برعاية

القادسية... مصنع النجوم وحلبة صراع «الكبار» على صفقات الصيف والشتاء

القادسية... مصنع النجوم وحلبة صراع «الكبار» على صفقات الصيف والشتاء

في الوقت الذي استحوذت سياسية «استقطاب اللاعب الجاهز» على العقلية الإدارية في معظم أندية الدوري السعودي، اختار القادسية أن يشق طريقا آخر بحيث يكون أحد مناجم تصدير المواهب إلى الأندية الكبرى.

ويتفوق نادي القادسية بمدينة الخبر شرق السعودية على أندية المملكة من حيث الصناعة والتأهيل للمواهب وتحويلهم إلى نجوم تتصارع الأندية الكبرى على استقطابهم.

وغالبا ما تتجه أنظار صناع القرار في الأندية الكبيرة بشكل سنوي صوب نادي القادسية أملا في اقتناص نجوم جديدة واعدة. فنادي القادسية ورغم غيابه عن البطولات لأكثر من عقدين من الزمن، إلا أنه يتصدر اهتمامات وسائل الإعلام جراء العروض الكبيرة التي تنهال على مواهبه.

والقادسية هو النادي الأول في المملكة الذي احترف أحد لاعبيه خارجيا منذ 4 عقود ممثلا في اللاعب سالم فيروز الذي لعب في بعض الأندية الخليجية قبل أن يبدأ فعليا عصر الاحتراف للاعبين السعوديين. فيما كان الراحل سعود جاسم من أغلى اللاعبين السعوديين في عهده بانتقاله لنادي الاتحاد قبل 3 عقود فيما كسر اللاعب محمد السهلاوي رقم زميله ياسر القحطاني بعد أن انتقل للنصر قبل عقد من الزمن بأكثر من 40 مليون ولم تتوقف الانتقالات للاعبي القادسية للأندية الكبيرة حيث يصل عدد اللاعبين الذين انتقلوا من هذا النادي لأندية كبرى إلى أكثر من 30 لاعبا، ودرت هذه الصفقات على النادي عشرات الملايين من الريالات إلا أن ثمن ذلك كان الابتعاد طوال الفترة الماضية بعد أن حقق في عام 1993 كأس الكؤوس الآسيوية وكذلك بطولة كأس الاتحاد السعودي وكأس ولي العهد.

- نجوم من طراز رفيع

برز عدد من اللاعبين في نادي القادسية قبل أن ينتقلوا لأندية كبيرة وجماهيرية مثل عبد الله شريدة والحارس حسين الصادق الذي بات حاليا مديرا للمنتخب السعودي الأول وكذلك ياسر القحطاني وسعود كريري ومحمد السهلاوي ويوسف السالم وعبد الملك الخيبري وياسر الشهراني وعبد الرحمن العبيد وعبده حكمي وفوزي الشهري وماجد النجراني وصالح الغوينم وغيرهم كثير.

ورغم أن القادسية لم يقدم في السنوات الأخيرة ما يشفع له بالمنافسة على إحدى البطولات، فإنه بقي كاسم قوي على الساحة من خلال بروز نجومه وأبرزهم في الوقت الراهن المهاجم هارون كمارا الذي يعد من أهم ثمرات السماح للأندية بتسجيل اللاعبين المواليد في صفوف فرقها وفق تنظيمات ولوائح اعتمدها الاتحاد السعودي لكرة القدم بما يخدم الكرة السعودية.

بداية يقول رئيس النادي السابق الدكتور جاسم الياقوت الذي عمل لأكثر من عقدين من الزمن في منصب الرئيس أو النائب وكذلك في عضوية الاتحاد السعودي وكثير من اللجان المتعلقة بتطوير الكرة السعودية: «ما يميز نادي القادسية عن غيره من الأندية أنه يهتم بعامل مهم جدا وهو الحرص على جعل العلاقة بين النادي والمدرسة والمنزل تكاملية لمنسوبيه حيث إن ولي الأمر حينما يحضر ابنه للنادي يحرص على أن يكون مجتهدا في تحصيله العلمي ويستطيع التوازن بين الهواية التي يمارسها وتعليمه وهذا أمر طبيعي».

وأضاف: «نوفر لأبناء النادي من اللاعبين الطلبة في المدارس معلمين لمساعدة من يحتاجون إلى هذا الدعم والتقوية في دروسهم وحينما يرى أولياء الأمور أن أبناءهم قادرون على ممارسة الهوية والتفوق العلمي تثمر العلاقة وتتعزز الثقة ولذا نعد ذلك ركيزة أساسية في صناعة النجوم، حيث تتم متابعة اللاعبين بشكل دقيق في كل النواحي والتواصل مع المدارس أو حتى الجامعات التي ينتظمون بها من أجل ضمان قدرتهم على تحقيق التفوق المطلوب في الجانب التعليمي والرياضي».

وبين أن وجود النادي في قلب مدينة الخبر حيث يمكن الوصول له بسهولة وكذلك عقد اللقاءات الدائمة مع أولياء الأمور ومكافأة المتفوقين منهم جعل نادي القادسية يتميز على أقرانه في كثير من الجوانب مما يخلق أرضية صلبة ليكون أبناء نادي القادسية نموذجا في التألق الرياضي والتحصيل العلمي.

وأشار إلى أنه اقترح شخصيا حينما كان عضوا في لجنة التطوير للكرة السعودية التي كانت برئاسة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز «يرحمه الله» أن يتم ابتعاث اللاعبين المتفوقين من جانب التحصيل العلمي والتألق في المجال الرياضي وخصوصا كرة القدم إلى الدول المتقدمة في هذا الجانب مثل البرازيل وفرنسا وألمانيا وإنجلترا وغيرها حيث يتم الاستفادة منهم في التحصيل العلمي والقدرة على تطوير القدرات في الجانب الرياضي من خلال الانتظام في صفوف الأندية الكبرى في هذه الدول مما يخدم الوطن، مبينا أن كثيرا من المبتعثين يطورون قدراتهم بأنفسهم في الخارج دون أن يكون هناك هدف حقيقي للاستفادة منهم في الجانب الرياضي.

وعاد الياقوت للتحدث عن تجربة نادي القادسية في تطوير المواهب وصناعتهم وجعلهم في مقدمة النجوم الذين يصنعون الفارق في الأندية الكبيرة بالقول: «ننتقى أفضل الكفاءات ولذا نضمن الاستمرارية، صحيح أننا ليس لدينا من الأموال الشيء الكثير الذي يمكننا من المحافظة على الكفاءات لفترة طويلة ولكننا نوفر الأجواء الصحية التي تجعل كثيرين يسعون للعمل في هذا النادي، كما نقدم المكافآت المالية قدر الإمكان للاعبين المتفوقين في الجانب الدراسي من باب التحفيز وهذه الأمور لها أثر كبير جدا».

وحول أهم الأهداف التي تسعى لها الإدارات المتعاقبة في نادي القادسية وخصوصا أن عهده شهد عددا من أكبر الصفقات في الكرة السعودية من خلال بيع عقدي اللاعبين سعود كريري وسعيد الودعاني لنادي الاتحاد وكذلك ياسر القحطاني لنادي الهلال وفوزي الشهري للأهلي وغيرهم من اللاعبين بصفقات تجاوزت مداخيلها «50» مليون ريال قال الياقوت: «في زمن الاحتراف يتوجب أن يبحث المسؤول عن مصلحة ناديه وهذا ما سعيت له وهناك من تحدث عن أن هناك تفريطا في النجوم في عهدي، إلا أن من جاء بعدي لم يتمكن من تحقيق وعوده بالمحافظة على النجوم لأن موارد النادي محدودة والقادسية ليس قادرا على الاحتفاظ بالنجوم ومقارعة الأندية التي يوجد بها أعضاء شرف يدفعون عشرات الملايين ولذا كنا واضحين في البحث عن مصلحة النادي من خلال الاستفادة من مداخيل العقود للاعبين ونحافظ في الوقت نفسه على من نستطيع المحافظة عليهم».

وأشار إلى أن البناء يحتاج إلى وقت طويل وصبر ولذا ظل القادسية يترنح بين دوري الأولى والمحترفين حتى صنع جيلا من النجوم ووصل لثالث الترتيب بالدوري ووصل لنهائي كأس ولي العهد، لكن تبقى المادة هي العامل الأهم في زمن الاحتراف.

- فن التعامل مع الصغار

من جانبه، قال خالد مبارك عميد المدربين في النادي والذي تخرج على يديه غالبية النجوم الذين مروا على الكرة السعودية من خلال نادي القادسية، إن من أهم عوامل وفرة المواهب في نادي القادسية وجود المدارس القريبة من مقر النادي وكذلك ملاعب الحواري، إضافة إلى السمعة المميزة التي اكتسبها النادي منذ سنوات طويلة في التعامل مع أبنائه ومنسوبيه حتى أنه يطلق عليه نادي الجامعيين.

وأضاف: «هناك إدارات تعمل وفق خطط استراتيجية مدروسة وتنظر دائما للمستقبل بإيجابية ولديها يقين أن ما تزرعه اليوم سيجنيه النادي غدا مع وجود استثناءات قليلة مرت على النادي من حيث الإدارات، وكذلك وجود مدربين وطنيين على مستوى عال من الفكر الفني والرياضي وفن التعامل مع اللاعبين الصغار وتفهم نفسياتهم والعمل على الاقتراب منهم بشكل أكبر من خلال خلق حلقة تواصل قوية بين المنزل والمدرسة والنادي».

من جانبه، بين مدير عام الفئات السنية وليد الناجم والذي يعمل في النادي لقرابة العقدين من الزمن من خلال كثير من المناصب الإدارية أن النادي يحرص على استقطاب الكفاءات وخصوصا من منسوبي وزارة التربية والتعليم من أجل الكشف عن المواهب واستقطابها للنادي وكذلك ضمان تلازم الجانبين التربوي والكفاءة في القيادة الرياضية فيمن يتم استقطابهم ولذا يجمع كثير من لاعبي القادسية بين التفوق العلمي والرياضي.

وأشار إلى أن هناك تصنيفا للاعبين الموهوبين على أساس العمر والقدرات وتأهيلهم من خلال الكفاءات التي يتم التعاقد معها سواء من المدربين الوطنيين أو من خارج المملكة وفق مواصفات دقيقة تتوافق مع النهج الذي يسير عليه النادي منذ سنوات طويلة.

من جانبه، بين مدرب فئة البراعم بالنادي الحالي فريد المعيدي وهو أحد اللاعبين السابقين والمتنقلين في العمل في الفرق الكروية في النادي لأكثر من عقدين من الزمن أن اللاعب الصغير يحتاج إلى تعامل من نوع خاص، فاللاعب «البرعم» كحال طالب سنوات التعليم الأولى حيث يحتاج إلى تأسيس تربوي وذهني وبدني ولياقي وقدرة على التطور وفق برامج زمنية مدروسة يتم إعدادها له بشكل دقيق.

وأضاف المعيدي: «هناك من يعتقد أن النجم يصنعه الحظ وهذا نادر جدا، هناك أسس يتم العمل عليها من أجل صناعة اللاعب الموهوب حتى يصبح نجما يشار له بالبنان وفق خطة استراتيجية يستطيع من خلالها اللاعب أن يحصل على مركز أساسي في الفريق الأول بعد أن يصل عمره إلى 18 سنة ويتم متابعة كل مراحل تطوره ليكون قادرا على تحقيق هذا الهدف».

- بيئة جاذبة وتسجيل مفتوح للاعبين

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا