برعاية

برنامج «ذهب 2022».. مشروع دولة وحلم شعب

برنامج «ذهب 2022».. مشروع دولة وحلم شعب

    يبدو الامير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعايه الشباب ورئيس اللجنه الاولمبيه مغامراً وهو يطلق برنامج "ذهب 2022" والذي يستهدف من خلاله العمل علي الفوز بالمركز الثالث في دوره الألعاب الآسيويه "اسياد 2022"، وتنطلق المغامره الصعبه لكونه يتطلع لقفزه عملاقه هي اشبه ما تكون ب"بقفزه فيلكس" التاريخيه، فالواقع الذي تعيشه الرياضه السعوديه في الوقت الراهن وفق الانجازات المحققه والميزانيات المتاحه لا يشجع علي التفاؤل بتحقيق مثل هذا الهدف، كما ان الارضيه الفنيه التي تقوم علي الارقام لا تبدو ممهده للسير بارتياح لبلوغه.

الهدف صعب والوقت قصير والارضيه غير ممهده والتحدي هو العنوان

الرياضه السعوديه تعيش واقعاً سيئاً وخارطه المنافسه الدوليه تكشف الحقيقه

وفق ذلك يروم للمتابع وللوهله الاولي الشك بان الامير عبدالله كان مغيباً عن بعض الحقائق وهو ما دفعه للسير نحو اطلاق برنامج "ذهب 2022"؛ خصوصاً وان البرنامج يعلن ودون ادني ضبابيه انه يستهدف تحقيق المركز الثالث في "اسياد 2022" ما يعني الحاجه لتحقيق اكثر من 200 ميداليه، او بالاحري 100 ميداليه اذا ما تعاطينا بمنطقيه مع الواقع واستبعدنا حساب نتائج العنصر النسائي، خصوصاً اذا ما علمنا ان المشاركه السعوديه في "اسياد انشون" الاخيره كانت حصيلتها سبع ميداليات فقط، في وقت حين شاركت ب 24 اتحاداً رياضياً؛ اذ جاءت تلك الميداليات السبع عن طريق ثلاثه اتحادات فقط هي الفروسيه والعاب القوي والكاراتيه؛ اذ حقق اتحاد الفروسيه ميداليتين "ذهبيه وفضيه"، فيما حصد اتحاد العاب القوي اربع ميداليات "ذهبيتان وفضيه وبرونزيه"، بينما احرز منتخب الكاراتيه ميداليه فضيه.

يتبدد الشك ويحل محله اليقين بان "مشروع ذهب 2022" وان كان مشروعاً حالماً الي حد اصطباغه بالورديه الا انه مشروع حقيقي تقوم قاعدته علي الامل، وتقف اعمدته بالعمل، وتمتد جسوره بالتكاتف، ويستظهر شكله النهائي بالايمان به كمشروع وطن قبل ان يكون مشروع مؤسسه رياضيه او قائد رياضي، وهو ما ينبغي ان يكون حيث ان الواقع يؤكد علي ان ميزانيه "الشباب والرياضه" لا تشجع علي تحقيق التطلعات في البرامج الداخليه باعتبار ان "رعايه الشباب" وكافه اذرعها تعني بالشريحه الاكبر في نسيج الوطن وهي شريحه الشباب بكل تطلعاتها ورغباتها وحاجاتها، فكيف اذا ما اضيف لها التطلع للمنافسه القويه في المشهد الاقليمي والدولي بما يحقق للمملكه قيمتها ويضعها حيث يجب ان تكون.

صعوبه المشروع وفق اهدافه المنشوده تكشفها الارقام، فاليابان كانت قد حققت المركز الثالث في "اسياد انشون 2014"، بعد ان حازت علي 200 ميداليه، في وقت لم تحز السعوديه الا علي سبع ميداليات ما يكشف حجم الفارق، واذا ما كنّا منطقيين باعتبار مشاركه العنصر النسائي في تحقيق هذا الرقم، ولكون المشاركه النسويه السعوديه التي بدات في "اولمبياد لندن" الماضي كاول مره بمشاركه شرفيه، فهي خارج المنافسه بكل الاعتبارات، ما يعني الحاجه الي تحقيق اكثر من 100 ميداليه علي الاقل للفوز بالمركز الثالث بالحسابات "الذكوريه" للمنافسه، والمراكز الرابع بالحسابات الطبيعيه للاولمبياد باعتبار ان هذا المركز قد حجزته كازاخستان في الاسياد الاخير حينما حصدت 84 ميداليه بمشاركه العنصرين الرجالي والنسائي، والمركز الخامس علي حساب ايران التي نالت 57 ميداليه، في وقت جاءت السعوديه في المركز 19 متخلفه عن دول خليجيه مثل الكويت وقطر، ودول اخري اقل في امكاناتها البشريه والماديه مثل سنغافوره، وهونج كونج، ومنغوليا، وبروناي فضلاً عن الدول التي كان لها نصيب الاسد في المراكز المتقدمه مثل الصين وكوريا الجنوبيه واليابان وكازاخستان وايران وتايلند وكوريا الشماليه والهند.

هذا الواقع الصعب للمنافسه بدده الامير عبدالله في تصريحه الاخير بعد اجتماع الجمعيه العموميه للجنه الاولمبيه السعوديه حين قال: "نحن نعرف ان اعداد البطل الاولمبي يحتاج من ثمان الي عشره اعوام، ولكن ان نضع اهدافا طموحه لهدف صعب ونفشل في تحقيقه افضل من ان نضع هدفاً سهلاً وننجح في تحقيقه"، وهو ما اكد –عملياً- بانه لم يكن مغيباً عن الواقع، ولا هو من يحاول ان يرتقي قمه الجبل بسلالم من ورق وانما اراد من ذلك الحلم الذي كتب السيناريو الخاص به احداث قفزه حقيقيه تنقل الرياضه السعوديه من القاع التي هي فيه بالفعل الي منطقه تليق بها حتي وان لم يتم القبض علي الهدف في ذاته فلا اقل من ملامسته او حتي الاقتراب منه.

ولعله لا يخفي اليوم علي المتابع الحقيقي لواقع الرياضه السعوديه انها تعيش في هوه سحيقه هي التي جعلت الامير عبدالله بن مساعد وفي اليوم الاول من تزكيته رئيساً للجنه الاولمبيه السعوديه في يوليو من العام الماضي يواجه رؤساء الاتحادات الرياضيه بالحقيقه الصادمه والمسكوت عنها وهي ان نتائج الرياضه السعوديه لا تليق باسم المملكه في وقت تحقق دول اقل في امكاناتها البشريه والماديه حضوراً افضل في المشهد الدولي، فكانت هذه المواجهه بمثابه رصاصه انطلاقه السباق المحموم مع الوقت لتحقيق ما يليق باسم المملكه، فكانت ورشه العمل الضخمه التي اقيمت في المنطقه الشرقيه في نوفمبر الماضي والتي رسمت الملامح الاولي لبرنامج "ذهب 2022".

كان اعتراف الامير عبدالله بن مساعد بحجم المشكله الرياضيه بمثابه وضع الاصبع علي الجرح الذي ظل يتفتق ويتقيح دون ان يجد من يعالجه اذ انطلق من خلال ذلك الي الوقوف علي اصل المشكله لمعالجتها، بعد ان كانت العلاجات السابقه سبباً في مضاعفه الالم، خصوصاً العلاجات الموضعيه التي كانت تلامس الجلد ولا تلج لداخل الجرح الغائر، بل ان الاعظم من ذلك ان اوقاتاً طويله مرت والمكابره علي الحقيقه بل وتغطيتها كان سبباً في ما الت له الرياضه السعوديه اذ كانت الاحتفالات تقام لانجازات عابره بل ان بعضها كانت انجازات وهميه، حتي صحونا علي الحقيقه التي كشفها الامير عبدالله بن مساعد والتي اكدها قبل ايام الامير خالد الفيصل امير مكه المكرمه حينما اكد في لقائه مع لاعبي فريق الاهلي بان المملكه تطورت في كل شيء الا الرياضه!.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا