برعاية

الإنجاز المصري العظيم.. الطريق إلي روما (1-2)

الإنجاز المصري العظيم.. الطريق إلي روما (1-2)

كانت مكبرات الصوت في ملعب القاهرة الدولي تردد دون انقطاع ( يا حبيبتي يا مصر...يا مصر)، تفاعلت الجماهير معها بحماس شديد، ولم يملوا التكرار، ورددوا مع صوت شادية، بنفس القوة منذ التاسعة من صباح الجمعة الـ17 من نوفمبر 1989، بالرغم من أن المباراة لم تكن لتبدأ قبل الثالثة من عصر ذلك اليوم.

كان الطقس شتوياً بمقاييس الثمانينات، وقتها كان طقس مصر لا يزال دفئا ممطرا شتاءً، لكن الاستاد امتلأ تماما قبل بدأ المباراة بثلاث ساعات، ولم يعد هناك موضع لقدم، وفي الخارج كان هناك عشرات الآلاف خاصة من جاءوا من خارج القاهرة بعد أن نفدت تذاكر المباراة بعد ساعات من طرحها للجمهور.

الجميع جاء يحمل حلماً راود أجيال منذ عام 1934 ، وها هي إيطاليا تستضيف كأس العالم من جديد وتحمل فألا حسنا للمنتخب المصري، الذي بدا وكأنه يرفض الصعود لكأس العالم مع سبق الإصرار والترصد، ففي محاولته الأخيرة عام 86 وبفريق مرصع بالنجوم - سبق له أن تأهل لأولمبياد 84 وقدم مستوى رائعا في أمم إفريقيا 84 - في مقدمتهم الخطيب ومصطفي عبده وجمال عبد الحميد والصاعد الواعد طاهر أبوزيد، إلا أنه وبإرادته أهدر الفوز علي المغرب علي أرضها وخسر بهدفين.

وبعد أن اعتزل النجوم الكبار، وخرجت مصر - حاملة اللقب - من الدور الأول لكأس الأمم 88 ، جاء محمود الجوهري في أكتوبر 88 ليتحمل المسؤولية ويبدأ تشكيل فريق جديد يخلو من النجوم الساطعة ، وينهي صراع الديوك بين لاعبي الأهلي والزمالك، ويدفع بأسماء من الظل إلي صفوف المنتخب القومي.

كانت القرعة رحيمة بالفريق، فأبعدته عن القوى الكبرى في القارة، إلا أن البداية كانت متواضعة بفوز هزيل علي ليبيريا المجهولة بهدفي علاء ميهوب ومحمد رمضان، ثم التعادل مع مالاوي علي أرضها بهدف لشاب قادم من المنيا في صعيد مصر منحه الجوهري الفرصة فلم يفلتها - اسمه هشام عبد الرسول - ثم التعادل السلبي مع كينيا خارج الأرض.

ثم وقعت الهزيمة من ليبيريا بهدف يتيم، مما أضعف الآمال في مصر وأيقظها في مالاوي وليبيريا، إلا أن هشام عاد ليحرز هدف الفوز الصعب علي مالاوي بالقاهرة، ثم هدفاً أخر في مرمي كينيا لتتصدر مصر المجموعة وتصعد لتلاقي الجزائر.

الجزائر مرة أخري، هنا عادت الأجواء تلتهب بالحديث عن التوتر المصاحب لهذه اللقاءات، وعصبية لاعبو الجزائر، وعنفهم غير المبرر، وعادت ذكريات مباراة التأهل لأولمبياد لوس أنجيلس 84 التي تحولت إلي مباراة في الكاراتيه.

لكن السبب الأدعى للقلق أن المنتخب الجزائري كان أقوى بكثير من المنتخب المصري الشاب، ويكفي القول بأن الجزائر تأهلت لبطولتي كأس العالم 82 و86 وقدمت مستويات رائعة، وأن فريقها وصل لنضج كروي متميز، بقيادة الأسطورة رابح ماجر نجم بورتو البرتغالي.

وكان مع ماجر أسماء لامعة كالأخضر بللومي الذي توج من قبل بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في إفريقيا، وجمال مناد، ومغاريا، وشريف الوزاني، ومعهم لاعبو وفاق سطيف الذين حرموا الأهلي من لقب افريقي لأول مرة منذ ست سنوات متواصلة لعب فيها نهائي افريقيا لأبطال الدوري والكؤوس.

في المقابل كان المنتخب المصري يضم محترفاً واحداً في نادي برتغالي متواضع، هو مجدي عبد الغني، ويعتمد علي توليفة من لاعبي الأهلي والزمالك مطعمة بأحمد الكأس من الأوليمبي وهشام عبد الرسول من المنيا، وفي الاحتياط صابر عيد لاعب غزل المحلة.

جاء المصريون بالحلم الذي ولد علي ملعب قسنطينة في 8 أكتوبر، ففي مباراة الذهاب لم يكن التفاؤل رفيق رحلة المنتخب، وكان الهدف الخروج بأقل خسائر، إلا أن الجوهري ولاعبوه قدموا مباراة العمر أمام محترفو الجزائر الذين دخلوا المباراة بثقة شديدة، أكدها مدربهم كمال ليموي الذي وعد جمهوره بالفوز بالثلاثة وحسم التأهل في قسنطينة.

وهذا انعكس علي أداء لاعبيه الذي خيب آمال الجمهور الجزائري المحتشد في الملعب ، والذي هاجم المدرب بشدة عقب المباراة مما أجبر الاتحاد الجزائري علي إقالته والاستعانة بالمدرب العجوز عبد الحميد كرمالي لقيادة الفريق في مباراة العودة التي أقيمت بعد أربعين يوماً من مباراة الذهاب.

بانتهاء مباراة قسنطينة عاش الشعب المصري حالة من النشوة والترقب، فلم يعد يفصلهم عن حلم المونديال الا 90 دقيقة علي أرضهم، وأمام فريق تلاعبوا به علي ارضه

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا