برعاية

جورج هاجي: أسست فريق «فيتورول» لرد الجميل لكرة القدم التي صنعت اسمي

جورج هاجي: أسست فريق «فيتورول» لرد الجميل لكرة القدم التي صنعت اسمي

لم يكن أسطورة كرة القدم الرومانية جورج هاجي خلال المقابلة الصحافية التي أجريناها معه، التي استمرت لما يقرب من الساعة يرفع عينيه عن ملعب التدريب المجاور الذي يشهد الحصة التدريبية لفريقي فيتورول كونستانتا تحت 17 عاماً و19 عاماً تحت أشعة الشمس بعد الظهيرة. وكنت أشعر في مرات كثيرة بأن هاجي يمنع نفسه من الوقوف لتصحيح بعض الأخطاء التي يرتكبها اللاعبون في التدريب. وقال النجم الروماني وهو يشير بذراعه في تلك الأجواء الحارة: «انظر إلى هذا، إنني لا أقوم به من أجل المال، فهذا آخر شيء أفكر فيه، لكن من أجل العمل والتفاني في العمل».

وبدأ العمل الجاد الذي قام به هاجي يؤتي ثماره ووصلت أصداؤه إلى العالم الخارجي وليس رومانيا فقط، حيث تأهل الفريق الذي كونه النجم الروماني قبل ثماني سنوات إلى دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي. وقد تأهل نادي فيتورول كونستانتا للبطولة الأقوى في القارة العجوز بعد فوزه بلقب الدوري الروماني الممتاز الموسم الماضي رغم ميزانيته المحدودة، وهو ما يعد بمثابة إنجاز كبير يعوض هاجي عن أي إخفاقات قد واجهها منذ تأسيس النادي عام 2009. وكان هاجي يهدف من وراء تأسيس هذا النادي إلى رد الجميل للرياضة التي صنعت اسمه، وأن يساعد اللاعبين الصغار في رومانيا على أن يكونوا عظماء، مثله تماماً، لكن النادي حقق نتائج فاقت التوقعات بفضل رؤيته الواضحة.

يقول هاجي، الذي أنهى فريقه الموسم قبل الماضي في المركز الخامس وخسر بخماسية نظيفة أمام جينت البلجيكي في التصفيات المؤهلة للدوري الأوروبي الموسم الماضي: «لم نخطط لما حدث، لكنه تحقق وكان شيئاً رائعاً. الفوز بالدوري المحلي الموسم الماضي لم يكن هدفنا، لكنه كان بمثابة مفاجأة في حقيقة الأمر؛ لأننا كنا نسعى فقط للبقاء في الدوري الممتاز. لم يأتِ النجاح عن طريق الصدفة، فقد بدأنا من لا شيء، ويجب أن تعرف كيف تحقق النجاح. لقد حدث كل شيء هنا نتيجة العمل بالطريقة الصحيحة والعمل الجاد والجيد في نفس الوقت».

في الحقيقة، يمتلك هاجي مجموعة من الصفات التي جعلته أحد أبرز وألمع النجوم في عالم الساحرة المستديرة في أواخر الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كما حقق نجاحاً مذهلاً مع عملاقي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة ولعب لكل منهما لمدة عامين. يقول هاجي إنه تعلم من أسطورة كرة القدم الهولندية يوهان كرويف في نادي برشلونة أن «البساطة هي أفضل شيء»؛ ولذا التزم دائماً بهذه النصيحة. وقبل تأسيسه نادي فيتورول، الذي يعني «المستقبل»، كان هاجي لديه خطة مكتوبة على الورق لكيفية صناعة نجوم كرة القدم، ثم قام بزيارة خمس أكاديميات هولندية رائدة من أجل وضع اللمسات النهائية على هذه الخطة.

يقول هاجي: «أردت أن أرى كيف يعمل النظام لديهم. إنها دولة صغيرة، لكنها تنتج أكبر عدد من اللاعبين؛ ولذا فهي دولة يحتذى بها. لقد اتبعت النموذج الهولندي، لكني أريد أن ألعب الكرة مثل الإسبان. يجب أن تكون لديك شخصيتك المستقلة وأن تستحوذ على الكرة وتحاول أن تقدم الأفضل». وكان مصدر إحباط هاجي على مدى سنوات كثيرة يكمن في أن رومانيا لم تعد من بين الأفضل في عالم كرة القدم. وفي الحقيقة، ابتعد منتخب رومانيا عن الساحة الدولية قبل نهاية مسيرة هاجي الكروية بقليل. وعاد المنتخب الروماني للصورة مرة أخرى عام 1998، بعد أربع سنوات من وصوله لدور الثمانية لكأس العالم عام 1994 بالولايات المتحدة الأميركية، عندما حذر هاجي اتحاد الكرة الروماني المتخبط من أن «كرة القدم الرومانية سوف تموت في غضون 10 سنوات». وقبل أن يؤسس هاجي نادي فيتورول، كانت كرة القدم المحلية تعاني من الفساد على أيدي مجموعة من غير المؤهلين والانتهازيين. وكانت أندية مثل ستيوا بوخارست عملاقة من حيث الاسم فقط، بينما كان هاجي يكافح من أجل القيام بدور لفترة قصيرة مع المنتخب الوطني أو مع أندية ستيوا بوخارست، وبوليتنيكا تيميسوارا، وبورصة سبور، وحتى نادي غلطة سراي. تألم هاجي بشدة نتيجة لذلك، وقرر إنفاق 10 ملايين يورو من ماله الخاص على إنشاء نادٍ جديد.

يقول هاجي: «لقد غامرت كثيراً بسبب عشقي الشديد لكرة القدم. لو أصبحت الأكاديمية التي أنشأتها مثالاً للآخرين فهذا شيء جيد للغاية. كانت لدي مسيرة رائعة كلاعب، وأنا سعيد للغاية بما حققته، لكنني الآن في الجزء الثاني من حياتي، ومهمتي الآن أن أساعد الآخرين على تحقيق أحلامهم، سواء في كرة القدم أو في الحياة بصفة عامة». وكان يمكن لهاجي أن يكتفي بالثروة التي لديه، لكنه وهو في الثانية والخمسين من عمره يملك رؤية ثاقبة وقوة طبيعية كبيرة، ويعشق العمل، ولديه ذاكرة فولاذية تمكّنه من معرفة جميع أسماء اللاعبين بنادي فيتورول بدءاً من فريق الناشئين تحت سبع سنوات ووصولاً إلى باقي الفئات العمرية والفريق الأول. ويملك هاجي النادي ويشرف على «الجانب الفني» في جميع المستويات ويدرب الفريق الأول منذ عام 2014.

يقول هاجي: «يجب أن تستثمر رومانيا في الشباب؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكننا من بناء جيل جديد من اللاعبين، مثل الفريق الذي كنت أنا جزءاً منه، بحيث يمكنه منافسة أي فريق آخر. ربما يمكننا أن نكون فريقاً أفضل من الفريق الذي كنت ألعب معه، وهذا هو الهدف الذي أسعى لتحقيقه». ويتحدث هاجي كثيراً عن إحباطه الشديد من عدم تقديم الدولة للدعم الكافي للرياضية في رومانيا، كما تحدث عن أن هناك من سمح بانهيار كرة القدم الرومانية. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم كان متواطئاً للغاية؛ لأن النظام الحالي لدوري أبطال أوروبا يضر بالقوى التقليدية في أوروبا الشرقية.

وقال هاجي: «الفرق الفائزة بلقب الدوري في البلدان المهمة مثل رومانيا وصربيا وكرواتيا وبولندا يجب أن تتأهل مباشرة لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا. ولو كان بإمكاني تغيير هذا النظام لفعلت ذلك على الفور. عدم التأهل لدور المجموعات بصورة مباشرة يفصلنا عن الغرب. لكي تستثمر محلياً يتعين عليك أن ترى منظوراً معيناً بالخارج، وهذا المنظور هو دوري أبطال أوروبا. من غير المنطقي بالنسبة لدولة حصلت على البطولة من قبل، مثل رومانيا (عن طريق ستيوا بوخارست عام 1986) ألا تشارك في المسابقة بفريق على الأقل كل عام».

وسيعمل هاجي بكل قوة على التأهل لدور المجموعات لدوري أبطال أوروبا بفريق لا يتجاوز متوسط أعمار لاعبيه 23.7 عاماً، ليصبح أصغر فريق في أوروبا يفوز بالدوري المحلي الموسم الماضي. وقد صعّد هاجي سبعة لاعبين من قطاع الناشئين بالنادي إلى الفريق الأول خلال الصيف الماضي، وأضاف إليهم بعض اللاعبين من أصحاب الخبرات الكبيرة. ويؤمن هاجي بأنه يجب دائماً تدعيم صفوف الفريق بلاعبين جدد وبيع لاعبين آخرين حتى يتم تطوير الفريق ويكون قادراً على المنافسة بالشكل الذي وصل إليه.

يقول هاجي: «لدي فكرة تقوم على أن قطاع الناشئين في أي نادٍ يجب أن يدعم الفريق الأول بلاعب واحد كل عام، بغض النظر عن النادي الذي نتحدث عنه، سواء كان ريال مدريد أم برشلونة أم تشيلسي أم أي نادٍ كبير آخر. وفي فريقي، يخرج من قطاع الناشئين لاعبان أو ثلاثة لاعبين كل عام، وهذه المرة صعد سبعة لاعبين دفعة واحدة. هذا هو المستوى الذي نلعب فيه، لكن لو كنت تعمل مع أفضل أكاديميات الناشئين، فأعتقد أنه من المستحيل ألا يتم تصعيد لاعب واحد إلى الفريق الأول، فهذا أمر ضروري».

قد يبدو هذا هجوماً على بعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز التي لا تعتمد على قطاع الناشئين، لكن هاجي لا يقصد ذلك. وقد زار هاجي نادي مانشستر سيتي الموسم الماضي بناء على دعوة من صديقه جوسيب غوارديولا، وقال: إن أكاديمية الناشئين بالنادي «رائعة وجميلة جدا وبها بنية تحتية رائعة». وقال هاجي مازحاً إنه «يأمل أن ينافس غوارديولا يوماً ما»، لكنه لم يقل أين سيفعل ذلك. وأكد الأسطورة الرومانية أن المنتخب الإنجليزي أمامه فرصة كبيرة للنجاح في الفترة المقبلة. وأضاف: «لديكم فريق وطني هو الأصغر من حيث أعمار لاعبيه، وهو فريق جيد للغاية. هذا رأيي، فقد حققتم الفوز في الكثير من المباريات في جميع المستويات خلال الفترة الماضية، ولو عمل الفريق الأول على اثنين أو ثلاثة من التفاصيل الصغيرة فسيمكنكم المنافسة على كأس العالم أو كأس الأمم الأوروبية مرة أخرى». وتابع: «أعتقد أنكم تلعبون عدداً كبيراً للغاية من المباريات، وتستنفد طاقة اللاعبين عندما يصلون للمسابقات النهائية. مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز مرتفع للغاية ويخوض اللاعبون عدداً كبيراً من المباريات؛ لذا لا يكونون في كامل لياقتهم عند انطلاق البطولات. دائماً ما يبدأ المنتخب الإنجليزي بشكل جيد، ثم يسقط. لديكم لاعبون رائعون للغاية، لكنهم لا يكونون في كامل لياقتهم الذهنية والبدنية».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا