نيمار إلى سان جيرمان... صفقة رياضية لتضميد الجراح السياسية
توالت ردود الفعل السلبية على انتقال النجم البرازيلي نيمار إلى باريس سان جيرمان الفرنسي قادما من برشلونة الإسباني مقابل 222 مليون يورو، في صفقة الأغلى في تاريخ كرة القدم.
وتم تقديم نيمار رسميا في إستاد حديقة الأمراء معقل النادي الباريسي في مؤتمر صحافي بحضور رئيس النادي القطري ناصر الخليفي.
وقال الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين اليوم (الجمعة) إن انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان بهذا المبلغ غير المسبوق يكشف عن عيوب نظام الانتقالات الحالي.
وطلب اتحاد اللاعبين المحترفين من الاتحاد الأوروبي التدخل لحظر رسوم الانتقال التي قال إنها تزيد احتكار الأندية الثرية.
وقال تيو فان سيجيلين الأمين العام لاتحاد اللاعبين المحترفين في بيان: «صفقة البرازيلي نيمار القياسية آخر مثال على هيمنة مجموعة من الأثرياء على اللعبة وفي الغالب من الأندية الأوروبية».
وأشار اتحاد المحترفين إلى أن هيمنة الأندية الغنية على السوق تفرض عراقيل أمام أندية أخرى خلال التنافس.
وتابع: «قواعد الانتقال التي يديرها الاتحاد الدولي (الفيفا) لا تشجع عملية التنافس وتفتقر للعدالة وليست قانونية لذا يتوجب إجراء تغييرات لحماية حقوق اللاعبين وحماية مصالح اللعبة».
من جهته، دافع نيمار عن نفسه خلال المؤتمر الصحافي بعد غضب اجتاح كاتالونيا معقل برشلونة وحرق عدد من مشجعي الفريق لقميص نيمار مع برشلونة، نافيا أن يكون المال هو الدافع الأساسي وراء قراره بالانتقال، ردا على ما يتردد حول أنه سعى من أجل الراتب الأعلى بعد أن تفوق عليه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في برشلونة أكثر من مرة.
وأكد نيمار: «ليس هذا على الإطلاق ما أتطلع إليه في باريس، وإنما أتطلع إلى ألقاب جديدة وتحديات جديدة، وهذا ما حفزني».
وصرح اللاعب الذي سيرتدي القميص رقم 10 مع فريقه الجديد قائلا إن الرحيل عن برشلونة «كان واحدا من أصعب قراراتي على الإطلاق».
وجاءت صفقة نيمار لتبرهن على سياسة قطر في فرض حضورها بقوة على الخريطة الرياضية ومحاولة لإيجاد مخرج من أزمتها السياسية الحالية.
فقد أبرمت الصفقة بأموال قطرية، ودفع باريس سان جيرمان المملوك للقطري ناصر الخليفي، يوم أمس (الخميس) قيمة الشرط الجزائي في عقد نيمار مع برشلونة والبالغ 222 مليون يورو (263 مليون دولار).
وشكلت الصفقة علامة بارزة لدى سان جيرمان، وكذلك رئيسه القطري الخليفي، لاعب التنس السابق. وفي عام 2011، استحوذت مجموعة الخليفي الاستثمارية القطرية على نسبة الأغلبية من نادي باريس سان جيرمان، الذي كان ينتمي حينذاك لفئة أندية الوسط في فرنسا حاملا إنجازات متواضعة.
ولكن بعد استثمار الكثير من الملايين، اختلف الحال كثيرا، وتوج سان جيرمان بطلا لفرنسا أربع مرات، علما بأنه لم يتوج سوى مرتان سابقتان منذ تأسيس النادي في 1970.
والآن، يتوقع أن يصارع النادي مع وجود نيمار من أجل تحقيق الهدف الأكثر أهمية، وهو التتويج بدوري أبطال أوروبا.
ويأتي ذلك في إطار فرض قطر نفسها على الساحة الرياضية بشكل كبير، من الزاوية الاستثمارية.
وفي الوقت الذي تواجه فيه قطر ضغوطا في ظل مقاطعتها دبلوماسيا واقتصاديا من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لدعمها الإرهاب، تحاول قطر «استعراض قوتها» من خلال صفقة نيمار.
ويقول سيمون تشادويك الأستاذ في العلوم الرياضية بجامعة سالفورد ببريطانيا، في تصريحات لوكالة أنباء بلومبيرغ: «قطر لم تستسلم، هي تقاتل، والتعاقد مع نيمار يشكل جزءا من ذلك».
وأشار تشادويك إلى أن الصفقة تأتي في إطار الاستفادة من القوى الناعمة والدبلوماسية الدولية.
من جانبه، قال الخبير في السياسة العربية في باريس ماتيو غيدار إن «انتقال نيمار إلى باريس سان جرمان تقرر على أعلى المستويات في قطر، ليسهم، في الوقت الراهن، (...) في التغطية على الجدل القائم حيال مسائل أخرى، وخصوصا الاتهام بدعم الإرهاب».