التلاعب بنتائج المباريات في السعودية.. شائعات أم حقيقة؟
لا ينفك كثير من متابعي المسابقات السعودية عن طرح التساؤلات حول بعض نتائج مباريات الجولات الأخيرة والحاسمة من أي بطولة، إذ تظهر لغة التشكيك على استحياء بأحقية الفرق الفائزة واستحقاقها للفوز حتى وإن كان ذلك على حساب فرق أقوى منها، في حين ظهرت العديد من الحالات التي كانت مثار جدل مثل مواجهة الوحدة والتعاون في ٢٠١١ التي أفضت إلى هبوط الوحدة إلى دوري الدرجة الأولى، وحرمان المجزل من الصعود في العام الماضي وتهبيطه إلى الدرجة الثانية.
حول هذه الأمور الحساسة يقول رئيس نادي سدوس السابق محمد المعمر: "القرار الذي اتخذه رئيس هيئة الرياضة السابق الأمير عبدالله بن مساعد في قضية مباراة المجزل والجيل وما حدث فيها من تلاعب وتحويله القضية إلى لجنة الانضباط باتحاد القدم والتي بدورها اتخذت قرارات صارمة، جريء وتاريخي، وساهم في تقليص حجم التلاعب في المباريات، إلا أن نتائجه الإيجابية ستصبح أقل مع الوقت بسبب عدم وجود رقابة قوية، واقتصار الأمر على الشكاوى، أي ان الجهات المعنية لا تفتح ملف التلاعب إلا إذا تلقت شكوى من طرف متضرر، التلاعب في نتائج المباريات موجود على ارض الواقع، وانا شخصياً واكبت هذا الموضوع وعايشته وتضررت منه، سدوس قبل ثمانية أعوام تقريباً هبط بسبب مؤامرة بين أحد والحمادة، وكانت لدي أدلة وتسجيلات سلمتها للرئيس العام لرعاية الشباب في ذلك الوقت الأمير سلطان بن فهد، لكن لم يُتخذ فيها اي قرار".
الخالد: ما حدث مع الهلال واقع.. والحل بيد لجنة الأخلاق
الشايع: يجوز الاستعانة بإقرارات الأطراف وتسجيلات الفيديو
وأضاف: "الرقابة أمر اساسي للقضاء على التلاعب في المباريات، قضية الحوافز التي ابتكرها اتحاد القدم ساهمت في الحد من التلاعب، مثلاً ثالث دوري الأولى يلعب ملحق مع المركز ١٢ في الدوري الممتاز من أجل الصعود، وهذا جعل اندية كثيرة في الدرجتين تبحث عن نقاط مبارياتها إما من أجل ان تنافس على ثالث دوري الأولى أو حتى تهرب من خوض ملحق الهبوط، في وقت سابق وبالتحديد في الدوري الممتاز كانت صورة الهبوط تتضح قبل النهاية بجولات كثيرة، وهو ما يحول الدوري إلى بيع وشراء للمباريات، وفي دوري الدرجة الأولى طبعاً حدث ولا حرج، وفي الفئات السنية كذلك، وإن كان في الأخيرة امر اضافي وهو التزوير، اتذكر في عام من الأعوام لعبنا مع حطين ولديهم سبعة لاعبين مزورين من أندية جازان، وتم اكتشاف ذلك ومحاسبة حطين لكن بعد شهرين، ولم نستفد في سدوس أي شيء، اتذكر كان الأمير نواف بن محمد موجوداً في اللجنة الفنية خلال تلك الفترة".
واستطرد: "أشكال التلاعب وشبهة الفساد تختلف، ليس شرطا أن تسلم المباراة بأكملها، مثلاً يلعب المدرب بالصف الثاني، أحياناً تكون على هيئة شراء لاعبين من ناد آخر، احياناً يدفع للحارس مبلغ ولأحد المدافعين كذلك، فتجد الحارس يتفنن في السماح بهز شباكه، والمدافع كذلك من بداية المباراة يرتكب ركلة جزاء ويطرد، وحصلت معنا هذه في مباراة أحد والحمادة، من اول ربع ساعة طرد مدافع أحد الذي انتقل بعد ذلك للأهلي ولم يوفق سبحان الله".
وعن الطرف الأساسي في فساد التلاعب بالمباريات أجاب: "في الغالب هم إداريون، ليسوا رؤساء انما مديرو الفرق، المدربون يشاركون ايضاً بشكل ضئيل، مثلاً في مباراة الدرعية والقادسية الشهيرة، انتهى الشوط الأول بالتعادل صفر-صفر وفي الشوط الثاني اخرج المدرب افضل ثلاثة لاعبين هم مدافع ومحور ومهاجم، فخسر فريقه بنتيجة كبيرة، تغييرات المدرب كانت توحي بأن هناك شبهة، الحكام أيضاً يشتركون احياناً في فساد التلاعب بالمباريات وهذا مؤكد، فالحكام طرف في هذه اللعبة، إدارة النادي تخلص مع الحكم بدلاً من خصمها، وفي الغالب لا يذهبون للحكام مباشرة إنما يوجد هناك اشخاص يديرون هذه اللعبة مع الحكام، وحتى على مستوى الدوري الممتاز هذا الأمر موجود، ونجد أن الحكام يحرصون على عدم التعامل بشكل مباشر مع الطرف الآخر في لعبة الفساد".
وأنهى حديثه بالقول :"الموضوع يحتاج إلى ان نكمل نهج الأمير عبدالله بن مساعد، لأن موضوع الفساد يقهر، تذوقت مرارته وقهرني، حققنا انتصارات على فرق قوية ثم يأتي أحد الصاعد للممتاز ويخسر من الحمادة متذيل الترتيب، قبلها الحمادة خسر من الحزم بالستة، حاولوا مع الحزماويين في تلك المباراة لكنهم كانوا رجالا ورفضوا، علينا التركيز على خطوة الأمير عبدالله بن مساعد، يجب أن تستكمل لأنها جريئة جداً وهي بداية التصحيح ولها مفعول كبير، وأعلم بأن خالد المقرن حريص على هذا الموضوع".
يقول المدرب السعودي الدكتور عبدالعزيز الخالد: "الأندية والمنتخبات تخسر وتصرف الملايين من أجل تحقيق الفوز الذي يقود للمنجزات، وعندما يخسر أي فريق أو منتخب بفعل فاعل وبعوامل خارج إطار المنافسة الشريفة فهذا فيه قتل للمتعة، ويسيء للرياضة القائمة على المنافسة الشريفة والروح الرياضية واللعب والنظيف، صحيح هناك مباريات تدفع المتابع لوضع علامات الاستفهام أمام أحداثها ومجرياتها، مثلاً مباراة الهلال وسيدني الأسترالي في نهائي دوري أبطال آسيا ٢٠١٤ فيها الكثير من الأمور التي تدفع للشك بنزاهة المباراة من خلال ما قام به حكم المباراة الذي أغفل أربع ركلات جزاء واضحة وبإصرار غريب وهذا فيها إساءة للعبة، وحتى الاتحاد الآسيوي أساء لمسابقاته بعدم قيامه بردة فعل تتناسب وقيمة المباراة وبدأنا الآن نشاهد تصريحات وتلميحات حول عدم نزاهة تلك الأحداث وإن كانت غير رسمية وأخلاقيات أي مهنة هي أساس اتقانها، وبصراحة أتمنى أن لا تكون تلك الممارسات غير النزيهة موجودة في رياضتنا، فأولاً وقبل كل شيء هذه أمور مخالفة لتعاليم الدين الذي يقف ضد الغش والكذب وإلحاق الضرر بالآخرين دون وجه حق، هذا من حيث المبدأ، ومن حيث العلاج أرى أنه من المهم جداً العمل على تأسيس وزراعة حب المنافسة الشريفة في نفوس اللاعبين الصغار ومن سن العاشرة وترغيبهم بالفوز ولا غيره وتعليمهم أخلاقيات الرياضة وفروسيتها وعدم الدخول في صراعات مع المنافسين واللعب بإخلاص وحب الفوز واللعب النظيف، وكذلك لابد من وجود ميثاق شرف لجميع أطراف اللعبة من اللاعبين والمدربين والحكام والإداريين بعد أن يراقب الجميع الله ومن ثم يعمل الجميع بضمير حتى يكونوا راضين عن أنفسهم، ولا أعتقد أن شخصاً يتعمد إيذاء فريقه أو أي طرف سيكون راضيا عن نفسه، بل ستلاحقه تصرفاته في كل مكان حتى بعد تركه الرياضة والملاعب وربما بعد رحيله عن الدنيا، أطالب دائماً بتعزيز جوانب نزاهة المسابقات لدى أهم أطراف اللعبة وهم اللاعبون ومن ثم المدربون والإداريون وحتى الإعلاميون مطالبون من خلال طرحهم بعدم التأجيج والتشكيك بل من المهم أن يحاولوا تعزيز عدالة ونزاهة المنافسات".