برعاية

«السلطة الكاريزمية» لمورينيو تجلب النجاح لكنها لا تحقق الاستقرار

«السلطة الكاريزمية» لمورينيو تجلب النجاح لكنها لا تحقق الاستقرار

خلال الموسم الماضي، قال نجم فريق تشيلسي البلجيكي إيدن هازارد إن الفارق الرئيسي بين المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو ونظيره في تشيلسي أنطونيو كونتي يتمثل في أن مورينيو لا يعتمد على «الأداء التلقائي». ولا يملك المدير الفني البرتغالي اللاعبين القادرين على الانتشار بسرعة وبتلقائية كبيرة عندما يتطلب الأمر ذلك، فهو ينظم لاعبيه في الجانب الدفاعي ويترك مهاجميه لكي يبتكروا. ورأي البعض أن هذه يعد دليلاً على أن مورينيو لم يعد من أفضل المديرين الفنيين في العالم - وقد يكون الأمر كذلك بالفعل - لكن هذا الفارق يعكس طريقة تفكير مورينيو بالكامل.

وخلال دراسته في المعهد العالي للتربية البدنية في لشبونة، وقع مورينيو تحت تأثير البروفسور مانويل سيرجيو، الذي يعتقد أن معرفة كرة القدم ليست كافية لأي مدير فني، وأنه يتعين عليه أن يكون جيداً في علم النفس وإلقاء الخطاب أمام العامة، ودارساً لعدد من العلوم الأخرى. وكان سيرجيو يلقي محاضرات تركز على وجه التحديد على العواطف، وكيف يمكن التلاعب بها. ولقد سار مورينيو على هذا النهج بشكل واضح تماماً. وقال مانويل سيرجيو: «لقد بدا وكأنه قطة تصطاد الطيور». ونتيجة لدراسة الفلسفة، توصل مورينيو إلى كثير من الاستنتاجات التي توصل إليها طبيب الأمراض العصبية البرتغالي أنطونيو داماسيو، الذي كتب مقدمة لدراسة عن أساليب مورينيو من قبل 4 باحثين برتغاليين. وفي كتابه «خطأ ديكارت» الذي أصدره عام 1994، أشار داماسيو إلى أن العواطف هي أكثر عقلانية من الاعتقاد السائد، وأن القرارات أكثر تأثراً بالعوامل العاطفية.

وقال مورينيو خلال فترة عمله في نادي بورتو البرتغالي: «من الخطأ بالنسبة لنا أن نقول إن هذا اللاعب أو ذاك لديه بنية جسدية جيدة، فاللاعب إما لائقاً بدنياً أو لا. وماذا نعني باللاعب اللائق بدنياً؟ أن يكون جيداً جسدياً، وأن يكون جزءاً من خطة اللعبة التي يعرفها عن ظهر قلب. وفيما يتعلق بالجانب النفسي، الذي هو ضروري للغاية للعب على أعلى مستوى، فإن اللاعب اللائق يشعر بالثقة ويتعاون مع زملائه ويؤمن بقدراتهم ويُظهر تضامنه معهم. عندما تجتمع كل هذه العوامل، فإن اللاعب يكون لائقاً، وهو ما ينعكس على ظهوره بشكل جيد».

هذا هو أساس نظرية «التخطيط المنهجي للتدريب الرياضي والبدني»، كما لخصها فيتور فريد، وهو أكاديمي برتغالي كان له تأثير كبير على جيل من المديرين الفنيين البرتغاليين، وقد شغل منصب مدير التقييم والتحليل بنادي بورتو البرتغالي أثناء فترة عمل مورينيو بالنادي. ويعني هذا عدم وجود تدريبات لتحسين القدرة على التحمل أو لتطوير المهارات، ويعني أن اللاعب لا يجب أن يقوم بتدريبات بدنية في صالة الألعاب الرياضية، إلا إذا تعافى تماماً من الإصابة.

وقال لاعب الوسط السابق لنادي وولفرهامبتون واندررز، البرتغالي سيلاس، الذي لعب تحت قيادة مورينيو في نادي يونياو دي ليريا: «عندما بدأ العمل كمدير فني، كان هناك عدد قليل جداً من المديرين الفنيين الذين يعملون بطريقته نفسها في التدريب، لكننا نرى الآن كثيراً من المديرين الفنيين الذين يفعلون الشيء نفسه. إنه نوع من التدريب الذي يركز تماماً على كل موقف من المواقف التي يتعرض لها اللاعب خلال المباراة».

ووفقاً للنهج الذي يتبعه مورينيو، والذي يمكن وصفه بـ«الاكتشاف الموجه»، لا يتم تعليم اللاعبين للتحركات داخل الملعب من دون تفكير أو اقتناع، لأن هذا يعطي إحساساً زائفاً للاعبين يضيع تماماً عندما يواجه الفريق خصماً أفضل تنظيماً أو أكثر شراسة، لكن يتم إقناع اللاعبين بهذه التحركات عن طريق أمثلة على فعالية الطريقة التي يتبعها مورينيو، حتى يتقن هؤلاء اللاعبون طريقة مورينيو بطريقة غريزية.

وقال مورينيو: «ليس من السهل أن تضع هذه النظرية موضع التنفيذ، خصوصاً مع كبار اللاعبين الذين ليسوا على استعداد لقبول كل ما يقال لهم لمجرد أنك أنت من تقوله، لأنك في السلطة. سأقوم بترتيب الدورات التدريبية في مسار معين، وسوف يشعرون بذلك ونعمل معاً للوصول إلى استنتاج». وتهدف هذه الطريقة إلى أن تجعل اللاعبين يشعروا بأنهم هم من وصلوا إلى الاستنتاجات التي يريد مورينيو منهم الوصول إليها. إنه شكل من أشكال غسل المخ، الذي قد يفسر العلاقة الوثيقة بينه وبين لاعبي فريقه - ومع الجمهور وبعض الصحافيين. إنها عملية عاطفية وتقنية متجذرة في «سلطته الكاريزمية»، وهو المصطلح الذي استخدمه عالم الاجتماع ماكس ويبر في محاضرة عام 1919 بعنوان «السياسة بوصفها مهنة»، التي تتناول قضية الطقوس الشخصية. وتزداد هذه الروابط قوة في حال التعرف على العدو الخارجي، المتمثل وفق هذه النظرية في هيئات وسلطات كرة القدم والحكام والنقاد والمحللين.

إن إتقان مورينيو لعلم النفس يسمح له بالسيطرة على لاعبيه. فعلى سبيل المثال، تمكن المدير الفني البرتغالي من إقناع النجم الكاميروني صامويل إيتو باللعب في مركز الظهير، كما أقنع شابي ألونسو بالانقلاب على بعض زملائه في إسبانيا - كما فعل عندما واجه ريال مدريد برشلونة 4 مرات في غضون 18 يوماً في عام 2011. ولكن هناك مشكلة، حيث قال ويبر إن حالات السلطة الكاريزمية «لا يمكن أن تظل مستقرة، فإما تصبح تقليدية أو تقل بمرور الوقت، أو الاثنين معاً». وقد يكون هذا هو السبب الذي يجعل مورينيو يحقق النجاح على المدى القصير، وليس على المدى الطويل. وقد يفسر هذا السبب في أن المدير الفني البرتغالي لم يستمر لأكثر من 3 سنوات مع أي ناد في الماضي، وهو ما يجعل التقارير التي تشير إلى أنه سيجدد عقده مع مانشستر يونايتد لمدة 5 سنوات تبدو استثنائية للغاية.

ونفى مورينيو تكهنات بشأن مستقبله مع مانشستر يونايتد، قائلاً إنه يرغب في البقاء لفترة طويلة في أولد ترافورد، ما دام مسؤولو النادي سعداء بالعمل الذي يقوم به. وبعد بداية ناجحة نسبياً لولايته مع يونايتد الموسم الماضي، حيث حل سادساً في الدوري الممتاز، وفاز بلقب الدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية، يتفوق مانشستر سيتي تماماً على يونايتد هذا الموسم.

وقد ظهر جلياً غضب مورينيو المتزايد من تذبذب مستوى فريقه، لتظهر تكهنات عن احتمال رحيله. وأبلغ مورينيو الصحافيين، رداً على سؤال عن احتمال رحيله عن يونايتد: «إنه كلام تافه. لا أجد كلمة أفضل من ذلك لوصف هذا الكلام. رغبتي البقاء والعمل على التحسن وقيادة النادي لتحقيق ما يستحقه»، وتابع: «أكرر أنني في منتصف فترة تعاقدي. تجديد التعاقد يتوقف على مجلس الإدارة، لكني ملتزم بشكل كامل بالبقاء»، وأضاف: «أرى نفسي هنا (بعد 3 سنوات)، لكن الأمر يتوقف على مجلس الإدارة ومدى سعادته بما حققته، وإذا ما أراد بقائي بعد انتهاء عقدي الحالي».

وأحد الانتقادات التي توجه إلى مورينيو هذا الموسم تأتي بسبب تمسكه الشديد برأيه وطريقة تفكيره. فمن الواضح أنه في الوقت الذي يرحب فيه المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا بالتعامل مع فرق عمل مختلفة، ويتقبل أفكاراً جديدة من كل فريق يدربه، فإن مورينيو يعتمد على فريق العمل ذاته. وبعد أن حقق نجاحاً في مجال التدريب على الصعيد الأوروبي لمدة 15 عاماً، فإن أكبر التحديات التي يواجهها مورينيو، خصوصاً في ظل المنافسة مع غوارديولا، هي أنه يضع نفسه على قدم المساواة مع المدير الفني السابق لمانشستر يونايتد الأسطورة أليكس فيرغسون، على صعيد مواصلة حصد البطولات ليونايتد.

وحتى إذا حقق مورينيو الفوز بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم، فإن طرق لعبه ستظل محل انتقاد لأن معظم التركيز حالياً ينصب على طريقة أداء الفريق. ورغم أن سجل يونايتد من الأهداف هذا الموسم يقل بـ9 أهداف فقط عن إجمالي حصيلة الفريق طوال الموسم الماضي، وقدرها 54 هدفاً، فإن يونايتد لا يزال بعيداً وغير راغب في مجاراة هجوم سيتي وليفربول.

وتركيز مورينيو على العواطف، وكيف يمكن التلاعب بها، لم يقتصر فقط على لاعبيه، فهو يقوم بسياسة التلاعب النفسي مع المدربين الآخرين. فقد واصل أنطونيو كونتي، مدرب تشيلسي، حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، الحرب الكلامية مع مورينيو، ووصف مدرب مانشستر يونايتد بأنه «تافه». وكان مورينيو قد أدلى بتعليق موجه في وقت سابق حول عملية التلاعب في نتائج المباريات، في إشارة لإيقاف كونتي 4 أشهر في موسم 2012 - 2013 لعدم إبلاغه عن حدوث تلاعب في نتائج مباريات فريقه السابق سيينا.

وقد برأت المحكمة كونتي فيما بعد من ارتكاب أي مخالفة. وقال كونتي: «أعتقد أنه عندما تحاول إهانة شخص، خصوصاً وأنت تعلم جيداً حقيقة ما حدث وتأكيد المحكمة براءتي، فهذا يعني أنك تافه. لكنها ليست المرة الأولى؛ فعل ذلك في الماضي، وسيواصل ذلك في المستقبل». ولم تجمع مورينيو وكونتي أي صداقة من قبل، لكن علاقتهما ساءت أخيراً بعدما تحدث مورينيو عن أن بعض المدربين يتصرفون «مثل المهرجين» أثناء المباريات، وهو ما اعتبر إشارة إلى كونتي ويورغن كلوب، مدرب ليفربول. ورداً على ذلك، اتهم مدرب تشيلسي نظيره البرتغالي بـ«الخرف»، ما أدى لأن يقول مورينيو إنه لم يذكر أسماء. وقال كونتي: «هذه طريقته، وهي ليست مفاجأة. كلنا نعرفه. الحياة ستستمر، ولن يسبب لي قلقاً».

المدرب السابق للمنتخب الإنجليزي، الإيطالي فابيو كابيلو، اعتبر أن مواطنه مدرب تشيلسي كونتي، ومدرب يونايتد البرتغالي مورينيو «فقدا عقليهما» في الحرب الكلامية المستعرة بينهما. ويأتي التوتر قبل أسابيع من مباراة بين تشيلسي (حامل اللقب)، ويونايتد الذي يحتل المركز الثاني في ترتيب هذا الموسم، في 25 فبراير (شباط) المقبل.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا