برعاية

ما بعد المباراة | هكذا بعثر زيدان "المُستجد" مَعشوق الفلاسفة!الإيجابيات |السلبيات |

ما بعد المباراة | هكذا بعثر زيدان "المُستجد" مَعشوق الفلاسفة!الإيجابيات |السلبيات |

التحليل الفني للقمة الأولى في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب سنتياجو برنابيو...

بعثر ريال مدريد ضيفه أتلتيكو مدريد في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بهزيمته بثلاثة أهداف (مع الرأفة)، سجلهم البرتغالي العنيد «كريستيانو رونالدو» على مدار الـ 90 دقيقة، ليضع قدمًا لفريقه في نهائي البطولة على ملعب الألفية في العاصمة الويلزية «كارديف».

وأكد زين الدين زيدان للنقاد الرياضيين حول العالم ولكل أعدائه بأنه لم يبلغ نصف النهائي على حساب بايرن ميونخ بمساعدة الحكم المجري «فيكتور كاساي»، وإنما تأهل بأفكاره ومجهوداته الفنية والتدريبية العبقرية، وإلا لما اكتسح واحد من أفضل المدربين حول العالم بشهادة الجميع خلال السنوات الـ 9 الماضية “دييجو سيميوني” بهذه النتيجة العريضة دون أي هفوة مؤثرة من الحكم الإنجليزي مارتن أتكينسون.

الريال بسط سيطرته على المباراة منذ بدايتها، وترجم تلك السيطرة بتسجيله لهدف في الدقيقة العاشرة برأسية لكريستيانو رونالدو -العائد من مصيدة التسلل- بعد تلقيه عرضية جميلة من كاسيميرو.

وواصل الفريق اللعب بنفس القوة والسرعة في الإلتحام، والقدرة على استخلاص الكرة وتدويرها بشكل سليم من قدم لقدم، ليُنهي الشوط الأول متقدمًا بذلك الهدف.

وفي الشوط الثاني أجرى زيزو تغيير إضطراري بنزول ناتشو بدلاً من كاربخال بداعي الإصابة، وفي الدقيقة 68 دفع بأسينسيو بدلاً من إيسكو، ليتمكن في الدقيقة 73 من إضافة الهدف الثاني الذي صنعه بنزيمة لرونالدو على حافة منطقة الجزاء بتمريرة جميلة، وفي الدقيقة 86 مَهد البديل الثالث «لوكاس» كرة الهدف الثالث لرونالدو داخل المنطقة بمساعدة من كاسيميرو إثر هجمة مضادة.

هكذا تعقدت مباراة الإياب على أتلتيكو مدريد أضعاف مضعفة، والأمل في ريمونتادا مع هذا الأداء الباهت، وانعدام الجُمل التكتيكية، سيكون درب من الخيال بالنسبة لفريق الروخي بلانكوس حتى لو لم يحضر الريال بكامل عناصره الأساسية على فيثينتي كالديرون الأسبوع المقبل!.

لماذا انتهت آمال الأتلتي؟ ولماذا كان الريال رائعًا فوق العادة، ولماذا زيدان أثبت نفسه؟ هذا ما سنناقشه معكم في هذا التحليل الفني، على هيئة نقاط إيجابية وسلبية..

1- لا أحد يستطيع انكار العمل الرائع الذي قام به دييجو سيميوني على مدار السنوات الماضية مع أتلتيكو مدريد، فقد جعل منه مُنافس قوي على كافة الأصعدة، وكسر احتكار الريال والبرسا الطويل جدًا للقب الدوري الإسباني منذ فالنسيا 2004، لكن أثيرت حوله الكثير من الضجة مثله مثل جوارديولا، وكأنه حقق أشياء خارقة لم يمسع عنها العالم في تاريخ المستديرة، لكنه يُخطيء مثل أي مدرب، وكل مرة يحاول البعض تبرير تلك الأخطاء، بالتركيز على حظ خصمه أو أخطاء الحكام، وأهم إيجابية حدثت في مباراة البرنابيو الليلة هو أنها كانت خاوية خالية من أية أخطاء تحكيمية باستثناء لعبة الهدف الأول التي قد تمر على أي حكم آخر حتى لو كان مُناصرًا لبرشلونة، أما الحظ فلن يكن له أي موقع من الإعراب، لأن زيدان خطط ودرس الخصم وحضر فريقه للمواجهة وأدار اللقاء خلال الشوط الثاني واستخدم الأوراق التي بحوزته بكل دقة ومعلمة، رغم أنه “مُستجد” في عالم التدريب.

2- أود الإشادة في بداية حديثي عن التكتيك الذي اتبعه زين الدين زيدان منذ بداية المباراة، بنقطة إشراكه لإيسكو كلاعب محوري في منطقة الوسط أمام جوهرتي دائرة الوسط «كروس ومودريتش».

وجود إيسكو ارتكز عليه الريال في معظم العمليات، من تحكم في إيقاع اللعب وفي تنظيم الهجمات، وتسيير المباراة كما أراد زيزو.

توزيعه للكرات على طرفي الملعب كان ممتازًا، كما ساعد الفريق على اختراق من منطقة العمق الدفاعي للأتلتي ثلاث أو أربع مرات، وهذه مهمة صعبة أمام فريق بهذه القوة في منطقة العمق.

والأهم من كل ما ذُكر، تبادل إيسكو لمركزه مع كريستيانو رونالدو على فترات متقاربة، فتارة يتواجد على الرواق الأيسر وتارة على الرواق الأيمن، ومرات كثيرة نشاهده في العمق من أجل العودة إلى منطقة نقطة خط السنتر لاستلام الكرات أو تسليمها لمودريتش لتمرير الكرة الطولية نحو رونالدو أو بنزيمة، أو فتح اللعب على إحدى الطرفين عند صعود مارسيلو وكاربخال.

قد يرى البعض أن إيسكو لم يُقدم الكثير في هذه المباراة لخسارته الكرة على حافة منطقة الجزاء أو داخلها، لكن تدخلاته ولمساته وضغطه المستمر على حائز الكرة مع بنزيمة صنع الفارق بالنسبة للريال بمنع لاعبي الأتلتي من الخروج بالكرة بشكل سليم من الخلف إلى الأمام.

كذلك تحركات إيسكو بين الفراغات في عمق الملعب أربك حسابات ثلاثي الأتلتي «جابي وساؤول وكوكي» وأوقعهم في العديد من الأخطاء الفردية، فلم يستطع أي منهم استيعاب ما يحدث على مدار الـ 45 دقيقة الأولى.

وأمور اأتلتي زادت سوءًا عندما قرر سيميوني التدخل بسحب ساؤول وجاميرو لإشراك توريس وجايتان، وهذا فُتح الملعب على مصراعيه أمام إيسكو أو بديله أسينسيو.

3- تقدم الرباعي الدفاعي لريال مدريد من 30 إلى 35 ياردة عن نافاس، عدم لعبهم على خط واحد وقربهم من أعضاء خط الوسط «كاسيميرو وكروس ومودريتش» حطم الأتلتي تمامًا في العمليات الهجومية.

لم يكن هناك أي مجال لعبور التمريرات الأرضية وضرب خط الدفاع الأبيض بالكرات البينية، وهذا التنظيم لم يسمح بحدوث تسديدات بعيدة المدى. الكرة الوحيدة التي مرت من فاران وراموس انفرد بها جاميرو لكن الحارس الكوستاريكي نجح في الامساك بها بكف اليد على طريقة بوفون.

تقارب دفاع ريال مدريد من لاعبي الوسط أدى إلى ترابط الخطوط، ما حال دون استفادة الأتلتي من أي هجمة مضادة قام بها جاميرو وساؤول وجريزمان.

وكان لكاسيميرو الرائع في قطع الكرات، دور بالغ الأهمية في إنجاح خطة زيدان، ولا ننسى دور إيسكو في إخراج الظهيرين «مارسيلو وكاربخال» للعب دور الجناحين بصفة مستمرة، وقدرة كروس ومودريتش على عمل التغطية العكسية خلف الظهيرين، كل هذه الجهود تضافرت في آن واحد وجعلت للريال شكل جميل على أرض الملعب فيما يخص الانتشار، ليصعب قهره أو التغلب عليه.

4- أروع شيء في زيدان، هو المرونة وعدم التمسك بالآراء الخاطئة. بدأ هذه المباراة بخطة 4-4-2 رغم أن كان بجعبته لوكاس فاسكيز على الدكة، وقد يُمكنه من اللعب بالخطة المُعتادة للفريق 4-3-3، لكنه أراد مفاجئة سيميوني بالاعتماد على انطلاقات كاربخال ومارسيلو من الطرفين، واختراقات رونالدو من العمق مع إيسكو.

كريستيانو رونالدو لعب كمهاجم متحرك خلف كريم بنزيمة الذي لعب دور المحطة من جديد وأكد جدارته في تأدية مهام المهاجم الثابت القادر على تشتيت انتباه المدافعين وفتح الطريق للقادمون من الخلف، وهذا ما اتضح في لعبة الهدف الثاني عندما سحب «جودين وسافيتش» نحوه قبل أن يُمهد الكرة إلى رونالدو والذي تسلم بهدوء أعصاب وسدد دون تسرع بوجه القدم كرة صاروخية في مرمى أوبلاك.

5- التمريرات الأرضية القصيرة الصحيحة من قدم لقدم بين لاعبي ريال مدريد، مع التحرك العرضي والقطري من دون كرة، كانت من أهم إيجابيات المباراة، وما ضاعف جمال اللوحة الفنية لأداء فريق زيدان الدقة في الافتكاك الصحيح للكرة من الخصم.

كلما كان يُمرر الريال 20 تمريرة صحيحة، وتُقطع الكرة من أحد اللاعبين لسبب أو لآخر، سرعان ما كانوا يستعيدونها بكل هدوء، ويبدأوا المحاولة من جديد، وهذه العملية عززت من ثقة لاعبي الريال في أنفسهم وجعلتهم يلعبوا بمزاج أعلى، وأخرجت في المقابل مفاتيح لعب الأتلتي من المباراة تمامًا، وأخص بالذكر الرباعي «فيليبي لويس وكوكي وساؤول وجريزمان» الذين يعتمد عليهم سيميوني بصفة دائمة.

6- إدارة زيدان للمباراة في الشوط الثاني، ورده على تغييرات سيميوني بتغييرات هجومية تهدف لزيادة النتيجة وليس لتأمينها، فلم ينكمش ولم يلعب بخوف وقلق من الزخم الهجومي الذي سَينجم عن مشاركة الثنائي «فرناندو توريس ونيكولا جايتان» بدلاً من جاميرو وساؤول في الدقيقتين 57 و58.

وقام زيدان بإشراك أسينسيو محل إيسكو في الدقيقة 68 - نفس توقيت نزول أسينسيو في مباراة بايرن ميونخ على ملعب آليانز آرينا الشهر الماضي -، واستطاع أسينسيو خلق العديد من الفرص الهامة وتشكيل خطورة مُستمرة من الطرف الأيسر وفي العمق الدفاعي بفضل سرعته العالية ومهاراته الفردية التي يطوعها لخدمة الفريق وليس لخدمة أسهمه.

7- اكتفاء زيدان بما فعله إيسكو في منطقة العمق، فبعد انتهاء دوره، بدأ بفتح الأروقة أكثر بأسينسيو ولوكاس فاسكيز، وهما جاهزان لهذا الاختبار بسبب مشاركتهما بصفة مستمرة مع الفريق هذا الموسم، على النقيض من لاعبين مثل كوفاسيتش وخاميس.

8- الجمل التكتيكية المُتفق عليها بين بنزيمة ورونالدو في عملية خلخلة قلبي الدفاع، جاء منها هدف، والجمل المتفق عليها في المرتدات بين رونالدو وكاسيميرو وفاسكيز وأسينسيو جلبت الهدف الثالث، وكادت تكون هناك المزيد من الأهداف لو تحلى مودريتش وكروس بالجرأة التي كانا عليها أمام بايرن ميونخ فيما يخص التصويب بعيد المدى.

1- عدم وضوح الاستراتيجية الهجومية لدييجو سيميوني منذ البداية وحتى النهاية، تشعر كأنه دخل المباراة من أجل التعادل أو الخروج بأقل الخسائر، حتى أنه كان يتطلع بصورة دائمة للحصول على ركلات ثابته بكثرة المحاورات والمناورات حول منطقة الجزاء، وكاد يُسجل من واحدة منهم إلا أن جودين أطاح بتمريرة جريزمان فوق العارضة بعيدة.

في الحقيقة، لم يكن أتلتيكو مدريد مفهومًا في هذه المباراة، هل يريد التسجيل من كرات عرضية أم يود الاختراق من العمق بواسطة كاراسكو وساؤول وجريزمان؟ أم يريد تهديد الريال بالهجمات المرتدة، الفريق فعلاً لم يكن يعرف ماذا يفعل للتعبير عن نفسه في الشق الهجومي.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا