برعاية

تأملات ساخرة (43) | ميسي في جنوى، كريستيانو ظهير متواضع، يا للقدر!

تأملات ساخرة (43) | ميسي في جنوى، كريستيانو ظهير متواضع، يا للقدر!

ماذا لو، ولأن لو من عمل الشيطان.

وجهة نظر تُخص الكاتب نفسه ولا تُعبر عن رأي الموقع..

رؤية | حسين ممدوح | فيس بوك | تويتر

يُحكى أنه كان هناك أحد المزارعين في الصين، وبينما هو يزعق الأرض بفأسه سمع صوتًا قادمًا من الراديو لرجل يتكلم بكلمات مُطالة وبهدوء كبير لا يتناسب مع صوته المزعج مما يجعل الجملة تأخذ الكثير من الوقت، فقال "ما هذا الرجل الذي  يهذي منذ الصباح وهو يشبه صوت الحمار"، فسمعه أحد المزارعين وأبلغ المسؤول، وتطور الأمر حتى وصل إلى الجهات الحكومية المختصة، فهذا الرجل الذي وصفه بالحمار كان هو الزعيم آنذاك، ما كان يعني بالنسبة للسلطات أن هذا المزارع من أشد المعارضين، وعلى أثر ذلك تم سجنه وعاش أيامًا مضنية ولكنها ما لبث بعد ذلك أن أصبح رجل الشارع وخاصة بعد سقوط الزعيم وتلبسه بوقائع فاضحة، في الحقيقة لم يكن يدري هذا المزارع البسيط من أمر السياسة شيئًا، ولكنه أصبح متوجًا وصار أيقونة، فقد قاده حظه وجهله للنعيم.

العيب الذي قاد صاحبه للمجد

الأمر يشبه كثيرًا ما يحدث بكرة القدم في عصرنا هذا، فهناك كثير من الأمور التي تتوقف عندها مسيرة اللاعب، قد تزدهر وقد تخيب بسببها فليونيل ميسي هذا اللاعب الذي أصبح حديث العالم، حتى أنني أراه على كيس الشسيبسي "البطاطس الجاهزة" الخاص بي كل مرة وأجده على عُلب الدجاج المتبل بالمطاعم وفي كل مكان.. تم عرضه مثلًا على جنوى الإيطالي قبل أن يذهب لأكاديمية اللا ماسيا، كان لديه قصر في النمو لحسن الحظ، رفضه النادي الجريفوني، فلو لم يكن كذلك، للعب لجنوى وفي إيطاليا التي لم يكن يُسمح بها بإعطاء فرصة للمواهب الشابة وما عرف أحد عنه شيئًا إلا في منتصف العشرينيات من عمره على أحسن حال، وما كان قد حقق كل هذه الأمجاد.

وماذا لو أن كريستيانو رونالدو ولد في الستينيات وأصبح لاعبًا محترفًا في منتصف السبعينيات أو بداية الثمانينات، هل كان ليصبح على ما هو عليه الآن؟، فوقتها لم تكن للياقة البدنية والبنيان الجسماني دورًا كبيرًا، ولم تكن هناك الآلات المتطورة وهذا الاهتمام العظيم بالتكامل الجسماني، ربما لأصبح كريستيانو لفترة طويلة ظهير أيمن سيء دفاعيًا في أحد فرق الدرجة الثانية أو لاعب في سبورتنج لشبونة يطمح للمشاركة مع الفريق الأول على أقصى تقدير، لكن العصر الذي جاء به كريستيانو لعب دورًا كبيرًا بتفاصيله لكي يصبح لاعبًا مهمًا، وليصبح نجمًا بالفعل بعد أن اجتهد وعمل بجدية عظيمة ليصبح من بين لأفضل في العالم.

ماذا لو أن أحد دور النشر عرضت على المُترجم جوزيه مورينيو أن يُترجم لها بعض الكتب من الإسبانية للبرتغالية، ولم تتاح له فرصة السفر إلى إسبانيا والعمل كمترجم في برشلونة، ماذا لو استمر مورينيو يعمل كمترجم حتى وقتنا الحالي، ربما كان ليظهر شخص آخر بملامح فظة وبأسلوب ساحر في تصريحاته وأطلق على نفسه السبشيال وان، ليكن اسمه مثلا "باولو هيريرا"، ولكان مورينيو أحد المُعجبين به على صفحات التواصل الاجتماعي ويضع صورته على غلافه بصفحته الشخصية.

ماذا لو أن سيلفيو بيرلسكوني تعرض لوعكة صحية في صيف عام 1985 ولم يشتر نادي ميلان، لاستمر الروسونيري كمنافس محلي قوي كذلك ولكنه لم يكن ليحقق كل هذه الألقاب الأوروبية الكبيرة، ولم نكن عرفنا آريجو ساكي، وبالتالي لم تكن لتشهد كرة القدم هذا التطور التكتيكي السريع الذي تسبب فيه آريجو.

ماذا لو أن إدارة برشلونة استمعت لهذه الأصوات التي نادت بعدم جدوى الاعتماد على مدرب شاب بلا أي خبرة مثل بيب جوارديولا في العام 2008، وقررت جلب مدرب صاحب اسم كبير بدلًا عنه كسيفين جوران آريكسون، ربما لكان جوارديولا قد درب العديد من الأندية المتوسطة في الليجا ولعانى الأمرين قبل أن يصبح مدربًا كبيرًا، ربما حتى وقتنا هذا.

هناك الكثير من الأمور التي يُمكن أن نُطلق عليها الـ "ماذا لو"، ربما بإمكاني أن أقوم بعمل سلسلة الـ "ماذا لو"، وهى سلسلة لا يمكن لها أن تنتهي، ولكني لست نرجسيًا، لذلك سأترك للقاريء العزيز فرصة ليشطح بخياله ويُخرج الـ "ماذا لو" الخاصة "به"، علمًا لأن هناك العديد منها، أنواع مختلفة، فهناك البعض يستخدمها للتحسر على قرارات ما والبعض يفهم منها ألعاب القدر، وآهٍ يا أعزائي من كلمة "لو".

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا