برعاية

مهدي علي وحقوق الإنسان

مهدي علي وحقوق الإنسان

"لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون أي تمييزٍ، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأيٍ آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد" ~ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لما خاضت أستراليا التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2014، كان منتخبها يرتكز على كوكبةٍ من المخضرمين ممن اشتعلت رؤوسهم-إن لم يعتريها الصلع-شيبا. لقد وقف في المرمى مارك شوارزر، والذي كان على مشارف الأربعين آنذاك، وأمامه لوكاس نيل ابن الـ35 عاما، بينما احتل وسط الملعب والهجوم كلٌ من مارك بريشيانو وآرتشي ثومبسون ابنا الـ33 عاما.

ولم تشذ النتائج عما كانت الجماهير الأسترالية تُمنّي نفسها به، فالفريق حلّ ثانيا ليضمن التأهل إلى العرس الكروي. لقد بدى لوهلةٍ بأن الحظ الذي بحث عن بديلةٍ لأستراليا في نهائي بطولة الأمم الآسيوية قد عاد ذليلا ليكفّر لها عن أخطائه.

ولكن عندما سقط الكانجارو بسداسيةٍ من اللكمات في مباراتين وديتين، أدرك الجميع في النصف الأدنى من الكرة الأرضية بأن الوضع ليس على ما يرام، لتكون باكورة التغييرات الجذرية في استبعاد لوكاس نيل من التشكيلة المتجهة إلى المونديال، رغم أن اللاعب الخبير كان قد ارتدى ألوان المنتخب في 96 مناسبةٍ، بعضها واكب تقلّده لشارة القيادة.

لم ترجم الجماهير الأسترالية أنجي بوستيكوجلو، مدرب المنتخب، بمرادفات الخيانة والغدر أبان قراره الجريء، ولم تؤلف الأغاني الحزينة لتبكي حنثه بالوعود وقطعه للعلاقات، فالهزائم الثقيلة بثت فيها تيارا كهربائيا صاعقا أوقظها من أوهامها قبل فوات الأوان، لتدرك بأن مصلحة المنتخب تقتضي إطلاق صافرة النهاية لمسيرة بعض جنوده المخلصين. إن الشارع الرياضي الممتد من بيرث إلى سيدني يعي بأن استبعاد نيل ورفاقه من الحرس القديم ما هو إلا وفاءٌ لمعادلة البقاء للأفضل، فالأداء هو الفيصل حينما تذوب هيبة الأسماء والتواريخ في المحيطات الممتدة بين أستراليا والبرازيل.

ولكن لم يكن الوضع بهذه الإيجابية على هذا الجانب من الخليج العربي.

أعلن تطوعي للتراجع عن المقال الذي نشرته بتاريخ 6 مارس 2014 لأستنكر قرار مهدي علي، مدرب المنتخب الإماراتي، باستبعاد إسماعيل مطر من التشكيلة التي ستخوض آخر جولات التصفيات الآسيوية. لقد اعتبرت في فورةٍ من التعصّب أو العاطفة، أو العناد حتى، أن "سُمعة" أيقونةً للكرة الإماراتية، فلا يجوز المساس بها مهما تراجع مستواه، ومهما فرّخت ملاعبنا ممن يستطيعون تعويض غيابه.

إنني أستطيع اليوم أن أختلق الأعذار لمهدي علي في قراره ذاك، فمصلحة ممثل الوطن تأتي أولا وثانيا وآخرا، ولا يعقل أن تكون القوة النفسية التي سيلهمها مطر لزملائه بتواجده بينهم أهم من الفارق الذي سيتقاعس عن خلقه على المستطيل الأخضر. وإذا ما ساءت الحصيلة الإماراتية-لا سمح الله-، فلا أظن أشد المتعصبين لوجود سُمعة سيصمت عن رداءة مستواه، ليهلل لعامل الخبرة أو الثقة التي أتى بها النجم المخضرم إلى التشكيلة. 

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا