برعاية

المسافة بين كلمة « ولو جبر خاطر» إلى « ما أبي أسمع رجاوي» صنعت تاريخ النصر

المسافة بين  كلمة « ولو جبر خاطر»  إلى « ما أبي أسمع رجاوي»  صنعت تاريخ النصر

« الرمز» ..( الأمير عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز)

   هدوؤه ورغبته في الوحدة جعلته بعيدا عن أقرانه من الورود التي مازالت نبتة صغيرة في بستان العمر.. عيونه الصامتة كانت تنطق بالبراءة، ولكن كان بقلبه إصرار وتحد وحلم لعبور نهر الألم إلى جسر الأمل .. خطت أنامله الصغيرة قصيدة في رثاء والدته فكشفت عن موهبة فذة لطفل في الشعر .. جدران معهد الأنجال في الرياض، كانت شاهدة على أولى خطواته التي يحبوها في عالم رسم المشاعر والأحاسيس في لوحات بديعة من الكلام المتدفق بالصدق والذي يخترق سويداء القلب بلا استئذان .. فقده حنان الأم وعطفها، وهو لم يقطف العام الخامس عشر من عمره، كسر قلبه، ولكن لم يهزم حلمه .. هو الأمير عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز آل سعود (19 نوفمبر1940- 29 يوليو2004  ) ابن الملك سعود بن عبد العزيز والأميرة الجوهرة بنت تركي بن أحمد السديري، وهو الابن الثالث عشر من أبناء الملك سعود.

  انطلقت المحطة الأولى في قطار عمر الطفل عبد الرحمن بن سعود في معهد الأنجال مع الشيخ عثمان الصالح، الذي انبهر بالطفل الواعد، فأحاطه برعاية خاصة، وغرس في عقله الناضج قبل أوانه،  حب القراءة،  فوجد منه تجاوباً كبيراً.. وسرعان ما صار القلم الرصاص الذي كان يترجم مشاعر بسيطة، ويرسم أحلاماً بريئة، قلماً من حبر الإبداع .. كان عبد الرحمن الأبرز بين رفاقه من الطلاب خلال المراحل الدراسية في فن الكتابة، وساهم بالعديد من أعماله في صحيفة المعهد سواء في الشعر والنثر والقصة والمقال،  فضلاً عن حواراته المثيرة مع رموز معهد الأنجال التي كانت أحياناً تتجاوز الخطوط الحمراء لجرأة الكاتب الواعد .. ولم يبعده عزفه على أوتار القلوب بقصائد رائعة ساحرة، بعدما امتلك نواصي الكلمة .. عن الرياضة التي كانت معشوقته الثانية قبل أن تتحول إلى الأولى في مرحلة لاحقة .. 

  كان الطفل عبد الرحمن بن سعود رياضياً مبدعاً،  مثلما كان ولا يزال في الفترة ذاتها شاعراً رقيقاً، مرهف المشاعر والأحاسيس .. لعب كرة القدم بفن ومهارة، إذ كان موهوباً، ما جعل المسؤول عن فريق الكرة في معهد الأنجال يضمه للتشكيل الأساسي في موقع حارس المرمى .. اشتد عود الفتى وكبرت أحلامه، وزادت طموحاته، .. ظل قلبه معلقاً ما بين الشعر والرياضة،  لذا اتجه إلى الفروسية، لعبة الأخلاق النبيلة .. ونجح في الفوز بعدد من سباقات الحواجز،  ثم سبح بمجداف الأمل، ومثل منتخب الوسطى للمدارس في لعبة السباحة.

  كبر الشاب الأمير عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز المولود في عام 1940 وكان النصر عشقه الكبير .. كل من حوله كان يلمس حبه للقميص الأصفر المصحوب بمشاعر فياضة.. ولا يجرؤ أحد من أهله أو أقاريه أن يتحدث معه في يوم تعرض فيه النصر للهزيمة .. بينما تنفرج أساريره في الفوز وتظهر ضحكته المبهجة التي ظل معروفا بها طيلة حياته التي قضي نحو ثلثيها بين جدران «العالمي»  .. ظل يراوده حلم تبوُّء مقعد رئيس النصر الذيأسسه الشقيقان زيد وحسن الجبعاء عام 1955 ليصبح خلال سنوات معدودة أحد قلاع الرياضة السعودية .

   كان عام1963 نقطة تحول في حياة الأمير عبدالرحمن بن سعود، إذ حصد ثمار غرسه مع كوكبة من عشاق النصر، بصعود الفريق إلى الدوري الممتاز بعد فوزه التاريخي على شباب مكة بهدف سجله اللاعب ميرزا أمان .. حينها اختلطت دموع فرحته بالإنجاز التاريخي بدموع كل  النصراوية .. وشاركه فرحة العمر مجلس إدارته المكون من نائبه الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز،  والأعضاء:  الأمير مساعد السديري، وحسن نصيب، وبكر باناجه،  وعبدالرحمن بن خميس،  ومعتوق كوشك، وأحمد البطاطي، ومحمد السباعي.. كانوا المجلس الذهبي الذي سجله التاريخ بأحرف من نور  .. بعدها انطلق النصر ليحصد البطولات المحلية .. ظل ابن «فارس نجد» المخلص يحلم بالمزيد .. لم يذق طعم النوم في ليال طويلة .. كل بطولة كانت تزيده إصراراً على المزيد .. حبه الجارف لناديه كان يحرم عليه الراحة .. جاءت التسعينيات لتكون وجه السعد على النصر،  فعبر من جسر البطولات المحلية إلى شاطئ البطولات القارية، وفاز ببطولة كأس الخليج مرتين، وكأس الأندية الآسيوية مرة، وكأس السوبر الآسيوية مرة..  صار النصر عريس القارة الآسيوية الذي ارتدي أبهى حلة، لتمثيلها في كأس العالم الأولى للأندية عام 200  في بلاد السامبا، سحرت الكرة البرازيل لينال لقب «العالمي».. ومع كل فرحة تسعد قلب كل مشجع  نصراوي كانت المسؤولية تزداد والحمل يكبر .. وظل عبد الرحمن بن سعود ينبوع عطاء لا ينضب، حتى صعدت روحه الطاهرة لبارئها في 29 يوليو2004  إثر أزمة بعد ساعات من وجوده في مكتبه غارقاً في هموم معشوقه النصر.

  رحل الرمز ولكن ظلت سيرته العطرة .. حفظه القرآن الكريم كاملاً يمنحه بلاغة كبيرة في التعبير بمفردات  تمس الوجدان .. قلبه الكبير كان يتسع للمحتاجين فخصص جزءاً كبيراً من أمواله لأعمال الخير.. ورعه وخشوعه وقربه من الله جعله يعطي بيمينه فلا ترى يسراه .. مشاغله الخاصة والرياضية لم تبعده عن الشعر والأدب إذ كان من أفضل الشعراء في عصره، كما كان يستضيف في قصره العديد من المنتديات الأدبية .. مسيرته الرياضية التي قد يأتي يوما وتدرس في الأكاديميات الرياضية بعدما استمرت نحو نصف قرن ( 45 عاما) يزينها العديد من الجوائز والأوسمة أبرزها: جائزة اللجنة الأولمبية الدولية، ووسام الرواد العرب من جامعة الدول العربية، تقديراً لإسهاماته في دعم الرياضة العربية، وجائزة الاستحقاق الرياضي الدولية الكبرى من لجنة التحكيم الدولية، وجائزة المفتاحة وتسلمها من سمو أمير منطقة عسير خالد الفيصل.

    «شبل من أسد» ..  ( الأمير فيصل  بن عبدالرحمن بن سعود)

 «هذا الشبل من ذاك الأسد».. تنطبق هذه المقولة على الأمير  فيصل بن عبدالرحمن ابن رمز النصر .. عاش بين جدران النادي أكثر مما عاش في بيت والده .. كان ينتظر بلهفة وشوق لحظة أن يغادر مع والده إلى مقر النادي .. كان حب النصر هو الحب الأول بحياته .. بعدما تفتحت عيونه على عطاء وتفاني والده لفارس نجد الذي قضي ثلثي عمره من أجل أن يصبح أحد قلاع الرياضة العربية، وليس السعودية فقط .. داعب معشوقته كرة القدم في مرحلة صباه بعدما ظهرت ملامح موهبة مميزة .. وزامل نجوما أفذاذا .. خلع القميص الأصفر .. لينتقل من موقعه في الميدان إلى مناصب إدارية فتدرج من مشرف على جهاز الكرة إلى موقع الرئيس،  واليوم أحد أعضاء الشرف المؤثرين.. الحب الكبير للنصر الذي غرسه والده بقلبه جعله يتحمل الانتقادات والهجوم من جماهير ومسؤولين .. كان شرسا في الحق .. ويقاتل من أجل رفع الظم عن «العالمي» .. تحفل مسيرته بمشاكل مع عدد من المسؤولين لرفضه أي تطاول على ناديه.

وجهه الذي ترتسم عليه ملامح الجدية لا يعرف السعادة إلا بانتصارات ناديه .. تجرد من طموحه بالعودة لارتداء عباءة الرئاسة لأن ما يعنيه هو نجاح النادي وليس نجاحه الشخصي .. ووقف في صف المؤيدين لبقاء الأمير فيصل بن تركي 4 سنوات أخرى على كرسي الرئاسة، ووصف إنجاز الرئيس الشاب بالمستحيل، بعدما قاد الفريق النصراوي للفوز بأهم بطولتين محليتين لم يحققهما النصر من زمن طويل، وأن هذا الإنجاز لم يأت من فراغ بل بصبر وتعب.

«كحيلان»...( الأمير فيصل بن تركي بن ناصر آل سعود)

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا