برعاية

المدربون السود يصطدمون بالمحسوبية والعنصرية في دوري كرة القدم الأميركي

المدربون السود يصطدمون بالمحسوبية والعنصرية في دوري كرة القدم الأميركي

ترك يوم «الاثنين الأسود» للدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، وهو اليوم الذي تُقيل فيه الأندية مدربيها بشكل روتيني مع انتهاء الموسم، البطولة بعدد قليل من المدربين المنتمين إلى الأقليات العرقية المختلفة. ومن بين الثمانية مدربين الذين تركوا مناصبهم هذا الموسم، كان هناك خمسة مدربين من أقليات عرقية، وهم ستيف ويلكس، ومارفن لويس، وفانس جوزيف، وهيو جاكسون، وتود بولز. وأقيل ويلكس من منصبه بعد عام واحد فقط في عمله.

وفي حين أن بعضا من هؤلاء المدربين الخمسة قد يتم استبدالهم بمدربين آخرين من الأقليات أيضا، فإن قرارات الإقالة هذه قد تركت الدوري في موقف صعب. وتجب الإشادة بروجر غودل، الذي أعطى أولوية كبرى لزيادة عدد المديرين الفنيين من الأقليات المختلفة في بطولة الدوري خلال توليه منصب مفوض الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية. وقد تم تعديل وتحسين «قانون روني»، الذي يُلزم جميع الفرق بإجراء مقابلة مع مرشح من الأقليات عند البحث عن تعيين مدير فني ومدير عام للنادي. وقد تبنت عدة فرق برامج تدريب داخلية للاعبين السابقين الذين يتطلعون لبدء مسيرتهم التدريبية، كما خصص الدوري نفسه المزيد من الموارد لتطوير المديرين الفنيين المنتمين للأقليات العرقية المختلفة.

ورغم أن اللاعبين السود يشكلون نحو 70 في المائة من هذه الرياضة، فإن بطولة الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية لا تضم الآن سوى ثلاثة مديرين فنيين فقط ممن ينتمون إلى الأقليات، وهم مايك توملين، وأنطوني لين، وهما أميركيان من أصل أفريقي، بالإضافة إلى رون ريفيرا، وهو من أصول لاتينية.

ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هناك أمرين صحيحين، الأول هو أنه لا يوجد عدد كاف من المديرين الفنيين من الأقليات في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، والثاني هو أن جميع الإقالات التي حدثت يوم الاثنين كانت مبررة ومنطقية بالنظر إلى ما نعرفه عن الأمن الوظيفي في كرة القدم، فقد أقيل جوزيف من منصبه بسبب النتائج السيئة التي حققها نادي دنفر برونكوز، والتي تعد الأسوأ بالنسبة للنادي منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، كما أقيل كل من باولز وجاكسون ولويس بسبب سوء النتائج أيضا.

لكن ربما تكون إقالة ويلكس هي الأشد قسوة، لأن هذا هو أول موسم له مع الفريق، وقد رأينا من قبل العديد من المديرين الفنيين وهم يعانون خلال أول موسم لهم، لكنهم يحصلون في غالب الأمر على المزيد من الوقت من أجل تطبيق أفكارهم وفلسفتهم. لكن من جهة أخرى، لم يكن فريق أريزونا كاردينالز تحت قيادة ويلكس يقدم مستويات سيئة فحسب، لكنها كانت كارثية وغير مسبوقة في حقيقة الأمر. وبالإضافة إلى ذلك، أقال نادي تيتانز مديره الفني مايك مونتشاك بعد موسم واحد فقط.

وربما تكون القضية الأكبر التي نواجهها الآن تتعلق بمن يتخذ قرارات تعيين وإقالة المديرين الفنيين، ولماذا يكون المدربون السود هم كبش الفداء دائما. واعتبارا من الآن، سيكون هناك مدير عام واحد من الأقليات في الدورة التدريبية لعام 2019. وتجب الإشارة إلى أن المديرين العامين هم الذين يلعبون الدور الأكبر في تعيين المديرين الفنيين. وقد تمت إقالة المدير العام لنادي رايديرز، ريجي ماكنزي، الشهر الماضي، بالإضافة إلى أن الأسطورة أوزي نيوسوم سيتقاعد في نهاية الموسم، ويترك المهمة لمساعده منذ فترة طويلة إريك ديكوستا صاحب البشرة البيضاء، وهو ما يعني أن كريس غرير سيكون المدير العام الوحيد من أصحاب البشرة السمراء في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية.

ويجب التأكيد على أن التنوع على مستوى صنع القرار هو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى التنوع في خلفيات وعرقيات المديرين الفنيين. وكتبت لورين ريفيرا، أستاذة بكلية كيلوغ للإدارة، في دراسة عام 2014 تقول: «التوظيف هو أكثر من مجرد عملية لفرز المهارات. إنها أيضاً عملية ملاءمة ثقافية بين المرشحين والقائمين بعملية التقييم والشركات. ويسعى أصحاب العمل إلى مرشحين لا يكونون مؤهلين للمنصب فحسب، لكنهم متشابهون معهم أيضا من الناحية الثقافية».

ويقوم صانعو القرار على الأرجح بتعيين أولئك الذين يبدون مثلهم أو يشبهونهم أو ينتمون لنفس الدوائر الاجتماعية أو يكون لديهم نفس التجارب الاجتماعية. وفي هذا الصدد، تجب الإشارة إلى أن ملاك الأندية في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية لا يوجد من بينهم سوى اثنين فقط من الأقليات العرقية، وبالتالي فعندما يتقدم شخص غير أبيض لمقابلة عمل في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، فإنه على الأرجح سيواجه مجموعة من الوجوه البيضاء التي عاشت تجارب اجتماعية مختلفة عن تلك التي عاشها.

وبالتالي، فإن الكثير من هذه الصناعة يعتمد على العلاقات الشخصية الوثيقة. وتجب الإشارة أيضا إلى أن 22 ناديا من أصل الـ32 ناديا الذين يلعبون في الدوري الأميركي مملوكون لنفس الشخص أو العائلة لمدة 20 عاماً على الأقل، ولديهم مدربون ومديرون تنفيذيون على علاقة خاصة بهم. ومن هذا المنطلق، يمكن القول بأن مالك نادي أوكلاند رايدرز، مارك ديفيس، لم يعين جون غرودن لأنه أفضل شخص لهذا المنصب، لكنه فعل ذلك لأنه يحبه. ولم يقل غرودن ماكينزي من منصبه ويعين مايك مايوك في منصب المدير العام للنادي لأن مايوك لديه سجل حافل في هذه اللعبة، لكنه فعل ذلك لأنه هو ومايوك لديهما العديد من الخلفيات والأشياء المشتركة.

وفي الماضي، ساعد هذا الأمر بعض مرشحي الأقليات أيضاً، حيث إن توني دونغي، الذي أصبح أول مدير فني أسود يفوز بلقب الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية «سوبر بول» عندما قاد كولتس للفوز على بيرز في عام 2007. ظل يدافع لفترة طويلة عن الأقليات الأخرى. وعلاوة على ذلك، قام دونغي بتعيين طاقمه المساعد من مدربي الأقليات واستغل مكانته في اللعبة لجذب الانتباه إلى قضية التنوع، وقد نجح في ذلك.

ويمثل دونغي ومساعدوه السابقون نسبة تصل إلى 43 في المائة من المديرين الفنيين السود المعينين في المسابقة خلال العقدين الماضيين، و39 في المائة منذ بدء تطبيق «قانون روني». إنه أمر محزن ومشجع في نفس الوقت، لأن نفس قواعد المحاباة تنطبق على الجميع، وليس على البيض فقط. لقد قام دونغي بتمكين مساعديه من الأقليات المختلفة، والذين تحولوا فيما بعد ليصبحوا مديرين فنيين ويُمكنوا مساعديهم من الأقليات وهكذا. لكن ليس هناك الكثير من مدربي الأقليات بقدرات وإمكانيات دونغي.

وخلال العام الماضي، قام الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية بتعديل قوانينه في محاولة لمنع تكرار ما حدث من ديفيس مع غرودن، وبات يتعين الآن على مالكي الأندية أن يحضروا جميع المقابلات الشخصية المتعلقة بتعيين المديرين الفنيين. وقد ولى ذلك العهد الذي كانت تقام فيه المقابلات الشخصية مع شخص ملون لمجرد الالتزام بـ«قانون روني» وليس بروحه.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا