برعاية

كريس ميفام... من خيبات متتالية إلى منتخب ويلز

كريس ميفام... من خيبات متتالية إلى منتخب ويلز

في الوقت الذي شرع كريس ميفام في سرد قصته داخل الفندق ذاته الكائن في غرب لندن الذي التقاه به ريان غيغز منذ شهرين، لا يسع المرء سوى التساؤل كيف كانت مسيرته الكروية ستتبدل لو أن والدته لم تفلح في إقناعه بالاستمرار لفترة قصيرة في ممارسة كرة القدم في إحدى الأكاديميات، أو لو أن بدلاء اللاعب الذي يشغل مركز قلب الدفاع في فريق نورث غرينفورد تمكنوا من الخروج من العمل في الوقت المناسب؟

ومع ذلك، تظل الحقيقة أن رحلة ميفام في عالم كرة القدم تتعلق بما يتجاوز القدر، بجانب أنها تسلط في الكثير من جوانبها الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه أي شاب صغير يسعى لاحتراف كرة القدم. كان تشيلسي قد استغنى عن ميفام وهو في سن الـ14، ورفضه واتفورد، وكذلك كوينز بارك رينجرز في أعقاب إصدار تقييم مروع بحقه حطم ثقته بنفسه. بمرور الوقت، وجد ميفام نفسه في دوري الهواة قبل أن يعاود الظهور في صفوف فريق برنتفورد، حيث ترك انطباعاً جيداً هذا الموسم لدرجة دفعت فريق بورنموث للتقدم بطلب لضمه إليه مقابل 6.5 مليون جنيه إسترليني، علاوة على مكافآت إضافية. ومع هذا، قوبل الطلب بالرفض رغم أن عمر اللاعب لم يتجاوز الـ20، ولم تتجاوز مشاركاته 14 مباراة.

من ناحيته، قال ميفام الذي استدعاه المدرب الجديد لمنتخب ويلز ليشارك في أول مباراة له مع منتخب ويلز أمام منتخب الصين في كأس الصين الودية الدولية التي بدأت أمس: «لم أصدق حجم الأموال المطروحة على الطاولة. وأتذكر أنه خلال اليوم السابق لليوم الأخير من موسم الانتقالات كنت أحصل على غفوة بعد الظهيرة، وصعد والدي إلى غرفتي بالأعلى بينما حمل وجهه ابتسامة وقال (وكيل أعمالك على الهاتف). وعندما أخبرني أن بورنموث تقدم بطلب لضمي إليه، تعذر عليّ تصديق الخبر. لقد كنت قد شاركت في التشكيل الأساسي خلال ثماني مباريات فحسب من الدوري. بدا الأمر سريالياً للغاية. لم يخطر على بالي قط أن تلك اللحظة ستأتي يوماً ما، وبخاصة منذ خمس سنوات».

في ذلك الوقت، كان ميفام يحاول التعافي من سلسلة من الانتكاسات التي ألمت به وبدأت باستغناء تشيلسي عنه. ولا يزال ميفام يذكر كيف تلقى والده الاتصال في المنزل وعلم على الفور من تغيرات وجهه أن ثمة أنباء سيئة يحملها الهاتف. وفي هذا الصدد، قال ميفام: «أخبروني أن هناك لاعبين آخرين أعلى مني في ترتيب الاختيار، وهم لاعبا قلب دفاع أمثال جيك كلارك سالتر (الذي يلعب حالياً لفريق سندرلاند على سبيل الإعارة من تشيلسي) وفيكايو توموري (الذي يلعب حالياً في فريق هال سيتي معاراً من تشيلسي)، وأن هناك آخرين أقوى مني من الناحية البدنية. كانت تلك صفعة قاسية بالنسبة لي، لكن الإنصاف يقتضي أن أقر بأنني خلال عامي الأخير في تشيلسي شعرت بأن الآخرين كانوا متقدمين عليّ». إلا أن ما أعقب ذلك كان من العسير للغاية تقبله. وعن هذا، قال ميفام: «بعد فترة اختبار استمرت ستة أسابيع في فريق واتفورد، قادوني إلى غرفة الاجتماعات في النادي وقال مسؤولون من النادي إنهم لا يشعرون بأنني في المستوى الذي يرغبون فيه، وأن ثمة جوانب يمكنني التحسن فيها. وعليه، شعرت بخيبة أمل كبرى. وجاءت الخيبة الأخرى التي صدمتني من جانب كوينز بارك رينجرز، نادي صباي، فقد عقد مسؤولوه اجتماعاً معي وأخبروني بأنه: (عندما نفكر في ضم لاعب إلى فريقنا، ننظر في أمر شيء واحد يمكننا العمل على تنميته، لكن ليس بإمكاننا التوصل إلى أي شيء يمكننا العمل على تنميته معك). كان لهذه العبارة وقع قاسٍ للغاية على مسامعي. وأتذكر حينها أن والدي استدار نحوهم وقال (لقد ظل في تشيلسي طيلة ست سنوات، فلا بد إذن من وجود شيء لديه يمكن العمل عليه)».

بعد هذا الموقف، شعر ميفام بانهيار كامل. وقال عن ذلك: «سيطر على ذهني أسلوب تفكير سوداوي بعد هذا الموقف، فقد كانت تلك صفعة قاسية لي. وفي مثل هذه المواقف، يترسخ في ذهنك الشعور بأنك لن تلقى قبولاً أبداً ثانية في أي مكان. لهذا؛ في تلك الفترة أخبرت والدتي ووالدي بأنني أود ترك اللعب في الأكاديميات. أتذكر أنني كنت أستمتع بالمباريات المدرسية؛ الأمر الذي لم أتمكن من فعله عندما كنت في تشيلسي أو أشارك في دوري الهواة، وتولد بداخلي إذعان نسبي لفكرة أنني لن أتجاوز هذا المستوى».

بعد ذلك، لاحت فرصة في الأفق، وذلك في أعقاب مباراة لنورث غرينفورد شارك بها ميفام لاعباً بديلاً في استاد أوكسبريدج. وعن ذلك الموقف، قال ميفام: «لم يكن مقرراً لي المشاركة، لكن اللاعبين الآخرين السابقين لي بجدول أولوية الاختيار كانت لديهم ارتباطات تتعلق بالعمل (نورث غرينفورد نادٍ في دوري أشبه بالهواة، لاعبوه غير متفرغين للعب الكرة فقط، ويمكنهم الانخراط في أعمال غير رياضية). وبالفعل، قدمت مباراة جيدة للغاية، وعندما ذهبت إلى نادي المدينة في وقت لاحق سألني كشاف يعمل لحساب فريق برنتفورد يدعى شون أوكنور عن عمري. وأعتقد أنه صدم لدى علمه بأنني في الـ16 وأشارك في الفريق الكبير. وأخبرني بأنه يود مني التدريب مع فريق برنتفورد أقل عن 16 عاماً. ورغم فرحة والدي الكبيرة بالعرض، فإنني لم أرغب حقاً في الاضطلاع بهذا الأمر؛ بسبب ما تعرضت له من خيبات سابقة. إلا أن والدتي قالت لي: (حتى لو لم تكن لديك رغبة في الذهاب، اذهب من أجلي؛ لأنني لن أتمكن من التصالح مع نفسي لو أنني فشلت في إقناعك بالذهاب)».

من حسن حظ ميفام أنه استمع لنصيحة والدته، فقد نجح في إبهار مسؤولي برنتفورد بما يكفي لأن يعطوه منحة لدى النادي لمدة عامين، ونجح أخيراً في شق طريقه نحو الفريق الثاني بالنادي، وشارك للمرة الأولى في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي العام الماضي. أما أول مباراة له مع الفريق الأول فجاءت في سبتمبر (أيلول) الماضي أمام نوريتش في بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، رغم أن ميفام تملكه الخوف من التعرض لأسوأ السيناريوهات الممكنة بعدما أهدر ركلة جزاء بعد 10 دقائق من انطلاق المباراة. وعن هذا، قال: «ظننت أنني أهدرت بذلك فرصتي الكبرى».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا