برعاية

حكايات بين الـ3 خشبات : العُنصر الخفي !

حكايات بين الـ3 خشبات : العُنصر الخفي !

لكل منا حكاية مع كرة القدم سواء كنت مشجع لاعب مدرب أي فرد بمنظومة كرة القدم أو خارجها، هذه الحكاية تكون بها تقلبات الحياة بكافة أشكالها دراما ودموع الحزن والفرح لحظات الأنكسار التي يتولد منها النصر ورفع البطولات وأوقات الحزن في الخسارة وأستلام الفضة " الرخيصة " في كتب التاريخ، لذلك في " حكايات بين الـ3 خشبات " نتناول حكايات كرة القدم مع نجوم صنعت كرة القدم علامة فارقة في حياتهم فصنعوا علامة فارقة في التاريخ وفي نفوس مشجعي كرة القدم.

بعد قضاء عُطلة أسبوعية مُمتعة بين الأقارب، حان الوقت العودة إلى الأعمال الدراسية من جديد، والتي تُعد رتيبة ومُملة عند الكثير، لكنها مُختلفة تماماً عند ذلك الشاب اليافع (ماركو) إبن العشرين عاماً، الذي كان يشعر بسعادة كبيرة عند قيامه بأعماله الدراسية في جامعة (بولونيا). (ماركو) كان الابن الأوسط في عائلة (جابريال) التي تسكن في نفس المدينة، العائلة بالكامل كانت تهوى الرياضة بشكل عام، وكُرة القدم بشكل خاص، وبالطبع انتقلت الجينات من الجد الأكبر حتى وصلت إلى (ماركو) الذي تحول إلى مهووس بالساحرة المُستديرة، مما جعل من مُهمته الجديدة في الجامعة شيء يدعو للرفاهية والإبداع وليس الانزعاج والرتابة. البروفيسور (فرانشيسكو) هو رئيس قِسم الأبحاث بالجامعة، كان أحد أكثر الدكاترة قُرباً إلى طُلابه لأنه دائماً ما يُعاملهم بودٍ، ويعطي لهم الكثير من الأبحاث الشيقة، وفي هذه المرة طلب منهم أن يقوموا بالبحث عن أحد الشخصيات التي كان لها تأثيراً في تاريخ إيطاليا الكروي، وهو ما بدا لهم في البداية أنه في غاية السهولة ليس فقط لتواجد كافة المعلومات على الإنترنت بل لأنهم يُمكنهم ملئ ذلك البحث بأنفسهم دون مُساعدة، لكن التكليف كان لديه شروط يجب إتباعُها. فقد أصر البروفيسور على البحث عن تلك المعلومات من مصادر حية لبعض المؤرخين المُتواجدين بإيطاليا، وأن عليهم الذهاب إليهم والجلوس معهم لإخراج كافة المعلومات المطلوبة منهم، وأعطاهم لائحة بها بعض الاقتراحات ومدة زمنية تتراوح بين الإسبوع والعشرة أيام، كما قسمهم إلى مجموعات تحتوي كُل منها على أربعة أفراد. تكونت مجموعة (ماركو) من (صوفيا دافيد) ،(كريستيان ألبرتو) و(إدواردو سيموني)، على أن يكون الأخير هو قائد تلك المجموعة والمُكلف بوضع الشكل العام للبحث الخاص بهم، وترك لهم البروفيسور مُدة ساعتين للتشاور داخل المُحاضرة قبل الإنطلاق في رحلة البحث من غد اليوم الثاني.

-الأمر سهل جداً، البروفيسور منح لنا حُرية اختيار المصدر حتى وإن خرج من القائمة، شرط ذكر أسمه وتفاصيله كاملة، يُمكننا أن نسأل أبي عن أي لاعب نُريد، فلقد عمل أبي لفترة داخل أروقة الإتحاد الإيطالي، ما رأيكم؟؟ ... قالتها (صوفيا).

-"البحث عن شخص ما مؤثر في تاريخ الكُرة الإيطالية، شخص ما وليس لاعبٌ ما، بتلك الطريقة فقط! سنضمن نجاحنا في البحث"... قالها (إدواردو) الذي كان يُريد أن يبتعد عن المُنافسة، فهو يعلم أن الجميع سيقوم بالبحث عن أفضل اللاعبين في التاريخ، وربما لن يستطيع أن يأتي بمعلومات جديدة عن نفس اللاعبين، فأراد البحث عن شخص ما مُختلف لكنه حتى اللحظة لا يعلم أي شخص يبحث عنه يكون مؤثراً في تاريخ إيطاليا الكروي وليس لاعباً في المُنتخب، ولكنه وضع المبدأ العام وقرروا البدأ في رحلة البحث. البحث خارج الصندوق كان هو هدف تلك المجموعة، ولذلك قرروا التوجه لأخر أسم موجود في لائحة مُقترحات البروفيسور وللمُصادفة كان عنوان ذلك الشخص بإقليم (توسكانا) أي أنه لن يحتاج لساعات طويلة من السفر للوصول إليه، وهو ما سيُسهل عملية البحث عن ذلك الشخص.

-(ميلسا ألفريدو مارتن) هي سيدة عجوز تسكن في إحدى المناطق الريفية بالإقليم، لا تُوجد أي معلومات عنها مما يجعلها ذات ثقة للذهاب إليها، سوى أنها تملك العديد من الصور لأحداث تاريخية تختص بكُرة القدم. قالها (كريستيان)... بالرغم من أن كافة المعلومات تقول بأن الرحلة إلى (توسكانا) ستبوء بالفشل، لكن القائد (إدواردو) كان مُتمسكاً جداً بها. قام (كريستيان)

-المُختص بجمع المعلومات الخاصة بالأماكن- بتحديد موقع منزل (ميلسا) بالضبط قبل السفر، وفور التأكد من الموقع بدأوا في رحلتهم تجاه إقليم (توسكانا) وخلال الرحلة دار حوار يشوبه الكثير من القلق بين (ماركو) و(صوفيا).

-لقد سألت أحد أقاربي الذي كُلف ببحث مُشابه من قبل عن (ميلسا). -وماذا قال لكَ؟؟ -أنها من أصعب الشخصيات في التعامل، لن تُخرج إلينا أي معلومة بسهولة، سنُعاني حتى تُساعدنا في الحصول على إسم ما مُهم.

-لقد قالت لأحد الطُلاب من قبل أنه غبي وأنها لا تُحب مُساعدة الأغبياء، بالإضافة لأنها قد سئمت كثرة الأسئلة ولذلك وضعها البروفيسور في أخر القائمة حتى لا يتجه إليها أحد. الحديث أقلق (صوفيا) كثيرأً، ولكنها كانت واثقة من شيئين، أولهما أن (إدواردو) لن يُصر على ذلك الأمر إلا وإن كان فيه ما يستحق ذلك الإصرار، وثانيهما أنها على يقين بأنهم ليسوا أغبياء، وهو ما هوّن عليها قليلاً قبل الوصول إلى المنزل.

الخضار يُغطي كُل الأماكان المُحيطة، ما إن وجهت نظرك في أي تجاه ستجد مُسطحات خضراء، أمر يبعث الإلهام في النفس، والهدوء والسلام الداخلي أيضاً، على أقل تقدير هو أول شيءٍ إيجابي في تلك الرحلة... (كريستيان) هَمَ بطرق الباب ووجهوا جميعاً نظرهم تجاه الباب بإبتسامة خفيفة ليُخففوا من حدة اللقاء المُنتظرة، وعندما فُتح الباب لم يجدوا من قام بفتحه قبل أن يخفضوا رءوسهم قليلاً، ليجدوا تلك العجوز القصير المُنحنية الظهر تُصيح فيهم بصوت مُخيف بغض النظر عن مُصدره قائلة: -من أنتم ولما أتيتم إلى بيتي في تلك الساعة المُبكرة من الصباح؟؟؟؟

بعد لحظات طويلة من الخوف وجهوا أعينهم تجاه (إدواردو) بصفته القائد والذي من المفترض عليه أن يتحدث، صدق من قال أن هُناك أوقاتٍ تكره فيها حقاً كونك قائداً.. -نحن إحدى المجموعات المُتدربة بجامعة (بولونيا)، كُلفنا ببحثٍ ما عن أحد الشخصيات المؤثرة في تاريخ إيطاليا الكروي، وجئنا إليكي للمُساعدة. -لقد قُمت بإبلاغ البروفيسور ألا يقوم بوضع إسمي في لائحته السخيفة تلك، أنا لا أرغب في رؤية المزيد من البُلهاء أمثالكم والذين لا يفقهون شيئاً ولايرغبون إلا في معلومات تافهة مثلهم! -نحن لا نبحث عن لاعب كُرة قدم! نحن نبحث عن شخص ما مُهماً في التاريخ وألا يكون لاعباً.

حديث (إدواردو) لفت إنتباه (ميلسا) وجعلها تتنحى قليلاً لتُتيح لهم فُرصة لدخول المنزل، ولم يتأخروا في استغلالها، فأسرعوا في الدخول. -يجب أن تعلموا أنني لم أجبر على إدخالكم إلى هُنا، وبالطبع لن أكون مُجبرة على احتمال بقائكم في المنزل، ولذلك لا تلمسوا أي شيء دون إذن! لا تتحركوا أي حركة دون أن أطلبها منكم، أهذا كلامٌ واضح؟؟؟ هتفوا جميعاً في صوت واحد "بالطبع واضح". 

ثم تحركوا تجاه إحدى الغُرف العتيقة بالمنزل على ما يبدو أنها لم تُفتح من قبل، أو أنها لم تُنضف من الانتهاء من بناءها، الجميع كان يشعر بخوفٍ شديد وتوترٍ أشد، إلا ذلك الحالم الباسم (إدواردو) الذي يشعر بتفاؤل غير طبيعي في تلك الظروف.

فور دخولهم للغُرفة بدأت (ميلسا) في حديثها كمُرشد سياحي يُعرف الأغراب على معالم المكان: -في كُل رُكن هُنا حكايات لن تسمعوها في أي مكانٍ أخر، وإن حدث وسمعتموها فإن الطريقة هُنا ستكون مُختلفة، في ذلك الرُكن هُناك توجد الصورة الخاصة بـ...... أثناء حديثها الذي ظهر أنه غير مُهم حيث أنها كانت تحكي دون رغبة داخلية في إخراج معلومة، فقط تقوم بواجب ستطالب بأجر ما عليه فيما بعد ذلك، ألتفت (ماركو) تجاه جانباً مُظلم من تلك الغُرفة، بهِ شيءٌ لامع بشكلٍ غريب، ولم يتردد في مُقاطعة تلك العجوز بسؤاله عن ذلك الظلام الشديد.

-ماذا يُوجد هُناك ؟؟؟ السؤال إستفذ (ميلسا) لكنه في نفس الوقت راق لها، فمن ضمن كُل المجموعات الطُلابية التي آتت إلى ذلك المكان لم يسأل أياً منهم عن ذلك المكان بالرغم من غرابته، مما أوضح لها أنهم ليسوا كمن قبلهم وبدأت لهجتها في التغييُر، فأصبحت أكثر حِرصاً على إعطاء المعلومة.

-إنه العُنصر الخفي.. ابتسامة خفيفة تنتظر نظرات الاندهاش على وجه الحاضرين ثم أكملت.. في تلك اللُعبة يذهب الآلاف إلى المُدرجات وينتظر أضعافهم خلف شاشات التلفاز ليُشاهدوا اللاعبين تترحك خلف الكُرة، يغفرون لذلك اللاعب غفوة ما وينعتوها بغير المقصودة، ويطيرون فرحاً عند أول فعل صحيح يقوم به، لكن عند ذلك العُنصر الخفي فلا يسمحون بأتفه الغلطات ولا يهتمون بعظيم الإنجازات، إنه حكم الساحة.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا