برعاية

صملاخ الأذن ... دواؤها لا داؤها

صملاخ الأذن ... دواؤها لا داؤها

من لا يعرف تلك المفرزات الصفر التي تنساب من الأذن، والتي كثيراً ما نحاول إزالتها، خصوصاً عند الشعور بحكة شديدة، باستعمال الإصبع أو الأعواد القطنية أو حتى أي أداة، كالأقلام أو الدبابيس أو الأعواد الخشبية... إنه الصملاخ.

والصملاخ (شمع الأذن) مادة شمعية صفراء يتم إفرازها في الثلث الخارجي لقناة الأذن الخارجية التي تمتد من حدود طبلة الأذن حتى الفوهة الخارجية للأذن.

وهناك من ينظر إلى الصملاخ على أنه شيء غير مرغوب فيه، مع أنه مادة طبيعية يشارك في إنتاجها نوعان من الغدد، هما الغدد الدهنية والغدد العرقية التي تفترش الجدران الداخلية لقناة الأذن.

وتتفاوت عادة نوعية صملاخ الأذن وفق الأشخاص، لاعتبارات عرقية جينية، فلدى الذين هم من أصول آسيوية وأميركية يكون شمع الأذن أكثر جفافًا وذا لون رمادي، بينما يكون عند الأفارقة والأوروبيين أكثر رطوبة وذا لون بني أو أصفر، ومن الطريف أن علماء الحيوان يمكنهم تحديد أعمار الحيتان بدقة من خلال معرفة عدد طبقات الشمع في آذانها.

وهناك نوعان من صملاخ الأذن: النوع الرطب وهو بني اللون ولزج، يتألف من نحو 50 في المئة من الدهون، ومن 20 في المئة من البروتينات. أما النوع الثاني فهو جاف لونه رمادي وعلى هيئة قشور، وهو يتألف من 18 في المئة من الدهون و43 في المئة من البروتينات.

ويقوم الصملاخ بثلاث مهمات رئيسة هي:

> التنظيف: إذ يعلق الصملاخ بالطبقة المبطنة لقناة الأذن الخارجية ويظل متشبثاً بها، لكن بفضل حركة مفصل الفك أثناء المضغ أو الكلام، ينشأ نوع من الحركة البطيئة جداً التي تزيح إلى الخارج طبقة الخلايا السطحية لبطانة القناة، ومع تحرك تلك الخلايا إلى الخارج تجترّ معها الطبقة الشمعية (الصملاخ) حاملة كل الأوساخ والشوائب التي علقت به.

> الترطيب: يحتوي الصملاخ على كمية عالية نسبياً من الدهون والكوليسترول، ما يجعله مفيداً في ترطيب مجرى الأذن وحمايته من الجفاف وتداعياته، مثل الحكّة والحركة.

> الحماية من الميكروبات: أفادت دراسات طبية بفاعلية صملاخ الأذن في التغلب على البكتيريا والفطريات والفيروسات، أما السر فيكمن في احتواء الصملاخ على مركبات كيماوية تملك قدرات فائقة على قتل الميكروبات، خصوصاً تلك المتورطة في التهابات الأذن.

هناك كثيرون يظنون أن الصملاخ عبارة عن أوساخ ومفرزات لا قيمة لها، وأنه تجب إزالة هذه الكتلة بأي شكل من الأشكال، ولا يهدأ لهم بال إلى أن يقوموا بسلوك يدوي ما يهدف إلى اقتلاع بعض هذه الكتلة أو كلها من آذانهم، وهذا هو الخطأ بعينه.

إن وجود الصملاخ بكمية معينة في الأذن الخارجية ضروري للغاية، نظراً إلى كونه يملك وظائف حيوية ووقائية مهمة أشرنا إليها أعلاه.

ولعل من أكثر الوسائل التي يستعملها الناس لاقتلاع صملاخ الأذن هو الاستعانة بالأعواد القطنية من دون أن يدروا أي ضرر يلحقونه بالأذن، فاستخدام مثلك هذه الأعواد يزيد الطين بلة، إذ بدل أن تزيل الصملاخ فإنها تدفعه إلى مسافة أعمق داخل قناة الأذن الخارجية، ما يؤدي إلى إعاقة إخراج الشمع، وإلى تراكمه طبقات فوق أخرى داخل القناة الأذنية، وهذا ما يتعارض كلياً مع الطريقة الطبيعية التي يتم فيها التخلص من الكميات الفائضة منه.

ومع كل حكّة خفيفة أو انزعاج بسيط في الأذن يحاول بعضهم، إن لم يكن الجميع، استعمال أعواد القطن لإزالة شمع الأذن من القناة السمعية، وكثيراً ما تلجأ الأمهات إلى الشيء نفسه مع الصغار كلما لاحظن أنهم يمسكون بآذانهم أثناء بكائهم، وهذا بالطبع سلوك غير سليم، لأنه قد يتسبب بكل بساطة في ثقب غشاء الطبلة.

إذا لم يكن هناك مشاكل من وجود الصملاخ في الأذن فلا حاجة إلى فعل أي شيء لإزاحته من مكانه، فهو يتحرك نحو الخارج بآلية ميكانيكية ذاتية تشارك فيها حركة الفك أثناء المضغ أو الكلام.

في المقابل يمكن أن تكون مفرزات الأذن زائدة عن الحد، فيحصل ما يسمى في الوسط الطبي الانحشار الصملاخي، الذي تشير الإحصاءات في الولايات المتحدة إلى أنه يطاول 10 في المئة من اﻷطﻔﺎل و5 في المئة من اﻟﺒﺎلغين اﻷصحاء، و57 في المئة من اﻟﻤﺴنين اﻟذين يحتاجون إلى عناية صحية في اﻟﻤﻨﺰل، و36 في المئة ممن يعانون إﻋﺎﻗﺔ ﻋﻘلية.

وقد يؤدي الانحشار الصملاخي إلى الضغط على طبلة الأذن أو يتسبب بسد مجرى القناة، ما يسبب ضعفاً في السمع. وينصح بزيارة الطبيب إذا ظهر واحد أو أكثر من العوارض الآتية:

> ضعف السمع أو فقدانه.

> حس الامتلاء في الأذن.

> وشوشة أو طنين الأذن.

> آلام أو أوجاع في الأذن، خصوصاً بعد الاستحمام.

وحتى يتم تشخيص الانحشار الصملاخي بدقة وبالتالي الحاجة إلى علاجه وضعت اﻷﻛﺎدﯾﻤﯿﺔ اﻷﻣيركية ﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺟﺮاﺣﺔ اﻟﺮأس واﻟﻌﻨﻖ واﻟﺤﻨﺠﺮة اﻹرﺷﺎدات الآتية:

1- ﯾُﺸﺨﺺ الإﻧﺤﺸﺎر اﻟﺼﻤﻼخي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺆدي ﺗﺮاﻛﻢ اﻟﺼﻤﻼخ إﻟﻰ ظﮭﻮر ﻋوارض أو إﻟﻰ ﻣﻨﻊ ﻔحص ﻤﺠﺮى اﻟﺴﻤﻊ اﻟﻈﺎھﺮ أو ﻏﺸﺎء اﻟﻄﺒلة أو ﻛﻠﯿﮭﻤﺎ.

2- اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺴﺮﯾﺮﯾﺔ وﻔﺤﺺ ﻤﺮﯾﺾ الاﻧﺤﺸﺎر اﻟﺼﻤﻼخي ﯾﺠﺐ أن ﯾﺮﻛﺰا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ في اﻟﺘﺪﺑﯿﺮ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻏﺸﺎء اﻟﻄﺒلة المصاب، وﺗﻀﯿﻖ ﻣﺠﺮى اﻷذن، واﻟﺪاء اﻟﺴﻜﺮي، وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﺜﺒﯿﻂ اﻟﻤﻨﺎﻋﻲ، واﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻤﻀﺎدة ﻟﻠﺘﺨﺜﺮ.

3- اﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﺘﺨﺪﻣﻮن اﻟﺴﻤﺎﻋﺎت اﻟﻄﺒﯿﺔ ﺧﻼل اﻟﺰﯾﺎرات اﻟﻄﺒﯿﺔ ﯾﺠﺐ أن يتم تقييم اﻻﻧﺤﺸﺎر اﻟﺼﻤﻼﺧﻲ لديهم، ﻷن اﻟﺼﻤﻼخ ﻗﺪ ﯾﺰﯾد اﻟﻮﺿﻊ ﺳﻮءاً وﯾقلل من نقل اﻟﺼﻮت، وﯾﺨﺮب اﻟﺴﻤﺎﻋﺔ.

4- اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ للإﻧﺤﺸﺎر اﻟﺼﻤﻼﺧﻲ ﻗﺪ ﯾﺘﻀﻤﻦ اﻟﻤﺮﻛﺒﺎت اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻠﺼﻤﻼخ واﻹرواء بالماء، وهذه الأخيرة تكون أكثر فاعلية عندما يسبقها وصف القطرات الحالة للصملاخ.

5- بعد أن ﺗﻨﺘﮭﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻧﺤﺸﺎر اﻟﺼﻤﻼخ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻘﻮم اﻟﻄﺒﯿﺐ ﺑﺘﻘوﯿﻢ وضع اﻟﻤﺮﯾﺾ وﺗﺴﺠﯿﻞ ذﻟﻚ ﻓﻲ ملفه.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا