برعاية

فلاسفة الماضي يطلون من نافذة نجوم الحاضر

فلاسفة الماضي يطلون من نافذة نجوم الحاضر

تختلف مقاييس الحياةِ وتتعدد أبعادها الفلسفية والدينية والثقافية؛ وعبثا تحاول الغوص في وجدانياتها وسبر ابعادها واكتشاف سراديبها إلا انك تجد نفسك في رقعة صغيرة يمكن تعريفها ببيئة كل فرد منا، لكن هذه الرقعة الصغيرة تختزن في طياتها حياة أخرى قد لا تقل شأنا عن تلك التي لاتزال لغاية الآن غامضة ومجهولة تفوق تصورات وخيالات البشر.

هذه الحياةُ الصغيرة الآنفة الذكرِ هي حياتنا اليومية التي تتشابه وتتقاطع في شتى الميادين، كيف لا ونحن عشاق الساحرة الصفراء نعاين و ُنتابعُ ملاحمَ مبارياتِ التنسِ، نتفاعل معها ونعيشُها لحظةً بلحظة، نحزنُ ونفرحُ ونستشيطُ غضباً وكأننا جزء لا يتجزأ منها.

ترى ما هذه القوةُ التي تجذبُنا وتشدُنا اليها وما سرُ هذا الترابطِ بين هذه الرياضةِ والحياة؛ فالنقطةُ فيها تمنحُ اللاعبَ شوطاً ومن ثم مجموعةً فمباراةً تماماً كالثانية في الحياة التي تُصبح دقيقةً ومن ثمَ ساعةً فدهراً، ايضاً وايضاً هناك نقطةُ تحولٍ في كل مباراةٍ كما في حياةِ كلِ فردٍ منا؛ نقطةُ تحولٍ تنقلنا من مكانٍ إلى آخر قد لا نستطيعُ العودةَ منه وقد يرسمُ لاحقاً مسارَ مستقبلِنا.

في التنس ايضاً تحدياتٌ وتجاذبات، فرحٌ وتراجيديا تحدد نجاحاتِ واخفاقاتِ ابطال هذه الرياضةِ على مر السنين، واذا قلنا بأن التاريخ يعيدُ نفسَهُ فإن ذلك ينسحبُ ايضاَ على عالم التنس، ففي اواخرِ ثمانينات القرن الماضي شاهدنا تحديات ومواجهات مفتوحة بين الثُلاثي المتمثل بالتشيكي/الأميركي إيفان لندل والألماني بوريس بيكر والسويدي ستيفان إيدبرغ.

هذه المواجهات المباشرةُ انتقلت إلى يومنا هذا ولو بوجهٍ آخرَ حيثُ صاغها الزمنُ من جديد وتجلت بطريقة غير مباشرةٍ، فلندل الذي يعملُ كمدربٍ للبريطاني آندي موري منذ فترةٍ سيصبح من جديد على تماسٍ مع نظيريهِ بيكر وإيدبرغ بعد اتفاقِ كليهما رسمياً مع الصربي نوفاك جوكوفيتش والسويسري روجر فيدرر على التوالي بغية استلام مهمة تدريبهما.

بالتأكيد فإن هذه الدينامية الجديدة في عالم التنس ستؤتي ثمارها قريباً على غرار تجربةِ موري- لندل التي اسفرت عن فوز البريطاني ببطولتي غراند سلام في اميركا المفتوحة عام 2012 وفي ويمبلدون عام 2013 حيث جاءت الأخيرةُ على العشبِ الإنكليزي بعد انتظارٍ بريطاني دام 77 عام.

سيناريو موري قد يختلفُ بعض الشيء من حيثُ الشكل مقارنةً بمسيرتي فيدرر وجوكوفيتش لأنهما كانا قد سبقا موري بتسجيلِ اسميهما في سجلاتِ البطولات الأربع الكبرى، وانطلاقاً من هنا فإن الإضافةَ التي يمكن أن يقدمَها بيكر لجوكوفيتش تكمنُ في طريقةِ التفكيرِ ونظرةِ الألماني البرغماتية التي قد تُعطي جوكو دفعةً فنيةً ومعنويةً صغيرةً يحتاجُها لكسرِ سطوةِ الماتادور الإسباني رافاييل نادال، دون ان نسقط من حساباتنا خبرةَ بيكر والكاريزما التي يتمتعُ بها والتي قد تمثلُ بيئةً ايجابيةً حاضنةً تشحذُ همةَ الصربي.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا