برعاية

هل أثّر غوارديولا على كرة القدم الإنجليزية؟

هل أثّر غوارديولا على كرة القدم الإنجليزية؟

في إحدى المواجهات بدوري الدرجة الثانية الإنجليزي، سجل فريق روتشديل هدفاً رائعاً في مرمى منافسه ساوثيند، بعد تمرير الكرة 16 مرة بشكل سريع. وكما هو الحال في هذه الأيام، لم تعد مقاطع الفيديو التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تقتصر على الأهداف الجميلة التي يتم تسجيلها، لكنها تمتد الآن لتشمل مهارات اللاعبين في التمرير، وهو الأمر الذي أدى إلى حالة من الجدل حول الطريقة التي يعتمد عليها المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، والتي تعتمد في المقام الأول على الاستحواذ المتواصل على الكرة.

ولتحليل هذه الأمور بإيجاز قدر الإمكان، قام شخص ما بنشر تغريدة على موقع «تويتر» قال فيها: «من يقول إن غوارديولا ليس له تأثير على كرة القدم الإنجليزية؟» وقام البعض بانتقاد المدير الفني الإسباني وقالوا إنه لم يتمكن من الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا منذ عام 2011، وفي ضوء هذا النقاش المحتدم أشار البعض إلى أن غوارديولا لم يعمل إلا مع الأندية الغنية المكدسة بالنجوم والتي يحصل فيها على خدمات أي لاعب يريده، وبالتالي تكون الأمور سهلة بالنسبة له. لكن بريان باري ميرفي، المدير الفني لنادي روتشديل، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية بإنجلترا، يطبق الطريقة التي يعتمد عليها غوارديولا رغم الإمكانيات المحدودة.

لقد كان غوارديولا في طليعة المديرين الفنيين الذين أحدثوا هذه الثورة في عالم كرة القدم، حيث يجعل المدير الفني الإسباني لاعبي فريقه المكون من 11 لاعبا يقتربون من بعضهم البعض داخل الملعب وكأنهم يلعبون كرة الصالات المكونة من خمسة لاعبين، وأصبحت اللعبة تعتمد في المقام الأول على التمرير السريع والاستحواذ على الكرة، وعلى المهارات الفنية وخلق المساحات، بعد أن كانت تعتمد في السابق على القوة البدنية والالتحامات الهوائية.

إن الطريقة التي تلعب بها هذه الأندية تعكس ما يمكن القيام به، كما تعكس تغيير المفاهيم في عالم كرة القدم. وقد أدى هذا، إلى جانب عدم التوازن في الموارد المالية بين الأندية، إلى أن نرى بعض المباريات التي يستحوذ فيها ناد على الكرة بنسبة كبيرة للغاية وبطريقة لم نكن نراها من قبل. لكن غوارديولا يمكنه القيام بذلك لأن الظروف ملائمة تماما له.

ويمكن القول إن كرة القدم قد تغيرت في عام 2008، وقبل ذلك بأربعة عشرة عاما، شهدت مراحل خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا معدلا تهديفيا يصل إلى ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة مرتين؛ لكن في الـ11 عاما التالية منذ عام 2008، لم يكن معدل الأهداف في مراحل خروج المغلوب لدوري أبطال أوروبا أقل من ثلاثة أهداف في المباراة سوى مرة واحدة فقط. ويجب الإشارة إلى أن عام 2008 كان هو العام الذي دخل فيه غوارديولا عالم التدريب، ومن المؤكد أنه مسؤول عن زيادة معدل الأهداف بهذا الشكل، لكنه ليس مسؤولا مسؤولية كاملة.

ومنذ كأس العالم 1990 وما بعده، تم تعديل قوانين كرة القدم، بحيث تصبح اللعبة أكثر مرونة، ومنعت القوانين الجديدة حراس المرمى من الإمساك بالكرة التي يمررها لهم زملاؤهم، وتم فرض عقوبات صارمة بشأن عرقلة اللاعبين من الخلف، كما تم تعديل القوانين الخاصة بالتسلل. وبحلول عام 2008، كانت كل هذه العوامل موجودة بالفعل وكانت اللعبة جاهزة تماما لأي رؤى سلبية تقود الثورة في عالم كرة القدم.

وبينما تهتم الأندية الكبرى بمحاولة اللحاق بركب غوارديولا واللعب بنفس الطريقة، التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة والضغط المتواصل على الفريق المنافس، فإن البيئة التي شجعت غوارديولا على اللعب بهذه الطريقة لا تزال قائمة وتؤدي إلى الابتكار على جميع المستويات. لكن ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذا الصدد هو الطريقة التي يلعب بها شيفيلد يونايتد، والتي تعتمد على تقدم قلبي الدفاع للأمام في الوقت الذي يغطي فيه لاعبون آخرون خلفهما.

في البداية، يجب الإشارة إلى أن فكرة تقدم المدافعين للأمام ليست جديدة، وقد شاهدناها من قبل بأشكال وطرق تكتيكية مختلفة، بدءا من طريقة اللعب التي كانت تعتمد على تقدم المدافعين في الثلاثينات من القرن الماضي مرورا بطريقة الليبرو التي كان يعتمد عليها فرانز بيكنباور ووصولا إلى الطريقة التي كان يعتمد عليها المدير الفني الهولندي لويس فان غال في التسعينات من القرن الماضي، بحيث كان أحد قلبي الدفاع يقوم بدور صانع الألعاب، لأن هذا هو المركز الوحيد في الملعب الذي يمكن اللاعب من خلاله أن يحصل على الوقت الكافي لرؤية الملعب والتفكير بهدوء في التمرير للأمام.

وبالمثل، فإن الفكرة القائلة بأن قلبي الدفاع يجب أن يلعبا وكأنهما لاعبا خط وسط، من خلال اللعب على أطراف الملعب والسماح بإدخال عنصر السرعة بشكل مفاجئ نتيجة الاندفاع للأمام من عمق الملعب، أصبحت فكرة تقليدية في واقع الأمر. لكن دمج هاتين الطريقتين معا، بالشكل الذي يفعله وايلدر مع شيفيلد يونايتد، يعد أمرا مذهلا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا