برعاية

الخلافات على أموال سالا تُظهر الوجه القبيح لكرة القدم

الخلافات على أموال سالا تُظهر الوجه القبيح لكرة القدم

عُثر على جثة اللاعب الأرجنتيني إيميليانو سالا مع حطام الطائرة التي كانت تقلّه من فرنسا إلى إنجلترا، ومن الممكن الآن أن تقيم عائلته الجنازة وتدفنه. وعلى الأقل، كان ذلك أفضل من عدم العثور على جثته وعدم حسم القضية. وكما قال المدير الفني لنادي كارديف سيتي، نيل وارنوك، فإن العثور على جثة سالا يمكن أن يجعل أسرته تشعر ببعض السلام والطمأنينة بدلاً من البديل الأسوأ، وهو فقدان جثته في قاع البحر إلى الأبد.

لكن عائلة الطيار ديفيد إبوتسون، الذي لم يتم العثور على جثته حتى الآن ربما لن تشعر بالراحة أبداً قبل العثور على جثة فقيدها. وبعدما توقف البحث الآن، كيف يمكن لأي شخص أن يستوعب كم الحزن الذي تشعر به عائلة الفقيد قبل وفي أثناء وبعد عملية تحديد الهوية؟ وبالنسبة إلى سالا، فإن أصدقاءه وعائلته سوف يبدأون إجراء الترتيبات اللازمة لإعادة جثته إلى الأرجنتين. أما بالنسبة إلى عائلة قائد الطائرة، التي تحطمت وهي في طريقها من نانت إلى كارديف، فلن يحدث أي شيء حتى الآن. وللأسف، ليس هناك ما يضمن أن تتغير الأمور خلال الفترة المقبلة.

وفي مثل هذه الظروف، ربما يعتقد المرء أن الناديين اللذين يوجدان في قلب هذه المأساة (نانت وكارديف سيتي) سيتّحدان معاً بسبب مشاعر الحزن التي تنتاب كلاً منهما. وهل كان من غير المعقول أن نفكر، على أقل تقدير، أنه بإمكانهما عدم الدخول في خلافات حول الأموال حتى قبل استخراج جثة سالا من عمق البحر؟ أم أن هذا لم يكن الوقت المناسب لتذكير الجميع بالوجه القبيح الذي يمكن أن تصل إليه صناعة كرة القدم في بعض الأحيان؟ إنها الرياضة التي نحب الكثير من جوانبها، لكنها نفس اللعبة التي نكره الكثير من طرق إدارتها، على حد قول المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت. إنها اللعبة التي تطمس فيها الأموال الحدود الفاصلة بين ما هو صواب وما هو خطأ في كثير من الأحيان.

وإذا لم تكن قد سمعت من قبل بما حدث، فيتعين عليك أن تعرف أن نادي نانت الفرنسي قد أرسل طلباً مكتوباً إلى نادي كارديف سيتي الإنجليزي يوم الثلاثاء الماضي يطالبه فيه بدفع قيمة صفقة انتقال اللاعب والبالغة 15 مليون جنيه إسترليني، بما في ذلك تهديد واضح وصريح بلجوء نانت إلى إجراء قانوني إذا لم يرسل كارديف الأموال. وقد أرسل نانت هذه الرسالة بينما لم يكن أول أجزاء من حطام الطائرة قد وصل بعد إلى شواطئ نورماندي!

ومع ذلك، كانت الرسالة واضحة ومفادها أن نانت يريد أن يسدد كارديف سيتي قيمة القسط الأول والبالغة 5 ملايين جنيه إسترليني في أسرع وقت ممكن. وتم تحذير كارديف سيتي بأن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قد يفرض عليه عقوبة عدم التعاقد مع لاعبين جدد في حال عدم تسديده قيمة صفقة سالا. وكان الشيء المؤسف والمؤلم هو مناقشة هذه الأمور على الملأ.

إنه شعور مؤلم عندما يتعامل الناديان بهذه الطريقة، رغم أنهما يستحقان كل الإشادة والتقدير على موقفهما تجاه ما حدث مع سالا في بداية الأمر، فقد أظهر مسؤولو كارديف سيتي حزناً حقيقياً على اللاعب، كما أظهر المدير الفني للفريق، نيل وارنوك، جانباً عظيماً من شخصيته منذ سقوط الطائرة التي كان يستقلها سالا في 21 يناير (كانون الثاني).

وبالنسبة إلى نانت أيضاً، تعامل النادي الفرنسي بشكل جيد للغاية وربما شاهدنا جميعاً ما حدث خلال مباراة الفريق أمام سانت إتيان على ملعب «لا بوجوار»، عندما توقفت المباراة في الدقيقة التاسعة، وهو رقم القميص الذي كان يرتديه سالا، في الوقت الذي وقف فيه المشجعون وهم يمسكون آلاف البطاقات الصفراء والخضراء لكتابة اسمه في المدرجات. وبعد استئناف المباراة، عاد المدير الفني لنانت وحيد خاليلوزيتش، إلى مقعده ولم يتمكن من السيطرة على مشاعره وظل يبكي. ويعود ارتباط خاليلوزيتش بنادي نانت إلى عام 1981عندما انضم للفريق كلاعب وكان يرتدي القميص رقم 9 أيضاً.

كما قرر نانت حجب رقم 9 من قمصان اللاعبين، في خطوة إيجابية تقديراً لسالا حتى ولو كان ذلك لفترة مؤقتة. وأوضح نانت في بيان له: «في الوقت الراهن لن يُعطى الرقم (إلى أحد آخر) تكريماً لإيمي، ولأنه سيكون عبئاً كبيراً على أي لاعب سيحمله في الظرف الراهن. لكن في غضون خمسة أو عشرة أعوام، سيكون بلا شك ثمة لاعب يحمل الرقم 9 في نانت».

وغالباً ما تلجأ أندية رياضية في الولايات المتحدة إلى سحب رقم من التداول، تكريماً للاعبين معتزلين أو راحلين. إلا أن سحب رقم بشكل نهائي من نادٍ لكرة القدم هو أكثر تعقيداً، نظراً إلى محدودية الأرقام المتوافرة.

وعلى سبيل المثال، تفرض أنظمة رابطة الدوري الفرنسي «ترقيم» اللاعبين بين 1 و30 كحد أقصى. وعادةً ما تُعتمد الأرقام 1 و16 و30 لحراس المرمى، ويُسمح باعتماد الرقم 40 في حال وجود حارس مرمى رابع.

أما الرقم 9 فغالباً ما تخصصه أندية كرة القدم للمهاجمين والهدافين.

وستبقى هذه الصور خالدة في الذاكرة، على عكس تلك الخلافات بين الناديين على الأموال، وأعني بذلك نانت، الذي لم ينتظر حتى يتم العثور على جثة سالا لكي يطالب بقيمة الصفقة، وكارديف سيتي، الذي قرر أن ينشر تفاصيل جميع مراسلات نادي نانت على صفحات جريدة «ليكيب» الفرنسية!

ربما يشعر مسؤولو كارديف سيتي بـ«الصدمة» على ما يبدو، لكن ما الذي يدفعهم إلى نشر تفاصيل هذه الخطابات في الصحف؟ ولماذا يقرر المرء أن يقول شيئاً إذا كان يعلم جيداً أنه سوف يؤذي مشاعر الآخرين؟ إلا إذا كان ذلك، بالطبع، تكتيكاً من جانب كارديف سيتي، لأننا لا نتصور بأي حال من الأحوال أن يكون الجانب الفرنسي هو مَن سرب تلك الخطابات، التي ظهرت للمرة الأولى في قسم كرة القدم بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في ويلز!

ولسوء الحظ، من الصعب للغاية أيضاً أن نتخيل أن جميع الوكلاء والوسطاء، الذين يصل عددهم الآن إلى خمسة مع احتمال زيادة العدد خلال الأيام المقبلة، يعملون جاهدين للحصول على حصتهم من الصفقة، وهو الأمر الذي يعكس الحال التي وصلت إليها سوق انتقالات اللاعبين في عالم كرة القدم في الوقت الحالي.

ربما يفكر كثيرون بنفس الطريقة التي نفكر بها الآن، لكننا لسنا متأكدين تماماً مما إذا كنا بحاجة إلى سماع رسالة البريد الصوتي التي أرسلها سالا وهو في الجو ويعترف فيها بأنه «خائف حقاً»، ويقول إنه يعتقد أن الطائرة سوف تسقط. أو أنه يتعين علينا أن نعيد مشاهدة التحديثات التي كانت تظهر على شاشات قنوات الأخبار لمدة أربعة وعشرين ساعة يومياً عن الطائرة التي كانت تقلّ اللاعب والجهود المبذولة للعثور على جثته من قاع البحر، على بُعد 21 ميلاً من ساحل جيرنزي. ربما يتعين علينا القيام بكل ذلك لكي نعرف أنه لا ينبغي أن يدخل الناديان في خلافات بشأن الأموال بينما لم تُدفن جثة اللاعب بعد!

لكننا نودّ التركيز على الدور الذي قام به ويلي ماكاي، وكيل أعمال سالا، في هذه القصة، وأتساءل عن السبب –بخلاف رغبته المشبوهة في الظهور الإعلامي والترويج لنفسه– الذي يجعله يتوجه إلى صحيفة «ليكيب» الفرنسية ويعطيها نسخة من البريد الإلكتروني الذي أرسله إلى سالا في السادس من يناير، والذي كان يقول فيه: «إميليانو، اسمي ويلي ماكاي. نحن لسنا مهتمين بممتلكاتك الشخصية وأمورك المالية وعطلاتك ورعاية أطفالك، لأن هذا ليس مسؤوليتنا». لكن من الواضح أن الهدف الوحيد لماكاي كان هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال.

لقد اعترف ماكاي بكل سعادة بأنه نشر معلومات خاطئة في وسائل الإعلام حول اهتمام كل من إيفرتون ووستهام بالحصول على خدمات المهاجم الأرجنتيني البالغ من العمر 28 عاماً، في محاولة لرفع أسهم اللاعب. وقال ماكاي في البريد الإلكتروني: «نحن لا نقول للاعبينا إننا نتعامل معهم كأننا آباء يتعاملون مع أبنائهم. لا، إذا لم تكن لاعب كرة قدم جيداً، فلن يهتم بك هؤلاء. لا توجد مشاعر، لأننا نتعامل فقط في أمور تجارية». وربما يدفعنا ذلك إلى القول بأن المدير الفني الآيرلندي جو كينر كان لطيفاً للغاية بالمقارنة بماكاي.

وبالنسبة إلى أولئك الذين لا يعرفون مَن هو ماكاي، فتجب الإشارة إلى أنه شخصية سيئة السمعة في عالم كرة القدم وكان مشهوراً لبعض الوقت، لدرجة أن نادياً مثل نيوكاسل يونايتد، خلال الفترة التي تولى فيها مايك أشلي قيادة النادي، كان مصرّاً على عدم التعامل مع ماكاي، وقال المدير التنفيذي السابق للنادي، ديريك لامبياس، إنه لا يريد التعامل مع «حيوان من هذا القبيل».

ألم يشعر ماكاي بالإحراج بعدما خرج النجم الإيفواري ديديه دروغبا ليكذبه في ما يتعلق بالجزء الذي كتبه في رسالته إلى سالا، والذي زعم فيه أنه كان وكيل أعمال لاعب تشليسي السابق؟ وبالتالي، فإن السؤال هو: لماذا قرر ماكاي القيام بذلك، وما الذي أجبره على الكشف عن الرسائل النصية التي تسلمها من سالا بشأن ترتيبات الرحلة الجوية من نانت إلى كارديف سيتي؟ إنني في الغالب أحاول الدفاع عن عمل وكلاء الأعمال، لكن من الصعب للغاية القيام بذلك في حالة ماكاي، الذي يجعل أي شيء غير مباح من أجل التسويق والحصول على الأموال.

والأهم من ذلك كله، وجدنا أنفسنا نتساءل عن مجموعة الظروف غير المُرضية التي جعلت وسائل الإعلام تكتب عناوين سيئة الأسبوع الماضي ساهمت بشكل كبير في توتر العلاقة بين ناديي نانت وكارديف سيتي ودخولهما في خلافات حول قيمة الصفقة. وبالتأكيد، كان هناك دائماً احتمال لأن تتعقد الأمور بصورة أكبر، خصوصاً أن نادي بوردو له الحق في الحصول على 50% من إعادة بيع اللاعب، وهناك العديد من وكلاء اللاعبين الذين يريدون أن يحصلوا على أموال أيضاً، لكن هل كان يجب أن تسير الأمور بهذه الطريقة؟

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا