برعاية

أنيس بوجلبان لـ "الشّروق":كرتنا تحكمها العشوائية وخطّة المديــر الرياضـــي «شكليــة»

أنيس بوجلبان لـ "الشّروق":كرتنا تحكمها العشوائية وخطّة المديــر الرياضـــي «شكليــة»

«السي آس آس» يفتقر إلى إدارة رياضية فاعلة وعودة «الوجوه القديمة» مرفوضة

لعب أنيس بوجلبان في ثلاث مدارس تونسية وعربية "عظيمة" وكدّس الألقاب وعاش الأعراس مع "السي .آس .آس" والأهلي المصري وهو فريق القرن في القارّة الافريقية. وتقمّص "مهندس" الوسط أزياء الافريقي أيضا معتمدا في مسيرته الاستثنائية على فطنته العالية وروحه القتالية في مركز حسّاس لا مكان فيه للـ"تقاعس".

وكان من الطّبيعي أن تغري التجربة الثريّة لبوجلبان"الصّفاقسية" واللّيبيين بالمراهنة عليه والإستفادة من خبرته الميدانية في مناصب فنيّة وذلك قبل أن يقرّر فريق "الأحد الرياضي" الاستئناس بآرائه النقديّة التي قد يقف القرّاء على وجاهتها في هذا الحوار.

بعد سنوات طويلة اختلطت فيها الأفراح بالأحزان - وهو شأن كلّ اللاّعبين - كيف تحكم على مسيرتك الكروية؟

لا يمكنني إلاّأن أشعر بالفخر والاعتزاز لأنّني نجحت في اللّعب لفائدة ثلاثة عمالقة في تونس وافريقيا وهم النادي الصّفاقسي والأهلي المصري والنادي الافريقي. وكانت مسيرتي حافلة بالألقاب. ويوجد في سجلي الذّهبي 17 تتويجا. وعشت لحظات لا تنسى في عاصمة الجنوب.كما لعبت مع الجيل الاستثنائي لفريق القرن والكرة المصرية عموما أمثال أبو تريكة ومتعب وجمعة وغالي وبركات...

اعتزلت اللّعب وتقلّدت أكثر من منصب فني لكن يبدو أنك لم تعرف بعد الاستقرار ومازلت تبحث عن ذاتك في هذا الزّحام؟

سخّرت معارفي كلاعب سابق وكمدرب لخدمة "جوفنتس العرب" من موقع له صبغة فنية بحتة . وتمّ تكليفي بخطة مدير رياضي. واجتهدت كثيرا للنّجاح في هذه المهمّة. وبمرور الأيام اكتشفت أن هذه الحقيبة "مهمّشة" في بطولتنا بل أنّها أصبحت شكلية في أكثر من جمعية كان من المفترض أن تمنح مديرها الرياضي الصلاحيات الضرورية ليسطّر السياسة العامة للفريق على المدى المتوسط والبعيد. ولاحظت أن مهام المكلف بهذه "المأمورية" غامضة وغير مفهومة لدى المسؤولين والمحبين على حدّ السواء. وقد خضت تجربة مشابهة في أهلي بن غازي. وقمنا بعمل كبير وناجع مع الأشقاء رغم الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها ليبيا الشّقيقة. والتحقت بعد ذلك بأستوديوهات التحليل الفني التابعة للبرنامج الأهم والأعرق في بلادنا وهو "الأحد الرياضي". وحاولت جاهدا أن أقدم الاضافة المطلوبة. وأظنّ أنني تقلدت مناصب مختلفة لكنها تشترك في نقطة أساسية وهي صبغتها الفنية. كما أنني تحصلت على ديبلوم الدرجة الثالثة في التدريب الرياضي. وأنتظر الحصول على فرصتي كما هو شأن كل الفنيين الصاعدين.

تجربتك الكبيرة بين ميادين تونس ومصر وفي أروقة "الادارة الرياضية" وأستوديوهات التحاليل الفنيّة تسمح لك حتما بتقديم قراءة عميقة لواقع كرتنا فما هي رؤيتك للوضع العام؟

بعد تجاربي الطويلة والمتنوعة خرجت باستنتاج كبير وهو الغياب التام والواضح للتخطيط في الكرة التونسية التي تحكمها العشوائية والارتجالية. والأخطر أنّها تخضع لسلطة الأشخاص بدليل حالة "الفزع" التي عاشتها بعض الأندية الكبيرة بمجرّد أن يحصل طارىء من شأنه أن يهدد مستقبل الرئيس مع فريقه لدواع شخصية أومالية أوصحية. ويفرض المنطق أن لا ترتبط أنديتنا ارتباطا كليا بالأشخاص وأن تكون في شكل "مؤسسات" توزع فيها الأدوار بطريقة مدروسة. وتتمتع فيها الأندية بالحدّ الأدنى من الاستقلالية. والحقيقة أنّني وقفت على هذا الأمر في الأهلي المصري الذي يعدّ مثالا يحتذى في التسيير الرياضي.

الكلام عن "كبار" القوم يقودنا حتما إلى عشقك الأوّل والأكبر وعن "ريحة البلاد"و"جوفنتس العرب"، فكيف تقيّم مسيرة أبناء شهاب في البطولة؟

لو قمنا بقراءة موضوعية لمسيرة "الصفاقسية" بعد موسم مع شهاب اللّيلي فإنه من المستحيل أن ننكر وجود عدة مؤشرات ايجابية في الفريق الذي أنهى السباق في المركز الثالث برصيد 72 نقطة. ونذكر منها الرّوح العالية الذي ظهر بها زملاء الهدّاف والقائد المثالي علي معلول وهذا فضلا عن الصبغة الهجومية الواضحة للنادي الذي سجل 57 هدفا في سباق البطولة المحلية. وحطم عدة أرقام قياسية. وكان على مرمى حجر من منصّة التتويج. وأعتقد أن الموسم كان ناجحا مع شهاب.

وما الذي منع "السي .آس .آس"من إقامة الأعراس؟

المؤسف أن بعض الجزئيات البسيطة حسمت أمر اللقب. وجعلته يتجه نحو بوجعفر بدل أن يحطّ في صفاقس. وأعتقد أن التعادل المخيّب للآمال أمام"ليتوال" في الطيب المهيري ساهم بقسط وافر في ضياع اللّقب. ولاشك في أنّ المسؤولية مشتركة. وسيكون من الاجحاف اتهام المدرب بمفرده أواللاعبين فحسب. والثابت انّ الفريق إرتكب عدة هفوات فنية. كما أن التحضيرات البسيكولوجية لبعض المواجهات لم تكن في المستوى المأمول. ولاحظ الجميع التراجع الرهيب لفريق عاصمة الجنوب في الأمتار الأخيرة من السباق نحو البطولة. ورغم الكم الهائل من الأخطاء المرتكبة فإنني من أنصار بقاء المدرب شهاب اللّيلي في صفاقس. وأكاد أجزم أن الموسم المنقضي ساهم في نضج تجربته. وسيمكّنه من مراجعة حسابته والاستفادة من أخطائه. ولا نغفل عن حقيقة أخرى مهمة وهي عدم تعوّد شهاب على أجواء البطولات وهو عنصر مهم لا ينبغي أبدا تجاهله.

تطرّقت إلى المسائل الظاهرة للعيان لكن ماذا عن بقيّة الأسرار التي تخفيها أسوار الطيب المهيري والتي لا يعرفها سوى أبناء الدار وأنت واحد منهم؟

الاشكال الأكبر في "السي .آس .آس" يكمن في غياب إدارة رياضية قوية وفاعلة وقادرة على وضع برمجة مدروسة. وكنت أودّ شخصيّا تدعيم الثّقة في طارق سالم الذي منح بشهادة الجميع الاستقرار المطلوب. كما أنه لا يختلف اثنان حول انخفاض معدّلات "المشاكل" أثناء اشرافه على الادارة الرياضية. وأعتقد كذلك أن الفريق في حاجة ماسة للإستئناس بخبرات ومعارف ثلة من أهل الدار أمثال حاتم الطرابلسي ورشيد بوعزيز وكريم غربال وسفيان الفقيه... وغيرهم كثير. وأتحفظ في المقابل على عودة بعض الوجود القديمة.ولابدّ من الاشارة إلى أمر مهم وهو غياب التكوين في "السي .آس .آس". وقد يستغرب البعض هذا الأمر لكن تعجّبهم سرعان ما يزول بعد أن نستعرض الوقائع التي لا تكذب. ومن المعلوم أن الفريق اعتمد في نسخته الحالية على فيلق من أصحاب الخبرة حتى لا نقول إنهم من "المخضرمين" أمثال الجريدي وبن صالح وزياد الدربالي والحناشي والعوّاضي... ولم يتخرّج من الادرة الفنية أي عنصر من الطراز الرفيع بعد معلول ومنصر وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول التكوين في الجمعية. ولابدّ من حسب رأيي من مراجعة سياسة الانتدابات التي عطّلت للأسف الشديد بروز الأشبال.

كيف تقرأ مستقبل معلول وأيضا وضع منصر؟

أعطى علي معلول الكثير للنادي. ومن حقه أن يحلم بخوص تجربة احترافية شرط أن تكون في مستوى انتظارات"السي .آس .آس". وتليق أيضا بمؤهلاته الفنية والبدنية العالية. أما بخصوص محمد علي فأظنّ أن تغييرموقعه لأسباب تكتيكية بحتة أثّر في مردوه العام.

ألا يواجه الفريق مشاكل إدارية ومالية؟

لا جدال حول التضحيات الجسيمة لهيئة عبد الناظر خلال الموسم المنقضي وذلك في سبيل اسعاد المحبين والقبض على اللقب الغالي. ويملك الفريق عدة شخصيات رياضية مرموقة حريصة على دعمها معنويا وماديا. ولعب بسام لوكيل دورا بارزا في الجمعيّة. وأتمنى أن لا يكون دعم رجالات الفريق "موسميا"مستقبلا أي مرتبطا بالظرف العام للجمعية كأن تكون مثلا من المتراهنين على الألقاب لتحصل على مساعدات استثنائية.

وهل يملك بسام المؤهلات ليكون في يوم ما على رأس "السي .آس .آس"؟

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا