برعاية

فويتشيك شتشيسني: إعارتي إلى روما صنعت مني نجماً

فويتشيك شتشيسني: إعارتي إلى روما صنعت مني نجماً

وجه المدافع الألماني لفريق آرسنال الإنجليزي بير ميرتساكر الدعوة إلى حارس مرمى الفريق المعار إلى نادي روما الإيطالي فويتشيك شتشيسني لحضور المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي بين آرسنال وتشيلسي على ملعب ويمبلي والتي انتهت بفوز المدفعجية بهدفين مقابل هدف وحيد. وكانت هذه اللفتة الطيبة موضع تقدير كبير من جانب الحارس البولندي، لا سيما وأن اللاعبين المعارين يمكن أن يشعروا بسهولة بأنهم بعيدون تماما عن أي اهتمام. وكان الحارس البولندي يريد أن يلبي الدعوة بكل سرور ويسافر إلى لندن، لكن ذلك التوقيت تعارض مع موعد آخر مباراة له في الموسم الرائع الذي قضاه مع روما، والتي قد تكون آخر مباراة له مع الفريق الإيطالي الذي لعب له عامين على سبيل الإعارة ويعرف أنها ستكون بمثابة حفل وداع وتكريم له على الفترة التي قضاها مع النادي.

وعندما وصل الحارس البولندي لأول مرة إلى العاصمة الإيطالية روما كان الإيطاليون يجدون صعوبة كبيرة في نطلق اسمه، لكنه تألق ودافع عن ألوان روما على مدى موسمين وقدم أداء رائعا وأظهر شخصية تتسم بالتفاؤل. «أرجو أن تسامحوني لأنني اعتمدت على سائق سيارة أجرة كمقياس لمعرفة مدى حب الجمهور للحارس البولندي، لكنكم لن تجدوا كثيرين لا يتفقون مع سائق السيارة، رومانيستا»، الذي ترك عجلة القيادة ليقول بكل حب ومودة إن شتشيسني ليس لاعبا مثيرا للإعجاب فحسب، لكنه أيضا «رجل جيد». وسيكون الصيف الحالي بمثابة مفترق طرق للحارس البولندي الذي يتبقى في عقده مع آرسنال عام واحد فقط، فهل يعود إلى آرسنال ويبقى هناك لمدة موسم واحد؟ أم يوقع على عقد جديد ويعود إلى لندن لينافس على حجز مكانه في التشكيلة الأساسية في حال تلقيه عرضا جديدا؟ أم يبحث عن مكان آخر وتحد جديد؟

يقول شتشيسني: «الشيء الوحيد الذي أود القيام به هو أن أضمن أنني لن أبتعد عن المشاركة في المباريات. أنا أشارك في المباريات بشكل شبه دائم منذ خمس سنوات، وأحيانا ألعب جيدا وأحيانا أخرى أقدم مباريات سيئة، وفي بعض الأوقات أقدم مستوى رائعاً ولافتاً وفي أحيان أخرى مستوى غير جيد بالمرة. أنت تأخذ خطوات للأمام وأخرى إلى الخلف، لكن ليس من الجيد لعقلك أن تتأرجح صعودا وهبوطا، ولذا فأنا أحاول أن أبقى دائما في القمة وأن أظهر قدراتي وأتخذ القرارات المناسبة. أنا الآن في السابعة والعشرين من عمري، وأنا في أفضل حالاتي على الإطلاق، وما زال أمامي فرصة للتطور، وأريد أن أستغل هذه الفرصة». وفي الواقع، كانت تجربة شتشيسني قيمة للغاية لدرجة أنه سيكون من الحماقة ألا يدرك المسؤولون في آرسنال أن ما يقدمه الحارس البولندي الآن مختلف تماما عما كان عليه ذلك الفتى قبل عامين.

وقال شتشيسني: «مررت بموسم سيئ للغاية قبل رحيلي عن آرسنال - من حيث الأداء والإصابات، وحتى خارج الملعب. كان من الممكن أن أبقى في بيئة سيكون لها آثار سلبية علي، لكن الفرصة التي جاءتني منحتني بداية جديدة ومنظوراً جديداً وجعلتني أتعامل مع مديرين فنيين جدد وأتعلم مهارات جديدة وأقوم بأشياء لم أقم بها من قبل. والآن، أنا سعيد للغاية لأني خضت تلك التجربة، حتى لو كان الانطباع الأول يشير إلى أنني سأكون خارج آرسنال، وهو ما كان مؤلما للغاية بالنسبة لي. والآن، أعتقد أن هذا ربما كان أفضل شيء من الممكن أن يحدث لي».

وأضاف: «أكبر شيء حصلت عليه من تجربتي التي استمرت عامين مع روما يتمثل في حقيقة أنني تطورت كثيرا كحارس مرمى. لم يكن الأمر مجرد تجربة رفعت من مستواي، لكنها رفعت المعايير التي أنظر إليها بصفة عامة، فقد بات لدى دراية أكبر بكرة القدم وبالجوانب التكتيكية للعبة. ولم أعد مندفعا للغاية كما كنت وأنا حارس مرمى صغير. هذا لا يعني أنني قد فقدت حماسي الكبير، ولكن من الناحية التكتيكية يجب على حارس المرمى أن يكون على دراية تامة بالتوقيت الذي يتعين عليه أن يشترك في اللعبة والتوقيت الذي يجب عليه أن يترك مجالا للمدافعين للتغطية». وقدم الحارس البولندي مباراة رائعة أمام يوفنتوس قبل ثلاثة أسابيع ودافع عن مرماه بكل بسالة وكان يتحرك بشكل رائع في منطقة الجزاء ويركز على مجريات اللعب بشكل جيد، وبدا واضحا أن الثقة الزائدة التي كان عليها عندما كان صغيرا لم تعد موجودة الآن.

إن التكيف مع الوضع الجديد واستغلال الأمور على النحو الأمثل هو جزء أصيل من كرة القدم، التي دائما وأبدا ما تتغير فيها المعطيات والظروف بسرعة كبيرة، فقد كان شتشيسني في لندن ثم انتقل إلى روما، ومن يعرف وجهته المقبلة؟ يقول الحارس البولندي: «نحن لا نوقع عقودا تستمر لمدة عشر سنوات، فقد تكون مطلوبا في أحد الأندية اليوم، لكن نفس النادي لا يريدك في اليوم التالي، وخير مثال على ذلك ما حدث مع جو هارت، الذي كان بالنسبة لي ربما أفضل حارس مرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن عندما جاء مدير فني جديد للفريق رحل الحارس بعد أسبوعين فقط إلى نادي تورينو على سبيل الإعارة».

وأضاف: «هذه هي حياة لاعبي كرة القدم هذه الأيام، وهي حياة غريبة بعض الشيء. لقد تحدثت معه كثيرا عندما وقع مع تورينو. وكيل أعمالي هو نفسه وكيل أعماله، لذا نحن نعرف أنه يتعين علينا أن نحفظ أسرار بعضنا البعض! لقد قدم أداءً جيداً، لكن من الصعب أن تنتقل من فريق ينافس على كل البطولات والألقاب إلى فريق أقل يلعب في منتصف جدول الدوري. لقد تحول من حارس تسدد عليه الكرة مرتين أو ثلاث مرات في المباراة إلى حارس مرمى تسدد عليه الكرة ثماني أو عشر مرات في المباراة».

ووجد شتشيسني أن الاستقرار في روما وهو منتصف العشرينات من عمره كان أسهل كثيرا عما واجهه عقب انتقاله من بولندا إلى لندن عندما كان شابا صغيرا. يقول الحارس البولندي: «عندما جئت إلى آرسنال كنت في منحة دراسية أحصل خلالها على 80 جنيه إسترليني أسبوعيا بعيدا عن عائلتي، ولم يكن لدي كثير من المال لكي أفعل أي شيء.، لذا كنت أبقى في المنزل. وأتذكر أنني خلال أول عامين أو ثلاث في آرسنال كنت أذهب للتدريب ثم للمنزل ثم أنام ثم أستيقظ في اليوم التالي لأذهب للتدريبات، وهكذا. لكن الحياة هنا مختلفة تماما، فأنا متزوج الآن. وفي الماضي لم يكن حتى باستطاعتي أن أتصل هاتفيا بوالدتي وأقول لها: أنا أفتقدك. ولم يكن باستطاعتها أن تستقل الطائرة وتأتي لتراني، فلم يكن لدي المال الكافي لشراء تذكرة طيران لها».

ولا يخلو نمط الحياة في روما من عوامل الجذب، فبعد يوم من فوز روما على يوفنتوس - مباراة بين الأول والثاني في جدول ترتيب الدوري الإيطالي وسط حضور جماهيري كبير في ملعب الأولمبيكو – انطلق شتشيسني في نزهة وسط المدينة، وشعر بأشعة الشمس على جلده، وذهب إلى مكان جميل لتناول وعاء من المعكرونة. يقول الحارس البولندي: «لدي قدر كبير من الطاقة، وكان الناس بالخارج يستمتعون بأشعة الشمس».

لقد مكن اللعب في الدوري الإيطالي الممتاز شتشيسني من تحقيق بعض أمنياته، ومنها اللعب أمام الحارس الإيطالي الكبير جانلويجي بوفون. وتعانق الحارسان بعد نهاية المباراة بين روما ويوفنتوس قبل أسبوعين، ويتمنى شتشيسني أن يحصل بوفون على لقب دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، قائلا: «أريد أن يحصل يوفنتوس على اللقب لأسباب مختلفة - أولا لأن ذلك سيجعلني أقول إنني خسرت لقب الدوري الإيطالي أمام فريق هو الأفضل في أوروبا، وهو ما سيجعلني أشعر بأنني أفضل. ثانياً من أجل بوفون، فلو كان هناك لاعب يستحق الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا فهو بوفون».

ويتعلم شتشيسني كثيرا من اللعب في فريق واحد مع النجم الإيطالي المخضرم فرانشيسكو توتي. يقول الحارس البولندي: «لم أر مثيلا في كرة القدم للطريقة التي يتعاملون بها معه في روما، والقوة التي يتمتع بها، ورغم ذلك فهو رجل متواضع ولطيف للغاية. أن تصل لتلك المكانة دون أن يتسلل الغرور إلى نفسك هو أمر يجب أن يكون قدوة للجميع. لم أكن أحلم بأن أوجد معه في نفس غرفة خلع الملابس».

ويشير شتشيسني إلى أن أكثر لاعب أثر في مسيرته هو الروماني بوغدان لوبونت، حارس المرمى المخضرم والخيار الثالث في نادي روما، والذي استقبل الحارس الشاب استقبالا رائعا لدى انضمامه لروما وكان دائما ما يوجه إليه النصائح ويساعده على أن يقدم أفضل ما لديه أو يستمتع بأكبر قدر من الراحة في بعض الأوقات أو يحلل أداءه في المباريات. يقول شتشيسني: «نشاهد سويا الكثير من الأفلام التي تتحدث عن أفضل طريقة لزيادة التركيز، وأشياء ليس لها علاقة بكرة القدم. تجمعنا صداقة حقيقية وليس مجرد زمالة في فريق». ويعد هذا النوع من الروابط والعلاقات هو الاستثناء وليس القاعدة في غرف خلع الملابس، بغض النظر عن النادي الذي تلعب له في عالم كرة القدم سريع التغير، فمنذ أن كان في آرسنال لا يزال شتشيسني يرتبط بعلاقات وثيقة مع لاعب خط وسط آرسنال السابق وبورنموث حاليا جاك ويلشير وقلب دفاع آرسنال كيران غيبس، اللذين كان يلعبان معه في فريق الشباب.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا