برعاية

ما وراء المنطق | أخطاء التحكيم جزء من متعة كرة القدم

ما وراء المنطق | أخطاء التحكيم جزء من متعة كرة القدم

أتت ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة لمباراة ريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي لتثير عاصفة من الجدل حول مدى تأثير الحكام على تحديد العديد من مجريات المباراة.

لسنا في هذ التقرير بصدد الحديث عن مدى صحة ركلة الجزاء من عدمها، وهل كانت هدية من حكم المباراة أم حق مشروع، فالأمر يحكم فيه متخصصون كما أنّ احتسبت ودخلت الشباك وريال مدريد تأهل وهذا واقع لا يمكن تغيره.

ولكن هذه الأزمة أظهرت ردود أفعال متابينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أغلبها يخالف المنطق بصورة جمة ويوضح مدى تأثير العاطفة على آراء الجمهور، فأغلب مشجعي ريال مدريد أكد أن الكرة ركلة جزاء حتى لو لم يشاهدوها، وجمهور يوفنتوس وخصوم الملكي أكدوا أنها غير صحيحة دون حتى مشاهدة المباراة.

حينما يصل الأمر للتحكيم، تختلف الآراء بين من يرى أن الأخطاء جزء من متعة كرة القدم ومن يرفض تكنولوجيا حكم الفيديو المساعد لكونها تقتل المتعة، ومن يؤمن بالمؤامرات وحصول الحكام على رشاوى.

ويمكن الاطلاع على باقي تقارير السلسلة من هنا:

 في البداية علينا أن نسأل ما هي متعة كرة القدم؟ هل المتعة تكمن في أن يفوز فريق لا يستحق لمجرد أن الحكم قدّم مباراة سيئة؟ قد تكون هذه متعة للفريق الفائز ولكن ماذا عن الخاسر وجمهوره.

إن كنت تشجع فريق ما واستفاد فريقك من التحكيم ربما تصمت وتتجاهل الأمر، ولكن ماذا سيحدث حينما يطيح بك قرار خاطيء من الحكم خارج البطولة؟ وقتها لن يصبح الأمر ممتعًا.

المتعة في كرة القدم هي أنّها غير متوقعة، مثلا خروج برشلونة من روما في ربع النهائي بعد سيناريو مجنون انتصر البلوجرانا ذهابًا برباعية ليخسروا إيابًا، وحتى إثارة مباراة يوفنتوس وعودتهم من الهزيمة بثلاثية كان أمرًا مفاجئًا وممتعًا.

متعة كرة القدم أن يفوز كل فريق بمجهوده وقتاله في الملعب، ويخسر من يتخاذل أو يتكبر، هذه هي متعة اللعبة وجمالها في قدرتك على استغلال عيوب خصمك والتقليل من عيوبك للفوز عليه.

واحدة من أشهر المغالطات المنطقية في أي نقاش يتعلق بالتحكيم تتمثل في تذكير المنافس بأنّه استفاد أيضًا من مثل هذه الأخطاء.

على سبيل المثال، حينما هاجم بعض من جمهور برشلونة حكم مباراة ريال مدريد ويوفنتوس واتهموه بالانحياز، كان الرد من بعض جمهور ريال مدريد أن الحكم هو من ساعد البلوجرانا على إقصاء باريس سان جيرمان الموسم الماضي.

وسواء كان هذا الأمر صوابًا أم خطأً لكنّه لا ينفي أن أخطاء التحكيم أحد الأمور التي تحتاج إلى حل جذري وخاصة مع تكرارها بصورة متواصلة في جميع البطولات الكبرى، فلا يعني أن منافسًا استفاد من خطأ تحكيمي أن فريقي هو الآخر له الحق في ذلك.

فإن كان الحكم هو من ساعد برشلونة على التأهل وكذلك من ساعد ريال مدريد على إقصاء يوفنتوس، فهذا أمر يدمر كرة القدم ولا يجعلها أكثر متعة.

في بعض الأوقات يكون الحديث عن التحكيم هو الحل الأسهل والشماعة التي يمكن أن ألقي عليها أخطاء فريقي وسبب خروجه أو خسارته لمباراة هامة.

فحتى لو لم تكن هناك أخطاء ملحوظة أو مثيرة للجدل، فإن هناك دائمًا عين من الجمهور على قرارت الحكم ونادرًا ما تخلو أي مناقشة عقب المباريات الكبرى من الحديث عن القرارات التحكيمية سواء كانت في صالح فريقك أو ضده.

التركيز على جملة "لولا الحكام لكننا حققنا كذا وكذا" هو أمر غير صائب كليًا، ففي أغلب الأوقات تكون أخطاء الحكم غير معبرة بالكل عن النتائج النهائية، وهناك الكثير من الأمور الأخرى التي هي جزء من العملية كلها.

على سبيل المثال، لو أن حكم مباراة يوفنتوس وريال مدريد لم يحتسب ركلة الجزاء، كانت المباراة لتمتد لأشواط إضافية وبعدها قد تصل لركلات الترجيح، هل سيتأهل البيانكونيري بعدها أم يفوز الملكي؟ ربما هذا أو ذاك، لا أحد يعلم.

يوفنتوس دخل المباراة متأخرًا ذهابًا بثلاثية نظيفة في مباراة أقل من المتوسط للبيانكونيري، هل هذا أيضًا خطأ الحكم؟ على جمهور الفريق الإيطالي البحث عن سبب تراجعهم أوربيًا أفضل من رمي الحمل كله على الحكم والنوم مرتاح البال.

قد يعلل البعض خسارة فريق ما بعد خطأ تحكيمي بأن هذا الفريق لعب مباراة سيئة ولذلك لا يجب عليه الشكوى من هذه القرارات.

نعم، ربما يقدم فريق مباراة جيدة ويلعب بأفضل أحواله ولكنّه يفوز بسبب ركلة جزاء غير صحيحة، لا يجب أن يكون المستوى هنا معيارًا للحكم، إن كان فريق يلعب بصورة سيئة فليس هذا مبررًا على الإطلاق لأن يظلمه الحكم.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا