برعاية

كيف تحول مانشستر سيتي إلى نادٍ عملاق خلال 10 سنوات؟

كيف تحول مانشستر سيتي إلى نادٍ عملاق خلال 10 سنوات؟

قبل 19 عاماً من الآن كان نادي مانشستر سيتي يلعب في دوري الدرجة الثانية ويتعرض لهزائم متتالية أمام فرق متواضعة، مثل لينكولن سيتي ويورك سيتي وويكومب واندررز بينما كان الغريم التقليدي مانشستر يونايتد في طريقه لاعتلاء منصات التتويج للاحتفال بالثلاثية التاريخية (دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الاتحاد الإنجليزي). والآن، يملك نادي مانشستر سيتي فريقاً استثنائياً حسم لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق كبير عن أقرب منافسيه وقدم كرة قدم ممتعة بقيادة المدير الفني الأبرز في عالم الساحرة المستديرة في الوقت الحالي، وهو الإسباني جوسيب غوارديولا.

وكان وراء هذا التحول الكبير الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الذي اشترى مانشستر سيتي قبل 10 سنوات، وبالتحديد بعد تسع سنوات من صعود النادي دوري الدرجة الأولى بركلات الترجيح بعدما أحرز بول ديكوف هدف التعادل أمام نادي غيلينغهام على ملعب ويمبلي الشهير في الدقيقة الـ94 من عمر اللقاء. ويوم الأحد الماضي، وعلى الملعب الذي بُني بالمال العام لاستضافة دورة ألعاب الكومنولث عام 2002، ثم سُلم إلى مانشستر سيتي في العام التالي، ويخضع الآن لرعاية شركة طيران أبوظبي، سوف يحتفل مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الثالث منذ استحواذ الشيخ منصور على النادي.

وعلى مدى 116 عاماً قبل ذلك – تأسس النادي عام 1880 كشكل من أشكال العمل الاجتماعي من قبل آنا كونيل، ابنة كاهن بكنيسة سان مارك – كان مانشستر سيتي قد حصل على لقب الدوري الإنجليزي مرتين فقط، ولقب كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين بعدما انطلقت المسابقة عام 1960: كانت المرة الأولى خلال الفترة بين موسمي 1968 و1970 التي كانت قبل ذلك تعد أزهى فترات النادي على مدار تاريخه، ثم المرة الثانية في عام 1976، أما الجيل الحالي لمانشستر سيتي فقد فاز بكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الماضية، وكانت المرة الثالثة خلال الموسم الحالي، لكن غوارديولا فشل في تحقيق الهدف الأساسي له هذا الموسم، وهو الفوز بدوري أبطال أوروبا بعد التعثر أمام ليفربول. لذا؛ لم يكن هذا الاستثمار الضخم خلال العقد الحالي بمثابة استرجاع للتفوق الذي كان عليه الفريق في الماضي، كما قد يعتقد جمهور ليفربول، لكنه فترة مختلفة وجديدة تماماً عما سبق.

وعندما استحوذ الشيخ منصور على النادي في أغسطس (آب) 2008، كانت هناك مخاوف مشروعة ومفهومة حول ما إذا كان الأمر حقيقياً أم لا، وكانت هناك قناعات في البداية بأن مانشستر سيتي سيشتري أفضل اللاعبين في العالم وستتم إعادة بنائه على غرار برشلونة الإسباني. وعلى مدى 10 سنوات، استثمرت إدارة مانشستر سيتي 1.2 مليار جنيه إسترليني، وتعاقدت مع لاعبين كبار ساعدوا النادي على الحصول على البطولات والألقاب، كما تم توسعة الملعب ليستوعب 55 ألف متفرج، وتم بناء أكاديمية بجوار الملعب، وأصبح المدير التنفيذي السابق ومدير الكرة السابق والمدير الفني السابق لبرشلونة الإسباني يعملون في مانشستر سيتي.

وعندما أقيل مارك هيوز من منصبه مديراً فنياً لمانشستر سيتي في ديسمبر (كانون الأول) 2009، كانت أنباء تعيين روبرتو مانشيني قد تسربت قبل مباراة هيوز الأخيرة أمام سندرلاند، وكانت هناك سخرية واسعة من البيان الرسمي للنادي، الذي أشار إلى أنه أقال هيوز بسبب فشله في تحقيق «أهدافه». وكانت هناك سخرية أقل عام 2013 عندما أعلن مانشستر سيتي إقالة مانشيني للسبب نفسه، رغم أنه كان قد قاد الفريق في الموسم السابق للحصول على أول لقب للدوري الإنجليزي الممتاز بعد هدف المهاجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو في الدقيقة الـ94 في مرمى كوينز بارك رينجرز الذي كان يقوده مارك هيوز.

ويجب الإشارة إلى أن التسلسل الهرمي للنادي يقلل من حدة النتيجة الواضحة والمتمثلة في أن هذا هو مشروع تابع لإمارة أبوظبي، ثم توسع الآن إلى أندية مملوكة لمانشستر سيتي في نيويورك وملبورن، فضلاً عن ملكية نادي جيرونا الإيطالي ويوكوهاما مارينوس الياباني ونادي أتلتيكو توركي الأوروغوياني، بالإضافة إلى الكثير من الشراكات لتطوير اللاعبين الشباب من هولندا وحتى فنزويلا. ويحافظ مانشستر سيتي على التسلسل الهرمي للإدارة، لكنه استثمار خاص من قبل الشيخ منصور، حيث إن شركة «مجموعة كرة القدم لمانشستر سيتي» القابضة هي التي تملك النادي، وليس إمارة أبوظبي نفسها. ويشير النادي إلى أنه لا يتم الترويج لإمارة أبوظبي بشكل علني، على الرغم من أن هيئة السياحة التابعة للإمارة – «فيزيت أبوظبي» أو «زوروا أبوظبي» - هي الجهة الراعية على اللوحات الإعلانية لمانشستر سيتي، كما يظهر اسم «طيران الاتحاد» في كل شيء تقريباً.

لقد تعلم طلاب تاريخ كرة القدم دائماً أن أحد الإنجازات المهمة للمدير الفني السابق لنادي آرسنال هربرت تشابمان في الثلاثينات من القرن الماضي كان يتمثل في إعادة تسمية محطة مترو أنفاق «غيليسبي رود» على اسم النادي. والآن، فإن «طيران الاتحاد» لديه محطة المترو الخاصة به والتي تنقل جمهور النادي إلى ملعب الفريق؛ ولذلك فإنه في كرة القدم الحديثة نجح مانشستر سيتي في أن يكون لديه محطة مترو تحمل اسم الهيئة الراعية للنادي. وكانت بداية استحواذ الشيخ منصور على مانشستر سيتي مختلفة، فقد بدا الأمر وكأنه عملية شراء خاصة آنذاك، بل اعتقد البعض أن الأمر يبدو وكأنه نزوة من الشيخ منصور، الذي كان يمتلك بالفعل نادياً لكرة القدم في أبوظبي. وواجه الشيخ منصور منافسة شديدة من جانب سليمان الفهيم، وهو مطور عقاري في دبي، والذي كان يتباهى بالنجوم الذين سيتعاقد معهم النادي في حال إتمام الصفقة لصالحه و«الثروة الكبيرة» لمالك النادي الجديد.

لكن هذا الأمر لم يرق على الإطلاق للمسؤولين في أبوظبي. وأزيح الفهيم خلال أيام، وتم تعيين أحد كبار المسؤولين في المؤسسات التجارية والحكومية في البلاد، وهو خلدون المبارك، لرئاسة استثمارات مانشستر سيتي. وقد نجح المبارك ومسؤولوه التنفيذيون، رغم وجود اعتراضات مستمرة، وبخاصة في أوروبا، في تحقيق نجاح كبير من خلال الإنفاق الهائل للموارد، كما جذبوا أصدقاء جدداً في الوطن أيضاً. لقد فهموا أن كرة القدم الإنجليزية، رغم كل أموالها الجديدة، لا تزال متجذرة في ولاء الجمهور، ومن المتوقع أن تصبح نشاطاً اجتماعياً، وأن الاستاد ودورة ألعاب الكومنولث كانا يهدفان إلى تحقيق انتعاش اقتصادي في شرق مدينة مانشستر. وقد تبرع مستثمرو أبوظبي بمساحة 5.5 فدان من أصل 80 فداناً تعرف باسم حرم ملعب الاتحاد، بقيمة 18 مليون جنيه إسترليني، وساهموا بمبلغ 3 ملايين جنيه إسترليني في إنشاء مركز ترفيه عام جديد وحمام سباحة بجانبه. كما تم بناء كلية جديدة اسمها «آنا كونيل» على الأرض، بجانب معهد مانشستر الجديد للصحة والأداء، الذي يستخدمه النادي والمجتمع ككل.

وفي نهاية الـ10 مواسم التي بدأت بالطموح الظاهر آنذاك بأن يتم تحويل مانشستر سيتي إلى فريق «أفضل من برشلونة»، فإن غوارديولا، الذي أنفق 200 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع اللاعبين الصيف الماضي و57 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع اللاعب الفرنسي إيمريك لا بورتي في فترة الانتقالات الشتوية الماضية، سوف يعمل على تقوية وتدعيم الفريق بصورة أكبر خلال هذا الصيف عن طريق التعاقد مع لاعب محور ارتكاز ومدافع ومهاجم. وأصبح الهدف الجديد للنادي خلال السنوات العشر المقبلة هو أن يصبح «أفضل وأفضل من برشلونة» ولا يشك أحد بعد الآن في جدية النادي في تحقيق هذا الهدف.

ويهدف غوارديولا إلى حصد 100 نقطة في نهاية الدوري الإنجليزي، لختام موسم «كامل تقريباً» توجه بإحراز لقب البرميرليغ. وبفوزه الأربعاء على ضيفه برايتون 3 - 1. رفع مانشستر سيتي رصيده إلى 97 نقطة ومجموع أهدافه إلى 105، كما حقق فوزه الحادي والثلاثين في 37 مباراة وكلها أرقام قياسية محلية.

وانفرد سيتي بالرقم القياسي لعدد الانتصارات في موسم واحد والذي كان يتقاسمه مع تشيلسي، كما حطم رقم تشيلسي أيضاً بعدد النقاط في موسم واحد (95) كان سجله الفريق اللندني موسم 2004 - 2005، وحطم الرقم القياسي في غلة الأهداف (103) الذي كان بحوزة تشيلسي موسم 2009 - 2010.

وحمل شارة القائد لاعب الوسط العاجي المخضرم يايا توريه في المباراة الأخيرة له على أرض ملعب «الاتحاد» قبل رحيله. وحصل توريه (34 عاماً) على جولة تصفيق كبيرة بعد استبداله في الشوط الثاني. وقال غوارديولا بعد الفوز «97 نقطة، الكثير من الأهداف والكثير من الانتصارات. هذا نتيجة الموسم الذي خضناه. إنه جيد». وتابع: «الآن تبقى مباراة واحدة (خارج أرضه ضد ساوثهامبتون السبت). سنبحث عن النقطة المائة، وننهي هذا الموسم شبه الكامل في البرميرليغ». وأردف «هذا رائع لأننا قمنا بذلك (تحطيم الأرقام) في يوم سنتذكره جميعنا - - يوم يايا».

وانضم توريه لمانشستر سيتي قادماً من برشلونة في 2011 وأصبح جزءاً لا يتجزأ من صعود النادي إلى قمة الدوري الإنجليزي الممتاز. وسجل توريه 82 هدفاً في 315 مباراة، وفاز بثلاثة ألقاب للدوري ولقبين لكأس الرابطة الإنجليزية ولقب واحد لكأس الاتحاد الإنجليزي. وقال غوارديولا: «يايا جاء إلى هنا في بداية الرحلة، ما نحن فيه الآن بسبب ما فعله لنا. كان لاعباً مهماً في الفريق». وابتعد توريه عن تشكيلة الفريق الأساسية هذا الموسم، ولعب 16 مباراة فقط بشكل عام، من بينهم تسع مباريات في الدوري.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا