برعاية

فلسفة كرة القدم “بين المتعة والانتصار”فلسفة كرة القدم “بين المتعة والانتصار”

فلسفة كرة القدم “بين المتعة والانتصار”فلسفة كرة القدم “بين المتعة والانتصار”

منذ 3 اسابيع، 8 يونيو,2015

يقول صديقي ان الامور ابسط من ذلك وانني افسد متعه كره القدم باهتمامي بكل هذه التفاصيل، “لكنني ولانني اؤمن بانك ستخسر اذا قررت الدفاع في اول المواجهه”، اباغته بمرتده سريعه قائلًا: “لكن في التفاصيل تكمن كل المتعه يا صديقي”، البعض يري المباراه ٩٠ دقيقه والبعض يري اكثر، ربما انا لست خبيرًا بالبيسبول لذلك فكل ما اراه هو مجموعه من العصي والراكضين والبعض يري كره القدم كذلك كره دائريه الشكل يلهث خلفها حفنه من الحمقي، لكن كلما ازددت معرفه باللعبه فانك تري اكثر، تفهم اكثر وبالتاكيد تستمتع اكثر.

وفي كره القدم الامر اكثر تعقيدًا من العاب البلاي ستيشن فانت لا تختار تشكيل اللاعبين ومراكزهم وعدد لاعبي الدفاع والهجوم فقط، لكنك ايضًا تختار كل شيء، تبدا باختيار متي تبدا بالدفاع من امام منطقه جزاء الخصم، منتصف الملعب ام منطقه جزائك واين يقف المدافعون وكم يبعدون عن مرماك وبالتالي المساحه التي يشغلها فريقك في الحاله الدفاعيه والامر كذلك في الهجوم هل ستلعب بمساحات واسعه ام قريبه؟ هل ستهاجم من العمق ام الاطراف، كل هذا مصحوب بالتروي او السرعه. وكل ما سبق هي امور تقنيه قد تجعل البعض يظن اننا يمكننا اضافه كره القدم للعلوم التجريبيه مع ايجاد معادلات مناسبه للفوز والخساره، ولكن هذا ليس صحيحًا فشخصيه اللاعبين والمدرب، ثباتهم الانفعالي، حماس الجمهور وارث النادي المحمول فوق اكتاف اللاعبين يثقل ارجلهم او يدفعها للفوز، امور تجعل الكره اكثر جداره بالعلوم الانسانيه.

وحتي لا نغرق في كلام انشائي فلنا من عالم الكره اليوم مثالان تم اختيارهما من لقاءات صحفيه متعدده ما بين الصحافه والعاملين في عالم كره القدم عن فلسفه المدرب وما يخبره للاعبين بعيدًا عن الامور التقنيه وذلك في اجابه يورجن كلوب “المدرب الكاريزمي” و”المدير الفني السابق لبروسيا دورتموند” عن سؤال بخصوص الحاله التي تسلم بها دورتموند يقول انه عندما اتي لتدريب الفريق العريق والذي كان يعاني ماليًا وفنيًا في هذا التوقيت والكلام هنا علي لسانه.

عندما وصلت الي دورتموند قلت اذا كان ثمانون الف شخص يحضرون في نهايه كل اسبوع الي الملعب لمشاهده كرة قدم ممله سيحدث احد الامرين اما الفريق او الجمهور سيضطرون للبحث عن ملعب اخر، فالعديد من جماهيرنا يقطعون مسافه ٥٠٠ ميل لمشاهدتنا ولقضاء تجربه مثيره يجب عليك ان تدعس لاعلي حد في عداد السرعه نحن نسميها كره قدم بعداد مكتمل نريد ان نكون مليئين بالنشاط نحن نفضل ان ترتطم كرتنا بالقائم خمس مرات علي ان نسجل من تسديده واحده فقط علي المرمي.

من الافضل ان ننهزم في هذه الحاله هذه البدايه التي اردناها ان نصِل الناس بالنادي، المباريات يجب ان يكون لها تاثير علي المشاهدين يفوق النتيجه، العالم كله يعلم انك فزت بنتيجه ٣-١ لكن الذي يشعر به هو التسديده، الهدف، التصدي للكره، هذا الشعور هو الذي يستمر معك لبقيه الاسبوع في حال ان فزت بنتيجه ١-٠ وكانت المباراه في غايه الحماس، هنا تكون كره القدم حقيقيه.

انا لست ميالًا لان املك لاعبين امثال تشافي وميسي وكرستيانو في نفس الفريق كوني املك الافضليه الكبري عندها يشبه حالي وانا العب التنس ضد فتاه تبلغ من العمر ثلاث سنوات وكانني ارسل كرات ساحقه باتجاهها وهي واقفه بمضربها تتفرج علي الامر غير الممتع هكذا لكن في حال ان لعِبت تنس الطاوله ضد رجل اخر وفزت عليه سيكون الامر رائعًا ولو انهزمت ساكون استمتعت بوقتي علي الاغلب، هذه المتعه لا تضاهي عند الجماهير انا لا اريد ان افوز فقط، اريد ان اشعر بمتعه اللعب.

والجمله النهائيه في الرد الطويل تشرح ما قبلها وتاسس لفلسفه هذا المدرب فهو يقول انا لا اريد ان افوز فقط، لا يمكن ان يبني مدرب فلسفته علي الخساره فالفوز مهم ولكنها في النهايه ليست معركه حربيه فالمتعه ضروريه ايضًا وهي ليست فرض كفايه قد تسقط بان يمتعنا فريق ما في لقاء وحيد ويصيبنا بالملل في البقيه. صحيح انها ليست عملًا مسرحيًا له نهايه محدده وعليه فانه بامكانك ان تفعل ما تشاء طالما لن يتم قنصك في النهايه. وهذه هي العبقريه ان تمزج ما بين المتعه التي يحصل عليها جمهور السينما والمسرح والنشوه التي تصاحب انتصارات الحروب الكبري.

ربما يكون نموذج برشلونه جوارديولا القوي – وهو ربما الاكثر قوه في التاريخ مقارنه باقرانه – مغريًا وقد يكون ريال مدريد المدجج بنجوم المجره في بدايه الالفيه براقًا ولامعًا ولكن اذا اعدنا الامور الي نصابها للتفكر قليلًا فبرشلونه القوي كان يفضل المكسب عن اي شيء وكل شيء حتي المتعه، حتي ان لاعبيه لم يخرجوا ما لديهم من مخزون الابتكار والامتاع – وهو ما لا يمكن انكار وجوده – لان النظام كان قد تم بناؤه بغرض الفوز لا المتعه واما ريال الجلاكتيكوس فافتقد التوازن الذي يجعل نجومه في الهجوم يمتعون امام الكبار كما كانوا يفعلون امام الصغار. والتاريخ مليء بفرق امتعت ولم تفز كهولندا الشامله في السبعينيات، وبرازيل ٨٢ وارجنتين مارادونا في الـ ٩٠. نذكر هؤلاء وعزاؤهم اننا نذكرهم وعزاؤنا ان الكره كالحياه ليست عادله في كل الاحيان.

والمثال الثاني يبحر في تقنيات كره القدم في مقابله صحفيه مع اللاعب الاسباني الجديد في مانشيستر يونايتد انريس هريرا، يقول عن الفارق ما بين فان خال “المدير الفني لمانشيستر يونايتد” وبليسا “المدير الفني لمارسيليا الفرنسي حاليًا ومدرب بيلباو السابق” وما بين الليجا والبريمر ليج، يقول عن فان جال “لازلت متحفظًا قليلًا. يبدو انه شخص طيب” حتي لو بدت شخصيته مربكه عند التعارف. يحب الصرامه ولا يترك ايه فرصه للغرور في غرفه الملابس. معًا نتحدث عما ينتظره مني. انه عاشق للاستحواذ، لا يحب المخاطره بالكره، يحب تمرينات الاستحواذ الطويله، امساك الكره، لانه يؤمن ان الفراغات ستتوفر عند تمركز الفريق في مكانه والالتزام بمناصبنا. في البدايه كان يصرخ علي بسبب تقدمي لطلب الكره، لانني كنت دائمًا ما اريد الحصول عليها. لكن لا، يجب انتظارها.

واذا اردت رايي هل هو معاكس لبليسا في الهجوم، نعم. فان جال يؤمن بالزياده العدديه علي الاطراف، في لعبه المثلثات، دون امساك الكره. بيلسا كان يحب امتلاك الكره للهجوم.

بيلسا يؤمن بتحرك اللاعبين، يحب كسر الخطوط، المساحات. هدفه المثالي هو توزيعه من الظهير يسجلها الظهير الاخر. كان يحب الهجوم بـ 6 او 7 لاعبين، انهم عباقره.

وعن البريمر ليج يقول انه المكان المناسب للنجاح، لان الناس هنا صبورون. في اسبانيا هناك ضغوطات اكبر: مع الصحافه، المعلقين، المشجعين الذين تربطهم علاقه حماسيه اكثر. بيلسا كان يقول ان الصبر هناك في اسبانيا اقل مما يخلق نوعًا من الخوف من الفشل والاخفاق. انجلترا هي القطب المعاكس لان النادي اهم من نتائجه، البريميرليغ يجعلك عاشقًا للكره. هناك احترام للعبه وقوانينها. لا احد يرمي بنفسه في الارض، لان الامر سيبدو مهينًا، الحكام محترمون. في هذه النقطه انا مدين لبيلسا الذي قال لي ان الحكم اداه لتسهيل الكره وليس شيئًا يجب الاستفاده منه. لكن ما يذهلني هنا هي القوه البدنيه للمنافسين، كلهم اقوياء فعلًا.

و رغم ان هريرا لم يصل للنجوميه الكامله وهو ليس معروفًا حتي كمثالنا السابق لكن ادراكه وحكمته جعلتني اختار كلماته للتوضيح فهو حين يتحدث عن الفروق ما بين فان جال وبليسا تشعر انه يتحدث عن رقعه شطرنج فالاول يختار السيطره علي المنتصف “central zone” كما في الشطرنج يصاحب ذلك الهدوء والهجوم المنظم او انتظار اخطاء الغير في حين الثاني يختار الهجوم الكاسح فالكل يهاجم حتي الظهير يلعب في المساحات وعليها. حقق فان جال النجاحات مع الفرق التي دربها رغم تحفظه ورغم انه دائمًا ما يدرب الكبار ونجح بليسا نسبيًا مع الفرق الصغيره التي دربها – رغم مخاطرته – في تحقيق نجاحات رغم ان اداء الفرق التي دربها كان دائمًا ما ينخفض في النصف الثاني من الموسم.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا