما حصل وهو ما ساهم بدوره في دفعه إلى الرحيل في نوفمبر 2010 أي في الشهر ذاته الذي خسر فيه فريق البنزرتي وجيل بن يوسف وشمّام والقربي والدراجي والمساكني اللقب الغالي.

"الضّربة التي تقسم ظهرك تقوّيك". ذلك ما ورد على لسان بادين وهو يسترجع شريط الأحداث في رابطة الأبطال الافريقية. ويعتقد ضيفنا أنّ الترجيين رفضوا رمي المنديل بعد أن أفلت منهم اللقب الافريقي الكبير ومعه جواز السفر إلى المونديال بفعل الحكم الظالم "كوكو". ويضيف بادين أن فريق "باب سويقة" رفع التّحدي. وكسب الرّهان في العام الموالي بعد مسيرة استثنائية ختمتها "الجوهرة" الغانية "هاريسون أفول" بهدف تاريخي وذهبي أمام الوداد المغربي في نهائي 2011. ويقول بادين إنّ ناديه أثبت مرارا وتكرار أن اليأس لا يعرفا طريقا لقلوب الترجيين. ولا مكان له في ساحة "باب سويقة".

مجرّد هراء ولابدّ من وحدة صمّاء

قال بادين بأعلى صوت إنّه "غادر الفريق لأسباب شخصيّة وعائليّة ورياضية تهمّ المخلّفات النّفسية الكبيرة بعد تحويل وجهة اللّقب الافريقي من "باب سويقة" إلى "لوبوباشسي". ورفضنا الإكتفاء بهذا التوضيح. وسألناه إن كانت توجد أسباب "خفيّة" تتعلّق مثلا بخلافات واختلافات غير علانية مع بعض مكوّنات العائلة الترجية كما يزعم البعض. وأشار بادين بكلّ ثقة في النفس أن علاقته وثيقة مع الجميع وأنّه على إتصال دائم بكل المسؤولين الحاليين والسابقين للجمعيّة. ويتواصل مع كلّ "المكشخين". ويضيف بادين "أن أبناء شيخ الأندية التونسية سيدخلون في وحدة صمّاء. وسيجلسون تحت خيمة واحدة. ويقفون خلف رئيس جمعيتهم. ويضعون اليد في اليد في سبيل هدف واحد وهو نجاح الترجي".

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا