برعاية

ميسي كالسفينة العملاقة يصعب أن تبحر بعيداً عن برشلونة

ميسي كالسفينة العملاقة يصعب أن تبحر بعيداً عن برشلونة

في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1857 أنشأ المهندس البريطاني الشهير إسامبارد كينغدم برونيل سفينة ضخمة أطلق عليها اسم «الشرق العظيم» أو «غريت إيسترن». ورغم أن هذه السفينة العملاقة كانت تتسع لعشرة آلاف راكب وأصبحت رمزا للطموح، اتضح بعد ذلك أنها كبيرة للغاية للدرجة التي تجعلها لا يمكن أن تبحر أو تنتقل إلى أي مكان آخر!

وفي الحقيقة، يمكن القول بأن هذه السفينة العملاقة تشبه من الناحية المجازية النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي لا يتوقف عن إبهارنا بمهاراته وإمكانياته الفريدة التي كان آخرها الأسبوع الماضي عندما قدم أداء ساحرا في مباراة فريقه برشلونة الإسباني أمام أولمبياكوس اليوناني في دوري أبطال أوروبا. بدأ ميسي تلك المباراة وهو يلعب في عمق الملعب ويميل بعض الشيء إلى ناحية اليمين. وفي شوط المباراة الأول، صنع «البرغوث» الأرجنتيني فرصة رائعة لزميله الأوروغواياني لويس سواريز بطريقة رائعة عندما ارتقى في الهواء ووجه قدمه بطريقة متقنة. عندما ترى تلك اللقطة للوهلة الأولى ترى أنه من الممكن القيام بذلك، لكن عندما تشاهدها بالحركة البطيئة تدرك أنه من المستحيل على أي لاعب آخر غير ميسي أن يقوم بها.

وبعد مرور 60 دقيقة من عمر اللقاء، صنع ميسي الهدف الثالث لبرشلونة من على خط المرمى بعدما راوغ مدافع أولمبياكوس ليوناردو كوتريس بطريقة رائعة جعلته خارج إطار اللعب تماما. وقبل ذلك الهدف بدقائق، كان النجم الأرجنتيني قد سجل هدفا رائعا من ركلة حرة مباشرة، وهو الهدف رقم 50 للاعب في عام 2017. وعندما ننظر إلى الصورة من جميع الجوانب وبشكل عام، يمكننا القول بأن ميسي لن يتوقف عن إمتاعنا وإبهارنا خلال السنوات المقبلة.

ورغم تأكيدات رئيس نادي برشلونة الإسباني جوسيب ماريا بارتوميو بشأن استمرار ميسي مع النادي الكاتالوني، لم يوقع الساحر الأرجنتيني على عقد جديد للاستمرار في «كامب نو» حتى الآن. هذا ليس بالشيء الجديد، لأننا جميعا نعرف ذلك، ولأن الجميع يتابع جيدا كل ما يقال بشأن المفاوضات التي يجريها برشلونة مع ميسي. وأثيرت التكهنات بشأن هذا الموضوع، ففي حين يرى البعض أن ميسي يريد أن ينتظر حتى يرى كيف سيسير الموسم بالنسبة لبرشلونة، يرى آخرون أنه لا يريد أن يمنح بارتوميو «شرف» تجديد عقده ويود أن ينتظر. ويتمثل الاحتمال الأخير، الذي يبدو غير مرجح، في أن ميسي يفكر في الرحيل عن برشلونة. وتظل الحقيقة الواضحة الآن تتمثل في أن اللاعب الأرجنتيني سيكون قادرا على التفاوض مع أي ناد جديد بعد 10 أسابيع فقط من الآن، وهو ما أثار الحديث عن إمكانية حدوث أكبر صفقة انتقال في تاريخ كرة القدم. لكن رغم ذلك، نود أن نشير إلى أنه لم يحدث شيء مشابه لذلك من قبل. في الماضي، كان يمكن للاعبين في مكانة مشابهة لمكانة ميسي - مثل يوهان كرويف أو دييغو أرماندو مارادونا أو ألفريدو دي ستيفانو - أن ينتقلوا بسهولة من ناد لآخر من أجل الحصول على مقابل مادي أعلى أو من أجل خلق آفاق جديدة مع ناد جديد أو بحثا عن مغامرة جديدة، وكان انتقال أي من هؤلاء اللاعبين يعني انتقاله كـ«فرد» رغم أهميته الكبيرة بالطبع، وليس كمحرك أساسي لصناعة كبيرة من حوله، كما هي الحال مع ميسي الآن. لقد تحولت كرة القدم الآن إلى صناعة كبيرة، وبات ميسي بقيمته الكبيرة بمثابة سلاح خطير تمت صناعته من قبل الآلة الجبارة الموجودة من حوله، لدرجة أن وجوده في أي ناد أو دوري أو فريق بات محركا اقتصاديا هائلا للمكان الذي يذهب إليه.

وفي الحقيقة، لم يحظ أي لاعب في تاريخ كرة القدم بالحب والتبجيل الذي يحظى به ميسي الآن، ولم يكن أي لاعب في التاريخ مطمعا من قبل الجميع كما هي الحال مع ميسي الآن. ولم نر هذه الجاذبية التجارية وهذا الزخم حول أي لاعب بالقدر الذي نراه حول ميسي. لكن رغم كل ذلك أصبح ميسي بكل هذه الهالة والزخم من حوله يشبه السفينة العملاقة التي لا تستطيع أن تبحر في أي مكان آخر بسبب عظمتها ومكانتها الهائلة وحجمها الكبير.

وتكمن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في أن انتقال ميسي إلى أي ناد سوف ينقل كل هذا الزخم وكل هذه الصناعة من حوله إلى المكان الجديد. ويسعى مانشستر سيتي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي بكل ما أوتيا من قوة للحصول على خدمات ميسي، ويمكنهما القيام بأي شيء في سبيل تحقيق هذه الغاية الثمينة. وسوف تتعدى هذه الصفقة، في حال حدوثها، حدود الرياضة وتتجه إلى أبعاد أخرى، لا سيما أن نادي باريس سان جيرمان مملوك للقطريين، ونادي مانشستر سيتي مملوك للإماراتيين، ونحن نعرف جميعا ما يدور بين قطر والإمارات، سواء داخل ملاعب كرة القدم أو خارجها.

ومن الناحية الرياضية، سيكون انتقال ميسي إلى باريس سان جيرمان مروعا، لأنه سيكون خطوة في طريق «خنق» أندية النخبة في العالم بسبب تدخل الأندية التي تحصل على تمويل من دول بأكملها. أما انتقاله إلى مانشستر سيتي فسيكون أكثر منطقية من الناحية الرياضية، لأنه سيكون بمثابة لم للشمل مرة أخرى بين المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا والنجم الأرجنتيني بعدما كانا يعملان معا في برشلونة.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا