برعاية

أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"

أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسله مقالات (عصير الكره) عن افضل وابرز ما كتب عن اسرار الساحره المستديره وعالم نجومها، ونستكمل، معاً، الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان أبراهيموفيتش.

اول ناد انضممت له كان يُدعي MBI، نادي مالمو لكره القدم والرياضه.. كنت في السادسه من عمري فقط عندما بدات، كنا نلعب علي المساحات الخضراء، وكنت اتي الي النادي بدراجات مسروقه .. ولم اكن منتظماً في الحضور بشكل جيد .. المُدربون ارسلوني الي البيت في مناسبات عده، كنت اصرخ وارد عليهم ومن ثمّ اقسم لهم .. كانوا يرددون: "مرر يازلاتان" .. وكان هذا الامر يضايقني .. كنت اطبق الكثير من الحركات التي اتعلمها في المزارع حينها .. لم يعجبهم الامر، واخيراً قلت لهم: "اُغربوا عن وجهي، سابحث عن نادٍ اخر"..

انتقلت الي نادي البلقان FBK، ولم يكن هناك اي شيء! في نادي MBI، كان هناك لاعبون سويديون واجانب، وكانوا يتعاملون بشيء من النظام في ذلك الوقت: "هيّا ياشباب، عمل جيد "لكن في النادي الجديد تسمع الفاظاً بذيئه .. كان اغلبهم مجانين، من يوغوسلافيا يدخنون بشكل كبير جداً .. ويرمون احذيتهم في كل مكان .. قلت لنفسي: "عظيم، تماماً مثل البيت"..

المدرب كان بوسنياً، كان يلعب بمستوي عالٍ، في وقت مضي، في يوغوسلافيا، هناك .. لكنه كان طيباً وكان اشبه بالاب لنا جميعاً، كان في بعض الاحيان يوصلنا الي البيت، واحياناً، ايضاً، يمنحنا بعض المال كي نشتري الايس كريم وبعض الاشياء التي تساعد علي سد جوعنا..

بدات في حراسه المرمي، في الحقيقه لا اعرف لماذا، ربما لان الحارس القديم كان قد قال لي: "انت عديم الفائده، انا افضل منك".. في احدي المباريات تلقيت العديد من الاهداف .. وغضبت واصابني الجنون .. قلت لهم : "انتم، جميعاً، حمقي، وكره القدم كلها حماقه كبيره .. ساترك هذه اللعبه الغبيه وساذهب لكي العب الهوكي .. ساكون مميزاً هُناك".. كان العالم قد اصبح سيئاً بالنسبه لي في ذلك اليوم .. كنت جاداً في رغبتي في لعب الهوكي، لكن اللعـنه! ذهبت كي اري تكلفه ادوات لعبه الهوكي، ووجدتها باهظه الثمن .. ثم عدت مجدداً لكره القدم..

بعد العوده، قررت ان اغير مكاني وان اصبح الهداف.. لعبت في الهجوم فعلاً، وكنت رائعاً.. في احد الايام كنا سنلعب مباراه هامه، لم اتواجد  في الملعب والجميع كان يسال: "اين زلاتان ؟ اين زلاتان؟" .. المدرب وزملائي كاد يصيبهم الجنون: "كيف يمكنه، حقاً، ان يتغيب عن مباراه هامه مثل هذه".. لكن قبل دقيقه واحده من انطلاقه المباراه .. شاهدوا ذلك الشخص الاحمق الذي ياتي مسرعاً نحوهم بدراجه مسروقه، يضرب المكابح امام ذلك الرجل العجوز ومباشره يدخل الي الملعب ..

المدرب اصابه الجنون، رمي بعض الرمل في عيني، كاد ان يقتلني، لكنهُ سمح لي باللعب.. واعتقد اننا فزنا في تلك المباراه..كان بامكانه ان يعاقبني، لانه عاقبني في العديد من المناسبات .. في احدي المرات وضعني في الاحتياط طوال الشوط الاول ..وتاخر الفريق باربعه اهداف مقابل صفر .. غضبت وقلت لنفسي: كيف يضعني، هذا الاحمق، في الاحتياط.. ذهبت وقلت له: "هل انت مجنون؟" .. قال لي : "اهدا اهدا، سوف تدخل الي الملعب قريباً" .. فعلا دخلت في الشوط الثاني وسجلت ثمانيه اهداف! وانتهت المباراه 8-5 .. نعم،  كنت جيداً .. كنت العب بفنيات عاليه وكنت في كل مره اكون في مكان ضيق، ابتكر حركه مميزه للخروج..

يجب ان اذكر انه لم يكن هناك اي شخص لاحظ موهبتي من اولئك الذين يخرجون الان ويقولون: "اووه، لقد ادركت ان زلاتان يملك شيئاً مميزاً منذ البدايه".. هذا مجرد هراء لانهُ لم يكن هناك اي شخص يتابعني، ولم يات اي نادي ليطرق الباب ويطلبني ويبلغني باهتمامه .. بالاضافه الي انني كنت متذبذب المستوي .. في بعض المباريات اسجل 8 اهداف، وفي احيان اخري اكون خارج الموضوع تماماً..

كان ابي يجلس علي اريكته وحوله علب البيره، اسطوانات الموسيقي، ثلاجه فارغه وتلفاز ينقل اخبار الحرب .. علي الرغم من ذلك كان يعود لتناقضه في بعض الاحيان، ويتحدث معي عن كره القدم، وكنت اسعد، في اي وقت، بالحديث عنها .. في احدي المرات، تحدث والدي بصفه رسميه قليلاً وقال لي:-

"زلاتان، حان الوقت كي تلعب في نادٍ كبير"!

-فوجئت، وقلت له: "نادٍ كبير؟ اين هو النادي الكبير"..

-قال لي: "نادٍ كبير! فريق كرة قدم مميز، مثلاً نادي مالمو".

كنت افكر .. ما هو المميز في نادي مالمو .. لم اكن افكر في مثل هذا التفكير: الافضل والاكبر .. لكن علي كل كنت اعرف النادي، فلقد واجهت بعض لاعبيه عندما كنت العب في البلقان .. قلت لنفسي : "لِمَ لا" ؟ .. لكنني لم اكن اعرف الكثير عن النادي، مكان الملعب وهذه الامور .. اكتشفت، لاحقاً، ان مالمو قريب .. الحياه في وسط مالمو مختلفه كثيراً، لم افهمها في البدايه .. لكنني ذهبت الي النادي، وعرفت طريق التدريبات .. كنت البس ذلك اللباس الخاص، واستغرق 13 دقيقه، تقريباً، للوصول الي النادي .. وبالطبع كنت متوتراً  .. فالامور كانت جديه في مالمو .. الوضع ليس كما هو في تلك الانديه السابقه : "تعالوا لنلعب يا اطفال" .. لا، فلقد كانت هناك اماكن اختبار وبعض الصالات التي لاحظتها علي الفور .. كُنت مستعداً لجمع بقيه اغراضي والهروب في اي لحظه ..

لكن في اليوم الثاني تغيرت الامور بعد ان جاء الي المدرب، كان اسمه نليس، جاء وقال: "انت، مرحباً بك في الفريق".. لم اصدق، وقلت له في ردي: "حقا؟" .. كان هناك العديد من اللاعبين الاجانب في الفريق، من بينهم صديقي توني .. كان هناك الكثير من السويديين، بعضهم من الطبقه الرفيعه .. شعرت انني قادم من المريخ، والدي كان لديه بيت جيد، وانا كنت احصل علي بعض المال .. كنت قد بدات حتي اتحدث بشكل مغاير، كما انني بدات اقاتل، كنت اشبه بالقنبله .. كنت اقتل نفسي في الملعب .. في احدي المرات اعطيت بطاقه صفراء لانني وبخت زميلي في الفريق .. الحكم قال لي: "انت، لا تستطيع ان تفعل هذا".. قلت له: "اذهب الي الجحيم" .. ومن ثم ابتعدت ..

بعد ذلك ظهر دخان السويديين..اهل اللاعبين السويديين، كانوا يريدونني خارج الفريق .. ومره اخري اظهرت رده الفعل نفسها، وفكرت: فليذهبوا الي الجحيم، ساغير هذا الفريق .. او ساذهب كي العب التايكوندو .. انها لعبه افضل بكثير .. كره القدم هراء.. كنت حينها في عمر الـ 13 عاماً..

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا