برعاية

آرسنال وتوتنهام... الفجوة تزداد اتساعاً

آرسنال وتوتنهام... الفجوة تزداد اتساعاً

يعمل نادي توتنهام هوتسبير الإنجليزي على إنشاء ملعب جديد، كما يقدم كرة قدم رائعة بأسلوب متميز قائم على عدد من اللاعبين المحليين الذين يحصلون على مقابل مادي قليل، بالمقارنة بغيرهم من اللاعبين في الأندية الأخرى، ويقود الفريق مدير فني أجنبي جاء إلى إنجلترا في ظل تشكيك كبير في قدراته وخبراته، قبل أن يصبح أحد أفضل المديرين الفنيين في العالم، ويحدث ثورة هائلة في عالم الإعداد البدني؛ لقد أصبح توتنهام هوتسبير هو النادي الذي كان يجب على آرسنال أن يكون مثله!

علاوة على ذلك، باع توتنهام هوتسبير أحد أفضل لاعبيه إلى مانشستر سيتي، وهو الظهير الأيمن كايل ووكر، وهو ما يظهر أن النادي قد تحسن وتطور على طريقة آرسنال، مع الفارق في أن توتنهام هوتسبير قادر على تعويض اللاعبين الذين يرحلون عن الفريق. لكن الفارق الأبرز بين توتنهام هوتسبير وآرسنال، وهي النقطة التي سيشير إليها جمهور آرسنال، ولديهم كل الحق في ذلك، هو أن المدير الفني لـ«المدفعجية» آرسين فينغر قد قاد النادي للحصول على بطولات وألقاب، ليس فقط خلال الفترة الأولى لقدومه إلى النادي، وإدخاله تغييراً كبيراً في النظام الغذائي للاعبين، والتعاقد مع لاعبين من فرنسا، ولكنه حقق بطولات أيضاً في السنوات الأخيرة. وحتى خلال السنوات الثلاث الأخيرة، منذ قدوم المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو لتوتنهام هوتسبير، تفوق فينغر على بوكيتينو (2 - 0)، فيما يتعلق بالحصول على البطولات.

وكان إنهاء توتنهام هوتسبير الموسم الماضي في مركز متقدم على آرسنال بمثابة لحظة هامة للغاية بالنسبة لتوتنهام، لأن هذه كانت هي المرة الأولى منذ عام 1995 التي تشير فيها الإحصائيات بشكل واضح إلى أن توتنهام هوتسبير هو النادي الأفضل في شمال لندن. وخلال الموسم الحالي، وصل الفارق بين الناديين إلى 4 نقاط. وقد مرت 3 سنوات و6 مباريات بين الناديين منذ آخر مرة حقق فيها آرسنال الفوز على توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز.

وفي الوقت الذي يحقق فيه توتنهام هوتسبير الفوز على ريال مدريد الإسباني وبروسيا دورتموند الألماني في دوري أبطال أوروبا، نجد آرسنال يتعادل بصعوبة أمام نادي ريد ستار بلغراد الصربي في الدوري الأوروبي. وفي الحقيقة، كانت هناك فجوة بالفعل في المستوى بين توتنهام هوتسبير وآرسنال، حتى قبل الموسم الماضي، وما زالت هذه الفجوة تتسع بمرور الوقت.

ولعل ما يزيد الشعور بالغضب لدى آرسنال من تفوق توتنهام عليه في السنوات الأخيرة، هو أن توتنهام هوتسبير لم يتطور بسبب حصوله على دعم مالي هائل، كما يحدث مع تشيلسي ومانشستر سيتي، إذ لم يحصل توتنهام هوتسبير على «منشطات مالية»، وفقاً للمصطلح الذي يستخدمه فينغر، لكنه أصبح مثالاً لما يمكن أن يتحقق من خلال الاعتماد على قطاع الناشئين بالنادي، والاعتماد على العمل الجماعي، من الناحية الفنية والبدنية.

ويعكس هذا بدوره فشل آرسنال الكبير. صحيح أن فينغر لم يكن محظوظاً لأن المستقبل الاقتصادي الذي رسمه للنادي، والذي كان يتمثل في أن الملعب الجديد للفريق سيعمل على سد الفجوة المالية بين ناديه والأندية الكبرى في القارة الأوروبية، قد تم تقويضه بصورة كبيرة بسبب الأموال الطائلة التي حصلت عليها أندية منافسة من أباطرة النفط، لكن توتنهام هوتسبير أثبت أن التبعية وامتلاك الأموال ليست هي الطريق الوحيد لبناء فرق جيدة في عالم كرة القدم.

صحيح أن توتنهام هوتسبير يستفيد من حقيقة أن النادي لديه الملياردير الخاص به، المتمثل في مالك النادي جو لويس، لكن يجب أن نشير إلى أن صافي إنفاق النادي على التعاقدات الجديدة منذ قدوم بوكيتينو قد بلغ 12 مليون جنيه إسترليني فقط، في حين أنفق آرسنال في المدة الزمنية نفسها 199 مليون جنيه إسترليني! ولا يعد صافي الإنفاق هو كل شيء في هذا الأمر بكل تأكيد، لكنه يعد بمثابة إشارة سريعة ستكون مثيرة للقلق بشكل كبير لآرسنال.

ومع ذلك، لا تعد هذه هي النقطة الأسوأ في المقارنة بين الناديين، فالشيء الأسوأ هو تطور الناشئين في كل نادٍ، والدليل على ذلك أن قائمة المنتخب الإنجليزي المشاركة في نهائيات كأس العالم بروسيا من المرجح أن تضم 6 لاعبين من توتنهام هوتسبير (بالإضافة إلى كايل ووكر)، وقد انضموا جميعاً، ما عدا الظهير الأيمن كيران تريبير، إلى توتنهام هوتسبير قبل أن يكملوا العشرين من عمرهم. وفي المقابل، لم يضم المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت أي لاعب من آرسنال في التشكيلة الأخيرة للمنتخب الإنجليزي!

لقد تحطمت الأحلام في آرسنال، ليس فقط بالنسبة للأفراد، ولكن بالنسبة للنادي ككل، وأصبح الركود هو السمة السائدة في النادي، وأصبح من العادي أن نرى أن مستقبل لاعبين مثل المهاجم التشيلي أليكسيس سانشيز، ومهاجم خط الوسط الألماني مسعود أوزيل، مع النادي غير معروف حتى الآن. وبالتالي، فإن السؤال الذي سيطرح نفسه بقوة هو: ماذا سيحدث لو رحل اللاعبان في فترة الانتقالات الشتوية المقبلة؟ وماذا سيحدث لو لم يرحلا؟ وما خطة النادي على المدى الطويل؟ وهل هناك خطة على المدى الطويل من الأساس؟ ومرة أخرى، تفوق توتنهام هوتسبير على آرسنال في تلك المقارنة، حيث تعامل بوكيتينو بلا رحمة، وبكل قوة، مع ووكر عندما أراد الرحيل، ومن قبله مع الجناح أندروس تاونسند، ولاعب خط الوسط الجزائري نبيل بن طالب، وهو الموقف الذي ساعد النادي على إقناع الظهير الأيسر داني روز بالبقاء، بعد تمرده البسيط خلال الصيف الماضي.

سيواجه توتنهام هوتسبير بعض المشكلات بكل تأكيد، فيما يتعلق بإنشاء الملعب الجديد من عدمه، وعدم قدرة النادي على إبقاء لاعبيه في ظل الحصول على هذه المبالغ المالية البسيطة، بالمقارنة مع لاعبي الفرق المنافسة، ولن يكون ووكر هو اللاعب البارز الوحيد الذي يرى فرصة في مكان آخر. علاوة على ذلك، قد يتم إغراء بوكيتينو نفسه من قبل أندية أخرى. وما زال من غير الواضح حتى الآن تأثير الانتقال إلى ملعب جديد على الوضع المالي للنادي. ومن الممكن أن يتساءل الجميع في عالم كرة القدم كيف لتوتنهام هوتسبير أن يفشل في استغلال هذه الفرصة الثمينة للانتقال من مرحلة البقاء خلف الفرق الكبرى إلى مرحلة المنافسة بكل قوة على البطولات والألقاب.

لكن على الأقل، يمتلك توتنهام خطة يسعى لتحقيقها، وهناك مستقبل جيد ينتظر النادي. لكن على بعد 4 أميال ونصف الميل، تجد نادياً يعاني من التخبط، وعدم وضوح الرؤية. ربما لم يصبح توتنهام هوتسبير بعد هو النادي الذي يمكن أن يطمح آرسنال لأن يكون مثله، لكن الشيء المؤكد هو أن آرسنال هو النادي الذي لا يريد توتنهام هوتسبير أن يكون مثله!

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا