برعاية

نظرة عن كثب ـ ‘نموذج أودينيزي’ ، توجه اقتصادي و كروي ذكي

نظرة عن كثب ـ ‘نموذج أودينيزي’ ، توجه اقتصادي و كروي ذكي

تعتبر هذه هي الحلقه (6) من فقره “نظره عن كثب” ، محاوله لتقريب المتابع الرياضي العربي من بعض التفاصيل الخفيه و الدقيقه التي تحرك خيوط اللعبه.. ، و اِجْتَهَاد لاغناء المحتوي الرياضي العربي علي الانترنيت. فقره تحترم عقلك ، وتقدم لك مُنتجــاً نحرص ان يكــون مُفيــداً شيّقــاً ومُختلفاً.

“اوديني” هي مدينه صغيره تقع بين “جبال الألب” و “البحر الادرياتيكي” في شمال شرق ايطاليا ، علي بعد اقل من 25 ميلا من الحدود السلوفينيه. مدينه كبيره ولكن هادئه ، تعداد سكانها لايتجاوز 100،000 نسمه فقط ، مدينة كانت مشهوره بصنع النبيذ اكثر بكثير من شهرتها بكره القدم. لكن علي مدي السنوات القليله الماضيه “اودينيزي” الفريق المحترف الوحيد في المدينه ، اصبح يجابه و يقف ندا لند امام انديه اكبر المدن في ايطاليا كروما ، ميلانو ، تورينو.. ، وذلك بفضل مجلس اداره النادي المخضرم ، و لاعبيه الشباب الموهوبين ، وخطه العمل الذكيه.

اسماء كبيره مرت من ملعب “فريولي” 

لو قمنا بالعوده الي احصاء عدد المواهب المميزه التي مرت من اودينيزي في سنوات القليله الماضيه ، يمكننا صنع فريق متكامل الصفوف قادر علي المنافسه بقوه علي لقب الدوري الايطالي 2014/15.

في حراسه المرمي: سمير هاندانوفيتش.

في خط الدفاع: ماوريسيو ايسلا ، مهدي بنعطيه ، كريستيان زاباتا ، كوادو اسامواه.

في خط الوسط: جوخان انلر، ديفيد بيزارو ، وسولي مونتاري.

في الهجوم: الكسيس سانشيز ، وخوان كوادرادو ، الي جانب انطونيو دي ناتالي (كقيمه ثابته).

علي مقاعد البدلاء: انطونيو كاندريفا ، فينتشينزو ياكوينتا ، فابيو كوالياريلا ، ماركو موتا ، الكسندر لوكوفيتش ، ماريك يانكولوفسكي.

ما هو “نموذج اودينيزي”  ، و كيف اصبح النادي ينافس عمالقه ميلان ، تورينو ، و روما

“جيامباولو بوزو” اشتري اودينيزي في صيف عام 1986 ، مستغلا غرق النادي في دوامه من الجدل ، بعد ان وجد مذنبا بالتورط في فضيحه التلاعب بنتائج المباريات ، وتم خصم تسع نقاط من رصيده ليهبط للدرجه الثانيه. خلال السنوات التاليه كان اودينيزي يتارجح بين الصعود الي الدرجه الاولي والهبوط الي الدرجه الثانيه ، الي حدود موسم 1995 ، حيث لم ينزل الفريق للدرجه الثانيه منذ ذلك الحين. وحقق التاهل للمسابقات الاوروبيه 11 مره من اصل 19 موسما قضاها في “السير ا” لحد الان. عوده مذهله لناد بهذا الحجم و بهذه الموارد المحدوده.

كل هذا لم يتحقق من فراغ انما هو وليد ما اصبح يسمي  باسم ‘نموذج اودينيزي’ منذ ان اشرفت عائله بوزو علي اداره النادي. نموذج و نظام قائم علي اساس شبكه كشفيه ، وتخطيط مستقبلي ذكي ، يمكن الفريق من اكتشاف المواهب في مهدها وشرائها بقيمه رخيصه ، قبل تطويرها والاستفاده منها علي ارض الملعب ، ثم بيعها بقيمه ماليه ضخمه بعد سنوات قليله. علي مدي العقد الماضي طور اودينيزي نفوذه بشبكه كشفيه تضم وكلاء و انديه في جميع انحاء العالم. حيث تشير بعض التقارير السريه ان النادي الايطالي يملك حقوق 140 لاعب ، اكثر من 85 بالمئه منهم تحت 23 عاما ، يلعبون في اكثر من 20 بطوله مختلفه في اوروبا  ، و امريكا الجنوبيه ، سوا مع فرق معروفه او مغموره ، و كذلك معظمهم لاعبين دوليين شباب مع منتخبات بلادهم المقاربه لـ40 منتخب.

في السنوات القليله الماضيه الفريق اعتاد علي توديع نجم كل موسم ، وبالمقابل وضع الثقه في المواهب الشابه من اجل الحفاظ علي القدره التنافسيه في الدوري الايطالي ، حيث يعتبر استمرار الفريق في الدرجه الاولي العامل الاهم الضامن لاستمرار نجاح هذا التوجه الاقتصادي و الكروي المسمي ‘بنموذج اودينيزي’.

بحيث ان اكثر ما يستهوي ويغري و يشجع اللاعبين الشباب علي التعاقد مع اودينيزي ، وقبولهم لرواتب منخفضه هو امكانيه الحصول علي فرصه اللعب في الدوري الايطالي ، و بالتالي نافذه في واجهه المتجر لعرض ابداعتهم علي الانديه الاوروبيه الكبري. و اودينيزي يركز عمدا علي التعاقد مع لاعبين من الدول الافريقيه ودول امريكا الجنوبيه كالبرازيل والارجنتين.. ، بؤر المواهب الكرويه الكبيره ، التي تنتج لاعبين بموهبه كبيره ، لكنهم يفتقدون لدوري محلي قوي وتغطيه تلفزيونيه واسعه الانتشار.

هذا النهج من طرف اداره النادي لم ينتج فقط نتائج ايجابيه اقتصاديا ، ولكن ايضا علي ارض الملعب ، حيث تاهل اودينيزي لكاس الاتحاد الاوروبي في عام 1997 و 1998 و 1999 و 2002 و 2008 و 2011  ،  وشارك في دوري الابطال في عام 2004 و خرج من الادوار التمهيديه للبطوله في موسم 2010 و 2011.

الحفاظ علي هذ الحضور الشبه الدائم بالمسابقات الاوروبيه ، امر مثير للاعجاب عندما ننظر لموارد ‘اودينيزي’ و حجم ميزانيته امام عمالقه ايطاليا كانتر ميلانو ، و يوفنتوس ، و روما ، و ميلان.. ، ما يتم تحقيقه علي ارض الملعب يعطينا فكره حول صرامه نموذج ادينيزي كرويا و اقتصاديا دون افراط او تفريط ، نعم الغايه الاولي من النظام هي الربح المالي لكن ليس هناك اي تساهل في المردود الكروي للاعبين علي ارض الملعب ، او مع امكانيه تفكيرهم في التقاعس و استغلال النادي فقط كنقطه انطلاق.

هل يمكن لانديه اخري تطبيق نفس النظام ؟

مع قواعد اللعب النظيف الذي اصبحت تقيد الانديه الاوروبيه الكبيره ، الكثير من هذه الانديه فكر في السير علي نفس خطي اودينيزي في اكتشاف المواهب وتطويرها.. لكن الفشل كان حليفهم.

بسبب اولا: الثقه التي اصبح يتمتع بها الفريق عند اللاعبين الشباب ، بالنظر للسجل الحافل للنادي في تقديم المواهب الشابه لمرحله التالق ، في حين ان باقي الانديه لا يمكنها رعايه هؤلاء اللاعبين ، و الصبر عليهم ، و الثقه في موهبتهم ، و المغامره بمنحهم دقائق لعب بشكل تدريجي في الفريق الاول. اودينيزي علي مدي الاعوام الماضيه اكتسب سمعه مشرفه لكونه مكانا ممتعا للعب وصقل الموهبه بعيدا عن اي ضغوظات.

ثانيا: اودينيزي قام ببناء استراتجيته الاقتصاديه في السنوات الماضيه علي شبكه عالميه تمكنه من اكتشاف المواهب الشابه مكونه من وكلاء اعمال ، و انديه في مختلف انحاء العالم ، تجعل النادي يتقدم بخطوه علي منافسيه ، وفي مراقبه دائمه وبحث مستمر عن المواهب. كما ان عائله بوزو تملك ايضا انديه اخري مثل غرناطه واتفورد لفتح المجال لاكبر عدد من المواهب في افريقيا و اسيا و امريكا.. لايجاد نافذه علي الكره الاوروبيه.

بعد 20 عاما في الدوري الايطالي اداره اودينيزي لم تظهر اي علامه علي تغيير نهجها. نموذج اودينيزي قد لا تكون اهدافه الكرويه اكبر من ضمان الاستمرار في الدوري الايطالي. لكن اهدافه الماليه تتجاوز كل التوقعات. ونحن كمتابعين ما سيشدنا نحو ادوينيزي مع نهايه كل موسم ، هو انه دون شك ستكون هناك صفقه انتقال مهمه علي الاقل. لان هذه هي سياسه النادي ولن تتغير علي الاقل في الـ 10 سنوات القادمه.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا