برعاية

إقالة المدربين مبكراً ظاهرة تفسد كرة القدم

إقالة المدربين مبكراً ظاهرة تفسد كرة القدم

يضحك والدي، ليروي روزنيور، الآن عندما يتذكر أنه يملك الرقم القياسي بصفته المدير الفني صاحب أقصر فترة عمل، وهذه ليست مزحة. ولا أشك في أن المدير الفني الهولندي فرانك دي بور، الذي أقيل من منصبه كمدير فني لكريستال بالاس بعد 4 مباريات فقط، ينتابه شعور مماثل عندما يتذكر ما حدث معه.

بالنسبة لأولئك الذين لا يتذكرون ما حدث، فقد كان ليروي روزنيور يعقد مؤتمراً صحافياً بمناسبة عودته لتدريب نادي توركي يونايتد لفترة ولاية ثانية، لكن خلف الكواليس كان النادي يباع إلى ملاك جدد. وأقيل روزنيور من منصبه في ذلك اليوم نفسه. ولا يصدق الناس الآن ما حدث، ويسألونه: «هل أنت الرجل الذي حصل على وظيفة وأقيل منها في اليوم نفسه؟»، فيبتسم والدي ويومئ برأسه، لكني رأيت بنفسي ما يحدث عندما تتم إهانة رجل فخور بنفسه، يعمل بمنتهى الجدية، ويعشق كرة القدم، من قبل أناس يعدونه بتحقيق كل شيء، ثم يتخلون عنه عندما تكون الأمور في مصلحتهم. وفي الحقيقة، فإنه لم يفصل بين قرار تعينه مدرباً وقرار إقالته من المنصب نفسه سوى 10 دقائق فقط، ليدخل ليروي روزنيور التاريخ بكونه صاحب أقصر فترة تدريب لفريق كرة قدم في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.

أنا لا أخص هنا نادي توركي يونايتد بالحديث، لكن هذا مجرد مثال على العمل في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ. لكن الإقالة التي أثرت على والدي بصورة أكبر جاءت من نادي برينتفورد، الذي تولى تدريبه عندما كان النادي يمر بأزمة كبيرة، وقيل له إنه سيتمتع بصلاحيات كاملة في تكوين الفريق لأن النادي ليس له ميزانية تسمح بالتعاقد مع لاعبين جدد، وبالتالي سوف يعتمد على اللاعبين الشباب. وقد قيل لدي بور أيضاً إنه سيكون له كامل الصلاحيات في التعاقد مع لاعبين جدد مع كريستال بالاس، ثم حدث الشيء نفسه.

لقد تعاقد نادي برينتفورد مع والدي لأنه كان يريد أن يغير طريقة لعبه، وأن يتبع فلسفة الاستحواذ على الكرة، وتقديم كرة قدم جميلة مثيرة، وهي الطريقة التي كان والدي دائماً ما يؤمن بها. واعتقد والدي أن النادي سيمنحه الوقت الكافي لكي ينقل أفكاره إلى اللاعبين، لكن ذلك لم يحدث. ولسوء الحظ، لم يدرك والدي أن النادي كان يعاني من مشكلات مادية طاحنة، لكنه ظل يعمل بكل ما أوتي من قوة لأنه يثق في نفسه، وفي قدراته وإمكانياته وأفكاره. وسارت الأمور على ما يرام في بداية الأمر، لكن سرعان ما تغيرت النتائج، وأقيل والدي من منصبه.

لقد عاد والدي إلى المنزل بعدما ترك عمله، وأصبح يجلس بمفرده ولا يتحدث لفترات طويلة. وقد رأيت والدي يتحول من رجل يشعر بأنه محظوظ للغاية لأنه يعمل في المهنة التي يعشقها إلى شخص لا أكاد أعرفه. أقيل والدي من منصبه بعد نحو 4 أشهر من العمل، وذلك لأن الأشخاص أنفسهم الذين تعاقدوا معه لكي يساعد النادي على التحسن والتطور هم من شعروا بالخوف من استمرارهم في منح الثقة التي وضعوها في ذلك الرجل في المقام الأول. وبجميع الحسابات، يبدو أن دي بور قد مر بالتجربة نفسها مع كريستال بالاس. وبغض النظر عن رأيك فيما إذا كان قرار الإقالة صائباً أم لا، فإن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل تعيين وإقالة المديرين الفنيين بشكل منتظم يفسد كرة القدم؟

بالتأكيد تقضي معظم الأندية وقتاً كبيراً في البحث عن مدير فني مناسب لتولي القيادة الفنية للفريق، وبالتالي فهم يلتزمون بطريقة وفلسفة المدير الفني الجديد، وربما بما هو أكثر من ذلك، مثلما حدث عندما تم الترويج للفلسفة الكروية التي يتبعها دي بور، وقدرته على تغيير الهوية الكروية لكريستال بالاس على المدى الطويل. وبالتأكيد، فإن 4 مباريات ليست كافية حتى تؤتي هذه الأفكار ثمارها. ويبدو أن هناك حالة من غياب المسؤولية فيما يتعلق بالتعاقد مع المديرين الفنيين، ويجب على رؤساء ومسؤولي الأندية أن يكونوا واضحين فيما يتعلق بما يريدونه. وإذا كان البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز هو الطموح الحقيقي للنادي في كل موسم، فلا يوجد خطأ في أن يتم التأكيد على هذا الهدف، بدلاً من الحديث عن تغيير هوية لعب الفريق بالكامل!

ولا يؤثر عدم الاستقرار على المديرين الفنيين الذين يتم إقالتهم فحسب. وربما نرى بعض التحسن في النتائج والأداء، وربما في فرص البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن على المدى الطويل، فإن اللاعبين الذين يتعاقد معهم النادي بمبالغ مالية كبيرة بناء على ترشيحات المدير الفني الذي يتم إقالته فيما بعد، يصبحون غير مناسبين للمدير الفني الجديد الذي لم يخترهم، وبالتالي يصبحون فائضاً عن احتياجات الفريق، وربما عبئاً عليه.

وقد يكمن الحل في أن تكون هناك فترة انتقالات خاصة بالمديرين الفنيين، على غرار فترة انتقالات اللاعبين، وهو ما سيؤدي على الأقل إلى انتهاء سياسة حساب المديرين الفنيين بـ«القطعة»، وبناء على نتيجة كل مباراة على حدة، وسوف يدرك اللاعبون أن المدير الفني سيستمر في قيادة الفريق بغض النظر عن نتيجة المباراة المقبلة. وسوف يؤدي هذا إلى تعزيز سلطات المدير الفني، ويجعل الأندية تفكر كثيراً قبل تعيين أي مدير فني، كما سيؤدي إلى وجود شكل من أشكال المحاسبة الحقيقية على جميع المستويات، بحيث لا يتحمل المدير الفني وحده مسؤولية سوء النتائج.

وليست مجالس إدارات الأندية وحدها التي تعاني من التوتر، فقد كنت في بعض غرف الملابس، ورأيت كيف يواجه المدير الفني ضغوطاً هائلة، وكيف كان عدد من اللاعبين يشعرون بالضيق بسبب عدم مشاركتهم في المباريات كل أسبوع، وهو ما يجعلهم يقللون من أهمية أي شيء يقوله المدير الفني، ويعرفون جيداً أنه سوف يرحل قريباً في حال استمرار سوء النتائج.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا