برعاية

توقف عن الافراط في العمل..ضع حدودك

توقف عن الافراط في العمل..ضع حدودك

توقف عن الافراط في العمل .. ضع حدودك

مقال علمي مترجم من موقع هارفارد للأعمال

لماذا تتردد عندما يطلب منك أصدقائك، أو شريك حياتك، أو والدتك بأن تتوقف عن العمل؟ !!   فأنت تعلم أنهم على حق. من المرهق جداً أن تعمل لمدة 12 أو 14 ساعة متواصلة على وتيرة مستمرة فذلك كفيل بأن يجعل منك شخصاً منهكاً وقلقاً. وإذا ما تحدث شخص عن وضع الحدود، تماطل وتقول لنفسك وللآخرين " نحن مشغولين في هذه الفترة فقط وستتحسن الأمور قريباً ".

يجب أن تعي أن الأمور لن تتحسن . وستجد نفسك دائماً بين نارين : حقيقة أنك لا تستطيع إنجاز كل ماهو منوط بك وشعورك بأن المشكلة ليست في الوضع ذاته، إنما فيك أنت . وتشعر دائماً بالذنب لأن الآخرين ينجزون ما عليهم من مهام بينما لا تستطع أنت القيام بذلك . ودائماً ما تقلق بشأن طلب المساعدة من الآخرين أو أن تقوم برفض أداء مهمة ما حتى لا يتبادر لذهن الآخرين بأنك مخادع لا تقوم بشيء ذو قيمة .

بالرغم من أن هذه المخاوف مبررة نوعاً ما إلا أنها ليست صحيحة بالضرورة . وكمدربة تنظيم الوقت، فقد وجدت أن من أهم مفاتيح تحقيق التوازن في هذا المجال هو العمل بشكل موضوعي على تقييم جدولك بناء على الحقائق والواقع بدلاً من أن تسمح لاحاسيسك ومخاوفك أن تقود دفة قراراتك . مهما كانت أهميتك كعضو في الفريق، فلن تستطيع أن تضغط انتاج 100 أو 60 ساعة عمل في 40 ساعة في الأسبوع . يمكنك فقط عمل تغيير إذا كانت لديك وعي بأن توقعاتك وتوقعات الآخرين هي في الحقيقة غير منطقية وأنه يمكنك وضع الحدود بطريقة بناءة ومحترمة .

سأسرد فيما يلي خمسة خطوات تساعدك في الوصول إلى هذه الدرجة من الوعي، والتي يمكن تطبيقها على مستوى فردي أو جماعي في حال كنت مسئولاً عن إدارة المهام والانجازات من فريقك :

الخطوة الأولى : ضع ميزانية زمنية

الأشخاص الذين يقومون بإدارة أموالهم بطريقة جيدة يتبعون بعض المباديء المتوافقة مع يعضها . فينفقون فقط مما لديهم من مال ويتجنبون الديون غير الضرورية وما ينتج عنها من تكلفة وضغط نفسي. كما يحرصون على تخصيص الأموال بطريقة صحيحة تغطي جميع احتياجاتهم . ويحاولون تخفيض التكاليف بقدر المستطاع بدون إحداث تأثير سلبي كبير عليهم ويحرصون على ألا يضعوا أموالهم إلا في استثمارات فيها نسبة احتمال جيدة لتحقيق عائد . تنطبق نفس هذه المباديء على الاستثمار الفعال للوقت . وحتى يتسنى لك الحصول على صورة جيدة عما تستطيع إنجازه، ينبغي عليك البدء بحساب عدد الساعات التي " ستستغرها " كل أسبوع لاتمام المطلوب . وإذا كنت تميل إلى تخصيص وقتك بشكل دقيق فيمكنك عمل الحساب بالعكس، على سبيل المثال :

عدد ساعات وأيام العمل = 24- عدد ساعات النوم - المواصلات - الالتزامات الشخصية - التمارين الرياضية - العناية الذاتية

أعني بالالتزامات الشخصية الوقت اللازم في جدولك والمهم لاشباع حاجاتك الشخصية . ويختلف ذلك من شخص لشخص وقد يتضمن : الوقت العائلي، المسئوليات التطوعية، الأنشطة الاجتماعية، والهوايات الخاصة مثل العزف على البيانو . كما أن تناول الطعام، والاستحمام، والاستعداد للخروج يندرج تحت بند " العناية بالذات ". إذا كان لديك وعي بميزانية يومك الزمنية، يمكنك حساب ميزانية الأسبوع من الوقت بإضافة المجموع لكل يوم . فللبعض تكون الأيام متشابهة . وبالنسبة للأخرين، تحدث الالتزامات الشخصية تغييرات كبيرة في ميزانيتك الزمنية لليوم الواحد .

حالما تستوعب حجم ميزانية الوقت لديك، يصبح بإمكانك أن تقيم فرق الوقت الذي تستطيع أن تخصصه للعمل . على سبيل المثال، يكون لديك أنشطة " روتينية " مثل الرد على البريد الإلكتروني، أو التخطيط، أو أنشطة " تنفيذية " مثل حضور الاجتماعات أو عمل تقرير، وأنشطة " تطويرية " مثل العمل من خلال الشبكات أو التسويق . أقترح عمل قائمة بكل العناصر المختلفة التي تطرأ في يوم العمل العادي ومن ثم إما تسجيل تقدير زمني مبدئي أو نسبة مئوية لكل عنصر . كمثال، 20% من يوم العمل الاعتيادي يستنفذ في الرد على البريد الإلكتروني، و 30% في العمل على المشاريع، و 30% في الأنشطة التطويرية . تأكد من ألا تحسب تكلفة عنصر معين ولكن التكاليف الأخرى المرتبطة بها . على سبيل المثال، يكلفك حضور اجتماع لمدة ساعة وقت إضافي يقدر بـ 15 دقيقة مواصلات و 30 دقيقة تحضير و 15 دقيقة متابعة . ويعني ذلك أن مجموع تكلفة الوقت هي ساعتين و 25 دقيقة . فإذا عملت 9 ساعات في اليوم وتريد أن تقضي 50% من وقتك في الاجتماعات فإن ذلك يحدك إلى معدل اجتماعين لكل يوم و 10 اجتماعات كل أسبوع .

الخطوة الثانية : خفض من الوقت المطلوب قدر المستطاع

بعد عمل ميزانية للوقت، ستجد أنك كنت تتوقع من نفسك أكثر مما يمكن أن تنجزه في ساعات يومك . ولكن لا يعني ذلك أنه ينبغي عليك أن تركض لمديرك الآن لتصحيح الوضع . بدلاً من ذلك، عليك أن تأخذ أولاً نظرة متفحصة لكيفية قضاء وقتك وتخفيض الوقت قدر المستطاع .

أحد قارئات كتبي أخذت بهذه النصيحة عندما واجهت أزمة في الوقت في عملها . فبدلاً من محاربة واقع ميزانية الوقت الخاصة بها قامت بالتالي :

  " كنت أوجه الكثير من المشاريع المتنافسة والتي يجب تسليمها في نفس الوقت، وكنت أحاول كذلك احتواء مشاريع حالية وطويلة أجل مما سبب لي الكثير من الضغط النفسي ! لذلك، فكرت بما يسبب لي الضغط النفسي وحاولت أن أعالج الأمور التي يمكنني السيطرة عليها بدون اللجوء التلقائي لعمل ساعات إضافية كثيرة . على سبيل المثال، قمت بالاتصال بأحد مدراء المشاريع الطويلة الأجل لتفحص ما إذا كان من الممكن " إيقاف " العمل على المشروع لمدة أسبوعين ووافق بعد بعض المفاوضات . مما وفر علي تقريباً 24 ساعة عمل خلال أسبوعين . ثم قمت بالاستعانة بآخرين بدوام جزئي من قسم أخر وقمت بتعديل تركيز أحد المشاريع وحصلت على تمديد لأحد المشاريع ... الخ . وبدلاً من الشعور بالانغماس وأنني ضحية الظروف، شعرت بقوة كبيرة ".

قد تحتاج إلى اتخاذ اجراءات كبيرة مثل التي سبق وذكرناها في أوقات الأزمات وقد تحتاج إلى اتخاذ قرارت بسيطة مثل الغاء حضور بعض الاجتماعات الغير ضرورية أو الطلب من زملائك أن يراجعوا معك بعض الأمور شخصياً بدلاً من إرسال 50 بريد إلكتروني خلال الأسبوع، أو أن تلغي نفسك من بعض اللجان أو أن تلغي منبه وصول الرسائل وتخفيض الوقت اللازم لجعل بعض الأعمال كاملة في حين أن كمالها لا يضيف قيمة لها . حاول أن تتحدى افتراضاتك بما يجب عليك أن تفعله وكم من الوقت ينبغي عليك أن تقضي وقتك على مختلف الأنشطة . وإذا كان من الممكن حاول ألا تلتزم إلا بالأعمال التي تدخل في قائمة المهام الأسبوعية خاصتك .

الخطوة الثالثة : قارن المتوقع منك بالمقدرة الفعلية

حالما تبدأ في الاقتناع بحقيقة أن الوقت محدود وأنك استفدت من بعض المكاسب السريعة، فعليك أن تصقل تقديراتك وأن تقارن الوقت المتوقع منك مع الوقت الفعلي . على سبيل المثال، فقد تعتقد أن البريد الإلكتروني قد يستغرق منك ساعة واحدة . ولكن عندما تنظر بشكل فعلي للوقت الذي تقضيه، تجد أنه يستغرق ساعتين . ( أي نوع من أدوات المتابعة مثل تطبيق ريسكيو تايم rescuetime يساعدك في معرفة كم بالضبط من الوقت تقضي على جهازك ). عندما تواجهك حقيقة الوضع، تحتاج لأن ترى إذا ماكان بمقدورك أن تتخذ اجراءات تخفيض الوقت مثل كتابة الردود الموجزة، استخدام أدوات مثل تايب ات فور مي   typeit4me أو طلب خيارات مختلفة للبريد الإلكتروني في العمل . إذا لم تساهم كل تلك الأمور في تخفيض الوقت المخصص فبدلاً من محاربة الواقع عليك زيادة ميزانيتك في ذلك الجانب .

استخدام قاعدة 80/20 تساعد أيضاً في جعل جميع أمورك تتوافق مع ميزانية الوقت لديك . ولكن يتطلب ذلك أن نتقبل بشكل كامل حقيقة أنك لن تستطيع أن تقوم بفعل كل شيء وأنك لن تستطيع أن ترضي الكل . على سبيل المثال، بينما تنظر إلى قيمة مختلف الأنشطة فقد تجد أن حضور بعض الاجتماعات التي يريدك الآخرين حضورها قد يمنعك من القيام بالمهام التي لها أولوية أكبر .   وقد تكتشف أنك بحاجة إلى أن تقضي وقتاً أقل مما كنت تعتقد لإحداث نفس القدر من الأثر . فعلى سبيل المثال، فقد يكون مكوثك لمدة 30-45 دقيقة مع أصدقائك وأنت مبتهج له نفس أثر مكوثك لمدة ساعتين . فبخروجك مبكراً، يمكنك أن تحضى بوقت أكبر لاستثماره في التمارين أو انهاء مقترح عمل والذي سيكون مردوداً كبيراً لاستثمارك في الوقت . بالرغم من أن بعض هذه الخيارات تجعل الناس غير مرتاحين - وخصوصاً أنت - فعدم الشعور بالراحة في المدى القصير بسبب تغيير استجابتك التلقائية التي اعتدت عليها يكون لها كبير الأثر في المدى الطويل .

الخطوة الرابعة : طلب المساعدة

إذا اتبعت الخطوات الثلاثة السابقة ولا زلت تستطيع أن تنجز كل ما هو مطلوب منك، فقد حان أن تتجرأ وتطلب المساعدة من الآخرين . يمكنك فعل ذلك بطريقة واضحة وموضوعية كما هو موضح أدناه . قبل أن تفعل ذلك، استجمع ثقتك بمراجعة ميزانية الوقت مرة أخرى وذكر نفسك أنك ليس لديك سبب بالشعور بالذنب أو الفشل . لا أحد يستطيع أن يفعل المستحيل، فحقيقة أنك تخطيت ميزانية وقتك ليس حكماً عليك ولكنها إشارة أنك بحاجة إلى تعديل الجو بشكل عام .

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا