برعاية

الأدلة تنهمر في قضايا فساد «فيفا»

الأدلة تنهمر في قضايا فساد «فيفا»

بعد مرور أكثر من عامين ونصف العام على مداهمة أحد الفنادق بمدينة زيوريخ السويسرية، وكشف النقاب عن التحقيق الموسع الذي تجريه الحكومة الأميركية حول الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم، أدانت هيئة محلفين في نيويورك أول مسؤولَين رياضيَّين تُجرى محاكمتهما وسط توقع المزيد في المسلسل الذي فضح «فيفا».

وبعد 5 أسابيع طويلة من الأدلة التفصيلية في محاكمة مثيرة للجدل أدانت هيئة المحلفين الأميركية، الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي لكرة القدم خوسيه ماريا مارين، 85 عاماً، في 6 من أصل 7 تهم موجهة إليه. أما الرئيس السابق لاتحاد باراغواي خوان أنخل نابوت، 59 عاماً، الذي شغل أيضاً منصب رئيس اتحاد أميركا الجنوبية «كونميبول»، فوجدت الهيئة أنه مذنب في ثلاث من التهم الخمس الموجَّهة إليه.

وتصل العقوبة الناجمة عن هذه التهم إلى السجن لمدة 20 عاماً كحد أقصى، وستصدر القاضية باميلا تشين حكمها في الأسابيع القليلة المقبلة.

إلا أن اللجنة المكونة من 12 عضواً لم تتوصل إلى توافق في الرأي بخصوص الرئيس السابق لاتحاد بيرو مانويل بورغا، الذي وجهت إليه تهمة واحدة تتعلق بالابتزاز، وستعود إلى استئناف المداولات بعد عطلة عيد الميلاد.

ويأتي حكم إدانة مارين ونابوت بعد القرار الصادر أيضاً عن «فيفا» الشهر الماضي بالإيقاف مدى الحياة لثلاثة مسؤولين كرويين سابقين، أقروا بتهم فساد موجهة إليهم أمام القضاء الأميركي.

وشملت عقوبات «الإيقاف مدى الحياة عن جميع الأنشطة المتعلقة بكرة القدم محلياً ودولياً» والتي أصدرتها لجنة القيم التابعة لـ«فيفا»، ريتشارد لاي، رئيس اتحاد «غوام» وعضو لجنة التدقيق في «فيفا» سابقاً، وخوليو روشا، رئيس اتحاد نيكاراغوا السابق، ورافايل اسكيفييل، الرئيس السابق للاتحاد الفنزويلي.

وكان روشا مسؤولاً عن تطوير اللعبة في «فيفا»، بينما كان اسكيفييل نائباً لرئيس اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول).

وهؤلاء، إلى جانب مارين ونابوت وبورغا، من بين 42 مسؤولاً ومديراً تسويقياً متهمين بدءاً من عام 2015 من القضاء الأميركي، بفضائح فساد كبيرة.

وغالبية المتهمين بالرشى والاختلاس من أميركا الجنوبية، لكن هناك أيضاً أميركيين مثل تشاك بلايزر، الأمين العام السابق لاتحاد «كونكاكاف» الذي توفي في يوليو (تموز) الماضي.

ولم يحاكم سوى 3 فقط بعدما اعترف الآخرون بأنهم مذنبون وينتظرون حكمهم أو محاكمتهم في بلادهم، أو تمكنوا من تجنب تسليمهم للولايات المتحدة، مثل نائب رئيس «فيفا» السابق التريندادي جاك وورنر، ورئيس الاتحاد البرازيلي حالياً ماركو بولو ديل نيرو الذي أوقفه «فيفا» مؤقتاً لمدة 90 يوماً.

وجاءت هذه الإدانات بعد أن وجه المدعي العام في الولايات المتحدة، الاتهام إلى أكثر من 40 شخصاً وكياناً كجزء من هذه التحقيقات الموسعة. وقد اعترف نحو 12 منهم بالفعل بأنهم مذنبون، وأدلى بعضهم بشهادات ضد زملائهم السابقين في أثناء المحاكمة. ولا يزال التحقيق جارياً، حيث إن بعض الجهات الفاعلة الرئيسية في هذه الفضيحة التي تنطوي على مدفوعات غير مشروعة ورشى بقيمة 150 مليون دولار على الأقل، تعارض تسليم المتهمين إلى الولايات المتحدة.

وقال سام نيتز، مساعد المدعي العام الأميركي، أمام هيئة المحلفين، إن الأدلة ضد الرجال الثلاثة كانت قوية و«تنهمر مثل الأمطار الغزيرة»، وحث أعضاء الهيئة على إدانة الرجال الثلاثة بتهم متنوعة تتعلق بتلقي رشى.

وجاء هذا «الطوفان» من الأدلة على شكل شهادة من 28 شاهداً أبلغوا هيئة المحلفين باجتماعات وتسجيلات ودفاتر حسابات وسجلات مصرفية تثبت تورط هؤلاء الرجال في فضيحة استمرت عدة أعوام، وتضمنت مليارات الدولارات، وانطوت على حقوق بث مباريات لبعض أعرق بطولات كرة القدم في أميركا الجنوبية، بما في ذلك كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا)، ودوري أبطال أميركا الجنوبية للأندية (كأس كوبا ليبرتادوريس).

وتوثق دفاتر الحسابات، التي تستخدم أسماء كودية، المبالغ التي كان من المقرر أن يحصل عليها هؤلاء المسؤولون من شركات التسويق الرياضية الفاسدة مقابل منحها حقوق بث المباريات. وأدلى الشهود بشهاداتهم حول توقيت وكيفية إرسال الرشى التي وصلت إلى ملايين الجنيهات. وكشفت السجلات المصرفية كيف تم تحويل هذه الأموال. وأظهرت التسجيلات السرية أحد هؤلاء المسؤولين (مارين) وهو يتفاوض على مبلغ الرشوة الذي يتقاضاه بصورة مباشرة.

وفي نفس السياق، استمعت المحكمة أيضاً إلى أدلة بشأن تقديم رشى تتعلق بالتصويت على اختيار الدولة المستضيفة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، والتي فازت قطر بحق استضافتها. وكثيراً ما تثار التساؤلات حول ظروف هذا التصويت -التي أقيم عام 2011- نظراً إلى الثروة الكبيرة لقطر وضعف تاريخها في عالم كرة القدم. لكن المحكمة في بروكلين استمعت إلى شهادة مباشرة بأن مسؤولاً كبيراً في «فيفا» قد تلقى ما لا يقل عن مليون دولار مقابل دعمه لقطر.

ولا يوجد أدنى شك في أن ما قُدم في المحاكمة ليس سوى جزء ضئيل من الأدلة التي تملكها الحكومة الأميركية.

وزعم المتهمون الثلاثة أنه على الرغم من وجود فساد مستوطن في اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم، فإنهم لم يكونوا جزءاً من هذا الفساد وسعوا إلى إلقاء اللوم على زملائهم.

وكانت قاعة المحكمة تعج بالتوتر قبل صدور الأحكام الجزئية، وكان مارين، 85 عاماً، يتحرك ذهاباً وإياباً بكرسيه المتحرك وهو متوتر للغاية، في حين كان نابوت يضع يديه على رأسه. وانتابت حالة من الذهول كلا منهما فور إعلان الحكم. وقد استمعت المحكمة إلى الكثير من الأدلة حول جشعهما، فقد اشتكى مارين، على سبيل المثال، من أن الرشوة السنوية التي تصل لملايين الجنيهات مقابل بث حقوق مباريات «كأس كوبا ليبرتادوريس» لم تصل بعد إلى حسابه المصرفي، وكان ذلك خلال اجتماع عُقد في مايو (أيار) 2013، والذي كان يتفاوض خلاله على الحصول على رشوة أخرى بقيمة 3 ملايين دولار مقابل حقوق بث مباريات «كوبا أميركا».

وقد وصلت تفاصيل الاجتماع إلى هيئة المحكمة عن طريق أليخاندرو بورزاكو، وهو شاهد رئيسي في القضية وسبق أن اعترف بالفعل بأنه مذنب بسبب الدور الذي قام به في هذا المخطط بوصفه الرئيس التنفيذي السابق لشركة إعلامية أرجنتينية سهلت دفع الرشوة.

ووفقاً للمدعين العامين، أودع بورزاكو ملايين الجنيهات في كيان وهمي يسيطر عليه مارين في أوائل عام 2014، كما هو مبيّن في السجلات المصرفية التي عرضتها الحكومة. وبعد فترة وجيزة من ذلك، أنفق المسؤول البرازيلي مبالغ كبيرة على متاجر فاخرة في كل من باريس ولاس فيغاس ونيويورك.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا