برعاية

ماتزولا يُورط "إنتر هيريرا"..قهوة المنشطات.. واتهامات السرطان!

ماتزولا يُورط "إنتر هيريرا"..قهوة المنشطات.. واتهامات السرطان!

في الأيام الأخيرة، عادت قضية قديمة إلى حلقة الضوء من جديد، قضية أثارت الجدل قبل سنوات في إيطاليا والآن، وبعد شكوك واتهامات وحقائق مدفونة وتصريحات غامضة وتبرير غير مقنع أو منقوص أصبحت مجرد نسمة ريح تأتي من حين إلى آخر لتعيد ذكريات الماضي وتغذي نقاش الحاضر، ولكن في الشارع العربي ما حدث، أخيراً، أثار جدلاً كبيراً، وكان لتصريحات ساندرو ماتزولا صدى هائل بين عشاق الكرة الإيطالية في الدول العربية.

موضوع المقال، كما يوضح العنوان، هي قضية هيلينيو هيريرا واتهامات فيروتشو، شقيق ساندروماتزولا الموجهة إلى المدرب الأرجنتيني، وكونه كان يجبر لاعبي الإنتر حينها على تعاطي المنشطات بطريقة أو بأخرى.

ولكن قبل الانطلاق في هذه الرحلة، أود أن أشير إلى أن هذا المقال لا يهدف إلى تبرئة أو إدانة هيريرا، ولكن هدفه هو منح القارئ العربي كل الأدوات، لكي يكوّن فكرة وخلفية ولكي يلعب دور المحقق وأن يحكم بنفسه.

والبداية ستكون مع هيريرا نفسه، أي علينا أن نعرف الرجل لكي نحكم على تصرفاته. هيلينيوهيريرا كان رجلاً صارماً وقاسياً ويتابع كل التفاصيل والجزئيات، خريج أدب وفلسفة، وكان يقرأ بالإيطالية والإنجليزية والفرنسية. كان يعشق الجانب النفسي كثيراً لدرجة أنه كان يدون كل شيء يقوم به وكل شيء يتعلمه.

في كتابها تشير زوجته، إلى أن المدرب الأرجنتيني، كان عندما يستيقظ في الصباح يكرر عبارات تشجيع لنفسه، مثل، فقط عندما تؤمن بأنك فائز ستصبح فائزاً، أو أنا أقوى من أي شيء، وأنا لا يمكن أن استسلم أمام أي صعوبات. كما أنه كان في مدوناته يذكر كل مواصفات اللاعب الناجح في رأيه، مثل اللاعب المتزوج أفضل من اللاعب الأعزب لأنه لا يسهر. إذاً نحن نتحدث عن مدرب لا يتجاهل أي جزئية على الصعيد النفسي والبدني.

من هيريرا يجب أن ننتقل إلى شرح البيئة والمشهد في إيطاليا على صعيد الفحوصات ومحاربة المنشطات بتلك الفترة. في إيطاليا حينها الفحوصات كانت سطحية جداً، وفقط في عام 1971 تم وضع نص تشريعي واضح يضع قوانين وقواعد. إيطاليا ظلت سنوات تتساءل عمّا إذا كان الدراج الأسطوري، فاوستو كوبي، والذي فاز بكل البطولات المحلية والدولية في الخمسينيات كان يتعاطى شيئاً محظوراً أو ما كان يتناوله أثناء السباقات كان مجرد فيتامينات ومعادن ومقويات، وأن حكاية "لا بومبا" أي القنبلة بالإيطالية (مصطلح يشير إلى مشروب يعطيك طاقة وقوة خيالية) كانت مجرد كذبة لا أكثر أو أقل. يعني باختصار، لم تكن هنالك جهات مختصة تراقب كل الرياضيين وكل ما كانوا يتناولون من عقاقير أو مأكولات أو أطعمة أو مشروبات.

والآن نصل إلى صلب الموضوع، وهي اتهامات فيروتشو ماتزولا، الذي ذكر في كتابه أن هيلينيو هيريرا، كان يجبر اللاعبين على تناول حبوب قبل المباريات وكان يجربها أولاً على عناصر الاحتياط قبل الأساسيين.

وذكر فيروتشوان هنالك من كان يبصق هذه الحبوب في دورات المياه لأنها كانت تسبب دوراناص وغثياناً. ودائماً حسب ما أتى به فيروتشو، يبدو أن المدرب الأرجنتيني غضب كثيراً عندما علم بهذا الشيء، ولإجبارهم على تناول هذه الحبوب، كان يذوبها في القهوة وكان يجبر الكل على شرب تلك القهوة وإن فنجان القهوة قبل المباريات أصبح من مراسم تحضير اللقاءات.

ويستمر فيروتشوفي اتهامه، حيث قال، إنه بعد مباراة لعبها في عام 1967 ضد كومو، ظل ثلاثة أيام في حالة هلوسة واضطراب نفسي وذهني وشك حينها أن ما كان في القهوة كان مادة (الإمفيتامين).

هنا نتوقف لكي نشرح جزئية مهمة، مادة الإمفيتامين مادة منشطة، وكانت تستعمل في الحرب العالمية الثانية لمحاربة النوم وجعل الجنود قادرين على البقاء بدون أي نوم أو راحة لساعات طويلة وفي الستينيات في أوروبا استعملت هذه المادة المنشطة على نطاق واسع جداً بين سائقي الشاحنات ليظلوا يقظين أثناء رحلاتهم الطويلة لنقل البضائع عبر مختلف الدول الأوروبية.

الآن، لا نعرف ما الذي كان في القهوة، ولماذا هيريرا كان يصر على شربها قبل المباريات؟ وهل كانت تحتوي على مادة الإمفيتامين أم مادة الكرياتين؟ (بعضهم ذكر هذا الشيء في الثمانينيات عند اندلاع قضية المنتخب الإيطالي بطل العالم والاتهامات الألمانية بأن لاعبيه كانوا يتناولون مادة الكرياتين المحظورة حينها) أم نكهة القرفة فقط.

ما بوسعنا هو قراءة الأحداث فقط، وحسب فيروتشو الكثير من لاعبي الإنتر ماتوا بأمراض مختلفة بسبب تلك القهوة المشبوهة وحبوب هيريرا. ولكن من هم هؤلاء اللاعبون؟

أولهم كان أرماندوبيكي في عمر 36 عاماً، الذي توفي بسبب سرطان في العامود الفقري (لاعب أساسي مع هيريرا) ومن ثم مارتشيلو جوستي 54 سنة بسبب سرطان في المخ (لاعب احتياط) وتلاهما كارلوتونين، 68 سنة (لاعب احتياط) إثر إصابته بسرطان في العظام، وبعد ذلك أتى دور ماور بيتشيكلي، 66 سنة (لاعب احتياط) بسبب سرطان في الكبد، ومن ثم فيرديناندومينيوسي، 61 سنة (حارس احتياط) بسبب التهاب في الكبد، وبعده اينيا مازييرو، 76 سنة (لاعب احتياط) بسرطان في الدم، وجاشينتوفاكيتي، 64 سنة، (أساسي وكابتن الفريق) إثر إصابته بسرطان في البنكرياس، وبعد ذلك جيوز يبيلونغوني، 64 سنة (لاعب احتياط) بسبب مرض في عضلة القلب، وأخيراً، فيروتشوماتزولا، 68 سنة (لاعب احتياط) بسبب السرطان.

وعلينا أن نشير إلى شيء مهم، وهو أن أغلبية الموتى لم يكونوا أساسيين في الإنتر وفيروتشو نفسه يبرر هذا الشيء في كتابه. "هيريرا كان يجرب على الشباب والاحتياطيين قبل تقديم الحبوب للأساسيين".

بالتأكيد، لا يمكن لنا أن نوثق أو أن نكذب هذه الاتهامات بعد خمسين سنة، ولكن بمقدورنا ملاحظة شيء آخر. وهو ما يتعلق بنسبة المصابين بالسرطان مقارنة بالمعدلات الوطنية حينها، والتي كان يصدرها المعهد الإيطالي للإحصائيات والتي تشير إلى أن في أقليم لومبارديا في الستينيات السرطان كان يصيب أقل من 600 شخص كل 100 ألف نسمة، وهنا المعدل أعلى بكثير.

ولكن علينا ان نتعمق أكثر لإيضاح الصورة، لأن هنالك قضية أخرى يجب ذكرها، في عام 2000 المدعي العام لتورينو غوارنييلو، قدم ملفاً يذكر فيه أن في عالم كرة القدم من عام 1960 إلى عام 2000 توفي حوالي 165 لاعب كرة بسبب أمراض خطيرة، مثل السرطان والتهاب الكبد.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا