برعاية

الهرم المقلوب 3... من إنجلترا لأميركا اللاتينية..تطوّر الهرم التكتيكي

الهرم المقلوب 3... من إنجلترا لأميركا اللاتينية..تطوّر الهرم التكتيكي

إنجلترا هي مهد كرة القدم، لقد وُلدت اللعبة داخل أمعاء الجزر البريطانية، ومن هناك بدأ الإنجليز في عرض بضاعتهم الجديدة على مختلف الدول والأقطار، حتى وصلت الساحرة المستديرة إلى معظم أركان المعمورة، عن طريق المهاجرين إلى بلاد أميركا اللاتينية، وأرباب الصناعة والتجارة الذين يبحثون عن ربح إضافي في قارتي آسيا وأفريقيا، ومن هذا المنطلق، انتشرت القطعة ذات الجلد المنفوخ بين البسطاء والصغار.

دخلت هذه الرياضة بشكل قوي إلى أميركا الجنوبية خلال نهايات القرن التاسع عشر، مع وجود سطوة خاصة لكرة الرغبي، حتى بداية اختراق العزلة من جانب الإنجليز المهاجرين إلى تلك البلاد البعيدة، خصوصاً الأرجنتين والأوروغواي، وذلك بفضل ألكسندر واتسون هوتون، وهو خريج من جامعة أدنبره الذي جاء إلى الأرجنتين للتدريس في مدرسة سانت أندرو، واستقال عندما رفضت المدرسة توسيع الملاعب الخاصة بالكرة لديها.

لذلك أسس مدرسة متخصصة فقط في تعليم كرة القدم، لتتوسع اللعبة أفقيا في مختلف شوارع وأزقة بيونس آيرس. وحدثت قصة مشابهة في أوروغواي، حيث تأسس نادٍ خاص للكريكيت والتجذيف للأندية بواسطة وليام ليزلي بول، وهو مدرّس في ثانوية مونتيفيديو، ونجح في إدخال كرة القدم أيضاً ضمن نشاطات هذا النادي، لتحصل اللعبة على مكانة خاصة في الدولتين داخل أميركا اللاتينية في سنوات قليلة.

ونتيجة هذه الأسباب، تطورت الكرة سريعاً في الأرجنتين والأوروغواي، لدرجة فهم معظم جوانب التكتيك سريعاً، مقارنة ببقية الجيران داخل القارة المنسية، وبالتالي خلال أول بطولة لكأس العالم، كان النهائي بين المنتخبين، وفازت الأوروغواي في النهاية بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين، مع حصولها على ميدالية أولمبية ذهبية في مسابقتي 1924، 1928.

وكما يحدث في كل فترة زمنية، هناك مجموعة على اليمين وأخرى على اليسار، وكما يوجد معسكر للحلفاء هناك آخر للمحور، وكرة القدم أيضاً تعج دوماً بالنقاشات والمباريات الفنية بين أنصار الكرة الهجومية التي تعتمد على المبادرة والفعل، ومنافسوهم الأبديون رواد الكرة الدفاعية التي تركز أكثر على الشق الدفاعي ورد الفعل باللعب على المرتدات.

ومع الاعتراف والتسليم بأن إنجلترا ساهمت في انتشار اللعبة، إلا أن الكرة في أميركا الجنوبية حصلت على بُعد مختلف ومذاق خاص جداً، لأن كل دولة طبعت شخصيتها الفريدة على جوانب المستديرة، حتى أصبحت هناك سمات معينة لكل منتخب لاتيني. فالأوروغواي امتازت بالقوة والجرأة في اللعب مع الروح العالية، لذلك أُطلق عليهم لقب "الجارا"، أي الشجاعة والروح القتالية العالية، لفريق قادر على هزيمة أقوى المنافسين، لذلك نجحت تلك الأمة بعدد سكان 3 ملايين نسمة في الحصول على بطولتي كأس عالم خلال بدايات القرن العشرين.

أما كرة القدم الأرجنتينية فحصلت على علامة الجودة من الفرق المجرية، التي قامت بعمل زيارات متكررة للأرجنتين، من أجل لعب مجموعة من المباريات الودية بين الدولتين. لتنتقل شخصية الكرة الدانوبية إلى بلاد التانغو، ويبدأ أول تحريف في تكتيك الهرم، من 2-3-5 إلى 2-3-2-3، بعودة ثنائي من خماسي الهجوم إلى منطقة الوسط، وزيادة خاصية التمرير مع المراوغة في هيئة كروية رفيعة المقام.

ومن أميركا الجنوبية إلى أوروبا مرة أخرى، حيث نجحت بلدان أخرى وعلى رأسها النمسا والمجر في الوصول إلى نتائج مذهلة، من حيث تطور كرة القدم وزيادة شعبيتها بشكل مهول، وتفوقت هذه البلدان في اللمسة الجمالية مقارنة بالإنجليز، لأن الكرة بالنسبة لهم كانت بمثابة الفن الممتع، أي التمريرة الذكية والتسديدة الأنيقة مع المراوغة المختلفة، والفضل في كل ذلك يعود إلى رجل إنجليزي يُدعى هوجان، لفظته بلاده ليسافر إلى دول أخرى، ويطبّق أفكاره بامتياز داخلها.

أثناء رحلة صيفية لفريق بولتون في هولندا، عاش هوجان فترة رائعة داخل البلد الأوروبي الصغير، كان يُنهي التدريبات وينطلق لكي يدور في شوارع المدينة ويتحدث مع الناس، يذهب إلى مراكز التدريب ويشاهد الفرق كيف تلعب، يتحدث مع اللاعبين الهولنديين، تكونت حقيقة واحدة لديه، هولندا دولة تريد تحسين كرة القدم في نواديها.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا