برعاية

فقهاء ودعاة يعتبرون فكّ شيفرة المباريات «حراماً»

فقهاء ودعاة يعتبرون فكّ شيفرة المباريات «حراماً»

اكد فقهاء ودعاه ان الاحتكار في عالم الرياضه ليس فيه شبهه دينيه، وان تشفير القنوات الفضائية لمباريات كره القدم، وبيع الجمهور بطاقات خاصه من اجل متابعتها «امر جائز شرعاً»، كونه يندرج تحت مظله اقتصاديه يحق فيها البيع والشراء، مشددين علي ان من يتعدَّ تلك الحقوق يعتبر اثماً، علي حد قولهم.

وكانت جماهير قد عبرت عن استيائها من قيام قناه «بي ان سبورت» القطريه باحتكار بث مباريات كاس العالم المقرره في البرازيل، خلال الفتره من 12 يونيو الي 13 يوليو المقبلين، لاسيما بعد ارتفاع اسعار بطاقات البث، وحتميه شراء جهاز «الريسيفر» الخاص بالقناه، من اجل متابعه المباريات دون عراقيل.

وقال فقهاء ودعاه لـ«الإمارات اليوم»، ان «من يقم بفك الشيفرات الخاصه بالقنوات الفضائيه التي تمتلك حقوق بث المباريات بطرق غير شرعيه فهو اثم، وفعله حرام شرعاً، لان ذلك يعتبر اعتداء علي حقوق الغير، وسرقه واضحه، يُسال عليها، كونه يعلم ان هذه الحقوق ملك لجهات معروفه، ولا يجوز الحصول عليها الا عن الطريق شراء البطاقات او الهبه».

الكبيسي: الاحتكار في القوت فقط

قال الداعيه الاسلامي، الدكتور احمد الكبيسي، ان تشفير مباريات كره القدم، وامتلاك حقوقها في احدي القنوات الفضائيه جائز شرعاً، ولا يدخل في نطاق الاحتكار.

واوضح ان «الاحتكار يكون في القوت فقط، استناداً الي قول الرسول، صلي الله عليه وسلم: «من احتكر طعاماً اربعين يوماً، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه»، والمقصود بالاحتكار حبس السلع التي يحتاج اليها الناس عن التداول في الاسواق حتي يرتفع ثمنها».

واوضح: «هناك فارق كبير بين التشفير والاحتكار، فالاولي مساله تخضع لجانب اقتصادي بحت، وهو معروض طوال الوقت امام الجميع، اذ من الممكن ان يرتفع ثمنها في بعض الاوقات، وفق ظروف العرض والطلب، او كونها سلعه يحتاج اليها الناس في وقت مُعين فيرتفع سعرها في بعض المناسبات».

واكمل «علي العكس تماماً فان حساسيه الاسلام ونفوره من الاحتكار بلغت مداها، اذ انه لم يكتف بتحريم وتجريم الاحتكار في صوره المباشره المكشوفه، بل حرم الطرق التي تؤدي الي الاحتكار، والوسائل التي تكرس لهذه الرذيله الماليه الكبري، وهذا هو الفارق الكبير بين المساءلتين، ولذلك فان الاحتكار يكون في القوت فقط، وليس هناك شبهه احتكار في المباريات».

وشدد الدكتور الكبيسي علي انه «لا يجوز شرعاً لاي فرد القيام بفك شيفرات هذه القنوات، باعتبار ذلك نوعاً من انواع السرقه واعتداء علي مال الغير من دون وجه حق واستفاده من منفعه، ان لم تكن ملموسه وتقاس بالمال».

وقال ان «من اقدم علي تصرف مثل هذا فهو مخالف للشرع، واخذ لنفسه اشياء لا يجوز له الحصول عليها الا اذا دفع ثمنها او استاذن صاحبها، لان ما حصل عليه مملوكاً لاحد الافراد او الجهات، لكن اذا كان ما قام بفك شيفرته ملك عام».

واوضح الكبيسي ان «كره القدم او المسابح او الشواطئ، لا تندرج تحت بنود الاحتكار حتي وان حصل عليها او امتلكها بعض الافراد او المؤسسات، قد تمثل هذه الامور اهميه لبعض الاشخاص، لكنها ليست ضروره في الحياه، لان مشاهدتها من عدمها لن تؤثر في صحه الانسان سواء في دينه او حياته».

واوضح الداعيه الاسلامي ان «من يجوز له المنع في الاسلام، هو الحاكم، او الراعي لشؤون المسلمين، فاذا اصدر لوائح او قوانين يجب الاخذ بها وتاركها يُعد عاصياً، فمثلاً اذا وجدت اشارات في الطرقات العامه، تحدد سرعه السياره بـ70 او 80 كيلومتراً وتعمد السائق السير باكثر من هذا، فمن يمت بسبب هذا التصرف يدخل في عداد المُنتحرين».

ويلجا مشاهدون الي فك شيفرة القنوات الفضائيه عن طريق اجهزه خاصه او بواسطه ما يسمي «ريسيفر النت»، الذي يحصل فيه الجمهور علي اشاره المباريات عبر شبكه الانترنت، ومن ثم شبكها بالتلفاز، الامر الذي عده فقهاء الدين «سرقه وحراماً شرعاً».

واضافوا ان «الاحتكار يندرج علي امور اوضحها الشرع والاحاديث النبويه الشريفه التي تخص شؤون المُسلم، التي يحتاج اليها الناس ويتم حجبها عن التداول في الاسواق وتندرج في القوت (الطعام) فقط اي السلعه الضروريه».

وتطرقوا الي الممارسات الخاطئه التي تعيشها المجتمعات خلال المونديال، واعتبروا ان «مغالاه اصحاب المقاهي في اسعار المشروبات يعد انتهازاً واستغلالاً لظروف معينه بقصد تحقيق مكاسب دون وجه حق، وهذا امر حرّمه الاسلام، لانه يعدّ من الامور التي تستغل فيها حاجه الناس لمشاهده المباريات».

بدوره، قال كبير المُفتين، والمشرف علي الفتاوي بدائره الشؤون الاسلاميه والعمل الخيري في دبي علي مشاعل، ان «تشفير مباريات كره القدم، او خصّ احدي القنوات الفضائيه بنقلها حصرياً، ليس حراماً، ولا يعد اثماً، علي حد تعبيره.

واضاف «اذا تدبرنا في الاصل فسنجد ان مباريات كاس العالم، تندرج تحت مظله «فيفا»، وهو الوحيد الذي يقوم ببيعها لقنوات فضائية ليتمكن المشاهدون في ارجاء العالم من متابعتها، وهذه القنوات تحصل عليه بمقابل مادي، ثم تقوم باعاده بيعه للمشاهدين، بما يعد تجاره صريحه ليس فيها اي شبهه».

واوضح «قد تختلف الصوره اذا كانت تلك القنوات تقدم اموراً متعلقه بالعلم او امور الدين التي يحتاج اليها الانسان ولا يمكن الاستغناء عنها، لكن كره القدم لا تعد في نظر الشريعه الاسلاميه من ضرورات الحياه».

وعن الاحتكار في كره القدم، قال علي مشاعل، ان «الاحتكار يكون في اي سلعه يحتاجها الناس سواء كانت طعاماً او دواء او لباساً، او ادوات مدرسيه او منزليه او مهنيه او في ادوات البناء علي سبيل المثال، فالانسان في حاجه الي ان ياكل ويشرب، ويلبس، ويتعلم ويتداوي ويتنقل، ويتواصل مع غيره بشتي الوسائل، فكل ما اضر الناس حبسه فهو احتكار، وكل ما تشتد حاجه الناس اليه يكون احتكاره اشد اثماً».

وحول مواقف اصحاب المقاهي من استغلال اذاعه المباريات، لزياده اسعار المشروبات، قال علي مشاعل، ان «هذه من الامور التي تُعد انتهازاً واستغلالاً لظروف معينه من اجل تحقيق ارباح ماليه بغير وجه حق، وهذا امر حرمه الاسلام».

من جهتها، قالت استاذ الفلسفه الاسلاميه بجامعه الازهر، الدكتوره امنه نصير، ان «تشفير مباريات كره القدم يعد مساله اقتصاديه، لا يمكن ان تخرج عن هذا الاطار، لكنها تتضمن مفاهيم وابعاداً انسانيه يجب ان يضعها كل القائمين علي هذا العمل في المقام الاول».

واضافت ان «كره القدم من الاشياء التي اسرت الناس بحبها، واصبحت من ضروريات الحياه بالنسبه للبعض، والدين الاسلامي يشدد علي ضروره التراحم بين المسلمين بعضهم بعضاً، استناداً الي حديث الرسول عليه الصلاه والسلام: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، اِذا اشتكي منه عضو تَدَاعَي له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّي»، وقوله تعالي: «ويحبون المال حباً جمّاً».

واوضحت «من هذا المنظور يجب علي القنوات الفضائيه التي تمتلك تلك الحقوق عدم استغلال حب الناس مشاهده الاحداث رياضيه والمباريات، وتزيد عليهم الاعباء، انما ان تسعي الي التخفيف عنهم وتيسير امر المشاهده باي طريقه».

وذكرت الدكتوره امنه نصير، ان «فك شيفرات القنوات التي تستحوذ علي حق اذاعه وبث مباريات معينه لكره القدم حرام شرعاً، لان قيام شخص ما بفك شفره لقناه ما تستحوذ علي حق بثّ واذاعه مباريات معينه لكره القدم، يعدّ بمثابه اعتداء علي مال الغير بالسرقه».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا